للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَجَزِّ نَحْوِ صُوفٍ، وَيَحْرُمُ حَلْقُهُ مِنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ، وَكَرَاهَتُهُ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ الْمُرَادُ بِهَا التَّحْرِيمُ، وَقَدْ تُحْمَلُ عَلَى مَا لَا تَعْذِيبَ فِيهِ إنَّ تُصُوِّرَ.

(وَمَا لَا رُوحَ لَهُ كَقَنَاةٍ وَدَارٍ لَا تَجِبُ عِمَارَتُهَا) عَلَى مَالِكِهَا الرَّشِيدِ؛ لِأَنَّهَا تَنْمِيَةٌ لِلْمَالِ وَهِيَ لَا تَجِبُ نَعَمْ يُكْرَهُ تَرْكُهَا إلَى أَنْ تَخْرَبَ لِغَيْرِ عُذْرٍ كَتَرْكِ سَقْيِ زَرْعٍ، وَشَجَرٍ دُونَ تَرْكِ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ وَغَرْسِهَا، وَلَا يُنَافِي مَا هُنَا مِنْ عَدَمِ تَحْرِيمِ إضَاعَةِ الْمَالِ تَصْرِيحَهُمْ فِي مَوَاضِعَ بِحُرْمَتِهِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ حَيْثُ كَانَ سَبَبُهَا فِعْلًا كَإِلْقَاءِ مَالٍ بِبَحْرٍ، وَالْكَرَاهَةُ حَيْثُ كَانَ سَبَبُهَا تَرْكًا كَهَذِهِ الصُّوَرِ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ تَرْكُ الْحَلْبِ إنْ ضَرَّهَا، وَالْإِكْرَاهُ لِلْإِضَاعَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَجَزِّ نَحْوِ صُوفٍ) أَيْ: ضَرَّ بَقَاؤُهُ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: حَلْقُهُ مِنْ أَصْلِهِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي: وَيَحْرُمُ جَزُّ الصُّوفِ مِنْ أَصْلِ الظَّهْرِ وَنَحْوِهِ وَكَذَا حَلْقُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ إلَخْ) خَبَرُ وَكَرَاهَتُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُحْمَلُ) أَيْ: مَا فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -

(قَوْلُهُ: عَلَى مَالِكِهَا) إلَى الْكِتَابِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَكَذَا وَكِيلٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ: الْعِمَارَةَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ لَا تَجِبُ) أَيْ: تَنْمِيَةُ الْمَالِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: كَتَرْكِ سَقْيِ زَرْعٍ وَشَجَرٍ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي مَسْأَلَةِ تَرْكِ سَقْيِ الْأَشْجَارِ: صُورَتُهَا أَنْ يَكُونَ لَهَا ثَمَرَةٌ تَفِي بِمُؤْنَةِ سَقْيِهَا وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ قَطْعًا قَالَ: وَلَوْ أَرَادَ بِتَرْكِ السَّقْيِ تَجْفِيفَ الْأَشْجَارِ لِأَجْلِ قَطْعِهَا لِلْبِنَاءِ أَوْ الْوُقُودِ فَلَا كَرَاهَةَ أَيْضًا انْتَهَى. نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: دُونَ تَرْكِ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ إلَخْ) أَيْ: فَلَا يُكْرَهُ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: بِحُرْمَتِهِ) أَيْ: الْإِضَاعَةِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ سَبَبُهَا فِعْلًا إلَخْ) هَلْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ اغْتَرَفَ مِنْ الْبَحْرِ بِإِنَائِهِ، ثُمَّ أَلْقَى مَا اغْتَرَفَهُ فِي الْبَحْرِ فَإِنَّهُ مِلْكُهُ؟ تَنَازَعَ فِيهِ الْفُضَلَاءُ وَيُتَّجَهُ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ عَدَمُ التَّحْرِيمِ هُنَا؛ لِأَنَّ مَا يُغْتَرَفُ مِنْ نَحْوِ الْبَحْرِ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ حَقِيرًا لَا يَحْصُلُ بِإِلْقَائِهِ ضَرَرٌ بِوَجْهٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ ذَلِكَ إلْقَاءُ الْحَطَبِ مِنْ الْمُحْتَطِبِ، وَكَذَلِكَ الْحَشِيشِ وَأَقُولُ بَلْ يُتَّجَهُ جَوَازُ إلْقَاءِ مَا اغْتَرَفَهُ مِنْ الْبَحْرِ عَلَى التُّرَابِ سم عَلَى مَنْهَجٍ. اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: كَإِلْقَاءِ مَالٍ بِبَحْرٍ) أَيْ: بِلَا خَوْفٍ. اهـ. مُغْنِي عِبَارَةُ ع ش أَيْ: بِلَا غَرَضٍ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى رَاكِبِ السَّفِينَةِ إذَا أَشْرَفَتْ عَلَى الْغَرَقِ إلْقَاءُ مَا لَا رُوحَ فِيهِ لَا مَا فِيهِ رُوحٌ إلَخْ. اهـ. (قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

(قَوْلُهُ: كَجَزِّ نَحْوِ صُوفٍ) أَيْ: ضَرَّ بَقَاؤُهُ وَقَوْلُهُ لَا تَجِبُ أَيْ: تَنْمِيَةُ الْمَالِ

(قَوْلُهُ: كَتَرْكِ سَقْيِ زَرْعٍ إلَخْ) أَيْ: فَإِنَّهُ يُكْرَهُ، وَقَوْلُهُ: دُونَ تَرْكِ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ إلَخْ أَيْ: فَلَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ: وَالْكَرَاهَةُ حَيْثُ كَانَ سَبَبُهَا تَرْكًا إلَخْ) وَعُلِمَ مِنْ تَعْلِيلِ الْإِسْنَوِيِّ عَدَمُ تَحْرِيمِ إضَاعَةِ الْمَالِ إنْ كَانَ سَبَبُهَا تَرْكَ أَعْمَالٍ لِأَنَّهَا قَدْ تَشُقُّ أَنَّ الِاعْتِرَاضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ مُجَرَّدَ تَرْكِ الْأَعْمَالِ لَا يَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهَا بِالشَّاقَّةِ لِيَحْتَرِزَ مِنْ نَحْوِ رَبْطِ الدَّرَاهِمِ فِي الْكُمِّ، وَوَضْعِ الْمَالِ فِي الْحِرْزِ سَاقِطٌ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي مَسْأَلَةِ تَرْكِ سَقْيِ الْأَشْجَارِ: صُورَتُهَا أَنْ يَكُونَ لَهَا ثَمَرَةٌ تَفِي بِمُؤْنَةِ سَقْيِهَا، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ قَطْعًا قَالَ: وَلَوْ أَرَادَ بِتَرْكِ سَقْيِ الْأَشْجَارِ تَجْفِيفَ الْأَشْجَارِ لِأَجْلِ قَطْعِهَا لِلْبِنَاءِ، وَالْوُقُودِ فَلَا كَرَاهَةَ أَيْضًا. اهـ. وَهَذَا فِي مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ.

أَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ فَعَلَى وَلِيِّهِ عِمَارَةُ عَقَارِهِ، وَحِفْظُ شَجَرِهِ وَزَرْعِهِ بِالسَّقْيِ وَغَيْرِهِ وَفِي الْمُطْلَقِ أَمَّا الْوَقْفُ فَيَجِبُ عَلَى نَاظِرِهِ عِمَارَتُهُ حِفْظًا لَهُ عَلَى مُسْتَحِقِّيهِ عِنْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا أَمَّا مِنْ رِيعِهِ، أَوْ مِنْ جِهَةٍ شَرَطَهَا الْوَاقِفُ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ فَأَمَّا لَوْ آجَرَ عَقَارَهُ، ثُمَّ اخْتَلَّ فَعَلَيْهِ عِمَارَتُهُ إنْ أَرَادَ بَقَاءَ الْإِجَارَةِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ تَخَيَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ غَابَ الرَّشِيدُ عَنْ مَالِهِ غَيْبَةً طَوِيلَةً، وَلَا نَائِبَ لَهُ هَلْ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ أَنْ يُنَصِّبَ مَنْ يَعْمُرُ عَقَارَهُ وَيَسْقِي زَرْعَهُ وَثَمَرَهُ مِنْ مَالِهِ؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ حِفْظَ مَالِ الْغَائِبِ كَالْمَحْجُورِينَ وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ مَدْيُونٌ، وَتَرَكَ زَرْعًا وَغَيْرَهُ، وَتَعَلَّقَتْ بِهِ دُيُونٌ مُسْتَغْرِقَةٌ، وَتَعَذَّرَ بَيْعُهُ فِي الْحَالِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَسْعَى فِي حِفْظِهِ بِالسَّقْيِ، وَغَيْرِهِ إلَى أَنْ يُبَاعَ فِي دُيُونِهِ حَيْثُ لَا وَارِثَ خَاصٌّ يَقُومُ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَحْضُرُنِي فِي هَذَا نَقْلٌ خَاصٌّ. اهـ.

وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالزِّيَادَةُ فِي الْعِمَارَةِ عَلَى الْحَاجَةِ خِلَافُ الْأَوْلَى وَرُبَّمَا قِيلَ بِكَرَاهَتِهَا، وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ الرَّجُلَ لَيُؤْجَرَ فِي نَفَقَتِهِ كُلِّهَا إلَّا فِي هَذَا التُّرَابِ» ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد «كُلُّ مَا أَنْفَقَهُ ابْنُ آدَمَ فِي التُّرَابِ فَهُوَ عَلَيْهِ وَبَالٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ» أَيْ: مَا لَمْ يَقْصِدْ بِالْإِنْفَاقِ فِي الْبِنَاءِ بِهِ مَقْصِدًا صَالِحًا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَلَا تُكْرَهُ عِمَارَةٌ لِحَاجَةٍ، وَإِنْ طَالَتْ وَالْأَخْبَارُ الدَّالَّةُ عَلَى مَنْعِ مَا زَادَ عَلَى سَبْعَةِ أَذْرُعٍ وَأَنَّ فِيهِ الْوَعِيدَ الشَّدِيدَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ فَعَلَ لِلْخُيَلَاءِ، وَالتَّفَاخُرِ عَلَى النَّاسِ، وَيُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ وَلَدِهِ، أَوْ مَالِهِ، أَوْ خَدَمِهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ فِي آخِرِ كِتَابِهِ، وَأَبِي دَاوُد عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَدْعُوَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ لَا تَدْعُوَا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوَا عَلَى خَدَمِكُمْ، وَلَا تَدْعُوَا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَهُ» ، وَأَمَّا خَبَرُ «إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ دُعَاءَ حَبِيبٍ عَلَى حَبِيبِهِ» فَضَعِيفٌ م ر ش.

(قَوْلُهُ: وَالْكَرَاهَةُ حَيْثُ كَانَ سَبَبُهَا تَرْكًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَالُهُ مَوْضُوعًا بِقُرْبِ مَاءٍ خَشِيَ زِيَادَتَهُ، وَإِتْلَافَهُ ذَلِكَ الْمَالَ جَازَ تَرْكُهُ، وَإِنْ تَلِفَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمْتَنِعَ تَرْكُهُ إذَا سَهُلَ أَخْذُهُ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْضُوعُ بِقُرْبِ الْمَاءِ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا كَرَضِيعٍ وَخَشِيَ هَلَاكَهُ بِزِيَادَتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَخْذُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>