للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَ الْإِخْرَاجِ مِنْ أَيِّ الْبَلَدَيْنِ شَاءَ وَأَمَّا الْجَوَابُ بِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَا فِيمَا إذَا كَانَا بِبَلَدَيْنِ وَصُورَةُ مَا قَدَّمَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِقُوتِ بَلَدِ الْعَبْدِ إذَا كَانَ بِبَلَدٍ وَاحِدٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اعْتِبَارِ قُوتِهِ فِي هَذِهِ اعْتِبَارُهُ فِيمَا قَبْلَهَا وَالْفَرْقُ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِمَحَلَّيْنِ هُنَا لَا ثَمَّ وَتَعَلُّقُهَا بِمَحَلَّيْنِ يَقْتَضِي جَوَازَ نَقْلِهَا كَمَا لَوْ مَلَكَ عِشْرِينَ شَاةً بِبَلَدٍ وَعِشْرِينَ بِبَلَدٍ يَجُوزُ إخْرَاجُ الشَّاةِ بِأَحَدِ الْبَلَدَيْنِ فَكَذَلِكَ هُنَا يَسْقُطُ تَعَلُّقُ فُقَرَاءِ أَحَدِ الْبَلَدَيْنِ بِذِمَّةِ الْمَالِكَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا بِبَلَدٍ وَاحِدٍ فَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا وَالْفَرْقُ الْمَذْكُورُ مُجَرَّدُ خَيَالٍ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَسْأَلَةِ الشِّيَاهِ بِأَنَّ الزَّكَاةَ هُنَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعَيْنِ الْمُنْقَسِمَةِ فِي الْبَلَدِ فَلِفُقَرَاءِ كُلٍّ تَعَلَّقَ بِهَا وَشَرِكَةٌ فِيهَا لَكِنْ لَمَّا عَسِرَ التَّشْقِيصُ وَسَاءَتْ الْمُشَارَكَةُ جَازَ تَخْصِيصُ الْوَاجِبِ بِفُقَرَاءِ أَحَدِهِمَا وَثَمَّ لَيْسَتْ مُتَعَلِّقَةً بِالْمَالِكَيْنِ الْمُنْقَسِمَيْنِ إلَّا عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّهُمَا الْمُخَاطَبَانِ بِالْفَرْضِ أَوْ لَا؟ فَعَلَى هَذَا يُتَّجَهُ الْقِيَاسُ عَلَى مَسْأَلَةِ الشِّيَاهِ وَأَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَنَّهَا لَزِمَتْ الْعَبْدَ أَوَّلًا فَهُوَ بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ وَلَا تَعَدُّدَ فِيهِ فَلَا جَامِعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الشِّيَاهِ بِوَجْهٍ فَالْقِيَاسُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ اشْتِبَاهٌ مِنْ تَفْرِيعِ الضَّعِيفِ فَهُوَ فَاسِدٌ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مُتَأَمِّلٍ

(بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ) أَيْ شُرُوطُهُ (وَمَا تَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِيهِ) أَيْ أَحْوَالُهُ الَّتِي يُعْلَمُ بِهَا أَنَّهُ قَدْ يَتَّصِفُ بِمَا يُؤَثِّرُ فِي السُّقُوطِ وَبِمَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ كَالْغَصْبِ وَحَاصِلُ التَّرْجَمَةِ بَابُ شُرُوطِ الزَّكَاةِ وَمَوَانِعِهَا وَخَتَمَهُ بِفَصْلَيْنِ آخَرَيْنِ لِمُنَاسَبَتِهِمَا لَهُ (شَرْطُ) وُجُوبِ (زَكَاةِ الْمَالِ) بِأَنْوَاعِهِ السَّابِقِ تَفْصِيلُهَا (الْإِسْلَامُ) لِقَوْلِ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي كِتَابِهِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فَلَا تَجِبُ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٍّ وُجُوبَ مُطَالَبَةٍ فِي الدُّنْيَا بَلْ وُجُوبَ عِقَابٍ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ بِإِسْلَامِهِ مَا مَضَى تَرْغِيبًا فِيهِ وَخَرَجَ بِالْمَالِ زَكَاةُ الْفِطْرِ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا تَلْزَمُ الْكَافِرَ عَنْ مُمَوِّنِهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

فِي مَحَلٍّ لَا قُوتَ فِيهِ وَاسْتَوَى إلَيْهِ بَلَدَانِ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ وَلَا يُبَعِّضُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ سم.

(قَوْلُهُ بَيْنَ الْإِخْرَاجِ إلَخْ) الْأَوْلَى فِي الْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْفَرْضَ) بِالْفَاءِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَا) أَيْ السَّيِّدَانِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا (قَوْلُهُ فَهُوَ بَعِيدٌ إلَخْ) جَوَابٌ وَأَمَّا الْجَوَابُ إلَخْ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الشِّيَاهِ (قَوْلُهُ وَثَمَّ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ هُنَا وَالْمُشَارُ إلَيْهِ مَسْأَلَةُ اشْتِرَاكِ الْمُوسِرَيْنِ (قَوْلُهُ فَعَلَى هَذَا) أَيْ الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَخْفَى إلَخْ) (خَاتِمَةٌ)

لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَغَرَبَتْ الشَّمْسُ لَيْلَةَ الْفِطْرِ وَهُمَا فِي خِيَارِ مَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ فَفِطْرَتُهُ عَلَى مَنْ لَهُ الْمِلْكُ بِأَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ لَهُ الْمِلْكُ فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَفِطْرَتُهُ عَلَى مَنْ يَئُولُ لَهُ الْمِلْكُ وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ الْغُرُوبِ عَنْ رَقِيقٍ فَفِطْرَةُ رَقِيقِهِ عَلَى وَرَثَتِهِ كُلٌّ بِقِسْطِهِ وَلَوْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ التَّرِكَةَ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْغُرُوبِ عَنْ أَرِقَّاءٍ فَالْفِطْرَةُ عَنْهُ وَعَنْهُمْ فِي التَّرِكَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَالْمِيرَاثِ وَالدَّيْنِ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ وُجُوبِ فِطْرَةِ عَبْدٍ أَوْصَى بِهِ لِغَيْرِهِ قَبْلَ وُجُوبِهَا وَجَبَتْ فِي تَرِكَتِهِ لِبَقَائِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ عَلَى مِلْكِهِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ وُجُوبِهَا وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ وَلَوْ بَعْدَ وُجُوبِهَا فَالْفِطْرَةُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَبُولِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ مَلَكَهُ مِنْ حِينِ مَوْتِ الْمُوصِي وَإِنْ رَدَّ الْوَصِيَّةَ فَعَلَى الْوَارِثِ فِطْرَتُهُ لِبَقَائِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ عَلَى مِلْكِهِ فَلَوْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ وَبَعْدَ وُجُوبِ الْفِطْرَةِ فَوَارِثُهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ فِي الرَّدِّ وَالْقَبُولِ فَإِنْ قِيلَ وَقَعَ الْمِلْكُ لِلْمَيِّتِ وَفِطْرَةُ الرَّقِيقِ فِي التَّرِكَةِ إنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ وَإِلَّا بِيعَ مِنْهُ جُزْءٌ فِيهَا وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ وُجُوبِهَا أَوْ مَعَهُ فَالْفِطْرَةُ عَلَى وَرَثَتِهِ عَنْ الرَّقِيقِ إنْ قَبِلُوا الْوَصِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ كَانَ فِي مِلْكِهِمْ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَشَرْحُ الرَّوْضِ زَادَ شَرْحُ الْعُبَابِ وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الْهِبَةِ فَلَوْ وَجَبَتْ بَعْدَ الْهِبَةِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ فَهِيَ عَلَى الْوَاهِبِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.

[بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ]

(بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ) أَيْ زَكَاةُ الْمَالِ (قَوْلُهُ أَيْ شُرُوطُهُ) وَ (قَوْلُهُ أَيْ أَحْوَالُهُ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّكَلُّفِ وَالتَّعَسُّفِ وَالْأَنْسَبُ أَنْ يُقَدِّرَ فِي الْأَوَّلِ الْأَحْوَالَ وَيُلَاحَظُ انْسِحَابُهَا عَلَى الثَّانِي بِمُقْتَضَى الْعَطْفِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ أَحْوَالُهُ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِمَا تَجِبُ فِي بَيَانِ الْأَعْيَانِ مِنْ مَاشِيَةٍ وَنَقْدٍ وَغَيْرِهِمَا فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ عُلِمَ مِنْ الْأَبْوَابِ السَّابِقَةِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ اتِّصَافُ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ بِمَا قَدْ يُؤَثِّرُ فِي السُّقُوطِ وَقَدْ لَا يُؤَثِّرُ كَالْغَصْبِ وَالْجُحُودِ وَالضَّلَالِ أَوْ مُعَارَضَتِهِ بِمَا قَدْ يُسْقِطُهُ كَالدَّيْنِ وَعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَحَاصِلُ التَّرْجَمَةِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَتَلْزَمُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَيَسْقُطُ إلَى وَخَرَجَ وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِمُنَاسَبَتِهِمَا لَهُ) أَيْ فَكَأَنَّ التَّرْجَمَةَ شَامِلَةٌ لَهُمَا فَسَاغَ التَّعْبِيرُ بِفَصْلُ ع ش (قَوْلُهُ بِأَنْوَاعِهِ إلَخْ) وَهِيَ الْحَيَوَانُ وَالنَّبَاتُ وَالنَّقْدَانِ وَالرِّكَازُ وَالتِّجَارَةُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ بِأَنْوَاعِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَعُلِمَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيَسْقُطُ إلَى وَخَرَجَ (قَوْلُهُ أَصْلِيٍّ) سَيَأْتِي حُكْمُ الْمُرْتَدِّ (قَوْلُهُ وُجُوبَ مُطَالَبَةٍ إلَخْ) وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ م ر فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَضَاهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ أَنَّهُ هُنَا لَوْ أَخْرَجَهَا لَا تَصِحُّ لَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَلَا بَعْدَهُ وَيَسْتَرِدُّهَا مِمَّنْ أَخَذَهَا وَقَدْ يُقَالُ إذَا أَخْرَجَهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ بَلْ يُحْتَمَلُ أَوْ قَبْلَهُ يَقَعُ لَهُ تَطَوُّعًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ بِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ ع ش (قَوْلُهُ مَا مَضَى) أَيْ عِقَابٍ مَا مَضَى أَوْ ذَاتَ مَا مَضَى؛ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ وَإِنْ قُلْنَا أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهَا فِي الدُّنْيَا بَصْرِيٌّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ طَلَبُ مَا مَضَى وَالْمُرَادُ بِسُقُوطِ طَلَبِهِ عَدَمُ مُطَالَبَتِهِ بِتَدَارُكِهِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا إلَخْ) مَرَّ أَيْضًا أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ عَنْ نَفْسِهِ وُجُوبَ عِقَابٍ لَا مُطَالَبَةٍ فَهِيَ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

تَبْعِيضُ الصَّاعِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَمُخَالَفَةٌ لِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا يُبَعَّضُ لِذَلِكَ إخْرَاجُ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ قُوتِ إحْدَى الْبَلَدَيْنِ كَمَا لَوْ كَانَ الْحُرُّ فِي مَحَلٍّ لَا قُوتَ فِيهِ وَاسْتَوَى إلَيْهِ بَلَدَانِ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ وَلَا يُبَعِّضُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَمَا تَجِبُ فِيهِ)

(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا إلَخْ) مَرَّ أَيْضًا أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ وُجُوبَ عِقَابٍ لَا مُطَالَبَةٍ فَهِيَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ عَلَى وِزَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>