للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا قَوْلُ الْبَغَوِيّ لَوْ زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا وَكَانَتْ قَدْ أَذِنَتْ وَلَمْ يَبْلُغْهُ الْإِذْنُ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ جَهِلَ اشْتِرَاطَ إذْنِهَا؛ لِأَنَّهُ تَهَوُّرٌ مَحْضٌ فَهُوَ لَا يُوَافِقُ قَوْلَهُمْ الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ حَتَّى النِّكَاحِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَتَهَوُّرُهُ إقْدَامٌ عَلَى عَقْدٍ فَاسِدٍ فِي ظَنِّهِ، وَهُوَ صَغِيرَةٌ لَا تَسْلُبُ الْوِلَايَةَ وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي الْجَوَاهِرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ شَهَادَةَ عَدْلَيْنِ بِالْإِذْنِ لَهُ قَبْلَ تَقَدُّمِ دَعْوَى الْخَاطِبِ الْإِذْنَ وَمُطَالَبَتِهِ لِلْحَاكِمِ بِأَنْ يُزَوِّجَهُ وَإِقَامَتِهِ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ لَكِنَّ الْعَمَلَ عَلَى خِلَافِهِ فَمَرْدُودٌ بِأَنَّ الدَّعْوَى عَلَى حَاضِرٍ فِي الْبَلَدِ مَعَ غَيْبَتِهِ عَنْ الْمَجْلِسِ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ وَبِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْخَاطِبِ فِي ذَلِكَ فَكَيْفَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ تَسَامَحُوا فِي سَمَاعِهِ الشَّهَادَةَ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى لِعَدَمِ تَصَوُّرِهَا مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ لِطَلَبِ حُكْمٍ بَلْ لِحِلِّ الْمُبَاشَرَةِ كَمَا مَرَّ وَلَوْ أَقَرَّتْ بِالْإِذْنِ ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهَا إنَّمَا أَذِنَتْ بِشَرْطِ صِفَةٍ فِي الزَّوْجِ وَلَمْ تُوجَدْ وَنَفَى الزَّوْجُ ذَلِكَ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا فِيمَا يَظْهَرُ لِلْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ آخِرَ الْعَارِيَّةِ أَنَّ مَنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي أَصْلِ الشَّيْءِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي صِفَتِهِ كَالْمُوَكِّلِ يَدَّعِي تَقْيِيدَ إذْنِهِ بِصِفَةٍ فَيُنْكِرُ الْوَكِيلُ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ تَصْدِيقَ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الصِّحَّةَ يَرُدُّهُ تَصْدِيقُهُمْ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِنْ ادَّعَى الْفَسَادَ لَا يُقَالُ صَدَّقُوا مُدَّعِيَ صِحَّةِ الْبَيْعِ دُونَ فَسَادِهِ مَعَ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْبَيْعِ صُدِّقَ الْبَائِعُ فِي نَفْيِ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَا نَحْنُ فِيهِ أَنْسَبُ بِمَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا فِيهَا إذْنُ الْغَيْرِ فَتَقَيَّدَ بِمَا يَقُولُهُ الْآذِنُ وَأَمَّا الْبَيْعُ فَكُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ مُسْتَقِلٌّ بِالْعَقْدِ فَرَجَحَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ جَانِبَهُ أَقْوَى لِمَا مَرَّ فِيهِ

(فَصْلٌ)

فِيمَنْ يَعْقِدُ النِّكَاحَ وَمَا يَتْبَعُهُ (لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا) وَلَوْ (بِإِذْنٍ) مِنْ وَلِيِّهَا (وَلَا غَيْرُهَا) وَلَوْ (بِوِكَالَةٍ) مِنْ الْوَلِيِّ بِخِلَافِ إذْنِهَا لِقِنِّهَا أَوْ مَحْجُورِهَا وَذَلِكَ لِآيَةِ {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٢] إذْ لَوْ جَازَ لَهَا تَزْوِيجُ نَفْسِهَا لَمْ يَكُنْ لِلْعَضْلِ تَأْثِيرٌ وَلِلْخَبَرَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ كَمَا قَالَهُ الْأَئِمَّةُ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» الْحَدِيثَ السَّابِقَ «وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ أَنْكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ»

ــ

[حاشية الشرواني]

قَوْلُهُ وَأَمَّا قَوْلُ الْبَغَوِيّ إلَخْ) وَفِي تَجْرِيدِ الْمُزَجَّدِ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَةَ عَمِّهِ وَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ أَنَّهَا أَذِنَتْ لَهُ فَزَوَّجَهَا ثُمَّ قَالَا كَذَبْنَا فِي الْإِخْبَارِ فَإِنْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ كُنْت أَذِنَتْ صَحَّ النِّكَاحُ أَوْ أَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَعَلَى الزَّوْجِ الْبَيِّنَةُ بِإِذْنِهَا وَلَوْ أَرْسَلَتْ رَسُولًا بِالْإِذْنِ إلَى ابْنِ عَمِّهَا فَلَمْ يَأْتِهِ الرَّسُولُ وَأَتَاهُ مَنْ سَمِعَ مِنْ الرَّسُولِ وَأَخْبَرَهُ فَزَوَّجَهَا صَحَّ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ هَذَا إخْبَارٌ لَا شَهَادَةٌ قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ انْتَهَى اهـ سم.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَبْلُغْهُ الْإِذْنُ) ظَاهِرُهُ أَصْلًا لَا بِمَرْسُولِهَا وَلَا بِمَنْ سَمِعَ مِنْهُ عِبَارَةُ فَتْحِ الْمُعِينِ فَرْعٌ لَوْ زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا قَبْلَ بُلُوغِ إذْنِهَا إلَيْهِ صَحَّ عَلَى الْأَوْجَهِ إنْ كَانَ الْإِذْنُ سَابِقًا عَلَى حَالَةِ التَّزْوِيجِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا بِمَا فِي ظَنِّ الْمُكَلَّفِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ لَهُ) يَعْنِي لِلْحَاكِمِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَكَذَا ضَمِيرُ بِالْإِذْنِ لَهُ (قَوْلُهُ انْتَهَى) أَيْ الرَّدُّ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهُ (قَوْلُهُ: فِي سَمَاعِهِ) أَيْ الْحَاكِمِ الشَّهَادَةَ أَيْ بِإِذْنِ الْمَرْأَةِ لَهُ فِي التَّزْوِيجِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ تَصَوُّرِهَا إلَخْ) أَيْ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهَا) أَيْ الشَّهَادَةَ أَوْ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: يَدَّعِي إلَخْ) عَلَى حَذْفِ الْمَوْصُولِ أَيْ الَّذِي يَدَّعِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: يَرُدُّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُمَا) أَيْ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ (قَوْلُهُ: أَنَّ كُلًّا) أَيْ مِنْ مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ التَّوْكِيلِ وَقَوْلُهُ فَتَقْيِيدُ إلَخْ أَيْ كُلٍّ مِنْ تِينِك الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ فِي الْبَيْعِ

[فَصْلٌ فِيمَنْ يَعْقِدُ النِّكَاحَ وَمَا يَتْبَعُهُ]

(فَصْلٌ فِيمَنْ يَعْقِدُ النِّكَاحَ)

(قَوْلُهُ: وَمَا يَتْبَعُهُ) أَيْ كَالتَّوَقُّفِ عَلَى الْإِذْنِ وَكَيْفِيَّةِ الْإِذْنِ مِنْ نُطْقٍ أَوْ غَيْرِهِ اهـ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ لَا تُزَوِّجْ امْرَأَةٌ إلَخْ) أَيْ لَا تَمْلِكُ مُبَاشَرَةَ ذَلِكَ بِحَالٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِذْنٍ مِنْ وَلِيِّهَا) إلَى قَوْلِهِ فَإِنَّ الزَّانِيَةَ الَّتِي فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إذْنِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ عَمِيرَةُ وَالْمُغْنِي وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُهَا فِي نِكَاحِ غَيْرِهَا إلَّا فِي مِلْكِهَا، أَوْ سَفِيهٍ، أَوْ مَجْنُونٍ هِيَ وَصِيَّةٌ عَلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ لِقِنِّهَا) سَيَأْتِي تَصْرِيحُ الشَّرْحِ أَنَّ السَّيِّدَ وَلَوْ أُنْثَى يَأْذَنُ لِقِنِّهِ اهـ سم (قَوْلُهُ: أَوْ مَحْجُورِهَا) أَشَارَ سم إلَى ضَعْفِهِ بِأَنَّ وِلَايَتَهَا عَلَى الْمَحْجُورِ لَا تَكُونُ إلَّا بِطَرِيقِ الْوِصَايَةِ وَالْوَصِيُّ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ خِلَافًا لِمَا فِي الْعَزِيزِ رَشِيدِيٌّ وَعِ ش عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ قَوْلُهُ: أَوْ مَحْجُورِهَا بِأَنْ كَانَتْ وَصِيًّا لِطِفْلٍ فَبَلَغَ سَفِيهًا فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ إذْنُهَا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِتَزْوِيجِ الْوَصِيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ: الْحَدِيثَ إلَخْ) أَيْ اقْرَأْ الْحَدِيثَ إلَخْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: السَّابِقَ) أَيْ فِي شَرْحٍ وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ (قَوْلُهُ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ» إلَخْ) تَتِمَّةُ هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ «فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا» اهـ وَكَانَ الْأَوْلَى لِيَظْهَرَ قَوْلُهُ: الْآتِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخَبَرُ إلَخْ ذَكَرَهَا (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا أَنْكَحَتْ نَفْسَهَا بِإِذْنِ وَلِيِّهَا صَحَّ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ بِإِذْنٍ مِنْ وَلِيِّهَا فَيَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ الْمَفْهُومَ هُنَا غَيْرُ مُرَادٍ لَا يُقَالُ قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ الْآتِي وَلَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ الْأَوَّلَ خَاصٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَى هَذَا الْعَامِّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَكَرَّرَهُ) أَيْ قَوْلَهُ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ع ش

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

كَذَا شَرْحٌ م ر (قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَوْلُ الْبَغَوِيّ لَوْ زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا إلَخْ) فِي تَجْرِيدِ الْمُزَجَّدِ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَةَ عَمِّهِ وَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ أَنَّهَا أَذِنَتْ لَهُ فَزَوَّجَهَا ثُمَّ قَالَا كَذَبْنَا فِي الْإِخْبَارِ فَإِنْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ كُنْت أَذِنْت صَحَّ النِّكَاحُ أَوْ أَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَعَلَى الزَّوْجِ الْبَيِّنَةُ بِإِذْنِهَا وَلَوْ أَرْسَلَتْ رَسُولًا بِالْإِذْنِ إلَى ابْنِ عَمِّهَا فَلَمْ يَأْتِهِ الرَّسُولُ وَأَتَاهُ مَنْ سَمِعَ مِنْ الرَّسُولِ وَأَخْبَرَهُ فَزَوَّجَهَا صَحَّ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ هَذَا إخْبَارٌ لَا شَهَادَةٌ قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ انْتَهَى

. (فَصْلٌ)

فِيمَنْ يَعْقِدُ النِّكَاحَ وَمَا يَتْبَعُهُ (قَوْلُهُ: لِقِنِّهَا) سَيَأْتِي تَصْرِيحُ الشَّارِحِ أَنَّ السَّيِّدَ وَلَوْ أُنْثَى يَأْذَنُ لِقِنِّهِ وَقَوْلُهُ، أَوْ مَحْجُورِهَا لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَكُونُ وَلِيَّةً عَلَى الْمَحْجُورِ إلَّا بِطَرِيقِ الْوِصَايَةِ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَلْ يَنْكِحُ أَيْ السَّفِيهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ يَقْبَلُ لَهُ النِّكَاحَ قَوْلُ الشَّارِحِ وَوَلِيُّهُ فِي الْأَوَّلِ أَيْ فِيمَا إذَا بَلَغَ سَفِيهًا الْأَبُ فَالْجَدُّ فَوَصِيٌّ أَذِنَ لَهُ فِي التَّزْوِيجِ عَلَى مَا فِي الْعَزِيزِ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ إلَخْ فَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى كَلَامِ الْعَزِيزِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا) مَفْهُومُهُ الْجَوَازُ بِالْإِذْنِ فَكَأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ الْآتِي، أَوْ وَكَّلَ مُوَلِّيَتَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>