للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غُلِّبَتْ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ طُرُقِ الزُّهُوقِ وَأَعَمُّ مِنْهَا الْجِنَايَةُ وَلِذَا آثَرَهَا غَيْرُهُ لِشُمُولِهَا الْقَتْلَ بِنَحْوِ سِحْرٍ أَوْ سُمٍّ أَوْ مُثْقَلٍ وَجَمَعَهَا لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا الْآتِيَةِ وَأَكْبَرُ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الْكُفْرِ الْقَتْلُ ظُلْمًا وَبِالْقَوَدِ أَوْ الْعَفْوِ لَا تَبْقَى مُطَالَبَةٌ أُخْرَوِيَّةٌ وَمَا أَفْهَمَهُ بَعْضُ الْعِبَارَاتِ مِنْ بَقَائِهَا مَحْمُولٌ عَلَى بَقَاءِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِتَوْبَةٍ صَحِيحَةٍ وَمُجَرَّدُ التَّمْكِينِ مِنْ الْقَوَدِ لَا يُفِيدُ إلَّا إنْ انْضَمَّ إلَيْهِ نَدَمٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْصِيَةُ وَعَزَمَ أَنْ لَا عَوْدَ وَالْقَتْلُ لَا يَقْطَعُ الْأَجَلَ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ (الْفِعْلُ) لِلْجِنْسِ فَلِذَا أَخْبَرَ عَنْهُ بِثَلَاثَةٍ وَيَدْخُلُ فِيهِ هُنَا الْقَوْلُ كَشَهَادَةِ الزُّورِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ اللِّسَانِ (الْمُزْهِقُ) كَالْفَصْلِ لَكِنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي لَهُ تَقْسِيمٌ غَيْرُهُ لِذَلِكَ أَيْضًا (ثَلَاثَةٌ) لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ «إلَّا أَنَّ فِي قَتِيلِ عَمْدِ الْخَطَأِ - قَتِيلِ السَّوْطِ وَالْعَصَا - مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ» الْحَدِيثَ وَصَحَّ أَيْضًا «أَلَا إنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا فِيهِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ»

ــ

[حاشية الشرواني]

أَيْضًا ع ش (قَوْلُهُ: غُلِّبَتْ) أَيْ عَلَى الْجِنَايَةِ بِغَيْرِهَا ع ش (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إلَخْ) وَلِأَنَّ الْجِنَايَةَ تُطْلَقُ عَلَى نَحْوِ الْقَذْفِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ عَمِيرَةُ أَيْ مَعَ أَنَّهَا غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا (قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ الْجِرَاحَةِ (قَوْلُهُ: وَلِذَا إلَخْ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ لِشُمُولِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: آثَرَهَا) أَيْ الْجِنَايَاتِ وَقَوْلُهُ غَيْرُهُ وَمِنْ الْغَيْرِ الرَّوْضُ وَمَنْهَجٌ (قَوْلُهُ: لِشُمُولِهَا إلَخْ) لَكِنَّهَا تَشْمَلُ غَيْرَ الْمُرَادِ هُنَا كَلَطْمَةٍ خَفِيفَةٍ وَكَالْجِنَايَةِ عَلَى نَحْوِ الْمَالِ فَمَا آثَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّرْجَمَةَ لِشَيْءٍ، ثُمَّ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ غَيْرُ مَعِيبٍ رَشِيدِيٌّ أَيْ بِخِلَافِ الْعَكْسِ (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا إلَخْ) أَوْ بِاعْتِبَارِ إفْرَادِهَا عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: الْآتِيَةِ) أَيْ مِنْ كَوْنِهَا مُزْهِقَةً أَوْ مُبِينَةً لِلْعُضْوِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ وَأَكْبَرُ الْكَبَائِرِ إلَخْ) مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ: الْقَتْلُ) وَتَصِحُّ تَوْبَةُ الْقَاتِلِ عَمْدًا؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ تَصِحُّ تَوْبَتُهُ فَهَذَا أَوْلَى وَلَا يَتَحَتَّمُ عَذَابُهُ بَلْ هُوَ فِي خَطَرِ الْمَشِيئَةِ وَلَا يُخَلَّدُ عَذَابُهُ إنْ عُذِّبَ وَإِنْ أَصَرَّ عَلَى تَرْكِ التَّوْبَةِ كَسَائِرِ ذَوِي الْكَبَائِرِ غَيْرِ الْكُفْرِ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ الْأَسْنَى.

(قَوْلُهُ: الْقَتْلُ ظُلْمًا) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْقَتْلُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ مُعَاهَدًا أَوْ مُؤْمِنًا وَلَا مَانِعَ مِنْهُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ أَفْرَادَهُ مُتَفَاوِتَةٌ فَقَتْلُ الْمُسْلِمِ أَعْظَمُ إثْمًا ثُمَّ الذِّمِّيُّ ثُمَّ الْمُعَاهَدُ وَالْمُؤْمِنُ، وَأَمَّا الظُّلْمُ مِنْ حَيْثُ الِافْتِيَاتُ عَلَى الْإِمَامِ كَقَتْلِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ لَهُ بِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ كَبِيرَةً فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ الْعَفْوِ) أَيْ عَلَى مَالٍ أَوْ مَجَّانًا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَسَمِّ (قَوْلُهُ لَا تَبْقَى إلَخْ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْآدَمِيِّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي رَشِيدِيٌّ وَسَمِّ (قَوْلُهُ: بَعْضُ الْعِبَارَاتِ) أَيْ عِبَارَةِ الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: لَا يُفِيدُ) أَيْ فِي التَّوْبَةِ ع ش (قَوْلُهُ: وَعَزَمَ أَنْ لَا عَوْدَ) أَيْ لِمِثْلِهِ ع ش (قَوْلُهُ: لِلْجِنْسِ) قَدْ يُقَالُ: الْجِنْسُ وَاحِدٌ لَا تَعَدُّدَ فِيهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ التَّقْدِيرُ أَقْسَامُ الْجِنْسِ ثَلَاثَةٌ سم، أَوْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالْجِنْسِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ الْمَاهِيَّةُ لَا بِشَرْطِ شَيْءٍ وَهِيَ تَقْبَلُ الْوُجُودَ الْخَارِجِيَّ وَالتَّعَدُّدَ لَا الْمَاهِيَّةُ بِشَرْطِ لَا شَيْءَ فَإِنَّهَا لَا تَقْبَلُ التَّعَدُّدَ وَلَا الْوُجُودَ الْخَارِجِيَّ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ الْقَوْلُ) وَكَذَا الصِّيَاحُ سم (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَأْتِي لَهُ) أَيْ لِلْمُصَنِّفِ تَقْسِيمُ إلَخْ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ فِي التَّقْيِيدِ بِالْمُزْهِقِ سم (قَوْلُهُ: تَقْسِيمٌ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْمُزْهِقِ عَمِيرَةُ وَكُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِلثَّلَاثَةِ أَقْسَامٍ ع ش (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَالْمُزْهِقِ (قَوْلُ الْمَتْنِ ثَلَاثَةٌ) وَجْهُ الْحَصْرِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْجَانِيَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَهُوَ الْخَطَأُ وَإِنْ قَصَدَهَا فَإِنْ كَانَ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَهُوَ الْعَمْدُ وَإِلَّا فَشِبْهُ الْعَمْدِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ هُوَ مَنْطُوقُ الْخَبَرِ عَلَى أَنَّ مَفْهُومَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِ شَيْءٍ، وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هُنَاكَ شَيْئًا آخَرَ يُخَالِفُ مَنْطُوقَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّهُ قَالَ حَضَرْت مَجْلِسَ الْمُزَنِيّ يَوْمًا فَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ الْعِرَاقِ عَنْ شِبْهِ الْعَمْدِ فَقَالَ إنَّ اللَّهَ وَصْف الْقَتْلَ فِي كِتَابِهِ بِصِفَتَيْنِ عَمْدٍ وَخَطَأٍ فَلِمَ قُلْتُمْ إنَّهُ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ فَاحْتَجَّ عَلَيْهِ الْمُزَنِيّ بِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ إلَخْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَلَا إنَّ فِي قَتِيلِ عَمْدِ الْخَطَأِ» إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ: قَتِيلُ السَّوْطِ إلَخْ) بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ ع ش (قَوْلُهُ: مَا كَانَ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ شِبْهِ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: فِيهِ مِائَةٌ) خَبَرُ إنَّ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: غَلَبَتْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الْجِرَاحُ مَجَازًا عَنْ الْجِنَايَةِ الَّتِي هِيَ وَصْفُ الْجِرَاحِ الْأَعَمِّ وَالْقَرِينَةُ مَا فِي كَلَامِهِ مِمَّا بَيَّنَّاهُ فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى وَهَذَا غَيْرُ التَّغْلِيبِ وَإِنْ كَانَ هُوَ أَيْضًا مَجَازًا فَتَأَمَّلْهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ عَلَى التَّغْلِيبِ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْجِرَاحِ الْجِرَاحَ وَغَيْرَهُ وَلَكِنْ غَلَّبَ الْجِرَاحَ فَعَبَّرَ بِلَفْظِهِ عَنْ الْجَمِيعِ وَعَلَى غَيْرِهِ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْجِرَاحِ مُطْلَقَ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ أَيْضًا غَلَبَتْ) مِمَّا يَدُلُّ عَلَى التَّغْلِيبِ وَأَنَّ الْمُرَادَ أَعَمُّ سِيَاقِهِ لِقَوْلِهِ الْآتِي جَارِحٍ أَوْ مُثْقَلٍ وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ الضَّرْبُ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا وَالتَّغْلِيبُ مِنْ قَبِيلِ الْمَجَازِ وَآثَرَهُ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: وَجَمَعَهَا) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ جَمْعُ جِرَاحَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ الْعَفْوِ) شَامِلٌ لِلْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: لَا تَبْقَى مُطَالَبَةٌ) مِنْ جِهَةِ حَقِّ الْآدَمِيِّ.

(قَوْلُهُ: لِلْجِنْسِ) قَدْ يُقَالُ الْجِنْسُ وَاحِدٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ التَّقْدِيرُ أَقْسَامُ الْجِنْسِ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِيهِ هُنَا الْقَوْلُ) وَكَذَا الصِّيَاحُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي لَهُ تَقْسِيمٌ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ بِالتَّقْيِيدِ بِالْمُزْهِقِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا لِأَنَّهُ يَأْتِي لَهُ تَقْسِيمٌ غَيْرُهُ إلَخْ) فِي قَوْلِهِ الْآتِي فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِقِصَاصِ الطَّرَفِ وَالْجُرْحِ مَا شُرِطَ لِلنَّفْسِ فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ التَّقْسِيمِ؛ لِأَنَّهُ فِيهِ اشْتِرَاطُ الْعَمْدِيَّةِ وَاشْتِرَاطُ الْعَمْدِيَّةِ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى انْقِسَامِ الْجِنَايَةِ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ إلَى الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ هُنَا عَلَى تَقْسِيمِ الْمُزْهِقِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>