لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ وَلِعُمُومِ الْحَاجَةِ وَاخْتِيرَ وَالْجَدِيدُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ فَتَخْتَصُّ بِمَوْرِدِهَا وَعَلَيْهِ يَمْتَنِعُ فِي الْمُقْلِ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَتَصِحُّ عَلَى أَشْجَارٍ مُثْمِرَةٍ تَبَعًا لِلنَّخْلِ وَالْعِنَبِ إذَا كَانَتْ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَثُرَتْ وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ تَعَذُّرَ إفْرَادِهَا بِالسَّقْيِ نَظِيرَ الْمُزَارَعَةِ وَعَلَيْهِ فَيَأْتِي هُنَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي ثَمَّ مِنْ اتِّحَادِ الْعَامِلِ وَمَا بَعْدَهُ وَيُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمُسَاقِي عَلَيْهِ وَتَعْيِينُهُ فَلَا يَصِحُّ عَلَى غَيْرِ مَرْئِيٍّ وَلَا عَلَى مُبْهَمٍ كَأَحَدِ الْحَدِيقَتَيْنِ وَلَا يَأْتِي فِيهِ خِلَافُ إحْدَى الصُّورَتَيْنِ السَّابِقُ لِلُزُومِ الْمُسَاقَاةِ.
(وَلَا تَصِحُّ الْمُخَابَرَةُ) قِيلَ بِاتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ (وَهِيَ عَمَلُ الْأَرْضِ) أَيْ الْمُعَامَلَةُ عَلَيْهَا كَمَا بِأَصْلِهِ وَعَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَشَارَ إلَيْهِ هُنَا بِقَوْلِهِ وَهِيَ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ (بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَالْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ وَلَا الْمُزَارَعَةُ وَهِيَ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ وَالْبَذْرُ مِنْ الْمَالِكِ) لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُمَا وَلِسُهُولَةِ تَحْصِيلِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ بِالْإِجَارَةِ وَاخْتَارَ جَمْعٌ جَوَازَهُمَا وَتَأَوَّلُوا الْأَحَادِيثَ عَلَى مَا إذَا شُرِطَ لِوَاحِدٍ زَرْعُ قِطْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلِآخَرَ أُخْرَى وَاسْتَدَلُّوا بِعَمَلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَيُرَدُّ بِأَنَّهَا
ــ
[حاشية الشرواني]
وَبِالْمُثْمِرَةِ عَنْ غَيْرِهَا كَالتُّوتِ الذَّكَرِ وَمَا لَا يُقْصَدُ ثَمَرُهُ كَالصَّنَوْبَرِ فَلَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ عَلَيْهِمَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَشَرَطَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ) قَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْخَبَرِ مِنْ ثَمَرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَى نَخْلِهَا مَصْرُوفٌ لِثَمَرِ النَّخْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَرَشِيدِيٌّ وَعِ ش
(قَوْلُهُ وَاخْتِيرَ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ اهـ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ) فِي رَدِّهِ لِدَلِيلِ الْقَدِيمِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِعُمُومِ الثَّمَرِ فِي الْخَبَرِ لَا بِالْقِيَاسِ (قَوْلُهُ فَيَخْتَصُّ بِمَوْرِدِهَا) قَدْ يُقَالُ يَرِدُ عَلَيْهِ قِيَاسُ الْعِنَبِ فَإِنْ فَرَّقَ بِتَحْقِيقِ شَرْطِ الْقِيَاسِ فِي الْعِنَبِ دُونَ غَيْرِهِ قُلْنَا هَذَا لَا يُفِيدُ مَعَ فَرْضِ الرُّخْصَةِ وَمَنْعِ الْقِيَاسِ فِيهَا، وَأَيْضًا فَعَدَمُ إلْحَاقِ سَائِرِ الْأَشْجَارِ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شَرْطِ الْقِيَاسِ لَا لِلْكَوْنِ رُخْصَةً فَلْيُتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّ الْحَاصِلَ كَلَامُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ أَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ الْقِيَاسِ فِي الرُّخْصِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ الْجَدِيدِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فِي الْمُقْلِ) أَيْ الدَّوْمِ اهـ ع ش عِبَارَةُ الْقَامُوسِ وَالْمُقْلُ الْمَكِّيُّ ثَمَرُ شَجَرٍ الدَّوْمِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْعِنَبِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَ (قَوْلُهُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ النَّخْلِ أَوْ الْعِنَبِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَشَرَطَ الزَّرْكَشِيُّ بَحْثًا تَعَذَّرَ إلَخْ اهـ وَعِبَارَةُ الْغُرَرِ فَإِنْ سَاقَى عَلَيْهَا تَبَعًا لِنَخْلٍ أَوْ عِنَبٍ فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ الصِّحَّةُ كَالْمُزَارَعَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ عُسْرُ إفْرَادِهَا بِالسَّقْيِ كَالْمُزَارَعَةِ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ يُفْهِمُهُ اهـ وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُغْنِي وَشَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْمَنْهَجِ أَنْ لَا فَرْقَ حَيْثُ أَطْلَقُوا وَسَكَتُوا عَنْ قَيْدِ عُسْرِ الْإِفْرَاد (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَيَأْتِي هُنَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي إلَخْ) مِنْهُ أَنْ لَا يُقَدِّمَ الزِّرَاعَةَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَقِبَ الْمُسَاقَاةِ كَمَا سَيَأْتِي فَيُشْتَرَطُ هُنَا أَنْ تَتَأَخَّرَ الْمُسَاقَاةُ عَلَى تِلْكَ الْأَشْجَارِ عَنْ الْمُسَاقَاةِ عَلَى النَّخْلِ وَالْعِنَبِ فَلَوْ اشْتَمَلَ الْبُسْتَانُ مَعَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ عَلَى غَيْرِهِمَا فَقَالَ سَاقَيْتُك عَلَى أَشْجَارِ هَذَا الْبُسْتَانِ لَمْ يَصِحَّ لِلْمُقَارَنَةِ وَعَدَمِ التَّأَخُّرِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم أَقُولُ وَقَدْ يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ فِي الْمُزَارَعَةِ مَا نَصُّهُ وَأَفْهَمَ الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَا يُغْنِي لَفْظُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ، وَلَكِنْ لَوْ أَتَى بِلَفْظٍ يَشْمَلُهُمَا كَعَامَلْتُك عَلَى النَّخْلِ وَالْبَيَاضِ بِالنِّصْفِ فِيهِمَا كَفَى، بَلْ حَكَى فِيهِ الْإِمَامُ الِاتِّفَاقَ اهـ حَيْثُ صَرَّحَ بِلَفْظِ النَّخْلِ وَالْبَيَاضِ (قَوْلُهُ عَلَى غَيْرِ مَرْئِيٍّ إلَخْ) وَلَا عَلَى غَيْرِ مَغْرُوسٍ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَا تَصِحُّ الْمُخَابَرَةُ إلَخْ) وَلَا الْمُشَاطَرَةُ الْمُسَمَّاةُ أَيْضًا بِالْمُنَاصَبَةِ بِمُوَحَّدَةٍ بَعْدَ صَادٍ مُهْمَلَةٍ الَّتِي تُفْعَلُ بِالشَّامِ وَهِيَ أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ أَرْضًا لِيَغْرِسَهَا مِنْ عِنْدِهِ وَالشَّجَرُ بَيْنَهُمَا وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّ الْحَاصِلَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْعَامِلِ وَلِمَالِكِ الْأَرْضِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا عَلَيْهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَعَبَّرَ بِهِ) أَيْ بِلَفْظِ الْمُعَامَلَةِ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَمَلِ الْمُعَامَلَةُ (هُنَا) أَيْ فِي الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ إلَخْ) أَيْ فِي تَعْرِيفِ الْمُزَارَعَةِ الْآتِي آنِفًا (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ جَمْعٌ) عِبَارَةَ الْغُرَرِ وَالْمُغْنِي وَشَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْمَنْهَجِ وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الْمُنْذِرِ وَابْنِ خُزَيْمَةَ وَالْخَطَّابِيِّ صِحَّتَهُمَا مَعًا، وَلَوْ مُنْفَرِدَيْنِ لِصِحَّةِ أَخْبَارِهِمَا وَحَمَلُوا أَخْبَارَ النَّهْيِ عَلَى مَا إذَا إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ لِوَاحِدٍ) أَيْ مِنْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ وَ (قَوْلُهُ زَرْعُ قِطْعَةٍ) أَيْ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَ (قَوْلُهُ أُخْرَى) أَيْ قِطْعَةٍ أُخْرَى أَيْ زَرْعُهَا
(قَوْلُهُ بِأَنَّهَا) أَيْ أَعْمَالُ عُمَرَ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
لَا يُوجَدُ فِيهِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ وَإِمْكَانُ الْخَرْصِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا بِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ وَيَدَّعِي شُمُولَ الثَّمَرِ فِي لَفْظِ النَّصِّ لِطَلْعِ الذُّكُورِ وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ بِنَاءُ هَذَا عَلَى الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ) قَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْخَبَرِ مِنْ ثَمَرِ بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَى نَخْلِهَا مَصْرُوفٌ لِثَمَرِ النَّخْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ) فِي رَدِّهِ لِدَلِيلِ الْقَدِيمِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِعُمُومِ الثَّمَرِ فِي الْخَبَرِ لَا بِالْقِيَاسِ وَقَوْلُهُ فَتَخْتَصُّ بِمَوْرِدِهَا قَدْ يُقَالُ يَرُدُّ عَلَيْهِ قِيَاسُ الْعِنَبِ فَإِنْ فَرَّقَ بِتَحَقُّقِ شَرْطِ الْقِيَاسِ أَنَّ الْعِنَبَ دُونَ غَيْرِهِ قُلْنَا هَذَا لَا يُفِيدُ مَعَ فَرْضِ الرُّخْصَةِ وَمَنْعِ الْقِيَاسِ فِيهَا وَأَيْضًا فَعَدَمُ إلْحَاقِ سَائِرِ الْأَشْجَارِ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شَرْطِ الْقِيَاسِ لِلْكَوْنِ رُخْصَةً فَلْيُتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّ حَاصِلَ كَلَامِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ أَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ الْقِيَاسِ فِي الرُّخْصِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَيَأْتِي هُنَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي ثَمَّ) مِنْهُ كَمَا سَيَأْتِي أَنْ لَا يُقَدِّمَ الزِّرَاعَةَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَقِبَ الْمُسَاقَاةِ كَمَا سَيَأْتِي فَيُشْتَرَطُ هُنَا أَنْ تَتَأَخَّرَ الْمُسَاقَاةُ عَلَى تِلْكَ الْأَشْجَارِ عَنْ الْمُسَاقَاةِ عَلَى النَّخْلِ وَالْعِنَبِ فَلَوْ اشْتَمَلَ الْبُسْتَانُ مَعَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ عَلَى غَيْرِهِمَا فَقَالَ سَاقَيْتُك عَلَى أَشْجَارِ هَذَا الْبُسْتَانِ لَمْ يَصِحَّ لِلْمُقَارَنَةِ وَعَدَمِ التَّأَخُّرِ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ وَأَشَارَ إلَيْهِ هُنَا بِقَوْلِهِ وَهِيَ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ) أَيْ الْآتِي آنِفًا فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ عَمِلَ بِمَعْنَى الْمُعَامَلَةِ (قَوْلُهُ