للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَخَالَفَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ فَرَجَّحَ تَصْدِيقَ الْمَالِكِ وَتَبِعَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا كَانَ التَّلَفُ قَبْلَ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ اتَّفَقَا عَلَى الْإِذْنِ وَاخْتَلَفَا فِي شَغْلِ الذِّمَّةِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهَا وَحُمِلَ الثَّانِي عَلَى مَا إذَا كَانَ بَعْدَ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ أَنَّهُ يُضْمَنُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ خِلَافَهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ أَمَّا قَبْلَ التَّلَفِ فَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْإِذْنَ فِي التَّصَرُّفِ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُمَا وَلَا يُنَافِي مَا هُنَا مَا مَرَّ آخِرَ الْعَارِيَّةِ مِنْ تَصْدِيقِ الْمَالِكِ فِي الْإِجَارَةِ دُونَ الْآخِذِ فِي الْعَارِيَّةِ لِاتِّفَاقِهِمَا ثَمَّ عَلَى بَقَاءِ مِلْكِ الْمَالِكِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي أَنَّ انْتِفَاعَهُ مَضْمُونٌ وَالْأَصْلُ فِي الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ الضَّمَانُ

وَلَوْ أَقَامَا فِي مَسْأَلَةِ الْقَرْضِ وَالْقِرَاضِ بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمَالِكِ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ رَجَّحَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَى الْآخِذِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْحَقُّ التَّعَارُضُ أَيْ فَيَأْتِي مَا مَرَّ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ، وَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ قِرَاضًا وَالْآخِذُ قَرْضًا صُدِّقَ الْآخِذُ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَتَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْقَرْضِ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقَرْضِ وَالْقِرَاضِ أَوْ الْغَصْبِ وَالْأَمَانَةِ صُدِّقَ الْمَالِكُ قَالَ الْبَغَوِيّ، وَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْقَرْضَ وَالْآخِذُ الْوَدِيعَةَ صُدِّقَ الْآخِذُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَخَالَفَهُ فِي الْأَنْوَارِ فَقَالَ فِي الدَّعَاوَى فِيمَا لَوْ أَبْدَلَهُ الْوَدِيعَةَ بِالْوَكَالَةِ صُدِّقَ الْمَالِكُ

ــ

[حاشية الشرواني]

الْقِرَاضَ وَالْمَالِكِ التَّوْكِيلَ وَقَوْلُهُ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا أَيْ بِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ كَذَا قَرَّرَهُ م ر. اهـ.

(قَوْلُهُ فَرَجَحَ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ إلَخْ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَاعْتَمَدَهُ وَلَدُهُ. اهـ سم قَالَ الْبُجَيْرَمِيُّ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ.

(قَوْلُهُ أَمَّا قَبْلَ التَّلَفِ إلَخْ) فَالْحَاصِلُ عَلَى تَرْجِيحِ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الْمُصَدَّقَ الْمَالِكُ مُطْلَقًا قَبْلَ التَّلَفِ وَبَعْدَهُ. اهـ سم (قَوْلُهُ قَبْلَ التَّلَفِ) أَيْ وَبَعْدَ التَّصَرُّفِ وَظُهُورِ الرِّبْحِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَحِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ) لَعَلَّ هَذَا هُوَ مَحَطُّ التَّعْلِيلِ، وَإِلَّا فَالْإِذْنُ فِي التَّصَرُّفِ مَوْجُودٌ فِي الْقَرْضِ أَيْضًا (قَوْلُهُ مَا هُنَا) أَيْ مِنْ تَصْدِيقِ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ فِي الْإِجَارَةِ) أَيْ فِي دَعْوَاهَا وَ (قَوْلُهُ فِي الْعَارِيَّةِ) أَيْ فِي دَعْوَاهَا

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَامَا إلَخْ) أَيْ بَعْدَ التَّلَفِ كَمَا فَرَضَهُ فِي ذَلِكَ فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ. اهـ سم أَيْ كَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ رَجَّحَهُ أَبُو زُرْعَةَ إلَخْ) أَيْ وَشَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ أَيْ فَيَأْتِي مَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ مِنْ تَصْدِيقِ الْعَامِلِ أَوْ الْمَالِكِ. اهـ سم (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَالُ بَاقِيًا وَقَالَ الْمَالِكُ دَفَعْتُهُ قِرَاضًا فَلِي حِصَّةٌ مِنْ الرِّبْحِ وَقَالَ الْآخِذُ أَخَذْته قَرْضًا صُدِّقَ الْآخِذُ بِيَمِينِهِ، وَالرِّبْحُ لَهُ أَيْ جَمِيعُهُ وَبَدَلُ الْقَرْضِ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي دَفْعِ الْمَالِ لِرَبِّهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. اهـ.

(قَوْلُهُ صُدِّقَ الْآخِذُ كَمَا جَزَمَ إلَخْ) أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَاعْتَمَدَهُ وَلَدُهُ، وَكَذَا أَفْتَى بِهِ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ وَأَفْتَى أَيْضًا شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِمُقْتَضَى دَعْوَاهُ يُوَافِقُ ذَلِكَ قَوْلَ الشَّارِحِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْقَرْضِ إذْ لَا أُجْرَةَ لِلْمُقْتَرِضِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا مُصَوَّرٌ بِالِاخْتِلَافِ مَعَ بَقَاءِ الْمَالِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الزَّرْكَشِيّ فَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ هُنَا بَعْدَ التَّلَفِ فَالْآخِذُ مُقِرٌّ بِالْبَدَلِ لِمُنْكِرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ أَيْ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمَالُ بَاقِيًا اُتُّجِهَ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْآخِذِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ وَغَيْرِهِ. اهـ سم

(قَوْلُهُ فَقَالَ) أَيْ الْغَيْرُ (لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقَرْضِ وَالْقِرَاضِ) الْمُتَبَادِرُ مِمَّا قَبْلَهُ بِأَنْ يَدَّعِيَ الْمَالِكُ الْقِرَاضَ وَالْعَامِلُ الْقَرْضَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْقَرْضَ وَالْآخِذُ الْوَدِيعَةَ إلَخْ) لَعَلَّهُ بَعْدَ التَّلَفِ (قَوْلُهُ وَخَالَفَهُ فِي الْأَنْوَارِ إلَخْ) اعْتَمَدَ هَذَا م ر. اهـ سم وَيَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ اعْتِمَادُهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ أَبْدَلَ إلَخْ) أَيْ فِيمَا لَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْقَرْضَ وَالْآخِذُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَالَةَ الْجَهْلِ أَوْلَى بِالضَّمَانِ فَالْمُبَالَغَةُ بِهَا غَيْرُ ظَاهِرَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَخَالَفَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ فَرَجَّحَ تَصْدِيقَ الْمَالِكِ وَتَبِعَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَاعْتَمَدَهُ وَلَدُهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَشَهِدَ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْعَامِلُ الْقِرَاضَ وَالْمَالِكُ التَّوْكِيلَ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ أَيْ وَلَا أُجْرَةَ لِلْعَامِلِ نَعَمْ إنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ. انْتَهَى وَقَوْلُهُ إنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ أَيْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَفِي دَعْوَى الْعَامِلِ الْقِرَاضَ وَالْمَالِكِ التَّوْكِيلَ وَقَوْلُهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ أَيْ بِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ كَذَا قَرَّرَهُ (قَوْلُهُ أَمَّا قَبْلَ التَّلَفِ فَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ إلَخْ) فَالْحَاصِلُ عَلَى تَرْجِيحِ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الْمُصَدَّقَ الْمَالِكُ مُطْلَقًا قَبْلَ التَّلَفِ وَبَعْدَهُ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَامَا فِي مَسْأَلَةِ الْقَرْضِ وَالْقِرَاضِ بَيِّنَتَيْنِ) أَيْ بَعْدَ التَّلَفِ كَمَا فَرَضَهُ فِي ذَلِكَ فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ رَجَّحَهُ أَبُو زُرْعَةَ) وَاعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ أَيْ فَيَأْتِي مَا مَرَّ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ) أَيْ مِنْ تَصْدِيقِ الْعَامِلِ أَوْ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ صُدِّقَ الْآخِذُ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ) أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَاعْتَمَدَهُ وَلَدُهُ، وَكَذَا أَفْتَى بِهِ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فَقَالَ الَّذِي يَظْهَرُ تَصْدِيقُ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ مَعَهُ يَدًا وَبَلَغَنِي أَنَّهُ مَنْقُولٌ عَنْ الْمَالِكِيَّةِ كَذَلِكَ. انْتَهَى لَكِنْ قَدْ يَخْدِشُ تَعْلِيلُهُ تَسْلِيمَهُ أَنَّ يَدَهُ نَاشِئَةٌ عَنْ دَفْعِ الْمَالِكِ إلَيْهِ وَأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ مَالُ الْمَالِكِ وَأَفْتَى أَيْضًا شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ لَا أُجْرَةَ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِمُقْتَضَى دَعْوَاهُ. انْتَهَى وَيُوَافِقُ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْقَرْضِ إذْ لَا أُجْرَةَ لِلْمُقْتَرِضِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ نَعَمْ قَدْ يَشْكُلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِ الْمَالِكِ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي الرَّدِّ فَكَيْفَ يَسُوغُ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالرَّدِّ وَتَغْرِيمُهُ مَعَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ إقْرَارَهُ بِكَوْنِهِ قِرَاضًا الَّذِي كَانَ مُقْتَضَاهُ ذَلِكَ قَدْ سَقَطَ بِإِنْكَارِ الْآخِذِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا مُصَوَّرٌ بِالِاخْتِلَافِ مَعَ بَقَاءِ الْمَالِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْقَرْضَ وَالْآخِذُ الْقِرَاضَ عَنْ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرِهِ مِنْ تَصْدِيقِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ فِيمَا بَعْدَ التَّلَفِ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ هُنَا بَعْدَ التَّلَفِ فَالْآخِذُ مُقِرٌّ بِالْبَدَلِ لِمُنْكِرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ صَدَقَ الْآخِذُ) فَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ اُتُّجِهَ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْآخِذِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَخَالَفَهُ فِي الْأَنْوَارِ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>