للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا بُطْلَانَ بِهِ

(تَنْبِيهٌ) كَانَ الْكَلَامُ جَائِزًا فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ حَرُمَ قِيلَ بِمَكَّةَ وَقِيلَ بِالْمَدِينَةِ وَبَيَّنْت مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الِاضْطِرَابِ مَعَ الرَّاجِحِ مِنْهُ فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ وَمِمَّنْ اعْتَمَدَ أَنَّهُ بِمَكَّةَ السُّبْكِيُّ فَقَالَ أَجْمَعَ أَهْلُ السِّيَرِ وَالْمَغَازِي أَنَّهُ كَانَ بِمَكَّةَ حِينَ قَدِمَ ابْنُ مَسْعُودٍ مِنْ الْحَبَشَةِ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَيْ وَغَيْرِهِ اهـ وَلَك أَنْ تَقُولَ صَحَّ مَا يُصَرِّحُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ فَيَتَعَيَّنُ الْجَمْعُ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ فِيهِ أَنَّهُ حَرُمَ مَرَّتَيْنِ فَفِي مَكَّةَ حَرُمَ إلَّا لِحَاجَةٍ وَفِي الْمَدِينَةِ حَرُمَ مُطْلَقًا وَفِي بَعْضِ طُرُقِ الْبُخَارِيِّ مَا يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ (أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ) ك ف وق وع ول وط لِأَنَّهُ كَلَامٌ تَامٌّ لُغَةً وَعُرْفًا وَإِنْ أَخْطَأَ بِحَذْفِ هَاءِ السَّكْتِ وَخَرَجَ بِالنُّطْقِ بِذَلِكَ الصَّوْتُ الْغَيْرُ الْمُشْتَمِلِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَنْفٍ أَوْ فَمٍ فَلَا بُطْلَانَ بِهِ وَإِنْ اقْتَرَنَ بِهِ هَمْهَمَةُ شَفَتَيْ الْأَخْرَسِ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَإِنْ فَهِمَ الْفَطِنُ كَلَامَهُ أَوْ قَصَدَ مُحَاكَاةَ أَصْوَاتِ بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ لَكِنْ خَالَفَهُ بَعْضُهُمْ قَالَ لِتَلَاعُبِهِ وَيَرُدُّ بِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ اللَّعِبَ فَلَا تَرَدُّدَ فِي الْبُطْلَانِ لِمَا يَأْتِي فِي الْفِعْلِ الْقَلِيلِ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ وَفِي الْأَنْوَارِ لَا تَبْطُلُ بِالْبَصْقِ إلَّا إنْ تَكَرَّرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَةً أَيْ مَعَ حَرَكَةِ عُضْوٍ يُبْطِلُ تَحَرُّكُهُ بِهِ ثَلَاثًا كَلِحًى لَا شَفَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(تَنْبِيهٌ) هَلْ يُضْبَطُ النُّطْقُ هُنَا بِمَا مَرَّ فِي نَحْوِ قِرَاءَةِ الْجُنُبِ وَالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا هُنَا أَضْيَقُ فَيَضُرُّ سَمَاعَ حَدِيدِ السَّمْعِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْمُعْتَدِلُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ (وَكَذَا مَدَّةٌ بَعْدَ حَرْفٍ) غَيْرِ مُفْهِمٍ تَبْطُلُ بِهِمَا أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا أَلِفٌ أَوْ وَاوٌ أَوْ يَاءٌ فَهُمَا حَرْفَانِ نَعَمْ لَا تَبْطُلُ بِإِجَابَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

ــ

[حاشية الشرواني]

سم (قَوْلُهُ لَا بُطْلَانَ بِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا ع ش (قَوْلُهُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَطْلَقَ فَلَمْ يَقْصِدْ الْمَعْنَى الَّذِي بِاعْتِبَارِهِ صَارَ مُفْهِمًا وَلَا غَيْرَهُ وَقَدْ يُقَالُ قَصْدُ ذَلِكَ الْمَعْنَى لَازِمٌ لِشَرْطِ الْبُطْلَانِ، وَهُوَ التَّعَمُّدُ وَعِلْمُ التَّحْرِيمِ سم عَلَى حَجّ وَقَدْ يُوَجَّهُ الْإِطْلَاقُ بِأَنَّ الْقَافَ الْمُفْرَدَةَ مَثَلًا وُضِعَتْ لِلطَّلَبِ وَالْأَلْفَاظُ الْمَوْضُوعَةُ إذَا أُطْلِقَتْ حُمِلَتْ عَلَى مَعَانِيهَا وَلَا تُحْمَلُ عَلَى غَيْرِهَا إلَّا بِقَرِينَةٍ وَالْقَافُ مِنْ الْفَلَقِ وَنَحْوِهِ جُزْءُ كَلِمَةٍ لَا مَعْنَى لَهَا فَإِذَا نَوَاهَا عَمِلَ بِنِيَّتِهِ وَإِذَا لَمْ يَنْوِهَا حُمِلَتْ عَلَى مَعْنَاهَا الْوَضْعِيِّ وَلَوْ أَتَى بِحَرْفٍ لَا يُفْهِمُ قَاصِدًا بِهِ مَعْنَى الْمُفْهِمِ هَلْ يَضُرُّ فِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَقُولُ لَعَلَّ الْأَقْرَبَ أَنَّهُ يَضُرُّ؛ لِأَنَّ قَصْدَ مَا يُفْهِمُ يَتَضَمَّنُ قَطْعَ النِّيَّةِ ع ش قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ وَاعْتَمَدَ الشَّوْبَرِيُّ الضَّرَرَ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الْحِفْنِيُّ مَا اسْتَقَرَّ بِهِ ع ش مِنْ الضَّرَرِ فِي صُورَتَيْ الْإِطْلَاقِ وَقَصْدِ الْمَعْنَى الْمُفْهِمِ مِنْ حَرْفٍ لَا يُفْهِمُ اهـ.

أَقُولُ وَمَا اسْتَقَرَّ بِهِ ع ش فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ كَوْنِهِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ يُنَاقِضُهُ قَوْلُهُ الْآتِي فِي فَتَحَ نَحْوُ فَمَا لَمْ يُؤَدِّ بِهِ مَا لَا يُفْهِمُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُ الْمَتْنِ (مُفْهِمٍ) أَيْ بِخِلَافِ حَرْفٍ غَيْرِ مُفْهِمٍ مَا لَمْ يَكُنْ قَاصِدًا الْإِتْيَانَ بِكَلَامٍ مُبْطِلٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الْمُبْطِلَ وَشَرَعَ فِيهِ شَيْخُنَا وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُمْ مُفْهِمٍ أَيْ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ وَإِنْ لَمْ يُفْهِمْ عِنْدَ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُفْهِمْ عِنْدَهُ وَإِنْ أَفْهَمَ عِنْدَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ بِحَسَبِ ظَنِّهِ مَا يَقْتَضِي قَطْعَ نَظْمِ الصَّلَاةِ اهـ.

(قَوْلُهُ كَفّ وَق إلَخْ) أَيْ مِنْ الْوَفَاءِ وَالْوِقَايَةِ وَالْوَعْيِ وَالْوِلَايَةِ وَالْوَطْءِ شَرْحُ بَافَضْلٍ قَالَ ع ش وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَسْرِ الْفَاءِ مَثَلًا وَفَتْحِهَا؛ لِأَنَّ الْفَتْحَ لَحْنٌ، وَهُوَ لَا يَضُرُّ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا لَمْ يُؤَدِّ بِهِ مَا لَا يُفْهِمُ اهـ.

(قَوْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِحَرْفَيْنِ أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ (قَوْلُهُ مِنْ أَنْفٍ) أَفْهَمَ ضَرَرَ الصَّوْتِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَنْفِ سم (قَوْلُهُ وَإِنْ اقْتَرَنَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَخَرَجَ بِالْكَلَامِ الصَّوْتُ الْغُفْلُ أَيْ الْخَالِي عَنْ الْحُرُوفِ كَأَنْ نَهَقَ نَهِيقَ الْحَمِيرِ أَوْ صَهَلَ صَهِيلَ الْخَيْلِ أَوْ حَاكَى شَيْئًا مِنْ الطُّيُورِ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ ذَلِكَ حَرْفَانِ وَلَا حَرْفٌ مُفْهِمٌ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ اللَّعِبَ، وَكَذَا لَوْ أَشَارَ الْأَخْرَسُ بِشَفَتَيْهِ وَلَوْ إشَارَةً مُفْهِمَةً لِلْفَطِنِ أَوْ غَيْرِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ اقْتَرَنَ بِهِ إلَخْ أَوْ تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ وَإِنْ فَهِمَ الْفَطِنُ كَلَامَهُ (قَوْلُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ) لَا يَخْفَى إشْكَالُ مَا أَفْتَى بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِصَوْتٍ طَالَ وَاشْتَدَّ ارْتِفَاعُهُ وَاعْوِجَاجُهُ وَيَحْتَمِلُ الْبُطْلَانُ حِينَئِذٍ سم أَقُولُ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي؛ لِأَنَّهُ أَيْ كَثِيرَ الْكَلَامِ يَقْطَعُ نَظْمَ الصَّلَاةِ إلَخْ وَتَقْيِيدُهُ الْآتِي لِاغْتِفَارِ نَحْوِ التَّنَحْنُحِ بِالْقِلَّةِ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ) قَدْ يَقُولُ هَذَا الْبَعْضُ هَذَا بِنَفْسِهِ تَلَاعُبٌ سم أَيْ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ وَفِي الْأَنْوَارِ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ لَا تَبْطُلُ بِالْبَصْقِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ بِهِ حَرْفَانِ أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ لَا شَفَةٍ) أَيْ وَلَا لِسَانٍ سم (قَوْلُهُ بِمَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ مِنْ اعْتِبَارِ اعْتِدَالِ السَّمْعِ (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ) أَقُولُ الْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى النُّطْقِ وَقَدْ وُجِدَ ع ش أَقُولُ وَقَدْ يُعَارَضُ بِمِثْلِهِ فَيُقَالُ إنَّ الْمَدَارَ فِيمَا مَرَّ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَقَدْ وُجِدَتْ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ غَيْرِ مُفْهِمٍ) إلَى قَوْلِهِ وَأُلْحِقَ فِي النِّهَايَةِ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فِي حَيَاتِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَكَذَا مَدَّةٌ بَعْدَ حَرْفٍ) أَيْ كَآ مُغْنِي (قَوْلُهُ بِإِجَابَتِهِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَاطَبَهُ ابْتِدَاءً كَقَوْلِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ كَبَعْضِ الضَّمَائِرِ (قَوْلُهُ أَيْ غَالِبًا) خَرَجَ نَحْوُ ق (قَوْلُهُ لَا بُطْلَانَ بِهِ) وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي الْقِرَاءَةِ مِنْ أَنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي لَا تُغَيِّرُ الْمَعْنَى لَا تَضُرُّ (قَوْلُهُ أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَطْلَقَ فَلَمْ يَقْصِدْ الْمَعْنَى الَّذِي بِاعْتِبَارِهِ صَارَ مُفْهِمًا وَلَا غَيْرَهُ، وَقَدْ يُقَالُ قَصْدُ ذَلِكَ الْمَعْنَى لَازِمٌ لِشَرْطِ الْبُطْلَانِ، وَهُوَ التَّعَمُّدُ وَعِلْمُ التَّحْرِيمِ وَلَوْ قَصَدَ بِالْحَرْفِ الْمُفْهِمِ الَّذِي لَا يُفْهَمُ كَأَنْ نَطَقَ بِفَ قَاصِدًا بِهِ أَوَّلَ حَرْفَيْ لَفْظَةِ فِي فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ مِنْ أَنْفٍ) أَفْهَمَ ضَرَرَ الصَّوْتِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَنْفِ (قَوْلُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ) لَا يَخْفَى إشْكَالُ مَا أَفْتَى بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِصَوْتٍ طَالَ وَاشْتَدَّ ارْتِفَاعُهُ وَاعْوِجَاجُهُ وَيَحْتَمِلُ الْبُطْلَانُ حِينَئِذٍ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ) قَدْ يَقُولُ هَذَا الْبَعْضُ هَذَا بِنَفْسِهِ تَلَاعُبٌ (قَوْلُهُ لَا تَبْطُلُ بِالْبَصْقِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ بِهِ حَرْفَانِ أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ لَا شَفَةٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>