للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ قُطِعَ مِنْ نِصْفِ سَاعِدِهِ فَلَقَطَ أَصَابِعَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ بِالتَّمْكِينِ لِتَمَامِ حَقِّهِ لِبَقَاءِ فَضْلَةٍ لَهُ مِنْ السَّاعِدِ لَمْ يَأْخُذْ فِي مُقَابِلَتِهَا شَيْئًا فَلَمْ يَتِمَّ لَهُ التَّشَفِّي الْمَقْصُودُ بِخِلَافِهِ هُنَا وَلَوْ عَفَا عَنْ الْكَفِّ لِلْحُكُومَةِ لَمْ يَجِبْ لِاسْتِيفَائِهِ الْأَصَابِعَ الْمُقَابِلَةَ لِلدِّيَةِ الدَّاخِلَ فِيهَا الْكَفُّ كَمَا لَا يُجَابُ مِنْ قَطْعِ يَدَيْ الْجَانِي إلَى دِيَةِ نَفْسِهِ لِاسْتِيفَائِهِ مُقَابِلَهَا.

(وَلَوْ كَسَرَ عَضُدَهُ وَأَبَانَهُ) أَيْ الْمَكْسُورَ مَعَ مَا بَعْدَهُ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ كَمَا مَرَّ (قَطَعَ) إنْ شَاءَ (مِنْ الْمِرْفَقِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَفْصِلٍ لِلْمَكْسُورِ (وَلَهُ حُكُومَةُ الْبَاقِي) نَظِيرُ مَا مَرَّ (فَلَوْ طَلَبَ) لَقْطَ الْأَصَابِعِ لَمْ يُمَكَّنْ أَوْ أُصْبُعٍ مُكِّنَ وَلَهُ أَخْذُ دِيَةِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ وَحُكُومَةُ الْبَاقِي أَوْ (الْكُوعِ مُكِّنَ) مِنْهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمُسَامَحَتِهِ مَعَ عَجْزِهِ عَنْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ وَلَهُ حُكُومَةُ السَّاعِدِ مَعَ الْبَاقِي مِنْ الْعَضُدِ.

(وَلَوْ أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ ضَوْءُهُ) مَعَ بَقَاءِ حَدَقَتِهِ (أَوْضَحَهُ فَإِنْ ذَهَبَ الضَّوْءُ) فَذَاكَ (وَإِلَّا أَذْهَبَهُ بِأَخَفَّ مُمْكِنٍ كَتَقْرِيبِ حَدِيدَةٍ مُحْمَاةٍ مِنْ حَدَقَتِهِ) أَوْ وَضْعِ كَافُورٍ فِيهَا وَمَحَلُّهُ فِي الْإِيضَاحِ وَاللَّطْمِ الْآتِي وَالْمُعَالَجَةِ فِيهِمَا إنْ أُمِنَ بِقَوْلِ خَبِيرَيْنِ إذْهَابُ حَدَقَتِهِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْأَرْشُ.

(وَلَوْ لَطَمَهُ لَطْمَةً تُذْهِبُ ضَوْءَهُ غَالِبًا فَذَهَبَ) ضَوْءُ عَيْنَيْهِ وَبَقِيَتْ حَدَقَتُهُ (لَطَمَهُ مِثْلَهَا) إنْ انْضَبَطَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ أَذْهَبَ) بِالْمُعَالَجَةِ مَعَ بَقَاءِ الْحَدَقَةِ أَمَّا لَوْ ذَهَبَ ضَوْءُ عَيْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَقَطْ فَلَا يَلْطِمُ الْجَانِيَ إنْ خَشِيَ إذْهَابَ ضَوْءِ عَيْنَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا مُبْهَمَةً أَوْ مُخَالِفَةً لِعَيْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَلْ تَتَعَيَّنُ الْمُعَالَجَةُ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ فَالْأَرْشُ (وَالسَّمْعُ كَالْبَصَرِ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهِ بِالسِّرَايَةِ) ؛ لِأَنَّ لَهُ مَحَلًّا يَنْضَبِطُ (وَكَذَا الْبَطْشُ) وَلَمْ يَذْكُرُوا مَعَهُ اللَّمْسَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ زَوَالُهُ بِزَوَالِهِ فَإِنْ فُرِضَ زَوَالُهُ مَعَ بَقَاءِ الْبَطْشِ لَمْ يَجِبْ فِيهِ إلَّا حُكُومَةٌ لَا قَوَدٌ.

(وَالذَّوْقُ وَالشَّمُّ) وَالْكَلَامُ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهَا بِالسِّرَايَةِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ لَهَا مَحَالٌّ مَضْبُوطَةٌ وَلِأَهْلِ الْخِبْرَةِ طُرُقٌ فِي إبْطَالِهَا.

(وَلَوْ قَطَعَ إصْبَعًا فَتَآكَلَ غَيْرُهَا) كَإِصْبَعٍ أُخْرَى (فَلَا قِصَاصَ فِي الْمُتَآكِلِ) بِالسِّرَايَةِ

ــ

[حاشية الشرواني]

ع ش (قَوْلُهُ: مَنْ قُطِعَ إلَخْ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَالْمَوْصُولُ نَائِبُ فَاعِلِ لَمْ يُمَكَّنْ وَقَوْلُهُ فَلَقَطَ بِبِنَاءِ الْفَاعِلِ مُسْنَدٌ إلَى ضَمِيرِ الْمَوْصُولِ (قَوْلُهُ: فَلَقَطَ أَصَابِعَهُ) أَيْ تَعَدِّيًا فَفِي الرَّوْضِ أَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَقْطَعَ أُصْبُعًا وَيَكْتَفِيَ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ لِتَعَدُّدِ الْجِنَايَةِ حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَفَا إلَخْ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِ الْمَتْنِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ) أَيْ لِلْحُكُومَةِ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْ الْعَوْدِ لِقَطْعِ الْكَفِّ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ ع ش (قَوْلُهُ: الْكَفِّ) أَيْ حُكُومَتِهَا (قَوْلُهُ: مَنْ قَطَعَ إلَخْ) مُسْتَحِقِّ نَفْسِ قَطْعٍ إلَخْ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: إلَى دِيَةِ نَفْسِهِ) أَيْ نَفْسِ الْجَانِي وَقَوْلُهُ مُقَابِلَهَا أَيْ الدِّيَةِ وَهُوَ يَدُ الْجَانِي.

(قَوْلُ الْمَتْنِ عَضُدَهُ) وَهِيَ مِنْ مَفْصِلِ الْمِرْفَقِ إلَى الْكَتِفِ مُغْنِي وَعِ ش (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ وَلَمْ يُبِنْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يُمَكَّنْ) أَيْ لِتَعَدُّدِ الْجِنَايَةِ رَوْضٌ اهـ حَلَبِيٌّ (قَوْلُ الْمَتْنِ مُكِّنَ فِي الْأَصَحِّ) وَعَلَيْهِ لَوْ قَطَعَ مِنْ الْكُوعِ ثُمَّ أَرَادَ الْقَطْعَ مِنْ الْمِرْفَقِ لَمْ يُمَكَّنْ كَمَا جَزَمَا بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْتِقَاطِ الْأَصَابِعِ فَإِنَّ لَهُ قَطْعَ الْكَفِّ بَعْدَهُ اهـ وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ هُنَاكَ يَعُودُ إلَى مَحَلِّ الْجِنَايَةِ وَهُنَا إلَى غَيْرِ مَحَلِّهَا، وَإِنَّمَا جَوَّزْنَا قَطْعَ مَا دُونَهُ لِلضَّرُورَةِ فَإِذَا قَطَعَ مَرَّةً لَمْ يُكَرِّرْهُ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: لِمُسَامَحَتِهِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَلَوْ قَطَعَ، فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ إنْ انْضَبَطَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرُوا إلَى الْمَتْنِ

(قَوْلُ الْمَتْنِ فَذَهَبَ ضَوْءُهُ) أَيْ مِنْ عَيْنَيْهِ، وَلَوْ نَقَصَ الضَّوْءُ امْتَنَعَ الْقِصَاصُ إجْمَاعًا مُغْنِي.

(قَوْلُ الْمَتْنِ مِنْ حَدَقَتِهِ) هِيَ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ الَّذِي فِي الْعَيْنِ وَالْأَصْغَرُ النَّاظِرُ وَالْمُقْلَةُ شَحْمُ الْعَيْنِ الَّذِي يَجْمَعُ السَّوَادَ وَالْبَيَاضَ سم عَلَى مَنْهَجٍ ع ش (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ الْإِذْهَابِ بِأَخَفَّ مُمْكِنٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْأَرْشُ) أَيْ وَالدِّيَةُ مُغْنِي.

(قَوْلُ الْمَتْنِ غَالِبًا) اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا لَمْ تُذْهِبُ اللَّطْمَةُ غَالِبًا الضَّوْءَ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: ذَهَبَ ضَوْءُ عَيْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَقَطْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي ذَهَبَ بِهَا مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ضَوْءُ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ: إنْ خَشَى إلَخْ) مَفْهُومُهُ جَوَازُ لَطْمِهِ إنْ لَمْ يَخْشَ مَا ذُكِرَ سم أَيْ وَقَضِيَّةُ صَنِيعِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عَدَمُ جَوَازِهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: فَالْأَرْشُ) أَيْ نِصْفُ الدِّيَةِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَالسَّمْعُ) أَيْ إذْهَابُهُ بِجِنَايَةِ الْأُذُنِ مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَكَذَا الْبَطْشُ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ هُوَ يَزُولُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ وَالذَّوْقِ بِهَا عَلَى الْفَمِ وَالشَّمِّ بِهَا عَلَى الرَّأْسِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: زَوَالُهُ) أَيْ اللَّمْسِ وَقَوْلُهُ بِزَوَالِهِ أَيْ الْبَطْشِ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَلِأَهْلِ الْخِبْرَةِ طُرُقٌ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يُوجَدُوا فَالْخِيرَةُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَيْنَ الِانْتِظَارِ وَالْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ ع ش.

(قَوْلُ الْمَتْنِ أُصْبُعًا) أَيْ أَوْ أُنْمُلَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: كَأُصْبُعٍ أُخْرَى) أَيْ أَوْ كَفٍّ مُغْنِي.

(قَوْلُ الْمَتْنِ فَلَا قِصَاصَ فِي الْمُتَآكِلِ) بَلْ فِيهِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ قُطِعَ مِنْ الْمِرْفَقِ فَالْتَقَطَ أُصْبُعًا جَازَ لَهُ الْعَوْدُ لِلْبَاقِي وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: لِاسْتِيفَائِهِ) الْأَصَابِعَ الْمُقَابِلَةَ لِلدِّيَةِ الدَّاخِلَ فِيهَا الْكَفُّ فَإِنْ قُلْت حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ اسْتِيفَاءَهُ الْأَصَابِعَ يَقْتَضِي سُقُوطَ حُكُومَةِ الْمَنَابِتِ لِكَوْنِهَا مُقَابِلَةً لِلدِّيَةِ الَّتِي يَدْخُلُ فِيهَا الْكَفُّ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي فِيمَا لَوْ قَطَعَ كَامِلَةً بِنَاقِصَةِ أُصْبُعٍ حَيْثُ يُخَيَّرُ الْمَقْطُوعُ بَيْنَ أَخْذِ دِيَةِ الْأَصَابِعِ الْأَرْبَعِ وَلَقْطِهَا مِنْ قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ حُكُومَةَ الْكَفِّ تَجِبُ إنْ لَقَطَ لَا إنْ أَخَذَ دِيَتَهُنَّ وَعَلَّلَ الْوُجُوبَ إنْ لَقَطَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْقَوَدِ فَلَا يَسْتَتْبِعُهَا وَعَدَمَ الْوُجُوبِ إنْ أَخَذَ دِيَتَهُنَّ بِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِهَا فَاسْتَتْبَعَهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ هَذَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ اسْتِيفَاءَ الْأَصَابِعِ يَقْتَضِي عَدَمَ سُقُوطِ حُكُومَةِ الْمَنَابِتِ، لَا يُقَالُ يُفَرَّقُ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ أَخْذِ الْكَفِّ هُنَا دُونَ مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمْ يَجْعَلُوا الْمَلْحَظَ فِيمَا يَأْتِي إلَّا عَدَمَ تَجَانُسِ الْقَوَدِ وَالْحُكُومَةَ فَلَمْ يَسْتَتْبِعْهَا إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ جَعْلَهُمْ الْمَلْحَظَ مَا ذُكِرَ لَا يُنَافِي اعْتِبَارَ مُلَاحَظَةِ شَيْءٍ آخَرَ مَعَهُ وَهُوَ عَدَمُ التَّمَكُّنِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْأَرْشُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ اهـ

(قَوْلُهُ: إنْ خَشَى إلَخْ) مَفْهُومُهُ جَوَازُ لَطْمِهِ إنْ لَمْ يَخْشَ مَا ذُكِرَ

(بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ وَمُسْتَوْفِيهِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>