للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ مَالِ زَوْجِي فَكَفَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَهُ، وَكَفَّتْ يَدَهَا حَتَّى أَرْسَلَ إلَى أَبِي سُفْيَانَ يَتَحَلَّلُ لَهَا مِنْهُ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَمَّا الرَّطْبُ فَنَعَمْ، وَأَمَّا الْيَابِسُ فَلَا» ، وَاعْتَرَضَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْهَا، وَلَمْ يُقَدِّرْ الْمَحْكُومَ بِهِ لَهَا، وَلَمْ تَجْرِ دَعْوَى عَلَى مَا شَرَطُوهُ، وَالدَّلِيلُ الْوَاضِحُ أَنَّهُ صَحَّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَزْمٍ، وَاتِّفَاقُهُمْ عَلَى سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَالْحُكْمُ مِثْلُهَا، وَالْقِيَاسُ عَلَى سَمَاعِهَا عَلَى مَيِّتٍ، وَصَغِيرٍ مَعَ أَنَّهُمَا أَعْجَزُ عَنْ الدَّفْعِ مِنْ الْغَائِبِ، وَإِنَّمَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِشُرُوطِهَا الْآتِيَةِ فِي بَابِهَا مَعَ زِيَادَةِ شُرُوطٍ أُخْرَى هُنَا مِنْهَا أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ هُنَا إلَّا (إنْ كَانَتْ عَلَيْهِ) حُجَّةٌ يَعْلَمُهَا الْقَاضِي حَالَةَ الدَّعْوَى كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ، وَإِنْ اعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَجَوَّزَ سَمَاعَهَا إذَا حَدَثَ بَعْدَهَا عِلْمُ الْبَيِّنَةِ، أَوْ تَحَمُّلِهَا، ثُمَّ تِلْكَ الْحُجَّةُ إمَّا (بَيِّنَةٌ) ، وَلَوْ شَاهِدًا، وَيَمِينًا فِيمَا يُقْضَى فِيهِ بِهِمَا.

وَإِمَّا عِلْمُ الْقَاضِي دُونَ مَا عَدَاهُمَا لِتَعَذُّرِ الْإِقْرَارِ، وَالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (وَادَّعَى الْمُدَّعِي جُحُودَهُ) ، وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمَهُ لَهُ الْآنَ، وَأَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِذَلِكَ (فَإِنْ قَالَ: هُوَ مُقِرٌّ) ، وَإِنَّمَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ اسْتِظْهَارًا مَخَافَةَ أَنْ يُنْكِرَ، أَوْ لِيَكْتُبَ بِهَا الْقَاضِي إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ (لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ) إلَّا أَنْ يَقُولَ: وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقَامُ عَلَى مُقِرٍّ، وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِ: مَخَافَةَ أَنْ يُنْكِرَ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى غَائِبٍ بِوَدِيعَةٍ لِلْمُدَّعِي فِي يَدِهِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ لِذَلِكَ لِتَمَكُّنِ الْوَدِيعِ مِنْ دَعْوَى الرَّدِّ، أَوْ التَّلَفِ لَكِنْ بَحَثَ أَبُو زُرْعَةَ سَمَاعَ الدَّعْوَى بِأَنَّهُ لَهُ تَحْتَ يَدِهِ وَدِيعَةٌ، وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بِهَا لَكِنْ لَا يَحْكُمُ، وَلَا يُوَفِّيهِ مِنْ مَالِهِ إذْ لَيْسَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ شَيْءٌ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ مَعَهُ بَيِّنَةٌ بِإِتْلَافِهِ لَهَا، أَوْ تَلَفِهَا عِنْدَهُ بِتَقْصِيرٍ سَمِعَهَا، وَحَكَمَ، وَوَفَّاهُ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ بَدَلَهَا حِينَئِذٍ مِنْ جُمْلَةِ الدُّيُونِ قَالَ: وَإِنَّمَا جَوَّزْنَا

ــ

[حاشية الشرواني]

قَوْلُهُ: يَعْلَمُهَا الْقَاضِي، وَقَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَهُ) أَيْ: الْقَوْلَ بِأَنَّهُ قَضَاءٌ. اهـ. ع ش، وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي أَنَّ الضَّمِيرَ لِلِاسْتِدْلَالِ بِالْخَبَرِ الْمَذْكُورِ، ثُمَّ رَأَيْت قَالَ الرَّشِيدِيُّ أَيْ: الدَّلِيلُ أَيْضًا. اهـ.

(قَوْلُهُ: غَيْرُهُ) أَيْ: غَيْرُ شَرْحِ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ) أَيْ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: وَاتِّفَاقُهُمْ إلَخْ.) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: أَنَّهُ صَحَّ إلَخْ. وَالضَّمِيرُ لِلصَّحَابَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لِلْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: عَلَى سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ إلَخْ.) أَيْ: بَعْدَ سَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فِي حُضُورِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ: الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: فَالْحُكْمُ) أَيْ: عَلَى الْغَائِبِ بِالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ إلَخْ.) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: الْقَضَاءُ. اهـ. ع ش، وَالصَّوَابُ عَلَى قَوْلِهِ: أَنَّهُ صَحَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُمَا إلَخْ.) وَ؛ لِأَنَّ فِي الْمَنْعِ مِنْهُ إضَاعَةً لِلْحُقُوقِ الَّتِي نُدِبَ الْحُكَّامُ إلَى حِفْظِهَا. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: بِشُرُوطِهَا الْآتِيَةِ) أَيْ: مِنْ بَيَانِ الْمُدَّعَى بِهِ، وَقَدْرِهِ، وَنَوْعِهِ، وَوَصْفِهِ، وَقَوْلُهُ: إنِّي مُطَالِبٌ بِحَقِّي مُغْنِي، وَرَوْضٌ (قَوْلُ الْمَتْنِ إنْ كَانَتْ) أَيْ: لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ: الْغَائِبِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ اعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ: اشْتِرَاطُ عِلْمِ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ لَكِنَّ الْوَاقِعَ أَنَّ الْبُلْقِينِيَّ إنَّمَا نَازَعَ فِي اشْتِرَاطِ عِلْمِ الْمُدَّعَى بِهَا، بَلْ وَفِي وُجُودِهَا حِينَئِذٍ مِنْ أَصْلِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ حَوَاشِي الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ. اهـ. رَشِيدِيٌّ، وَلَك أَنْ تَمْنَعَ الصَّرَاحَةَ بِأَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ حَالَةَ الدَّعْوَى إلَخْ. مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ كَانَتْ إلَخْ. وَهُوَ مَرْجِعُ ضَمِيرٍ، وَإِنْ اعْتَرَضَهُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ صَنِيعِ الْمُغْنِي إلَخْ. (قَوْلُهُ: عِلْمُ الْبَيِّنَةِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَحَمُّلُهَا) لَعَلَّ حُدُوثَ التَّحَمُّلِ فِي نَحْوِ الْمُتَوَارِي. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: أَوْ تَحَمُّلُهَا هُوَ بِالرَّفْعِ أَيْ: أَوْ حَدَثَ تَحَمُّلُهَا، وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ تُسْمَعَ إقْرَارُ الْغَائِبِ بَعْدَ وُقُوعِ الدَّعْوَى. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَاهِدًا، وَيَمِينًا) وَهَلْ يَكْفِي يَمِينٌ، أَوْ يُشْتَرَطُ يَمِينَانِ إحْدَاهُمَا لِتَكْمِيلِ الْحُجَّةِ، وَالثَّانِيَةُ لِلِاسْتِظْهَارِ الْأَصَحُّ الثَّانِي دَمِيرِيٌّ، وَمِثْلُهُ الدَّعْوَى عَلَى الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ، وَالْمَيِّتِ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ، وَيَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ بِشَاهِدٍ، وَيَمِينَيْنِ إحْدَاهُمَا لِتَكْمِيلِ الْحُجَّةِ، وَالْأُخْرَى بَعْدَهَا لِنَفْيِ الْمُسْقِطِ مِنْ إبْرَاءٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَتُسَمَّى يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: مَا عَدَاهُمَا) أَيْ: مِنْ الْإِقْرَارِ، وَالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (قَوْلُهُ: وَالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ) اُنْظُرْ هَلْ يُمْكِنُ تَصْوِيرُهَا بِمَا إذَا غَابَ بَعْدَ رَدِّ الْيَمِينِ، وَقَبْلَ حَلِفِهَا، وَالْحُكْمِ. اهـ. سم أَقُولُ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُغْنِي عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ نَعَمْ (قَوْلُ الْمَتْنِ، وَادَّعَى الْمُدَّعِي جُحُودَهُ) أَيْ: الْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ، وَهَذَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى، وَسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْغَائِبِ، وَلَا يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ بِالْجُحُودِ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا حَكَاهُ الْإِمَامُ، وَيَقُومُ مَقَامَ الْجُحُودِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَيْنًا، وَخَرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً فَادَّعَى الثَّمَنَ عَلَى الْبَائِعِ الْغَائِبِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهَا تُسْمَعُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْجُحُودَ، وَإِقْدَامُهُ عَلَى الْبَيْعِ كَانَ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى جُحُودِهِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَخْ.) قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ دَاخِلٌ فِي الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ، ثُمَّ رَأَيْت قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَخْ. صَرِيحُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ: فِيمَا مَرَّ مَعَ زِيَادَةِ شُرُوطٍ أُخْرَى إلَخْ. أَنَّ ذِكْرَ لُزُومِ التَّسْلِيمِ، وَالْمُطَالَبَةِ مِنْ الزَّائِدِ عَلَى الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُ الْمَتْنِ، فَإِنْ قَالَ: وَهُوَ مُقِرٌّ) أَيْ: وَهُوَ مِمَّا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ كَمَا يَأْتِي. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ لِيَكْتُبَ إلَخْ.) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ اسْتِظْهَارًا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقُولَ: وَهُوَ مُمْتَنِعٌ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَقُولَ هُوَ مُقِرٌّ، وَلَكِنَّهُ مُمْتَنِعٌ فَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَحَكَمَ بِهَا مُغْنِي وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ قَالَ: هُوَ مُمْتَنِعٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنْ قَالَ: هُوَ مُقِرٌّ إلَخْ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِ الْوَدِيعِ إلَخْ.) قَدْ يَمْنَعُهُ قَوْلُ الْمُدَّعَى فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بَحَثَ أَبُو زُرْعَةَ سَمَاعَ الدَّعْوَى إلَخْ.) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَمَا بَحَثَهُ الْعِرَاقِيُّ إلَخْ. مَبْنِيٌّ عَلَى مَا نَظَرَ إلَيْهِ شَيْخُهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ.) رَاجِعٌ إلَى مَا قُبَيْلَهُ (قَوْلُهُ: مَعَهُ) أَيْ: مَعَ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: بِإِتْلَافِهِ) أَيْ: الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ: -

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: وَالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ) اُنْظُرْ هَلْ يُمْكِنُ تَصْوِيرُ هَذَا بِمَا إذَا غَابَ بَعْدَ رَدِّ الْيَمِينِ، وَقَبْلَ حَلِفِهَا، وَالْحُكْمُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقُولَ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ إلَخْ.) كَذَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَخُولِفَ م ر (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى غَائِبٍ بِوَدِيعَةٍ إلَخْ.) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر

<<  <  ج: ص:  >  >>