مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ التَّوْبَةِ لَكِنَّ ظَاهِرَ الْمَتْنِ أَنَّهُ يَكْفِي مُجَرَّدُ قَوْلِهِ: صَلَحَ، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ تَارِيخَ الْجَرْحِ، وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ إذْ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّهَا، وَكَذَا يُقَدَّمُ التَّعْدِيلُ إنْ أُرِّخَ كُلٌّ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَكَانَتْ بَيِّنَةُ التَّعْدِيلِ مُتَأَخِّرَةً قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ إنْ عَلِمَ الْمُعَدِّلُ جَرْحَهُ، وَإِلَّا فَيُحْتَمَلُ اعْتِمَادُهُ عَلَى حَالِهِ قَبْلَ الْجَرْحِ قَالَ الْقَاضِي وَلَا تَتَوَقَّفُ الشَّهَادَةُ بِهِ عَلَى سُؤَالِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ تُسْمَعُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّعْدِيلَ كَذَلِكَ لِسَمَاعِهَا فِيهِ أَيْضًا، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الشَّاهِدِ قَبْلَ الْحُكْمِ أَنَا فَاسِقٌ، أَوْ مَجْرُوحٌ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ السَّبَبَ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ، وَغَيْرِهِ نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ لَا يَبْعُدُ عَادَةً عِلْمُهُ بِأَسْبَابِ الْجَرْحِ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يَتَوَقَّفُ الْقَاضِي عَنْ شَاهِدٍ جَرَّحَهُ عَدْلٌ بِلَا بَيَانِ سَبَبٍ، وَيُتَّجَهُ أَنَّ مُرَادَهُ نَدْبُ التَّوَقُّفِ إنْ قَوِيَتْ الرِّيبَةُ لَعَلَّ الْقَادِحَ يَتَّضِحُ فَإِنْ لَمْ يَتَّضِحْ حَكَمَ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِرِيبَةٍ يَجِدُهَا بِلَا مُسْتَنَدٍ
(، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي التَّعْدِيلِ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ عَدْلٌ، وَقَدْ غَلِطَ) فِي شَهَادَتِهِ عَلَيَّ لِمَا مَرَّ أَنَّ الِاسْتِزْكَاءُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ فَاسِقٍ، وَإِنْ رَضِيَ الْخَصْمُ، وَمُقَابِلُهُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ لَا فِي التَّعْدِيلِ إذْ لَا قَائِلَ بِهِ، وَقَوْلُهُ: وَقَدْ غَلِطَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، بَلْ هُوَ بَيَانٌ؛ لِأَنَّ إنْكَارَهُ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِعَدَالَتِهِ مُسْتَلْزِمٌ لِنِسْبَتِهِ لِلْغَلَطِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فَإِنْ قَالَ عَدْلٌ فِيمَا شَهِدَ بِهِ عَلَيَّ كَانَ إقْرَارًا مِنْهُ بِهِ، وَيُسَنُّ لَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ.
وَإِنْ طَلَبَ الْخَصْمُ إذَا ارْتَابَ فِيهِمْ لَكِنْ بِقَيْدِهِ الْآتِي قُبَيْلَ الْحِسْبَةِ، وَفِي الْمُنْتَقِبَةِ، وَإِلَّا وَجَبَ أَنْ يُفَرِّقَهُمْ، وَيَسْأَلَ كُلًّا، وَيَسْتَقْصِيَ، ثُمَّ يَسْأَلَ الثَّانِي قَبْلَ اجْتِمَاعِ الْأَوَّلِ بِهِ، وَيَسْتَقْصِيَ، وَيَعْمَلَ بِمَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ، وَالْأَوْلَى كَوْنُ ذَلِكَ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ، وَلَهُمْ أَنْ لَا يُجِيبُوهُ، وَيَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ الْقَضَاءُ إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِرِيبَةٍ يَجِدُهَا، وَلَوْ قَالَ: لَا دَافِعَ لِي فِيهِ، ثُمَّ أَتَى بِبَيِّنَةٍ بِنَحْوِ عَدَاوَتِهِ، أَوْ فِسْقِهِ، وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ جَاهِلًا بِذَلِكَ قَبْلَ قَوْلِهِ: بِيَمِينِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَلَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ فَإِنْ قُلْت: أَطْلَقُوا
ــ
[حاشية الشرواني]
هُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: الْآتِي، وَكَذَا يُقَدَّمُ إلَخْ. فَيُقَيِّدُ بِمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ: مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ) ، وَهِيَ سَنَةُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: تَارِيخَ الْجَرْحِ) أَيْ: سَبَبَ الْجَرْحِ كَالزِّنَا (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ: لِذِكْرِ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُقَدَّمُ إلَخْ.) وَلَوْ عَدَّلَ الشَّاهِدُ فِي وَاقِعَةٍ، ثُمَّ شَهِدَ فِي أُخْرَى فَطَالَ بَيْنَهُمَا زَمَنٌ اسْتَبْعَدَهُ الْقَاضِي بِاجْتِهَادِهِ طَلَبَ تَعْدِيلَهُ ثَانِيًا؛ لِأَنَّ طُولَ الزَّمَنِ يُغَيِّرُ الْأَحْوَالَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَطُلْ، وَلَوْ عَدَّلَ فِي مَالٍ قَلِيلٍ هَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ التَّعْدِيلِ الْمَذْكُورِ فِي شَهَادَتِهِ بِالْمَالِ الْكَثِيرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَدَالَةَ لَا تَتَجَزَّأُ، أَوْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَتَجَزَّأُ وَجْهَانِ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْأَوَّلُ فَمَنْ قُبِلَ فِي دِرْهَمٍ قُبِلَ فِي أَلْفٍ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَأَقَرَّهُ، وَلَوْ عُدِّلَ الشَّاهِدُ عِنْدَ الْقَاضِي فِي غَيْرِ مَحِلِّ وِلَايَتِهِ لَمْ يُعْمَلْ بِشَهَادَتِهِ إذَا عَادَ إلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ إذْ لَيْسَ هَذَا قَضَاءً بِعِلْمٍ، بَلْ بِبَيِّنَةٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ خَارِجَ وِلَايَتِهِ مُغْنِي، وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: الشَّهَادَةُ بِهِ) أَيْ: بِالْجَرْحِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ: الْجَرْحِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ: التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ) إلَى قَوْلِهِ: خِلَافًا إلَخْ. فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْحُكْمِ) قَدْ يَشْمَلُ مَا قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: جَرَّحَهُ عَدْلٌ بِلَا بَيَانِ سَبَبٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ السَّبَبَ رُدَّ الشَّاهِدُ، وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا قَدَّمْت عَنْ ابْنِ النَّقِيبِ أَنَّ الْجَرْحَ، وَالتَّعْدِيلَ لَا يَثْبُتَانِ بِدُونِ اثْنَيْنِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ: عَدَّلَ الْجِنْسَ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ.
سم (قَوْلُهُ: وَيُتَّجَهُ أَنَّ مُرَادَهُ إلَخْ.) لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ عَنْ الْأَسْنَى، وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي عَدْلَيْنِ فَأَكْثَرَ
(قَوْلُهُ: فِي شَهَادَتِهِ) إلَى قَوْلِهِ: وَلَوْ قَالَ لَا رَافِعَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ إلَى أَنْ يُفَرِّقَهُمْ، وَإِلَى الْبَابِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: أَتَى بِبَيِّنَةٍ إلَى أَقَامَ بَيِّنَةً (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُهُ إلَخْ.) عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهُ كَلَامِهِ يَقْتَضِي أَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ فِي التَّعْدِيلِ، وَلَا قَائِلَ بِهِ، وَإِنَّمَا مُقَابِلُهُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، وَقَدْ اعْتَرَفَ بِعَدَالَتِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: إذَا ارْتَابَ فِيهِمْ) أَوْ تَوَهَّمَ غَلَطَهُمْ لِخِفَّةِ عَقْلٍ وَجَدَهَا فِيهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَرْتَبْ بِهِمْ، وَلَا تَوَهَّمَ غَلَطَهُمْ فَلَا يُفَرِّقُهُمْ، وَإِنْ طَلَبَ مِنْهُ الْخَصْمُ تَفْرِيقَهُمْ؛ لِأَنَّ فِيهِ غَضًّا مِنْهُمْ مُغْنِي، وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُنْتَقِبَةِ) عَطْفٌ عَلَى قُبَيْلَ الْحِسْبَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ انْتَفَى الْقَيْدُ الْآتِي سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: أَنْ يُفَرِّقَهُمْ) تَنَازَعَ فِيهِ قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لَهُ، وَلَا يَلْزَمُ، وَقَوْلُهُ: وَجَبَ (قَوْلُهُ: كُلًّا إلَخْ.) مَعَ قَوْلِهِ: ثُمَّ يَسْأَلُ الثَّانِي لَعَلَّ هُنَا سَقْطَةً، وَالْأَصْلُ فَيَسْأَلُ وَاحِدٌ، وَيَسْتَقْصِي، ثُمَّ يَسْأَلُ إلَخْ. عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ، وَيَسْأَلُ كُلًّا مِنْهُمْ عَنْ زَمَانِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَامًا، وَشَهْرًا، وَيَوْمًا، وَغَدْوَةً، أَوْ عَشِيَّةً، وَعَمَّنْ حَضَرَ مَعَهُ مِنْ الشُّهُودِ، وَعَمَّنْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ مَعَهُ، وَأَنَّهُ بِحِبْرٍ، أَوْ مِدَادٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ لِيَسْتَدِلَّ عَلَى صِدْقِهِمْ إنْ اتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ، وَإِلَّا فَيَقِفُ عَنْ الْحُكْمِ، وَإِذَا أَجَابَهُ أَحَدُهُمْ لَمْ يَدَعْهُ يَرْجِعُ إلَى الْبَاقِينَ حَتَّى يَسْأَلَهُمْ لِئَلَّا يُخْبِرَهُمْ بِجَوَابِهِ، فَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْ التَّفْصِيلِ، وَرَأَى أَنْ يَعِظَهُمْ، وَيُحَذِّرَهُمْ عُقُوبَةَ شَهَادَةِ الزُّورِ، وَعَظَهُمْ، وَحَذَّرَهُمْ، فَإِنْ أَصَرُّوا عَلَى شَهَادَتِهِمْ، وَلَمْ يُفَصِّلُوا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى كَوْنُ ذَلِكَ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ) أَيْ: لَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ اطَّلَعَ عَلَى عَوْرَةٍ اسْتَغْنَى عَنْ الِاسْتِزْكَاءِ، وَالْبَحْثِ عَنْ حَالِهِمْ أَسْنَى وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ: بِنَحْوِ عَدَاوَتِهِ، أَوْ فِسْقِهِ (قَوْلُهُ:
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
ذَلِكَ، وَأَقَلُّهُمْ أَيْ: أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ الْمَبْعُوثَةِ لِلْبَحْثِ عَنْ حَالِ الشُّهُودِ اثْنَانِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ الْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْجَرْحَ وَالتَّعْدِيلَ يَقَعُ بِقَوْلِهِمْ أَمْ بِقَوْلِ الْمَسْئُولِينَ مِنْ الْأَصْدِقَاءِ، وَالْجِيرَانِ ظَاهِرُ النَّصِّ، وَقَوْلِ الْإِصْطَخْرِيِّ، وَالْأَكْثَرِينَ الْأَوَّلُ، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَغَيْرُهُ فَأَقَلُّهُمْ اثْنَانِ لِأَنَّ الْجَرْحَ، وَالتَّعْدِيلَ لَا يَثْبُتُ بِدُونِهِمَا، وَأَقَرَّ النَّوَوِيُّ الشَّيْخُ عَلَى تَرْجِيحِهِ
(قَوْلُهُ: جَرَّحَهُ عَدْلٌ بِلَا بَيَانِ سَبَبٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ السَّبَبَ رُدَّ الشَّاهِدُ، وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا فِي الْحَاشِيَةِ الْعُلْيَا عَنْ ابْنِ النَّقِيبِ أَنَّ الْجَرْحَ وَالتَّعْدِيلَ لَا يَثْبُتَانِ بِدُونِ اثْنَيْنِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ: عَدْلٌ الْجِنْسَ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ عَدْلٌ فِيمَا شَهِدَ بِهِ عَلَى) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِقَيْدِهِ الْآتِي) سَكَتَ عَنْهُ م ر (قَوْلُهُ: وَلَهُمْ أَنْ لَا يُجِيبُوهُ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر