للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتِلْكَ بِعَدَمِ التَّزَوُّجِ وَبِالتَّعَزُّبِ لَمْ يَنْتَفِ ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ لَهُ غَرَضًا أَنْ لَا تَحْتَاجَ بِنْتُهُ وَأَنْ لَا يَخْلُفَهُ أَحَدٌ عَلَى حَلِيلَتِهِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ إفْتَاءُ الشَّرَفِ الْمَنَاوِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ بِعَوْدِ اسْتِحْقَاقِهَا نَظَرًا إلَى أَنَّ غَرَضَهُ بِهَذَا الشَّرْطِ احْتِيَاجُهَا وَقَدْ وُجِدَ بِتَعَزُّبِهَا.

وَيُوَافِقُ الْأَوَّلَ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ مَا دَامَ فَقِيرًا فَاسْتَغْنَى، ثُمَّ افْتَقَرَ لَا يَسْتَحِقُّ لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ الْقَاضِي بِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ وَهُنَا لَا تَأْثِيرَ لَهُ وَحْدَهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ لِمَقَاصِدِ الْوَاقِفِينَ كَمَا مَرَّ وَمَقْصُودُ الْوَاقِفِ هُنَا رَبْطُ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْفَقْرِ لَا غَيْرُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْلُفَهُ شَيْءٌ يَنْفِيهِ وَبِهِ فَارَقَ مَا تَقَرَّرَ فِي إلَّا أَنْ تَتَزَوَّجَ فَإِذَا وُجِدَ الْفَقْرُ وَلَوْ بَعْدَ الْغِنَى اسْتَحَقَّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ وَقَفَ، أَوْ أَوْصَى لِلضَّيْفِ صُرِفَ لِلْوَارِدِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ وَلَا يُزَادُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُطْلَقًا وَلَا يُدْفَعُ لَهُ حَبٌّ إلَّا إنْ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْفَقْرُ الظَّاهِرُ لَا قَالَ التَّاجُ الْفَزَارِيّ وَالْبُرْهَانُ الْمَرَاغِيَّ وَغَيْرُهُمَا وَمَنْ شَرَطَ لَهُ قِرَاءَةَ جُزْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ كُلَّ يَوْمٍ كَفَاهُ قَدْرُ جُزْءٍ وَلَوْ مُفَرَّقًا وَنَظَرًا انْتَهَى وَفِي الْمُفَرَّقِ نَظَرٌ وَلَوْ قَالَ لِيُتَصَدَّقَ بِغَلَّتِهِ فِي رَمَضَانَ، أَوْ عَاشُورَاءَ فَفَاتَ تُصُدِّقَ بَعْدَهُ وَلَا يُنْتَظَرُ مِثْلُهُ نَعَمْ إنْ قَالَ فِطْرًا لِصُوَّامِهِ انْتَظَرَهُ وَأَفْتَى غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِ أَبِي كُلَّ جُمُعَةٍ يُسَنُّ بِأَنَّهُ إنْ حَدَّ الْقِرَاءَةَ بِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَعَيَّنَ لِكُلِّ سَنَةٍ غَلَّةً اُتُّبِعَ وَإِلَّا بَطَلَ نَظِيرُ مَا قَالُوهُ مِنْ بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ لِزَيْدٍ كُلَّ شَهْرٍ بِدِينَارٍ إلَّا فِي دِينَارٍ وَاحِدٍ انْتَهَى وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ إلْحَاقُ الْوَقْفِ بِالْوَصِيَّةِ إنْ عُلِّقَ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ وَصِيَّةٌ وَوَجْهُ بُطْلَانِهَا فِيمَا ذُكِرَ أَنَّهَا لَا تَنْفُذُ إلَّا فِي الثُّلُثِ وَمَعْرِفَةُ مُسَاوَاةِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ لَهُ وَعَدَمُهَا مُتَعَذِّرَةٌ

وَأَمَّا الْوَقْفُ الَّذِي لَيْسَ كَالْوَصِيَّةِ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ صِحَّتُهُ إذْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَحْذُورٌ بِوَجْهٍ؛ لِأَنَّ النَّاظِرَ إذَا قَرَّرَ مَنْ يَقْرَأُ كَذَلِكَ اسْتَحَقَّ مَا شَرَطَ مَا دَامَ يَقْرَأُ فَإِذَا مَاتَ مَثَلًا قَرَّرَ النَّاظِرُ غَيْرَهُ وَهَكَذَا وَعَجِيبٌ تَوَهُّمُ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةِ كَالْوَصِيَّةِ، وَلَوْ قَالَ الْوَاقِفُ وَقَفْت هَذَا عَلَى فُلَانٍ لِيَعْمَلَ كَذَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا لِلِاسْتِحْقَاقِ وَأَنْ يَكُونَ تَوْصِيَةً لَهُ لِأَجْلِ وَقْفِهِ فَإِنْ عَلِمَ مُرَادَهُ اُتُّبِعَ وَإِنْ شَكَّ لَمْ يَمْنَعْ الِاسْتِحْقَاقَ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ فِيمَا لَا يُقْصَدُ عُرْفًا صَرَفُ الْغَلَّةَ فِي مُقَابَلَتِهِ وَإِلَّا كَ لِيَقْرَأَ، أَوْ يَتَعَلَّمَ كَذَا فَهُوَ شَرْطٌ لِلِاسْتِحْقَاقِ فِيمَا يَظْهَرُ وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ فِي وَقَفْت جَمِيعَ أَمْلَاكِي بِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْعَقَارِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ لِلذِّهْنِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ صِحَّةُ وَقْفِ جَمِيعِ مَا فِي مِلْكِهِ مِمَّا يَصِحُّ وَقْفُهُ

ــ

[حاشية الشرواني]

الْأَرَامِلِ فَتَزَوَّجَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ، ثُمَّ طَلُقَتْ عَادَ اسْتِحْقَاقُهَا فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ أُجِيبَ بِأَنَّهُ فِي الْبَنَاتِ أَثْبَتُ اسْتِحْقَاقًا لِبَنَاتِهِ الْأَرَامِلِ وَبِالطَّلَاقِ صَارَتْ أَرْمَلَةً وَهُنَا جَعَلَهَا مُسْتَحَقَّةً إلَّا أَنْ تَتَزَوَّجَ وَبِالطَّلَاقِ لَا تَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا تَزَوَّجَتْ وَمُقْتَضَى هَذَا وَكَلَامَ ابْنِ الْمُقْرِي وَأَصْلِهِ أَنَّ مَنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ أَصْلًا أَرْمَلَةٌ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهَا الَّتِي فَارَقَهَا زَوْجُهَا، وَفِي الْوَصِيَّةِ مِنْ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَعَلَى هَذَا فَلَا سُؤَالَ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَتِلْكَ) أَيْ الزَّوْجَةُ، أَوْ أُمُّ الْوَلَدِ أَيْ: أَنَاطَ اسْتِحْقَاقَهَا

(قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ: التَّزَوُّجُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ لَهُ غَرَضًا) فِي كُلٍّ مِنْ الْوَقْفَيْنِ وَ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا تَحْتَاجَ بِنْتُهُ وَأَنْ لَا يَخْلُفَهُ إلَخْ) نَشْرٌ عَلَى خِلَافِ تَرْتِيبِ اللَّفِّ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ بِالتَّعْلِيلِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: يَعُودُ اسْتِحْقَاقُهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ، أَوْ أُمِّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: وَيُوَافِقُ الْأَوَّلَ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ) اعْتَمَدَهُ مَرَّ اهـ سم عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَأَخَذَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إلَخْ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ مَرَّ وَهُوَ كَذَلِكَ أَيْ: خِلَافًا لِحَجِّ أَقُولُ، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ لِمَا عَلَّلَ مَرَّ بِهِ فِي بِنْتِهِ الْأَرْمَلَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ) أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: لَا تَأْثِيرَ لَهُ وَحْدَهُ) أَيْ: وَضْعَ اللُّغَوِيِّ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ لِمَقَاصِد الْوَاقِفِينَ) هَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ؛ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ مَدْلُولُ الْأَلْفَاظِ لَا الْمَقَاصِدُ لِعَدَمِ اطِّلَاعِنَا عَلَيْهَا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهَا اهـ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي التَّنْبِيهِ الْمَارِّ قُبَيْلَ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْلُفَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَإِنْ تَخَلَّلَهُ شَيْءٌ يَنْفِيهِ اهـ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ

(قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ: بِرَبْطِ الِاسْتِحْقَاقِ هُنَا بِالْفَقْرِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَقَفَ أَوْ أَوْصَى) إلَى قَوْلِهِ قَالَ التَّاجُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: صُرِفَ لِلْوَارِدِ) أَيْ: سَوَاءٌ جَاءَ قَاصِدًا لِمَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ، أَوْ اتَّفَقَ نُزُولُهُ عِنْدَهُ لِمُجَرَّدِ مُرُورِهِ عَلَى الْمَحَلِّ وَاحْتِيَاجِهِ لِمَحَلٍّ يَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَرَضَ لَهُ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ السَّفَرِ كَمَرَضٍ، أَوْ خَوْفٍ أَوْ لَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ شَرَطَهُ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْعُرْفَ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ لَا) وَيَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ رِعَايَةُ الْمَصْلَحَةِ لِغَرَضِ الْوَاقِفِ فَلَوْ كَانَ الْبَعْضُ فُقَرَاءَ، وَالْبَعْضُ أَغْنِيَاءً وَلَمْ تَفِ الْغَلَّةُ الْحَاصِلَةُ بِهِمَا قُدِّمَ الْفَقِيرُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ كَفَاهُ) أَيْ: الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ أَيْ فِي تَحَقُّقِهِ (قَوْلُهُ: تَصَدَّقَ) أَيْ: النَّاظِرُ (قَوْلُهُ: مِثْلَهُ) أَيْ: مِنْ السَّنَةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ إلَخْ) أَيْ: وَقَفْت عَلَى مَنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَ) أَيْ الْوَقْفُ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي دِينَارٍ إلَخْ) أَيْ لَا تَبْطُلُ فِيهِ (قَوْلُهُ: إنْ عَلَّقَ) أَيْ الْوَقْفَ

(قَوْلُهُ: وَعَدَمُهَا) أَيْ: الْمُسَاوَاةِ ش اهـ سم (قَوْلُهُ: مُتَعَذِّرَةٌ) خَبَرُ وَمَعْرِفَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْوَقْفُ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ إنْ عَلَّقَ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ صِحَّتُهُ) خَبَرُ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَعَجِيبٌ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ لِقَوْلِهِ تَوَهُّمُ أَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَمْنَعْ) أَيْ: الشَّكُّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ) أَيْ: قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ (فِيمَا) أَيْ: فِي عَمَلٍ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْعَقَارِ إلَخْ) ، وَالْعُرْفُ مُطَّرِدٌ فِي بَعْضِ النَّوَاحِي كَبِلَادِ الْعَجَمِ الَّتِي مِنْهَا الْإِمَامُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الْوَقْفِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِجَوَازِ نَقْلِ الْوَصِيَّةِ الَّتِي نَظَرَ فِيهَا الْوَقْفُ (قَوْلُهُ: وَيُوَافِقُ الْأَوَّلَ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ مَقَاصِدُ الْوَاقِفِينَ) هَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ؛ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ مَدْلُولُ الْأَلْفَاظِ لَا الْمَقَاصِدِ لِعَدَمِ اطِّلَاعِنَا عَلَيْهَا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ لَا) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَعَدَمُهَا) أَيْ الْمُسَاوَاةِ ش (قَوْلُهُ: بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر

<<  <  ج: ص:  >  >>