للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلْبَتَّةَ ثُمَّ قَالَ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً فَحَلَّفَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ وَرَدَّهَا إلَيْهِ» دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَقَعَ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِاسْتِحْلَافِهِ فَائِدَةٌ وَنِيَّةُ الْعَدَدِ كَنِيَّةِ أَصْلِ الطَّلَاقِ فِيمَا مَرَّ مِنْ اقْتِرَانِهَا بِكُلِّ اللَّفْظِ أَوْ بَعْضِهِ.

(فَرْعٌ)

قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ فَفِيهِ خِلَافٌ مَرَّ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ نَوَى بِذَلِكَ شِدَّةَ الْعِنَايَةِ بِالتَّنْجِيزِ وَقَطْعَ الْعَلَائِقِ وَحَسْمَ تَأْوِيلَاتِ الْمَذَاهِبِ فِي رَدِّ الثَّلَاثِ عَنْهَا وَقَعَ الثَّلَاثُ، وَإِنْ نَوَى التَّعْلِيقَ بِأَنْ قَصَدَ إيقَاعَ طَلَاقٍ اتَّفَقَتْ الْمَذَاهِبُ عَلَى وُقُوعِهِ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا إنْ اتَّفَقَتْ الْمَذَاهِبُ الْمُعْتَدُّ بِهَا عَلَى أَنَّهَا مِمَّنْ يَقَعُ عَلَيْهَا الثَّلَاثُ حَالَةَ التَّلَفُّظِ بِهَا، وَإِنْ أَطْلَقَ فَلِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ، وَالْمُتَبَادَرُ الْأَغْلَبُ مِنْ قَائِلِي ذَلِكَ قَصْدُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ فَلْيُحْمَلْ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا جَزَمَ بِذَلِكَ وَلَوْ قَالَ أَنْتُمَا طَالِقَانِ ثَلَاثًا، وَأَطْلَقَ وَقَعَ عَلَى كُلِّ طَلْقَتَانِ أَوْ بِنِيَّةِ أَنَّ كُلًّا طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ أَنَّ كُلَّ طَلْقَةٍ تُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا طَلُقَتْ كُلٌّ ثَلَاثًا كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ فِي أَنْتِ وَضَرَّتُك طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَمْ تَعْلَمْ نِيَّتَهُ يَقَعُ الثَّلَاثُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ مَا يُفِيدُ الطَّلَاقَ الْمُوجِبَ لِلْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى. انْتَهَى.

وَفِي الْجَزْمِ بِكَوْنِ هَذَا هُوَ الْمَفْهُومَ مِنْ هَذِهِ دُونَ الْأُولَى نَظَرٌ ظَاهِرٌ بَلْ الْوَجْهُ أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ لَهُ وَلِمُقَابِلِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجْمَالَ بَعْدَ التَّفْصِيلِ هَلْ يُنَزَّلُ عَلَى الْكُلِّ التَّفْصِيلِيِّ أَوْ الْإِجْمَالِيِّ.

وَالْوَجْهُ هُنَا الثَّانِي إلَّا إنْ قَامَتْ الْقَرِينَةُ الظَّاهِرَةُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَهُنَا أَصْلُ بَقَاءِ الْعِصْمَةِ يُؤَيِّدُ الثَّانِيَ فَهُوَ كَمَا يَأْتِي فِي أَنْتِ طَالِقٌ كَأَلْفٍ فَتَعَيَّنَ وُقُوعُ طَلْقَتَيْنِ فَقَطْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ مَزِيدٌ آخِرَ الْفَصْلِ وَقَوْلُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ الْبُوشَنْجِيَّ فِي أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفًا، وَأَطْلَقَ يَقَعُ طَلْقَتَانِ أَيْ إلَّا نِصْفَهُنَّ يُؤَيِّدُ الثَّانِيَ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ عَلَى بُعْدٍ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ هُنَا أَفْهَمَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا.

(وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً)

ــ

[حاشية الشرواني]

اعْتِبَارُ إرَادَتِهِ مَعَ أَحَدِهِمَا صَحَّ مِنْ الْآخَرِ. اهـ. وَهَذَا وَجِيهٌ فِي ذَاتِهِ لَكِنَّ صَنِيعَ الشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ مَا ذَكَرَ دَلِيلٌ عَلَى خُصُوصِ الْكِنَايَةِ (قَوْلُهُ: أَلْبَتَّةَ) أَيْ طَلَاقًا مَبْتُوتًا. اهـ. ع ش عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ يَعْنِي بِلَفْظِ أَلْبَتَّةَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: دَلَّ) أَيْ تَحْلِيفُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الْوَاحِدَةَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ) أَيْ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ فِي مَبْحَثِ الْكِنَايَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَخْ) لَوْ لَمْ يَزِدْ ثَلَاثًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِابْنِ الصَّبَّاغِ اهـ نِهَايَةٌ أَقُولُ هَذَا الْإِفْتَاءُ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ الثَّلَاثَةُ الِاحْتِمَالَاتُ فِيمَا لَوْ ثَلَّثَ فَإِنْ نَوَى التَّنْجِيزَ وَقَطْعَ الْعَلَائِقِ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ نَوَى التَّعْلِيقَ لَا تَطْلُقُ إلَّا إنْ اتَّفَقَتْ الْمَذَاهِبُ الْمُعْتَدُّ بِهَا عَلَى أَنَّهَا مِمَّنْ يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ حَالَ التَّلَفُّظِ بِهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ وَالْعَجَبُ مِنْ الْفَاضِلِ الْمُحَشِّي حَيْثُ نَقَلَ الْإِفْتَاءَ الْمَذْكُورَ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ أَيْ الشِّهَابَ الرَّمْلِيَّ إنَّمَا يَقْتَصِرُ عَلَى حَالَةِ الْإِطْلَاقِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ السَّائِلُ فِي سُؤَالِهِ إلَّا إلَيْهَا فَاقْتَصَرَ فِي الْجَوَابِ عَلَى مَوْرِدِ السُّؤَالِ وَمِثْلُ هَذَا يَقَعُ فِي الْإِفْتَاءِ كَثِيرًا فَلَا يُفِيدُ تَقْيِيدُ الْحُكْمِ بِذَلِكَ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: مَرَّ) أَيْ فِي مَبْحَثِ الصَّرَائِحِ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ) .

(فَرْعٌ)

فِي الرَّوْضِ فِي آخِرِ الْبَابِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ ثَلَاثًا وَقَالَ أَرَدْت وَاحِدَةً إنْ دَخَلْت ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. انْتَهَى. وَفِي شَرْحِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ، وَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنَّهَا تَطْلُقُ الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا يَقْتَضِيهِ فِيمَا لَوْ أَطْلَقَ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ فِيهِ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً فَقَطْ لِلشَّكِّ فِي مُوجِبِ الثَّلَاثِ سم عَلَى حَجّ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: مِنْ قَائِلِي ذَلِكَ) أَيْ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ (قَوْلُهُ: قَصْدُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ) أَيْ شِدَّةُ الْعِنَايَةِ بِالتَّنْجِيزِ إلَخْ فَلْيُحْمَلْ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ أَيْ فَيَقَعُ الثَّلَاثُ (قَوْلُهُ: وَقَعَ عَلَى كُلٍّ طَلْقَتَانِ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ أَنْتُمَا طَالِقَانِ ثَلَاثًا أَوْ أَنْتِ وَضَرَّتُك طَالِقٌ ثَلَاثًا وَنَوَى أَنَّ كُلًّا طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ أَنَّ كُلَّ طَلْقَةٍ تُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا طَلُقَتْ كُلٌّ ثَلَاثًا فَإِنْ أَطْلَقَ اُتُّجِهَ وُقُوعُ الثَّلَاثِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ مَا أَوْجَبَ الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى، وَيُحْتَمَلُ وُقُوعُ طَلْقَتَيْنِ عَلَى كُلٍّ وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ إلَخْ) فَعِنْدَ هَذَا الْغَيْرِ يَقَعُ الثَّلَاثُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. م ر اهـ سم (قَوْلُهُ: فَقَالَ فِي أَنْتِ وَضَرَّتُك طَالِقٌ إلَخْ) أَيْ وَمِثْلُهُ أَنْتُمَا طَالِقَانِ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: مَا يُفِيدُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِكَوْنِ هَذَا) أَيْ الطَّلَاقِ الْمُوجِبِ لِلْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى (قَوْلُهُ: مِنْ هَذِهِ) أَيْ أَنْتِ وَضَرَّتُك طَالِقٌ دُونَ الْأُولَى يَعْنِي الطَّلْقَتَيْنِ فَلَا تُفْهَمَانِ مِنْ هَذِهِ أَصْلًا وَكَانَ الْأَوْلَى دُونَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ قَوْلَهُ أَنْتِ وَضَرَّتُك طَالِقٌ وَكَأَنَّ الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ وَلِلْكُرْدِيِّ هُنَا تَكَلُّفَاتٌ مَبْنَاهَا حَمْلُ الْأُولَى عَلَى الصِّيغَةِ الْأُولَى، وَهِيَ أَنْتُمَا طَالِقَانِ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: مُحْتَمِلٌ لَهُ) أَيْ لِلطَّلَاقِ الْمُوجِبِ لِلْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى وَلِمُقَابِلِهِ أَيْ لِلطَّلْقَتَيْنِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجْمَالَ) أَيْ قَوْلُهُ: ثَلَاثًا بَعْدَ التَّفْصِيلِ أَيْ قَوْلُهُ: أَنْتِ وَضَرَّتُك وَقَوْلُهُ: عَلَى الْكُلِّ التَّفْصِيلِيِّ أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَتَيْنِ أَوْ الْإِجْمَالِيِّ أَيْ عَلَى مَجْمُوعِهِمَا وَقَوْلُهُ: الثَّانِي أَيْ الْكُلُّ الْإِجْمَالِيُّ، وَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَوَّلِ أَيْ الْكُلِّ التَّفْصِيلِيِّ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي أَوَائِلِ السِّوَادَةِ (قَوْلُهُ: فَتَعَيَّنَ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: يُؤَيِّدُ الثَّانِيَ) أَيْ وُقُوعَ طَلْقَتَيْنِ فَقَطْ فِي الصُّورَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ)

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر.

(فَرْعٌ)

فِي الرَّوْضِ فِي آخِرِ الْبَابِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ ثَلَاثًا وَقَالَ أَرَدْت وَاحِدَةً إنْ دَخَلْت ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ، وَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنَّهَا تَطْلُقُ الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا يَقْتَضِيهِ فِيمَا لَوْ أَطْلَقَ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ فِيهِ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً فَقَطْ لِلشَّكِّ فِي مُوجِبِ الثَّلَاثِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ) فَعِنْدَ هَذَا الْغَيْرِ يَقَعُ الثَّلَاثُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ م ر.

<<  <  ج: ص:  >  >>