للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَدَمُ الْكَلَامِ إلَّا فِي خَيْرٍ كَتَعْلِيمِ جَاهِلٍ بِرِفْقٍ إنْ قَلَّ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ لَا الشُّكْرِ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ صَلَاةٌ، وَهِيَ تَحْرُمُ فِيهَا وَلَا تُطْلَبُ فِيمَا يُشْبِهُهَا وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ كَمَا فِي الْخِصَالِ وَمِنْهُ مَعَ تَشْبِيهِهِمْ الطَّوَافَ بِالصَّلَاةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ وَاجِبَاتِهِ وَسُنَنِهِ الظَّاهِرَة فِي أَنَّهُ يُسَنُّ وَيُكْرَهُ فِيهِ كُلُّ مَا يُتَصَوَّرُ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ وَمَكْرُوهَاتِهَا يُؤْخَذُ أَنَّ السُّنَّةَ فِي يَدَيْ الطَّائِفِ إنْ دَعَا رَفَعَهُمَا وَإِلَّا فَجَعَلَهُمَا تَحْتَ صَدْرِهِ بِكَيْفِيَّتِهِمَا ثَمَّ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الطَّوَافَ بَعْدَ الصُّبْحِ أَفْضَلُ مِنْ الْجُلُوسِ ذَاكِرًا إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّ هَذَا الثَّانِيَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ صَحَّ فِي الْأَخْبَارِ أَنَّ لِفَاعِلِهِ ثَوَابَ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّتَيْنِ وَلَمْ يَرِدْ فِي الطَّوَافِ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مَا يُقَارِبُ ذَلِكَ وَلِأَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ كَرِهَ الطَّوَافَ بَعْدَ الصُّبْحِ وَلَمْ يَكْرَهْ أَحَدٌ تِلْكَ الْجِلْسَةَ بَلْ أَجْمَعُوا عَلَى نَدْبِهَا وَعَظِيمِ فَضْلِهَا، وَالِاشْتِغَالُ بِالْعُمْرَةِ أَفْضَلُ مِنْهُ بِالطَّوَافِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذَا اسْتَوَى زَمَانُهُمَا كَمَا مَرَّ

ــ

[حاشية الشرواني]

عَنْ غَيْرِهِ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ تَطَوُّعًا أَوْ قُدُومًا أَوْ وَدَاعًا وَقَعَ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَوْ النَّذْرِ كَمَا فِي وَاجِبَاتِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَقَوْلُهُمْ إنَّ الطَّوَافَ يَقْبَلُ الصَّرْفَ أَيْ إذَا صَرَفَهُ لِغَيْرِ طَوَافٍ آخَرَ كَطَلَبِ غَرِيمٍ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ لِذَلِكَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الْكَلَامِ إلَّا فِي خَيْرٍ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْجَمَّالِ عَلَى الْإِيضَاحِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِيهِ بِغَيْرِ الذِّكْرِ إلَّا كَلَامًا هُوَ مَحْبُوبٌ كَأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَاجِبٍ أَوْ مَنْدُوبٍ أَوْ نَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ مَكْرُوهٍ أَوْ مُحَرَّمٍ أَوْ إفَادَةِ عِلْمٍ لَا يَطُولُ الْكَلَامُ فِيهِ وَهَذَا الْقَيْدُ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ الْوَاجِبَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ فِعْلُ ذَلِكَ وَإِزَالَةُ هَذَا بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ طَالَ زَمَنُهُ انْتَهَى اهـ وَنَّائِيٌّ.

(قَوْلُهُ: كَتَعْلِيمِ جَاهِلٍ إلَخْ) أَيْ وَجَوَابِ مُسْتَفْتٍ وَيُكْرَهُ الْبَصْقُ فِيهِ بِلَا عُذْرٍ وَجَعْلُ يَدَيْهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ مُتَكَتِّفًا وَوَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى فِيهِ إلَّا فِي حَالَةِ تَثَاؤُبِهِ فَيُسْتَحَبُّ وَتَشْبِيكُ أَصَابِعِهِ أَوْ تَفَرْقُعُهَا وَكَوْنُهُ حَاقِبًا أَوْ حَاقِنًا أَوْ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ تَتُوقُ نَفْسُهُ لَهُ وَكَوْنُ الْمَرْأَةِ مُنْتَقِبَةً وَلَيْسَتْ مُحْرِمَةً وَيَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى تَنْقِيبٍ بِلَا حَاجَةٍ بِخِلَافِهِ لَهَا كَوُجُودِ مَنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَيْهَا وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِيهِ وَكَرَاهَةُ الشُّرْبِ أَخَفُّ نِهَايَةٌ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَيْسَتْ إلَى قَوْلِهِ وَالْأَكْلُ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَيُكْرَهُ الْبَصْقُ فِيهِ أَيْ فِي الطَّوَافِ وَإِذَا فَعَلَهُ فَلْيَكُنْ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ أَمَّا إلْقَاؤُهُ فِي أَرْضِ الْمَطَافِ فَحَرَامٌ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَقَوْلُهُ م ر وَجَعْلُ يَدَيْهِ إلَخْ وَهَلْ يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُنَافَاةً لِمَا كَانَ عَلَيْهِ هَيْئَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ (قَوْلُهُ: وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ) أَيْ مَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا الشُّكْرُ إلَخْ) أَقَرَّهُ ابْنُ الْجَمَّالِ وَالْوَنَّائِيُّ وَالْكُرْدِيُّ عَلَى بَافَضْلٍ وَقَالَ الْبَصْرِيُّ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيمَا ذَكَرَهُ وَمِمَّا يَدْفَعُ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ صَلَاةٌ إلَخْ قَوْلُهُمْ يُسَنُّ تَعْلِيمُ الْجَاهِلِ مَعَ أَنَّ التَّعْلِيمَ فِي الصَّلَاةِ حَرَامٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الطَّوَافَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ سَجْدَةُ الشُّكْرِ (قَوْلُهُ فِي الْخِصَالِ) اسْمُ كِتَابِ كُرْدِيٍّ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ سُنَّ رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ فِي الطَّوَافِ وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْآتِي يُؤْخَذُ إلَخْ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ إلَخْ) أَيْ التَّشْبِيهُ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: كُلَّمَا يُتَصَوَّرُ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي طَوَافِهِ خَاشِعًا خَاضِعًا حَاضِرَ الْقَلْبِ مُلَازِمًا لِلْأَدَبِ بِظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ مُسْتَحْضِرًا فِي قَلْبِهِ عَظَمَةَ مَنْ هُوَ طَائِفٌ بِبَيْتِهِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَصُونَ نَظَرَهُ عَمَّا لَا يَحِلُّ نَظَرُهُ إلَيْهِ وَقَلْبَهُ عَنْ احْتِقَارِ مَنْ يَرَاهُ مِنْ الضُّعَفَاءِ وَالْمَرْضَى مُغْنِي (قَوْلُهُ: مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ) وَمِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ كَمَا قَالَهُ الطَّبَرِيُّ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى أَخِيهِ وَيَسْأَلَهُ عَنْ حَالِهِ وَأَهْلِهِ أَيْ إذَا لَمْ يَطُلْ زَمَنُهُ كَإِفَادَةِ الْعِلْمِ بَلْ أَوْلَى وَبَحَثَ ابْنُ جَمَاعَةَ تَقْيِيدَهُ أَيْضًا بِغَيْرِ الْمُشْتَغِلِ بِالذِّكْرِ وَإِلَّا لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ كَالْمُلَبِّي بَلْ أَوْلَى، وَإِنَّمَا تَأْتِي الْأَوْلَوِيَّةُ إنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا فِيهِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي جَوَابِ السَّلَامِ عَلَى الْقَارِئِ وَيُسَنُّ لِلطَّائِفِ وَمَنْ قَرُبَ مِنْهُ أَنْ لَا يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِقِرَاءَةٍ أَوْ ذِكْرٍ لِئَلَّا يُشَوِّشَ عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ شَوَّشَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِإِخْبَارِ السَّامِعِ لَهُ بِذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ كُرِهَ لَهُ عَلَى مَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَلَا تَبْعُدُ الْحُرْمَةُ إنْ تَحَقَّقَ تَأَذِّيهِ بِذَلِكَ وَلَا يَبْعُدُ أَيْضًا كَرَاهَةُ الضَّحِكِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَدَبِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ كَرَاهَةِ جَعْلِ يَدَيْهِ وَرَاءَ ظَهْرِهِ مُكْتَتِفًا اهـ حَاشِيَةُ الْإِيضَاحِ لِلشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ: وَمَكْرُوهَاتُهَا) أَيْ كَوَضْعِ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَة وَالْمَشْيِ عَلَى رِجْلٍ وَالنَّظَرِ إلَى السَّمَاءِ وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ إلَخْ) سُئِلَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ هَلْ الْأَفْضَلُ لِمُصَلِّي الصُّبْحِ بِمَكَّةَ الْمُكْثُ ذَاكِرًا حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ أَمْ الطَّوَافُ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْأَفْضَلَ الطَّوَافُ انْتَهَى وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي الْقُرَى لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «طَوَافَانِ لَا يُوَافِقُهُمَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ إلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ يُغْفَرُ لَهُ ذُنُوبُهُ كُلُّهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ طَوَافٌ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَرَاغُهُ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَطَوَافٌ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ فَرَاغُهُ مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ» أَخْرَجَهُ الْأَزْرَقِيُّ وَأَبُو سَعِيدٍ الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُنْدِيُّ انْتَهَى ثُمَّ رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ نَقَلَ إفْتَاءَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ بِمَا أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ أَبْدَى فِي الْمُرَادِ بِالْبَعْدِيَّةِ فِي الْحَدِيثِ احْتِمَالَيْنِ أَحَدُهُمَا مُطْلَقُ الْبَعْدِيَّةِ فَيَشْمَلُ مَنْ أَتَى بِأُسْبُوعٍ قُبَيْلَ الطُّلُوعِ أَوْ الْغُرُوبِ ثَانِيهِمَا اسْتِيعَابُ الزَّمَنِ ثُمَّ قَالَ وَلَعَلَّهُ الْأَظْهَرُ وَإِلَّا لَقَالَ قَبْلَ الطُّلُوعِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ انْتَهَى اهـ بَصْرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَالِاشْتِغَالُ بِالْعُمْرَةِ إلَخْ) وَهَلْ الْأَفْضَلُ التَّطَوُّعُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِالطَّوَافِ أَوْ الصَّلَاةُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الطَّوَافُ أَفْضَلُ وَظَاهِرُ قَوْلِ غَيْرِهِ أَنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

لَا كَمَالُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>