للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، وَالتَّدَثُّرُ بِحَرِيرٍ اسْتَتَرَ بِثَوْبٍ إنْ خِيطَ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ التَّدَثُّرِ بِغَيْرِ الْمُسْتَتِرِ بَيْنَ مَا قَرُبَ مِنْهُ وَمَا بَعُدَ كَأَنْ كَانَ مُعَلَّقًا بِسَقْفٍ وَهُوَ جَالِسٌ تَحْتَهُ كَالْبَشَخَانَةِ وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ صَدَقَ عَلَيْهِ عُرْفًا أَنَّهُ جَالِسٌ تَحْتَ حَرِيرٍ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حِلِّ الْجُلُوسِ تَحْتَ سَقْفِ ذَهَبٍ بِمَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ بِأَنَّ الْعُرْفَ يَعُدُّهُ هُنَا مُسْتَعْمِلًا لِلْحَرِيرِ؛ لِأَنَّهُ يُقْصَدُ لِوِقَايَةِ الْجَالِسِ تَحْتَهُ مِنْ نَحْوِ غُبَارِ السَّقْفِ فَأُلْحِقَ بِالْمُسْتَعْمِلِ لَهُ فِي بَدَنِهِ وَلَا كَذَلِكَ ثَمَّ.

(وَيَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ لُبْسُهُ) إجْمَاعًا (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ افْتِرَاشِهَا) إيَّاهُ لِلسَّرَفِ بِخِلَافِ اللُّبْسِ فَإِنَّهُ يُزَيِّنُهَا وَعَلَيْهِ يَحْرُمُ تَدَثُّرُهَا بِهِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ افْتِرَاشُهُ عَلَى وَجْهٍ دُونَ التَّدَثُّرِ بِهِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْكُلِّ سَتْرُ سَقْفٍ أَوْ بَابٍ أَوْ جِدَارٍ غَيْرِ الْكَعْبَةِ

ــ

[حاشية الشرواني]

قَوْلُهُ: وَالتَّدَثُّرُ) إلَى قَوْلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالتَّدَثُّرُ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْجُلُوسِ شَارِحٌ اهـ سم (قَوْلُهُ بِحَرِيرٍ اسْتَتَرَ بِثَوْبٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَكَالتَّدَثُّرِ بِهِ أَيْ التَّدَفِّي بِهِ إلَّا إنْ خِيطَ عَلَيْهِ ظِهَارَةٌ وَبِطَانَةٌ مِنْ غَيْرِ الْحَرِيرِ اهـ وَيَأْتِي عَنْ ع ش مَا يُوَافِقُهُ.

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ إذْ تَسْمِيَةُ مَا ذُكِرَ تَدَثُّرًا مَمْنُوعٌ نَعَمْ تَعْلِيقُهَا فِي السَّقْفِ مُمْتَنِعٌ لِأَمْرٍ آخَرَ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ أَفْرَادِ تَزْيِينِهِ بِالْحَرِيرِ الْمَمْنُوعِ كَمَا سَيَأْتِي مَا لَمْ يُقَيَّدْ بِالْحَاجَةِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّارِحِ هَذَا وَلَوْ أَخَذَ الشَّارِحِ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ بِفَرْشٍ أَوْ غَيْرِهِ الْمُؤْذِنِ بِأَنَّ كُلَّ مَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا عُرْفًا يَحْرُمُ لَكَانَ أَقْرَبَ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ تَفْسِيرَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِمَا مِنْ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالِ كَلُبْسِهِ وَالتَّدَثُّرِ بِهِ وَاِتِّخَاذِهِ سِتْرًا وَفِيهِ تَصْرِيحٌ مَا بِمَا ذَكَرْت مِنْ الْأَخْذِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ صَدَقَ عَلَيْهِ إلَخْ) عِبَارَةُ ع ش وَلَوْ رُفِعَتْ سَحَابَةٌ مِنْ حَرِيرٍ حَرُمَ الْجُلُوسُ تَحْتَهَا حَيْثُ كَانَتْ قَرِيبَةً بِحَيْثُ يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا أَوْ مُنْتَفِعًا بِهَا، وَلَوْ جُعِلَ مِمَّا يَلِي الْجَالِسَ ثَوْبٌ مِنْ كَتَّانٍ مَثَلًا مُتَّصِلٌ بِهَا أَيْ بِأَنْ جُعِلَ بِطَانَةً لَهَا لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ حُرْمَةَ الْجُلُوسِ تَحْتَهَا كَمَا لَوْ كَانَ ظَاهِرُ اللِّحَافِ حَرِيرًا فَتَغَطَّى بِبِطَانَتِهِ الَّتِي هِيَ مِنْ كَتَّانٍ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لِلْحَرِيرِ وَلَوْ رُفِعَتْ السَّحَابَةُ جِدًّا بِحَيْثُ صَارَتْ فِي الْعُلُوِّ كَالسُّقُوفِ لَمْ يَحْرُمْ الْجُلُوسُ تَحْتَهَا كَمَا لَا يَحْرُمُ السَّقْفُ الْمُذَهَّبُ، وَإِنْ حَرُمَ فِعْلُهُ مُطْلَقًا وَاسْتِدَامَتُهُ إنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ، وَحَيْثُ حَرُمَ الْجُلُوسُ تَحْتَ السَّحَابَةِ فَصَارَ ظِلُّهَا غَيْرَ مُحَاذٍ لَهَا بَلْ فِي جَانِبٍ آخَرَ حَرُمَ الْجُلُوسُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لَهَا كَمَا لَوْ تَبَخَّرَ بِمَبْخَرَةِ الذَّهَبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْتَوِيَ عَلَيْهَا كَذَا أَجَابَ م ر بَعْدَ السُّؤَالِ عَنْهُ وَالْمُبَاحَثَةِ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ وَقَوْلُهُ وَلَوْ جُعِلَ إلَخْ مَحَلُّ وَقْفَةٍ وَقَوْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَ ظَاهِرًا لِلِّحَافِ إلَخْ هَذَا الْقِيَاسُ فِيهِ مَا لَا يَخْفَى، فَإِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إنْ صَدَقَ عَلَيْهِ عُرْفًا إلَخْ) هَذَا التَّقْيِيدُ بِالنِّسْبَةِ إلَى حُكْمِ الْجُلُوسِ تَحْتَهَا أَمَّا أَصْلُ تَعْلِيقِهَا وَالسَّتْرُ بِهَا فَحَرَامٌ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ تَزْيِينِ الْبُيُوتِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّزْيِينِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِحُكْمِ الْجُلُوسِ تَحْتَهَا حَيْثُ حَرُمَ بِقَيْدِهِ الْآتِي الَّذِي أَفَادَهُ فَوَاضِحٌ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ الْحُرْمَةَ إنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الرِّجَالِ فَتَأَمَّلْهُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي الْجُلُوسِ تَحْتَ الْحَرِيرِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يُقْصَدُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْبُشْخَانَةَ الْقَرِيبَةَ يَحْرُمُ الْجُلُوسُ تَحْتَهَا، وَإِنْ قَصَدَ بِهَا مَنْعَ نُزُولِ الْغُبَارِ وَقَدْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي أَيْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سِتْرِ السَّقْفِ (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ ثَمَّ) قَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّ السَّقْفَ قَدْ يُقْصَدُ بِالْجُلُوسِ تَحْتَهُ مَنْعُ نَحْوِ الشَّمْسِ فَيُعَدُّ اسْتِعْمَالًا لَهُ إذَا قَرُبَ مِنْهُ سم وَتَقَدَّمَ عَنْ ع ش مَا يُوَافِقُ إطْلَاقَ الشَّارِحِ الظَّاهِرَ فِي عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ قُرْبِ السَّقْفِ الْمُذَهَّبِ وَبُعْدِهِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ افْتِرَاشِهَا) وَالثَّانِي يَحِلُّ وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهٍ) هَذَا كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ عِنْدَنَا وَجْهًا بِجَوَازِ افْتِرَاشِ الْحَرِيرِ لِلرَّجُلِ وَالْجُلُوسِ عَلَيْهِ بِلَا حَائِلٍ فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمُغْنِي مَا نَصُّهُ وَقِيلَ يَجُوزُ الْجُلُوسُ عَلَيْهِ وَيَرُدُّهُ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ) إلَى قَوْلِهِ أَيْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ قِيلَ (قَوْلُهُ: عَلَى الْكُلِّ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: سَتْرُ سَقْفٍ أَوْ بَابٍ إلَخْ) أَيْ كَمَا يَقَعُ فِي أَيَّامِ الزِّينَةِ وَالْفَرَحِ نَعَمْ إنْ أَكْرَهَهُمْ الْحَاكِمُ عَلَى الزِّينَةِ الْمُحَرَّمَةِ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِمْ لِعُذْرِهِمْ وَيَحْرُمُ التَّفَرُّجُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْمُرُورِ لِحَاجَةٍ شَيْخُنَا زَادَ ع ش وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أُكْرِهُوا عَلَى مُطْلَقِ الزِّينَةِ فَزَيَّنُوا بِالْحَرِيرِ الْخَالِصِ مَعَ كَوْنِهِمْ لَوْ زَيَّنُوا بِغَيْرِهِ أَوْ بِمَا أَكْثَرُهُ مِنْ الْقُطْنِ مَثَلًا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُمْ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ جِدَارِ إلَخْ) وَالْمُتَّجِهُ وِفَاقًا لِمَرِّ أَنَّ مِثْلَ سَتْرِ الْجُدْرَانِ بِالْحَرِيرِ إلْبَاسُهُ لِلدَّوَابِّ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ زِينَةٍ وَلَيْسَتْ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لِظُهُورِ الْغَرَضِ فِي إلْبَاسِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَمِثْلُ ذَلِكَ إلْبَاسُهَا الْحُلِيَّ لِمَا عَلَّلَ بِهِ ع ش (قَوْلُهُ: غَيْرِ الْكَعْبَةِ) أَفْهَمَ جَوَازَ سَتْرِ الْكَعْبَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ دَاخِلِهَا وَخَارِجِهَا وَأَنَّهُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ حَرَامٌ (قَوْلُهُ: وَالتَّدَثُّرُ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْجُلُوسِ ش (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ ثَمَّ) قَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّ السَّقْفَ يُقْصَدُ بِالْجُلُوسِ تَحْتَهُ مَنْعُ نَحْوِ الشَّمْسِ فَيُعَدُّ اسْتِعْمَالًا لَهُ إذَا قَرُبَ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: سَتْرُ سَقْفٍ أَوْ بَابٍ أَوْ جِدَارٍ) هَلْ مِثْلُهَا الدَّوَابُّ أَوْ لَا فَمَا الْفَرْقُ.

(قَوْلُهُ: غَيْرِ الْكَعْبَةِ) أَفْهَمَ جَوَازَ سَتْرِ الْكَعْبَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ دَاخِلِهَا وَخَارِجِهَا، وَأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الِاسْتِنَادُ لِجِدَارِهَا الْمَسْتُورِ بِهِ وَلَا الْتِصَاقٌ لِنَحْوِ الْمُلْتَزَمِ بِحَيْثُ يَصِيرُ سَتْرُهَا أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>