وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْلُوَ لَابِسَتَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا لَهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طُولِ بَقَائِهِ عَلَى مَا عَلَا عَلَيْهِ مِنْهَا وَعَدَمِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَفِيهِ مَا فِيهِ (وَيَحِلُّ لِلرَّجُلِ لُبْسُهُ) فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ أَنْوَاعِ الِاسْتِعْمَالِ (لِلضَّرُورَةِ كَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُهْلِكَيْنِ) أَوْ خَشِيَ مِنْهُمَا ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَأُلْحِقَ بِهِ جَمِيعُ الْأَلَمِ الشَّدِيدِ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ نَحْوِ الْجَرَبِ الْآتِي (أَوْ فُجْأَةِ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ وَالْمَدِّ، وَبِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَهِيَ الْبَغْتَةُ (حَرْبٍ) جَائِزٌ (وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) وَلَا أَمْكَنَهُ طَلَبُ غَيْرِهِ يَقُومُ مَقَامَهُ لِلضَّرُورَةِ وَصَحَّحَ فِي الْكِفَايَةِ قَوْلَ جَمْعٍ يَجُوزُ الْقَبَاءُ وَغَيْرُهُ مِمَّا يَصْلُحُ لِلْقِتَالِ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ إرْهَابًا لَهُمْ كَتَحْلِيَةِ السَّيْفِ وَهَذَا غَيْرُ الشَّاذِّ الَّذِي مَرَّ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذَلِكَ يَكْتَفِي بِمُجَرَّدِ الْإِغَاظَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إرْهَابٌ وَلَا صَلَاحِيَةَ لِلْقِتَالِ (وَلِلْحَاجَةِ) كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَلَوْ فِي الْخَلْوَةِ وَ (كَجَرَبٍ وَحِكَّةٍ) وَقَدْ آذَاهُ لُبْسُ غَيْرِهِ أَيْ تَأَذِّيًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَمْ يَحْتَجْ هُنَا لِمُبِيحِ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ فَسُومِحَ فِيهِ أَكْثَرُ، وَكَذَا إنْ لَمْ يُؤْذِهِ غَيْرُهُ
ــ
[حاشية الشرواني]
وَأَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ النِّسَاءِ مِنْ اتِّخَاذِ غِطَاءِ الْحَرِيرِ لِعِمَامَةِ زَوْجِهَا أَوْ تُغَطِّي بِهِ شَيْئًا مِنْ أَمْتِعَتِهَا الْمُسَمَّى الْآنَ بِالْبُقْجَةِ فَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ فِيهَا اهـ وَقَوْلُهُ خَرَجَ إلَى قَوْلِهِ، وَأَمَّا إلَخْ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ.
(قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) وَافَقَهُ شَيْخُنَا عِبَارَتُهُ وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ النَّوْمُ فِي نَامُوسِيَّةِ الْحَرِيرِ وَلَوْ مَعَ الْمَرْأَةِ وَكَذَلِكَ دُخُولُهُ فِي الثَّوْبِ الْحَرِيرِ الَّذِي تَلْبَسُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَا عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ فَلَا يَحْرُمُ اهـ وَلَعَلَّ مَا بَحَثَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْحَاجَةِ أَوْجَهُ (قَوْلُهُ: فَضْلًا) إلَى قَوْلِهِ أَيْ تَأَذِّيًا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَأَلْحَقَ بِهِ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ وَهَذَا إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِهِ جَمْعٌ إلَخْ) إنْ كَانَ مُرَادُهُمْ مَا يَحْصُلُ بِهِ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً فَهُوَ وَجِيهٌ لَا مَعْدِلَ عَنْهُ لِمَسْأَلَةِ الْقَمْلِ الْآتِيَةِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ وَصْفُ الْأَلَمِ بِالشَّدِيدِ كَالصَّرِيحِ فِي إرَادَةِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ فَجْأَةِ حَرْبٍ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْفَجْأَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ إذَا احْتَاجَ إلَى الْقِتَالِ بِاخْتِيَارِهِ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ جَازَ لَهُ لُبْسُهُ سم وَيَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ: يَقُومُ إلَخْ) تَنَازَعَ فِيهِ الْغَيْرَانِ.
(قَوْلُهُ وَصَحَّحَ فِي الْكِفَايَةِ قَوْلَ جَمْعٍ يَجُوزُ إلَخْ) وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْجَوَازِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ الْقَبَاءُ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْحَرِيرِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ الْحَرِيرِ (قَوْلُهُ: الَّذِي مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحٍ وَغَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلِلْحَاجَةِ) وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مِنْ الْحَاجَةِ أَنْ يَجِدَ غَيْرَهُ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ عَنْ حَمْلِهِ لِنَحْوِ ضَعْفِهِ أَوْ ضَعْفِ مَرْكُوبِهِ شَرْحُ الْعُبَابِ اهـ سم (قَوْلُهُ: كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ إلَخْ) أَيْ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَ الْحَرِيرِ وَكَذَا سَتْرُ مَا زَادَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْخُرُوجِ لِلنَّاسِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي عِبَارَةُ سم أَيْ بِأَنْ فَقَدَ سَاتِرًا غَيْرَهُ أَيْ يَلِيقُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَأَفْتَى أَبُو شُكَيْلٍ بِأَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِنَحْوِ التَّعْمِيمِ عِنْدَ الْخُرُوجِ لِنَحْوِ جَمَاعَةٍ أَوْ شِرَاءٍ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَلَوْ خَرَجَ بِدُونِهِ سَقَطَتْ مُرُوءَتُهُ جَازَ لَهُ الْخُرُوجُ بِهِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ انْتَهَى اهـ زَادَ ع ش، فَإِنْ خَرَجَ مُتَّزِرًا مُقْتَصِرًا عَلَى ذَلِكَ نُظِرَ، فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ الِاقْتِدَاءَ بِالسَّلَفِ وَتَرْكَ الِالْتِفَاتِ إلَى مَا يُزْرِي بِالْمَنْصِبِ لَمْ تَسْقُطْ بِذَلِكَ مُرُوءَتُهُ بَلْ يَكُونُ فَاعِلًا لِلْأَفْضَلِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بَلْ فَعَلَ ذَلِكَ انْخِلَاعًا وَتَهَاوُنًا بِالْمُرُوءَةِ سَقَطَتْ مُرُوءَتُهُ كَذَا فِي النَّاشِرِيِّ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ أَنَّ لُبْسَ الْفَقِيهِ الْقَادِرِ عَلَى التَّجَمُّلِ بِالثِّيَابِ الَّتِي جَرَتْ بِهَا عَادَةُ أَمْثَالِهِ ثِيَابًا دُونَهَا فِي الصِّفَةِ وَالْهَيْئَةِ إنْ كَانَ لِهَضْمِ النَّفْسِ وَالِاقْتِدَاءِ بِالسَّلَفِ الصَّالِحِينَ لَمْ يُخِلَّ بِمُرُوءَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ ذَلِكَ أَخَلَّ بِهَا وَمِنْهُ مَا لَوْ تَرَكَ ذَلِكَ مُعَلِّلًا بِأَنَّ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
كِيسِ الدَّرَاهِمِ
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: أَوْ فَجْأَةِ حَرْبٍ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) قَالَ فِي التَّنْبِيهِ وَيَجُوزُ لِلْمُحَارِبِ لُبْسُ الدِّيبَاجِ الثَّخِينِ الَّذِي لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِي دَفْعِ السِّلَاحِ وَلُبْسُ الْمَنْسُوجِ بِالذَّهَبِ إذَا فَاجَأَتْهُ الْحَرْبُ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ اهـ، قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي شَرْحِهِ قَوْلُهُ إذَا فَاجَأَتْهُ الْحَرْبُ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ شَرْطٌ فِي الْمَنْسُوجِ بِالذَّهَبِ وَهَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي الدِّيبَاجِ الثَّخِينِ قِيلَ نَعَمْ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ أَنْ لَا يَقُومَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ اهـ وَلَعَلَّ الْأَوْجَهَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْمُفَاجَأَةِ فِي الْمَنْسُوجِ بِالذَّهَبِ أَيْضًا، بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَجِدَ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَيَجُوزُ لُبْسُهُ حِينَئِذٍ، وَإِنْ تَسَبَّبَ فِي الْخُرُوجِ لِلْحَرْبِ وَلَمْ تُفَاجِئْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَا أَمْكَنَهُ طَلَبُ غَيْرِهِ يَقُومُ مَقَامَهُ الظَّاهِرُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْفَجْأَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ إذَا احْتَاجَ لِلْخُرُوجِ إلَى الْقِتَالِ بِاخْتِيَارِهِ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ جَازَ لَهُ لُبْسُهُ، وَفِي الْعُبَابِ لَا إنْ كَانَ لِضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ كَفَجْأَةِ قِتَالٍ، وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ خِلَافًا لِلشَّيْخَيْنِ، وَكَذَا مَا هُوَ جُنَّةٌ فِيهِ كَدِيبَاجٍ صَفِيقٍ، وَإِنْ لَمْ تُفَاجِئْهُ الْحَرْبُ اهـ وَبَيَّنَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ ثُمَّ قَالَ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مِنْ الْحَاجَةِ أَنْ يَجِدَ غَيْرَهُ كَالدِّرْعِ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ عَنْ حَمْلِهِ لِنَحْوِ ضَعْفِهِ أَوْ ضَعْفِ مَرْكُوبِهِ، وَقَوْلُهُ كَدِيبَاجٍ إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِهِ لَا يَقِي غَيْرُهُ وِقَايَتَهُ فِي دَفْعِ السِّلَاحِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تُفَاجِئْهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ إنْ أَرَادَ بِهِ حِلَّهُ مَعَ تَيَسُّرِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَانَ مَاشِيًا فِيهِ عَلَى الضَّعِيفِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ أَوَّلًا، وَإِنْ أَرَادَ حِلَّهُ وَقْتَ الْحَرْبِ، وَإِنْ تَسَبَّبَ فِيهَا إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ كَانَ مُعْتَمَدًا ثُمَّ قَالَ وَكَالدِّرْعِ الْمَنْسُوجَةِ بِذَهَبٍ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ فِي الْحَرْبِ إلَّا إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.
(قَوْلُهُ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ) أَيْ بِأَنْ فَقَدَ سَاتِرًا غَيْرَهُ أَيْ يَلِيقُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ التَّعْبِيرِ هُنَا بِالْحَاجَةِ وَفِيمَا قَبْلَهُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ هُنَا فَقْدُ غَيْرِهِ وَهُوَ خَطَأٌ وَإِلَّا لَزِمَ جَوَازُ لُبْسِهِ مُطْلَقًا وَذَلِكَ مُبْطِلٌ لِلْحُكْمِ بِتَحْرِيمِهِ (قَوْلُهُ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَلَوْ فِي الْخَلْوَةِ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَأَفْتَى أَبُو شُكَيْلٍ بِأَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِنَحْوِ التَّعْمِيمِ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute