للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا فِي نَحْوِ الصَّلَاةِ فَيَحْرُمُ إنْ كَانَتْ فَرْضًا، وَكَذَا إنْ كَانَتْ نَفْلًا وَاسْتَمَرَّ فِيهِ لَكِنْ لَا لِحُرْمَةِ إبْطَالِهِ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ بَلْ لِتَلَبُّسِهِ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ، وَأَمَّا مَعَ رُطُوبَةٍ فَلَا؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ تَحْرِيمُ تَنْجِيسِ الْبَدَنِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَمَعَ حِلِّ لُبْسِهِ يَحْرُمُ الْمُكْثُ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ تَنْزِيهُ الْمَسْجِدِ عَنْ النَّجِسِ.

(لَا جِلْدِ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ) وَفَرْعَ أَحَدِهِمَا فَلَا يَحِلُّ لُبْسُهُ لِغِلَظِ نَجَاسَتِهِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ كَفُجْأَةِ قِتَالٍ) أَوْ خَوْفِ نَحْوَ بَرْدٍ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْحَرِيرِ وَخَرَجَ بِلُبْسِهِ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ كَافْتِرَاشِهِ فَيَحِلُّ قَطْعًا كَمَا فِي الْأَنْوَارِ، وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا (وَكَذَا جِلْدُ الْمَيْتَةِ) غَيْرُهُمَا فَيَحْرُمُ لُبْسُهُ

ــ

[حاشية الشرواني]

أَيْ اسْتِعْمَالُهَا فِيهِ بِحَيْثُ تَتَّصِلُ بِهِ رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا انْتَهَى سم اهـ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا فِي نَحْوِ الصَّلَاةِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ بِخِلَافِ لُبْسِهِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ فَيَحْرُمُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا أَمْ لَا لِقَطْعِهِ الْفَرْضَ بِخِلَافِ النَّفْلِ، فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ لِجَوَازِ قَطْعِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ لُبْسَهُ فِي أَثْنَاءِ طَوَافٍ مَفْرُوضٍ بِنِيَّةِ قَطْعِهِ جَائِزٌ وَبِدُونِهِ مُمْتَنِعٌ، أَمَّا إذَا لَبِسَهُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ بِنَفْلٍ أَوْ فَرْضٍ غَيْرِ ضَيِّقٍ أَوْ بَعْدَ تَحَرُّمِهِ بِنَفْلٍ وَاسْتَمَرَّ فَالْحُرْمَةُ عَلَى تَلَبُّسِهِ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ أَوْ اسْتِمْرَارِهِ فِيهَا لَا عَلَى لُبْسِهِ اهـ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا مَسْأَلَةَ الطَّوَافِ الْمَفْرُوضِ وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ تَحَرُّمِهِ بِنَفْلٍ (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ إنْ كَانَتْ فَرْضًا) أَيْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ مُطْلَقًا وَقَبْلَهُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ كَمَا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ كَانَتْ نَفْلًا إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ لَبِسَهُ قَبْلَ تَحَرُّمِهِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ، وَإِنْ كَانَ الِاسْتِدْرَاكُ الْآتِي ظَاهِرًا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: تَحْرِيمُ تَنْجِيسِ الْبَدَنِ) وَكَذَا الثَّوْبُ عَلَى الصَّحِيحِ م ر اهـ سم وَيَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ فَقَوْلُ شَيْخِنَا وَلَا يَحْرُمُ تَنْجِيسُ مِلْكِهِ كَثَوْبِهِ وَجِدَارِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ غَرَضٍ مَا لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ ضَيَاعُ الْمَالِ اهـ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ) يَعْنِي مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ (قَوْلُهُ: يَحْرُمُ الْمُكْثُ بِهِ) أَيْ بِلِبَاسٍ مُتَنَجِّسٍ بِغَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ سم وَشَيْخُنَا قَالَ الْبَصْرِيُّ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْ الْمُكْثِ الْمُحَرَّمِ الْمُكْثُ بِالنَّعْلِ الْمُتَنَجِّسَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَخْ) أَيْ أَمَّا الْحَاجَةُ كَمَا فِي النَّعْلِ وَالْبَابُوجِ الَّذِي بِهِ نَجَاسَةٌ فَيَجُوزُ شَيْخُنَا أَيْ إنْ مَكَثَ بِذَلِكَ لِلصَّلَاةِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) وَقَرَّرَ م ر أَنَّ مَنْ دَخَلَ بِنَجَاسَةٍ فِي نَحْوِ ثَوْبِهِ أَوْ نَعْلِهِ رَطْبَةً أَوْ غَيْرِ رَطْبَةٍ إنْ خَافَ تَلْوِيثَ الْمَسْجِدِ أَوْ لَمْ يَكُنْ دُخُولُهُ لِحَاجَةٍ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ هَذَا بِجَوَازِ عُبُورِ حَائِضٍ أَمِنَتْ التَّلْوِيثَ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ ثُمَّ قَرَّرَ تَحْرِيمَ دُخُولِ مَنْ بِنَحْوِ ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ الْمَسْجِدَ وَمُكْثٍ فِيهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ ع ش أَيْ فَيُحْمَلُ تَقْرِيرُهُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي الْمُوَافِقِ لِمَا فِي النِّهَايَةِ وَالتُّحْفَةِ وَالْمُغْنِي.

قَوْلُ الْمَتْنِ (لَا جِلْدُ كَلْبٍ إلَخْ) .

(فَرْعٌ) قَضِيَّةُ حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ نَحْوِ جِلْدِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَشَعْرِهِمَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ حُرْمَةُ اسْتِعْمَالِ مَا يُقَالُ لَهُ فِي الْعُرْفِ الشِّيتَةُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ نَعَمْ إنْ تَوَقَّفَ اسْتِعْمَالُ الْكَتَّانِ عَلَيْهَا وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فَهَذَا ضَرُورَةٌ مُجَوِّزَةٌ لِاسْتِعْمَالِهَا وَيُعْفَى حِينَئِذٍ عَنْ مُلَاقَاتِهَا مَعَ نَدَاوَتِهِ قَالَ م ر يَنْبَغِي الْجَوَازُ إنْ تَوَقَّفَ الِاسْتِعْمَالُ عَلَيْهَا وَأَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ الْجَوَازُ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَجْفِيفُ الْكَتَّانِ وَعَمَلُهُ عَلَيْهَا جَافًّا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ: فَيَحِلُّ قَطْعًا) اعْتَمَدَهُ ع ش عِبَارَتُهُ قَوْلُهُ م ر فَلَا يَحِلُّ لُبْسُهُ إلَخْ خَرَجَ بِهِ الْفَرْشُ فَيَجُوزُ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ حَجّ اهـ وَيَأْتِي عَنْ الزِّيَادِيِّ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْأَنْوَارِ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَالْوَجْهُ مَنْعُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا نَسَبَهُ لِلْأَنْوَارِ لَمْ نَرَهُ فِيهِ وَلَعَلَّ النُّسَخَ مُخْتَلِفَةٌ سم وَوَافَقَهُ شَيْخُنَا فَقَالَ وَالِافْتِرَاشُ وَالتَّدَثُّرُ كَاللُّبْسِ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَكَذَا جِلْدُ الْمَيْتَةِ إلَخْ) أَيْ قَبْلَ الدَّبْغِ، وَكَذَا يَحْرُمُ عَلَى الْآدَمِيِّ اسْتِعْمَالُ نَجَاسَةٍ فِي بَدَنِهِ أَوْ شَعْرِهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَلَوْ كَانَ النَّجِسُ مُشْطَ عَاجٍ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ إذَا كَانَتْ هُنَاكَ رُطُوبَةٌ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فِي قَوْلِهِ يَحْرُمُ أَيْ الْعَاجُ مُطْلَقًا وَكَأَنَّهُمْ اسْتَثْنَوْا الْعَاجَ لِشِدَّةِ جَفَافِهِ مَعَ ظُهُورِ رَوْنَقِهِ، وَجِلْدُ الْآدَمِيِّ وَشَعْرُهُ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ إلَّا لِلضَّرُورَةِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَحَاصِلُهُ حُرْمَةُ اسْتِعْمَالِ نَجِسِ غَيْرِ الْعَاجِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِي الْبَدَنِ أَوْ الثَّوْبِ أَوْ الشَّعْرِ وَسَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ رُطُوبَةٌ أَوْ لَا وَكَذَا اسْتِعْمَالُ جُزْءِ الْآدَمِيِّ وَحُرْمَةُ اسْتِعْمَالِ الْعَاجِ مَعَ الرُّطُوبَةِ وَكَرَاهَتُهُ بِدُونِهَا قَالَ ع ش قَوْلُهُ: مُشْطَ عَاجٍ إلَخْ وَهُوَ أَنْيَابُ فِيَلَةٍ وَيَنْبَغِي جَوَازُ حَمْلِهِ لِقَصْدِ اسْتِعْمَالِهِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، أَمَّا فِيهِمَا فَلَا يَجُوزُ لِوُجُوبِ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ فِيهِمَا فِي الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَالْمَكَانِ وَقَوْلُهُ م ر إذَا كَانَتْ هُنَاكَ رُطُوبَةٌ أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْجِيسِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَقَوْلُهُ م ر وَجِلْدُ الْآدَمِيِّ إلَخْ أَيْ وَلَوْ حَرْبِيًّا خِلَافًا لِابْنِ حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ لُبْسُهُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ فَوْقَ الثِّيَابِ وَخَرَجَ بِاللُّبْسِ الِافْتِرَاشُ فَيَجُوزُ قَطْعًا وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ ز ي وَعِ ش اهـ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وُجُودِ الْعَرَقِ فِي الْحَالِ إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ الْمَاءُ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُتَنَجِّسِ) شَامِلٌ لِلنَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ فَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي حُرْمَةُ الْمُكْثِ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ أَيْ الْمُتَنَجِّسِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِغَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي نَحْوِ الصَّلَاةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ إخْرَاجُ الْمُتَنَجِّسِ بِمَعْفُوٍّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَذْهَبَ تَحْرِيمُ تَنْجِيسِ الْبَدَنِ) وَكَذَا الثَّوْبِ عَلَى الصَّحِيحِ م ر.

(قَوْلُهُ: وَمَعَ حِلِّ لُبْسِهِ يَحْرُمُ الْمُكْثُ إلَخْ) أَخْرَجَ مُجَرَّدَ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَالْوَجْهُ مَنْعُ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>