للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا مِنْهُ مَا لَمْ يَتَطَهَّرْ وَيُعِيدُهَا، وَلَا بُدَّ فِي أَدَاءِ سُنَّتِهَا مِنْ كَوْنِهَا عَرَبِيَّةً لَكِنْ الْمُتَّجَهُ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ لِكَمَالِهَا لَا لِأَصْلِهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يَفْهَمُهَا كَالطَّهَارَةِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ اعْتِنَاءَ الشَّارِعِ بِنَحْوِ الطَّهَارَةِ أَعْظَمُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ الْعَرَبِيَّةِ يَخْطُبُ بِلِسَانِهِ لِمِثْلِهِ كَمَا مَرَّ وَعَنْ الطَّهُورَيْنِ لَا يَخْطُبُ أَصْلًا، فَإِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي صِحَّتِهَا الطُّهْرُ فَأَوْلَى كَوْنُهَا عَرَبِيَّةً، وَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ سَمَاعِ الْحَاضِرِينَ لَهَا بِالْفِعْلِ لَكِنْ يَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِسَمَاعٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ تُسَنُّ لِلِاثْنَيْنِ، ثُمَّ هِيَ وَإِنْ كَانَتْ كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ فِي سُنَنِهَا إلَّا أَنَّهَا تَزِيدُ بِسُنَنٍ أُخْرَى تُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ (وَيُعَلِّمُهُمْ) نَدْبًا (فِي الْفِطْرِ الْفِطْرَةَ) أَيْ زَكَاتَهَا (وَ) فِي (الْأَضْحَى الْأُضْحِيَّةَ) أَيْ أَحْكَامَهَا الَّتِي تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهَا لِلِاتِّبَاعِ فِي بَعْضِ ذَلِكَ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ عِظَمِ نَفْعِهِمْ (يَفْتَتِحُ الْأُولَى بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ وَلَاءً) إفْرَادًا فِي الْكُلِّ وَهِيَ مُقَدِّمَةٌ لَهَا لَا مِنْهَا وَلَا يُنَافِيهِ التَّعْبِيرُ بِالِافْتِتَاحِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يُفْتَتَحُ بِبَعْضِ مُقَدِّمَاتِهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

حَجّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ جُنُبًا فِي حَالَةِ الْقِرَاءَةِ بَطَلَتْ خُطْبَتُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَقْصِدْ الْقِرَاءَةَ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ فِي أَدَاءِ سُنَّتِهَا إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ فَقَالُوا لَكِنْ يُعْتَبَرُ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ الْإِسْمَاعُ وَالسَّمَاعُ وَكَوْنُ الْخُطْبَةِ عَرَبِيَّةً اهـ وَزَادَ شَيْخُنَا وَكَوْنُ الْخَطِيبِ ذَكَرًا اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَكَوْنُ الْخُطْبَةِ عَرَبِيَّةً اُنْظُرْ وَإِنْ كَانُوا مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَقُولُ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ م ر ذَلِكَ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْغَرَضُ مِنْهَا مُجَرَّدُ الْوَعْظِ بَلْ الْغَالِبُ عَلَيْهَا الِاتِّبَاعُ نَظَرًا لِكَوْنِهَا عِبَادَةً اهـ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ الْمُتَّجَهُ إلَخْ) خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يَفْهَمُهَا) يُحْتَمَلُ تَعَلُّقُهُ بِقَوْلِهِ لِكَمَالِهَا وَبِقَوْلِهِ لِأَصْلِهَا فَعَلَى الْأَوَّلِ يَصِيرُ الْمَعْنَى أَنَّ كَوْنَهَا عَرَبِيَّةً لَيْسَ شَرْطًا فِي الْأَصْلِ مُطْلَقًا وَلَا فِي الْكَمَالِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ لَا يَفْهَمُهَا، وَفِيهِ أَنَّ عَدَمَ اشْتِرَاطِهَا لِلْأَصْلِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يَفْهَمُهَا سِيَّمَا إنْ كَانَ لَا يَفْهَمُ غَيْرَهَا لَا يَخْلُو عَنْ بُعْدٍ وَعَلَى الثَّانِي يَصِيرُ الْمَعْنَى أَنَّ كَوْنَهَا عَرَبِيَّةً شَرْطٌ لِلْكَمَالِ مُطْلَقًا وَلِلْأَصْلِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ لَا يَفْهَمُهَا وَفِيهِ أَنَّهُ لَوْ عَكَسَ لَكَانَ أَنْسَبَ بِأَنْ جَعَلَ اشْتِرَاطَهُمَا لِلْأَصْلِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يَفْهَمُهَا لَا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ لَا يَفْهَمُهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِضَمِيرِ يَفْهَمُهَا غَيْرَ الْعَرَبِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ، بَصْرِيٌّ أَقُولُ سِيَاقُ كَلَامِ الشَّارِحِ صَرِيحٌ فِي الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِقَوْلِهِ لِكَمَالِهَا (قَوْلُهُ: بَلْ أَوْلَى) يَعْنِي كَوْنُ الْعَرَبِيَّةِ لَيْسَتْ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ أَوْلَى مِنْ كَوْنِ الطَّهَارَةِ كَذَلِكَ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي الْجُمُعَةِ لَكِنْ هَذَا الْعَاجِزُ هَلْ يُتَرْجِمُ عَنْ الْآيَةِ؛ لِأَنَّهَا رُكْنٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهَا أَوْ لَا وَتَسْقُطُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَكِنَّهُ يَقِفُ بِقَدْرِهَا لِفَوَاتِ إعْجَازِ الْقُرْآنِ بِالتَّرْجَمَةِ، فِيهِ نَظَرٌ وَيُؤَيِّدُ الثَّانِيَ مَا قَالُوهُ فِيمَنْ عَجَزَ فِي الصَّلَاةِ عَنْ الْفَاتِحَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي أَدَاءِ سُنَّتِهَا (قَوْلُهُ: نَدْبًا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَفِعْلُهَا فِي الْمُغْنِي وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ نَعَمْ لَا يُسَنُّ إلَى الْمَتْنِ، قَوْلُ الْمَتْنِ (الْفِطْرَةَ) بِكَسْرِ الْفَاءِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَبِضَمِّهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ كَابْنِ أَبِي الدَّمِ وَهِيَ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ اسْمٌ لِمَا يَخْرُجُ، مُوَلَّدَةٌ لَا عَرَبِيَّةٌ وَلَا مُعَرَّبَةٌ وَكَأَنَّهَا مِنْ الْفِطْرَةِ أَيْ الْخِلْقَةِ فَهِيَ صَدَقَةُ الْخِلْقَةِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَحْكَامَهَا) أَيْ أَحْكَامَ الْفِطْرَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ (قَوْلُهُ فِي بَعْضِ ذَلِكَ) وَاَلَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ بَعْضُ أَحْكَامِ الْأُضْحِيَّةَ فِي عِيدِهَا وَاَلَّذِي فِي أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بَعْضُ أَحْكَامِ الْفِطْرِ فِي عِيدِهِ وَيُقَاسُ بِذَلِكَ بَقِيَّةُ أَحْكَامِهِمَا بِجَامِعِ أَنَّهُ لَائِقٌ بِالْحَالِ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ، قَوْلُ الْمَتْنِ (يَفْتَتِحُ الْأُولَى) أَيْ لِقَوْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ وَفِي الْحَقِيقَةِ الْخُطْبَةُ شَبِيهَةٌ بِالصَّلَاةِ هُنَا، فَإِنَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى يَفْتَتِحُهَا بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالرُّكُوعِ فَجُمْلَتُهَا تِسْعٌ وَالثَّانِيَةُ بِخَمْسٍ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ، وَالْوَلَاءُ سُنَّةٌ فِي التَّكْبِيرَاتِ وَكَذَا الْإِفْرَادُ فَلَوْ تَخَلَّلَ ذِكْرٌ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ أَوْ قَرَنَ بَيْنَهُمَا جَازَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر أَوْ قَرَنَ بَيْنَهُمَا أَيْ أَوْ بَيْنَ الْجَمِيعِ وَقَوْلُهُ جَازَ أَيْ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ، قَوْلُ الْمَتْنِ (بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ إلَخْ) هَلْ تَفُوتُ هَذِهِ التَّكْبِيرَاتُ بِالشُّرُوعِ فِي أَرْكَانِ الْخُطْبَةِ لَا يَبْعُدُ الْفَوَاتُ كَمَا يَفُوتُ التَّكْبِيرُ فِي الصَّلَاةِ بِالشُّرُوعِ فِي الْقِرَاءَةِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَقُولُ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْفَوَاتِ وَيُوَجَّهُ بِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ السُّبْكِيّ مِنْ طَلَبِ الْإِكْثَارِ مِنْهُ فِي فُصُولِ الْخُطْبَةِ أَيْ بَيْنَ سَجَعَاتِهَا ع ش أَقُولُ فِي ذَلِكَ التَّوْجِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَلِذَا اعْتَمَدَ الْأَوَّلَ الشَّوْبَرِيُّ وَكَذَا شَيْخُنَا فَقَالَ وَيَفُوتُ التَّكْبِيرُ بِالشُّرُوعِ فِي أَرْكَانِ الْخُطْبَةِ كَمَا قَرَّرَهُ الشَّيْخُ الطُّوخِيُّ اهـ

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَاءً) أَيْ فَيَضُرُّ الْفَصْلُ الطَّوِيلُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ إفْرَادًا أَيْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً فَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ ثِنْتَيْنِ مَثَلًا فَعُلِمَ أَنَّ مَعْنَى الْوَلَاءِ غَيْرُ مَعْنَى الْإِفْرَادِ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

مَا يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ الْخُطْبَةِ حَيْثُ قَالَ عَقِبَ قَوْلِهِ كَخُطْبَتَيْ جُمُعَةٍ فِي أَرْكَانٍ وَسُنَنٍ مَا نَصُّهُ: لَا فِي شُرُوطٍ خِلَافًا لِلْجُرْجَانِيِّ وَحُرْمَةُ قِرَاءَةِ الْجُنُبِ آيَةً فِي إحْدَاهُمَا لَيْسَ لِكَوْنِهَا رُكْنًا بَلْ لِكَوْنِ الْآيَةِ قُرْآنًا، لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ الْإِسْمَاعُ وَالسَّمَاعُ وَكَوْنُ الْخُطْبَةِ عَرَبِيَّةً اهـ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ قَرَأَ الْجُنُبُ الْآيَةَ لَا بِقَصْدِ قُرْآنٍ فَهَلْ تُجْزِي لِقِرَاءَتِهِ ذَاتَ الْآيَةِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي الْجُمُعَةِ لَكِنْ هَذَا الْعَاجِزُ هَلْ يُتَرْجِمُ عَنْ الْآيَةِ؛ لِأَنَّهَا رُكْنٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهَا أَوَّلًا وَتَسْقُطُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، لَكِنَّهُ يَقِفُ بِقَدْرِهَا لِفَوَاتِ إعْجَازِ الْقُرْآنِ بِالتَّرْجَمَةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُؤَيِّدُ الثَّانِيَ مَا قَالُوهُ فِيمَنْ عَجَزَ فِي الصَّلَاةِ عَنْ الْفَاتِحَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَاءً) أَيْ فَيَضُرُّ الْفَصْلُ الطَّوِيلُ وَقَوْلُهُ إفْرَادًا أَيْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً فَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ ثِنْتَيْنِ مَثَلًا فَعُلِمَ أَنَّ مَعْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>