(وَيَذْهَبُ فِي طَرِيقٍ وَيَرْجِعُ فِي أُخْرَى) نَدْبًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَحِكْمَتُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَذْهَبُ فِي الْأَطْوَلِ» ؛ لِأَنَّ أَجْرَ الذَّهَابِ أَعْظَمُ وَيَرْجِعُ فِي الْأَقْصَرِ وَهَذَا سُنَّةٌ فِي كُلِّ عِبَادَةٍ، أَوْ لِيَتَبَرَّكَ بِهِ أَهْلُهُمَا أَوْ لِيُسْتَفْتَى فِيهِمَا أَوْ لِيَتَصَدَّقَ عَلَى فُقَرَائِهِمَا أَوْ لِيَزُورَ أَقَارِبَهُ أَوْ قُبُورَهُمْ فِيهِمَا أَوْ لِيَغِيظَ مُنَافِقِيهِمَا أَوْ لِيُحَذِّرَ مِنْهُمْ وَلِلتَّفَاؤُلِ بِتَغَيُّرِ الْحَالِ إلَى الْمَغْفِرَةِ أَوْ لِتَشْهَدَ لَهُ الْبِقَاعُ أَوْ خَشْيَةَ الْعَيْنِ أَوْ الزَّحْمَةِ، وَعَلَى كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي يُسَنُّ ذَلِكَ وَلَوْ لِمَنْ لَمْ تُوجَدْ فِيهِ كَالرَّمَلِ وَالِاضْطِبَاعِ (وَيُبَكِّرُ النَّاسُ) مِنْ الْفَجْرِ نَدْبًا لِيُحَصِّلُوا فَضِيلَةَ الْقُرْبِ وَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ هَذَا إنْ خَرَجُوا لِلصَّحْرَاءِ وَالْأَسَنُّ الْمُكْثُ عَقِبَ الْفَجْرِ كَمَا بُحِثَ، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ لِزِيَادَةِ تَزَيُّنٍ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا ذَهَبَ وَأَتَى فَوْرًا.
(وَيَحْضُرُ الْإِمَامُ وَقْتَ صَلَاتِهِ) نَدْبًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَيُعَجِّلُ) نَدْبًا الْخُرُوجَ (فِي الْأَضْحَى)
ــ
[حاشية الشرواني]
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا اُعْتِيدَ اسْتِئْذَانُهُ أَوْ كَانَ لَا يَرَاهَا اهـ، قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَذْهَبُ) أَيْ الْقَاصِدُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ إنْ كَانَ قَادِرًا إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا (وَقَوْلُهُ: فِي آخَرَ) أَيْ غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِي ذَهَبَ فِيهِ وَيَخُصُّ بِالذَّهَابِ أَطْوَلَهُمَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي، قَالَ ع ش ظَاهِرُهُ، وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ يُسْتَحَبُّ الذَّهَابُ فِي أَطْوَلِ الطَّرِيقَيْنِ إلَّا لِلصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ، فَإِنَّهَا إذَا كَانَتْ بِمَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ نُدِبَتْ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهَا وَالْمَشْيُ إلَيْهَا مِنْ الطَّرِيقِ الْأَقْصَرِ وَكَذَا إذَا خَشِيَ فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى نَدْبُ الذَّهَابِ فِي أَقْصَرِ الطَّرِيقَيْنِ وَالْإِسْرَاعِ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ بَلْ يَجِبُ مَا ذُكِرَ إذَا خَافَ فَوْتَ الْفَرْضِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَحِكْمَتُهُ) أَيْ الذَّهَابِ فِي طَرِيقٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَجْرَ الذَّهَابِ إلَخْ) هَذَا السَّبَبُ هُوَ الْأَرْجَحُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَجْرَ الذَّهَابِ أَعْظَمُ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى ثُبُوتِ الْأَجْرِ فِي الرُّجُوعِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ فِي أَطْوَلِهِمَا تَكْثِيرًا لِلْأَجْرِ وَيَرْجِعُ فِي أَقْصَرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَاصِدَ قُرْبَةٍ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ يُثَابُ عَلَى الرُّجُوعِ انْتَهَى اهـ سم، زَادَ الْبَصْرِيُّ وَعَلَيْهِ فَلَا يَظْهَرُ تَخْصِيصُهُ الْأَطْوَلَ بِأَحَدِهِمَا وَالْأَقْصَرَ بِالْآخَرِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَسْلُكَ الْأَطْوَلَ فِيهِمَا اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ، وَإِنَّمَا خَصَّ الذَّهَابَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قَاصِدٌ مَحْضَ الْعِبَادَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا إلَخْ) أَيْ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ سم (قَوْلُهُ: وَهَذَا سُنَّةٌ فِي كُلِّ عِبَادَةٍ) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَحِكْمَتُهُ إلَخْ أَوْ تَأْخِيرَهُ وَذِكْرَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ أَوْ الزَّحْمَةِ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ عِبَادَةٍ) أَيْ كَالْحَجِّ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ لِيَتَبَرَّكَ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ أَجْرَ إلَخْ، وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْأَقْوَالِ بِالنَّظَرِ إلَى مُطْلَقِ مُخَالَفَةِ الطَّرِيقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَا بِالنَّظَرِ لِتَخْصِيصِ الذَّهَابِ بِالْأَطْوَلِ وَالرُّجُوعِ بِالْأَقْصَرِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَعَلَى كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي إلَخْ) أَقُولُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِجَمِيعِ هَذِهِ الْمَعَانِي إذْ لَا مَانِعَ مِنْ اجْتِمَاعِهَا، لَا يُقَالُ لَا يَتَأَتَّى الْجَمْعُ بَيْنَ إغَاظَةِ الْمُنَافِقِينَ وَالْحَذَرِ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْحَذَرُ مِمَّنْ مَرَّ بِهِمْ أَوَّلًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَهَيَّئُوا لَهُ فِي الْإِيَابِ، وَالْإِغَاظَةِ، لِمَنْ يَمُرُّ بِهِمْ ثَانِيًا، بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَا مَانِعَ مِنْ اجْتِمَاعِ هَذِهِ الْمَعَانِي كُلِّهَا أَوْ أَكْثَرِهَا، وَفِي الْأُمِّ وَاسْتُحِبَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقِفَ فِي طَرِيقِ رُجُوعِهِ إلَى الْقِبْلَةِ وَيَدْعُو لِحَدِيثٍ فِيهِ اهـ
قَالَ ع ش قَوْلُهُ أَنْ يَقِفَ إلَخْ أَيْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ اتَّفَقَ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ وَيَدْعُو وَيُعَمِّمُ فِيهِ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ أَنَّ الدُّعَاءَ الْعَامَّ أَفْضَلُ مِنْ الدُّعَاءِ الْخَاصِّ ع ش (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمَنْ لَمْ تُوجَدُ فِيهِ إلَخْ) وَلَا شُبْهَةَ أَنَّ نَفْيَ الْجَمِيعِ بَعِيدٌ إذْ نَحْوُ شَهَادَةِ الطَّرِيقَيْنِ وَالتَّفَاؤُلِ بِتَغَيُّرِ الْحَالِ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: مِنْ الْفَجْرِ) إلَى قَوْلِهِ: وَكَوْنُهُ وِتْرًا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَمَحَلُّهُ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْوَجْهُ إلَى الْمَتْنِ وَإِلَى الْفَصْلِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَمَحَلُّهُ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ وَحَدَّ الْمَاوَرْدِيُّ إلَى وَإِنَّمَا الْوَجْهُ، وَقَوْلُهُ وَأَلْحَقَ بِهِ الزَّبِيبَ وَقَوْلُهُ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْأَصْلُ إلَى وَيُكْرَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْفَجْرِ) ظَاهِرُهُ الْوَقْتُ وَعَلَيْهِ فَلَا يُلَائِمُ تَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ هَذَا إلَخْ وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ كَالْمُغْنِي بَعْدَ صَلَاتِهِمْ الصُّبْحَ ثُمَّ قَيَّدَا بِقَوْلِهِمَا هَذَا إلَخْ وَهَذَا صَنِيعٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ، بَصْرِيٌّ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَبُكُورٌ بَعْدَ الصُّبْحِ وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَلَيْهِ أَيْ لِغَيْرِ بَعِيدِ الدَّارِ وَهُوَ لِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ بِالتَّهَيُّؤِ كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ اهـ وَلَك أَنْ تَقُولَ أَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ مِنْ الْفَجْرِ الْآتِي صَلَاةَ الْفَجْرِ عَلَى شِبْهِ الِاسْتِخْدَامِ فَلَا غُبَارَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَضِيلَةَ الْقُرْبِ) أَيْ مِنْ الْإِمَامِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَسَنُّ الْمُكْثُ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ فَلَوْ خَرَجُوا مِنْهُ ثُمَّ عَادُوا إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ حُضُورُهُمْ فِي الْأَصْلِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ عَلَى نِيَّةِ الْمُكْثِ لِصَلَاةِ الْعِيدِ ثُمَّ خَرَجُوا لِعَارِضٍ لَمْ تَفُتْ سُنَّةُ التَّبْكِيرِ، وَإِنْ كَانَ الْحُضُورُ لِمُجَرَّدِ صَلَاةِ الصُّبْحِ بِدُونِ قَصْدِ الْمُكْثِ لَمْ تَحْصُلْ تِلْكَ السُّنَّةُ ع ش.
(قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ قَالَ الْبَدْرُ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَقَالَ الْغَزِّيِّ: إنَّهُ الظَّاهِرُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ سَنِّ الْمُكْثِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ كَتَفْرِيقِ الْفِطْرَةِ وَفِي الْإِيعَابِ لَوْ تَعَارَضَ التَّبْكِيرُ وَتَفْرِيقُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ كَانَ تَفْرِيقُهَا أَوْلَى انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.
(قَوْلُهُ: نَدْبًا) وَيَجُوزُ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ مِنْ الثَّوَابِ مَا يُسَاوِي فَضِيلَةَ التَّبْكِيرِ أَوْ يَزِيدَ عَلَيْهَا حَيْثُ كَانَ تَأَخُّرُهُ امْتِثَالًا لِأَمْرِ الشَّارِعِ ع ش، قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُعَجِّلَ) أَيْ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالضَّعَفَةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَجْرَ الذَّهَابِ أَعْظَمُ) فِي دَلَالَتِهِ عَلَى ثُبُوتِ الْأَجْرِ فِي الرُّجُوعِ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ ثُمَّ الْأَرْجَحُ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَآخَرِينَ فِي سَبَبِ مُخَالَفَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ فِي أَطْوَلِهِمَا تَكْثِيرًا لِلْأَجْرِ وَيَرْجِعُ فِي أَقْصَرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَاصِدَ قُرْبَةٍ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ يُثَابُ عَلَى