للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يُنْدَبُ لِلزَّائِرِ وَالْمُشَيِّعِ قِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ نَعَمْ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا فِي خَبَرٍ غَرِيبٍ «مَا مِنْ مَرِيضٍ يُقْرَأُ عِنْدَهُ يس إلَّا مَاتَ رَيَّانًا وَأُدْخِلَ قَبْرَهُ رَيَّانًا» وَالْحِكْمَةُ فِي يس اشْتِمَالُهَا عَلَى أَحْوَالِ الْقِيَامَةِ وَأَهْوَالِهَا وَتَغَيُّرِ الدُّنْيَا وَزَوَالِهَا وَنَعِيمِ الْجَنَّةِ وَعَذَابِ جَهَنَّمَ فَيَتَذَكَّرُ بِقِرَاءَتِهَا تِلْكَ الْأَحْوَالَ الْمُوجِبَةَ لِلثَّبَاتِ قِيلَ: وَالرَّعْدُ لِأَنَّهَا تُسَهِّلُ طُلُوعَ الرُّوحِ وَيُجَرَّعُ الْمَاءَ نَدْبًا بَلْ وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ إنْ ظَهَرَتْ أَمَارَةٌ تَدُلُّ عَلَى احْتِيَاجِهِ لَهُ كَأَنْ يَهَشَّ إذَا فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَطَشَ يَغْلِبُ حِينَئِذٍ لِشِدَّةِ النَّزْعِ وَلِذَلِكَ يَأْتِي الشَّيْطَانُ - كَمَا وَرَدَ - بِمَاءٍ زُلَالٍ وَيَقُولُ: قُلْ لَا إلَهَ غَيْرِي حَتَّى أَسْقِيَك قِيلَ: وَيَحْرُمُ حُضُورُ الْحَائِضِ عِنْدَهُ وَيَأْتِي فِي الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ مَا يَرُدُّهُ (وَلْيُحْسِنْ) نَدْبًا الْمُحْتَضَرُ وَكَذَا الْمَرِيضُ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَالَةِ الِاحْتِضَارِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (ظَنَّهُ بِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى) أَيْ يَظُنَّ أَنَّهُ يَغْفِرُ لَهُ وَيَرْحَمُهُ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي فَلَا يَظُنَّ بِي إلَّا خَيْرًا» وَصَحَّ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاَللَّهِ» وَيُسَنُّ لَهُ عِنْدَهُ تَحْسِينُ ظَنِّهِ وَتَطْمِيعُهُ فِي رَحْمَةِ رَبِّهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

أَيْ بِظَاهِرِ الْخَبَرِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يُنْدَبُ لِلزَّائِرِ وَالْمُشَيِّعِ قِرَاءَةُ شَيْءٍ إلَخْ) يَنْبَغِي حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى قِرَاءَتِهِ سِرًّا لِيُوَافِقَ مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ م ر فِي الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ ع ش (قَوْلُهُ: يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ إلَخْ) أَقُولُ غَايَتُهُ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى نَدْبِ قِرَاءَتِهَا عِنْدَ الْمَرِيضِ أَيْضًا وَهُوَ لَا يُنَافِي نَدْبَهَا عَلَى الْمَيِّتِ الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ السَّابِقِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْحِكْمَةُ) إلَى قَوْلِهِ قِيلَ يَحْرُمُ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ قِيلَ (قَوْلُهُ: فَيَتَذَكَّرُ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قِرَاءَتُهَا عِنْدَهُ جَهْرًا ع ش (قَوْلُهُ: قِيلَ: وَالرَّعْدُ) كَذَا عَبَّرَ فِي النِّهَايَةِ وَعَبَّرَ فِي الْمُغْنِي بِقَوْلِهِ وَاسْتَحَبَّ بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَنْ يُقْرَأَ عِنْدَهُ سُورَةُ الرَّعْدِ إلَخْ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي اعْتِمَادِهِ بِخِلَافِ تَعْبِيرِهِمَا بَصْرِيٌّ قَوْلُهُ: م ر وَالرَّعْدُ أَيْ بِتَمَامِهَا إنْ اتَّفَقَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَمَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنْهَا وَقَوْلُهُ: م ر لِأَنَّهَا تُسَهِّلُ إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قِرَاءَتُهَا سِرًّا وَلَوْ أَمَرَهُ الْمُحْتَضَرُ بِالْقِرَاءَةِ جَهْرًا لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ إيلَامٍ لَهُ وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهُمَا فَهَلْ يُقَدِّمُ يس لِصِحَّةِ حَدِيثِهَا أَمْ الرَّعْدَ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِمُرَاعَاةِ حَالِ الْمُحْتَضَرِ فَإِنْ بَانَ عِنْدَهُ شُعُورٌ وَتَذَكُّرٌ بِأَحْوَالِ الْبَعْثِ قَرَأَ سُورَةَ يس وَإِلَّا قَرَأَ الرَّعْدَ ع ش (قَوْلُهُ: وَيُجَرَّعُ الْمَاءَ) كَذَا أَطْلَقَهُ فِي النِّهَايَةِ وَقَيَّدَهُ فِي الْمُغْنِي نَقْلًا عَنْ الْجِيلِيِّ بِالْبَارِدِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَهَشَّ) أَيْ يَفْرَحَ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: بِمَاءٍ زُلَالٍ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْمَاءُ الزُّلَالُ الْعَذْبُ ع ش وَفِي الْقَامُوسِ يُقَالُ مَاءٌ زُلَالٌ أَيْ سَرِيعُ الْمَرِّ فِي الْحَلْقِ بَارِدٌ عَذْبٌ صَافٍ سَهْلٌ سَلِسٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى أَسْقِيَكَ) أَيْ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ مَاتَ عَلَى غَيْرِ الْإِيمَانِ إنْ كَانَ عَقْلُهُ حَاضِرًا ع ش (قَوْلُهُ: قِيلَ وَيَحْرُمُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيُكْرَهُ لِلْحَائِضِ أَنْ تَحْضُرَ الْمُحْتَضَرَ وَهُوَ بِالنَّزْعِ لِمَا وَرَدَ «أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ وَلَا جُنُبٌ» وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْكَلْبَ وَالصُّورَةَ وَغَيْرَ الْحَائِضِ مِمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ مِثْلُهَا وَعَبَّرَ فِي الرَّوْنَقِ وَاللُّبَابِ بِلَا يَجُوزُ بَدَلَ " يُكْرَهُ " أَيْ لَا يَجُوزُ جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلْيُحْسِنْ) مِنْ الْإِحْسَانِ أَوْ التَّحْسِينِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْقَامُوسِ ع ش (قَوْلُهُ: نَدْبًا) إلَى قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَأْتِي فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمَرِيضُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِهِ أَمَّا الْمَرِيضُ غَيْرُ الْمُحْتَضَرِ فَالْمُعْتَمَدُ فِيهِ أَنَّهُ كَالْمُحْتَضَرِ فَيَكُونُ رَجَاؤُهُ أَغْلَبَ مِنْ خَوْفِهِ كَمَا مَرَّ انْتَهَى اهـ سم (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ تَعَهُّدُ نَفْسِهِ بِتَقْلِيمِ الظُّفُرِ وَأَخْذِ شَعْرِ الشَّارِبِ وَالْإِبِطِ وَالْعَانَةِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَيْضًا الِاسْتِيَاكُ وَالِاغْتِسَالُ وَالطِّيبُ وَلُبْسُ الثِّيَابِ الطَّاهِرَةِ مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (ظَنَّهُ بِرَبِّهِ) وَالظَّنُّ يَنْقَسِمُ فِي الشَّرْعِ إلَى وَاجِبٍ وَمَنْدُوبٍ وَحَرَامٍ وَمُبَاحٍ فَالْوَاجِبُ: حُسْنُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالْحَرَامُ: سُوءُ الظَّنِّ بِهِ تَعَالَى وَبِكُلِّ مَنْ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. وَالْمُبَاحُ: الظَّنُّ بِمَنْ اشْتَهَرَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِمُخَالَطَةِ الرِّيَبِ وَالْمُجَاهَرَةِ بِالْخَبَائِثِ فَلَا يَحْرُمُ ظَنُّ السُّوءِ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ دَلَّ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا أَنَّ مَنْ سَتَرَ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ يُظَنَّ بِهِ الْأَخِيرُ وَمَنْ دَخَلَ مَدْخَلَ السُّوءِ اُتُّهِمَ وَمَنْ هَتَكَ نَفْسَهُ ظَنَنَّا بِهِ السُّوءَ وَمِنْ الظَّنِّ الْجَائِزِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ مَا يَظُنُّ الشَّاهِدَانِ فِي التَّقْوِيمِ وَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ وَمَا يَحْصُلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الْأَحْكَامِ بِالْإِجْمَاعِ وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ قَطْعًا وَالْبَيِّنَاتُ عِنْدَ الْحُكَّامِ شَرْحُ م ر اهـ سم قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر فَالْوَاجِبُ حُسْنُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ أَيْ بِأَنْ لَا يَظُنَّ بِهِ سُوءًا كَنِسْبَتِهِ لِمَا لَا يَلِيقُ بِهِ وَقَوْلُهُ م ر وَالْمُبَاحُ الظَّنُّ إلَخْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَنْدُوبَ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي الْإِجْمَالِ لِلتَّصْرِيحِ بِهِ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَكْرُوهَ أَيْضًا وَلَعَلَّهُ لِعَدَمِ تَأَتِّيهِ وَقَدْ يُصَوَّرُ بِأَنْ ظَنَّ فِي نَفْسِهِ أَنَّ اللَّهَ لَا يَرْحَمُهُ لِكَثْرَةِ ذُنُوبِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بِثَلَاثٍ) أَيْ مِنْ اللَّيَالِي.

(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ إلَخْ) وَالْأَظْهَرُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي حَقِّ الصَّحِيحِ اسْتِوَاءُ خَوْفِهِ وَرَجَائِهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرُ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ مَعًا، وَفِي الْإِحْيَاءِ إنْ غَلَبَ دَاءُ الْقُنُوطِ فَالرَّجَاءُ أَوْلَى أَوْ دَاءُ أَمْنِ الْمَكْرُوهِ فَالْخَوْفُ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمَرِيضُ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَالَةِ الِاحْتِضَارِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِهِ أَمَّا الْمَرِيضُ غَيْرُ الْمُحْتَضَرِ فَالْمُعْتَمَدُ فِيهِ أَنَّهُ كَالْمُحْتَضَرِ فَيَكُونُ رَجَاؤُهُ أَغْلَبَ مِنْ خَوْفِهِ كَمَا مَرَّ وَالظَّنُّ يَنْقَسِمُ فِي الشَّرْعِ إلَى وَاجِبٍ وَمَنْدُوبٍ وَحَرَامٍ وَمُبَاحٍ فَالْوَاجِبُ حُسْنُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالْحَرَامُ سُوءُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَبِكُلِّ مَنْ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُبَاحُ سُوءُ الظَّنِّ بِمَنْ اُشْتُهِرَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِمُخَالَطَةِ الرِّيَبِ وَالتَّظَاهُرِ بِالْخَبَائِثِ فَلَا يَحْرُمُ ظَنُّ السُّوءِ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ دَلَّ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا أَنَّ مَنْ سَتَرَ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ يُظَنَّ بِهِ إلَّا خَيْرٌ وَمَنْ دَخَلَ مَدْخَلَ السُّوءِ اُتُّهِمَ وَمَنْ هَتَكَ نَفْسَهُ ظَنَنَّا بِهِ السُّوءَ وَمِنْ الظَّنِّ الْجَائِزِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ مَا يَظُنُّ الشَّاهِدَانِ فِي التَّقْوِيمِ وَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>