للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَجَبَ تَأْخِيرُهُ إلَى الْيَقِينِ بِتَغَيُّرِ رِيحٍ أَوْ نَحْوِهِ فَذِكْرُهُمْ الْعَلَامَاتِ الْكَثِيرَةَ لَهُ إنَّمَا تُفِيدُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ شَكٌّ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ شَارِحٍ وَقَدْ قَالَ الْأَطِبَّاءُ: إنَّ كَثِيرِينَ مِمَّنْ يَمُوتُونَ بِالسَّكْتَةِ ظَاهِرًا يُدْفَنُونَ أَحْيَاءً لِأَنَّهُ يَعِزُّ إدْرَاكُ الْمَوْتِ الْحَقِيقِيِّ بِهَا إلَّا عَلَى أَفَاضِلِ الْأَطِبَّاءِ وَحِينَئِذٍ فَيَتَعَيَّنُ فِيهَا التَّأْخِيرُ إلَى الْيَقِينِ بِظُهُورِ نَحْوِ التَّغَيُّرِ.

(وَغُسْلُهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ (وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ) وَحَمْلُهُ وَكَانَ سَبَبُ عَدَمِ ذِكْرِهِ لَهُ - وَإِنْ ذَكَرَهُ غَيْرُهُ - أَنَّهُ قَدْ لَا يَجِبُ بِأَنْ يُحْفَرَ لَهُ عِنْدَ مَحَلِّهِ ثُمَّ يُحَرَّكَ لِيُنْزَلَ فِيهِ (وَدَفْنُهُ) وَمَا أُلْحِقَ بِهِ كَإِلْقَائِهِ فِي الْبَحْرِ وَبِنَاءِ دَكَّةٍ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بِشَرْطِهِمَا الْآتِي (فُرُوضُ كِفَايَةٍ) إجْمَاعًا عَلَى كُلِّ مَنْ عَلِمَ بِمَوْتِهِ أَوْ قَصَّرَ لِكَوْنِهِ بِقُرْبِهِ وَيُنْسَبُ فِي عَدَمِ الْبَحْثِ عَنْهُ إلَى تَقْصِيرٍ وَيَأْتِي الْكَافِرُ وَكَذَا الشَّهِيدُ فَهُوَ كَغَيْرِهِ إلَّا فِي الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ.

(وَأَقَلُّ الْغُسْلِ) وَلَوْ لِنَحْوِ جُنُبٍ (تَعْمِيمُ بَدَنِهِ) بِالْمَاءِ لِأَنَّهُ الْفَرْضُ فِي الْحَيِّ فَالْمَيِّتُ أَوْلَى وَبِهِ يُعْلَمُ وُجُوبُ غَسْلِ مَا يَظْهَرُ مِنْ فَرْجِ الثَّيِّبِ عِنْدَ جُلُوسِهَا عَلَى قَدَمَيْهَا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْحَيِّ فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّهُمْ أَغْفَلُوا ذَلِكَ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ (بَعْدَ إزَالَةِ النَّجَسِ) عَنْهُ إنْ كَانَ نَدْبًا إذْ يَكْفِي لَهُمَا غَسْلُهُ وَاحِدَةً إنْ زَالَتْ عَيْنُهُ بِهَا بِلَا تَغَيُّرٍ كَالْحَيِّ وَالْفَرْقُ بِأَنَّ هَذَا خَاتِمَةُ أَمْرِهِ فَلْيُحْتَطْ لَهُ أَكْثَرَ يَرُدُّهُ تَصْرِيحُهُمْ الْآتِي بِأَنَّهُ لَوْ خَرَجَ بَعْدَ الْغَسْلِ نَجَسٌ مِنْ الْفَرْجِ أَوْ أُولِجَ فِيهِ لَمْ يَجِبْ غُسْلٌ وَلَا وُضُوءٌ بِخِلَافِ الْحَيِّ فَاغْتَفَرُوا فِيهِ مَا لَمْ يَغْتَفِرُوهُ فِي الْحَيِّ وَلَمْ يُحْتَجْ لِلِاسْتِدْرَاكِ هُنَا لِلْعِلْمِ بِهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

الْمُرَادَ بِهِ التَّرَدُّدُ بِاسْتِوَاءٍ أَوْ رُجْحَانٍ لَكِنَّهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَسَّرَ قَوْلَهُ إذَا تَحَقَّقَ مَوْتُهُ بِقَوْلِهِ أَيْ ظُنَّ مُؤَكَّدًا حَتَّى لَا يُنَافِيَ قَوْلَهُمْ الْمَذْكُورَ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الْمُبَادَرَةُ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ إغْمَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ انْتَهَى اهـ سم وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ مَا يُوَافِقُهُ أَيْ الْإِيعَابَ (قَوْلُهُ: وَجَبَ تَأْخِيرُهُ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ الَّذِي وَجَبَ تَأْخِيرُهُ هُوَ الدَّفْنُ دُونَ الْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ فَإِنَّهُمَا بِتَقْدِيرِ حَيَاتِهِ لَا ضَرَرَ فِيهِمَا نَعَمْ إنْ خِيفَ مِنْهُمَا ضَرَرٌ بِتَقْدِيرِ حَيَاتِهِ امْتَنَعَ فِعْلُهُمَا ع ش (قَوْلُهُ: فَذِكْرُهُمْ الْعَلَامَاتِ إلَخْ) وَمِنْهَا إرْخَاءُ قَدَمِهِ أَوْ مَيَلُ أَنْفِهِ أَوْ انْخِلَاعُ كَفِّهِ أَوْ انْخِفَاضُ صُدْغِهِ أَوْ تَقَلُّصُ خُصْيَتَيْهِ مَعَ تَدَلِّي جِلْدَتَيْهِمَا نِهَايَةٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى ذَلِكَ التَّقَلُّصِ حَلِيلَتُهُ وَكَذَا غَيْرُهَا بِأَنْ يَقَعَ نَظَرُهُ إلَيْهِمَا بِلَا قَصْدٍ ع ش (قَوْلُهُ: فَيَتَعَيَّنُ فِيهَا) أَيْ فِي الْأَمْوَاتِ مِنْ السَّكْتَةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَغُسْلُهُ إلَخْ) (فَرْعٌ) : لَوْ غَسَّلَ الْمَيِّتُ نَفْسَهُ كَرَامَةً فَهَلْ يَكْفِي؟ لَا يَبْعُدُ أَنَّهُ يَكْفِي وَلَا يُقَالُ الْمُخَاطَبُ بِالْفَرْضِ غَيْرُهُ لِجَوَازِ أَنَّهُ إنَّمَا خُوطِبَ بِذَلِكَ غَيْرُهُ لِعَجْزِهِ فَإِذَا أَتَى بِهِ كَرَامَةً كَفَى.

(فَرْعٌ آخَرُ) لَوْ مَاتَ إنْسَانٌ مَوْتًا حَقِيقِيًّا وَجُهِّزَ ثُمَّ أُحْيِيَ حَيَاةً حَقِيقِيَّةً ثُمَّ مَاتَ فَالْوَجْهُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ يَجِبُ لَهُ تَجْهِيزٌ آخَرُ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَ سم عَلَى حَجّ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ غَسَّلَ مَيِّتٌ مَيِّتًا آخَرَ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ حَجّ الْحَدِيثِيَّةِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ أُحْيِيَ بَعْدَ الْمَوْتِ الْحَقِيقِيِّ بِأَنْ أَخْبَرَ بِهِ مَعْصُومٌ ثَبَتَ لَهُ جَمِيعُ أَحْكَامِ الْمَوْتَى مِنْ قِسْمَةِ تَرِكَتِهِ وَنِكَاحِ زَوْجَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَنَّ الْحَيَاةَ الثَّانِيَةَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا لِأَنَّ ذَلِكَ تَشْرِيعٌ لِمَا لَمْ يَرِدْ هُوَ وَلَا نَظِيرُهُ وَلَا مَا يُقَارِبُهُ وَتَشْرِيعُ مَا هُوَ كَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ بِلَا شَكٍّ انْتَهَى أَيْ وَعَلَيْهِ فَمَنْ مَاتَ بَعْدَ الْحَيَاةِ الثَّانِيَةِ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَجِبُ مُوَارَاتُهُ فَقَطْ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ مَوْتُهُ حَكَمْنَا بِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ بِهِ غَشْيٌ أَوْ نَحْوُهُ اهـ ع ش أَقُولُ وَالْقَلْبُ إلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ سم أَمْيَلُ ثُمَّ رَأَيْت أَنَّ شَيْخَنَا جَزَمَ بِذَلِكَ بِلَا عَزْوٍ فَقَالَ وَلَوْ مَاتَ إنْسَانٌ مَوْتًا حَقِيقِيًّا ثُمَّ جُهِّزَ ثُمَّ أُحْيِيَ حَيَاةً حَقِيقِيَّةً ثُمَّ مَاتَ فَالْوَجْهُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ يَجِبُ تَجْهِيزُهُ ثَانِيًا اهـ فَقَوْلُ سم خِلَافًا لِمَا تُوُهِّمَ لَعَلَّهُ أَشَارَ بِهِ إلَى مَا مَرَّ عَنْ الْفَتَاوَى الْحَدِيثِيَّةِ لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَحَمْلُهُ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَنَّهُ قَدْ لَا يَجِبُ إلَخْ) أَيْ أَوْ أَنَّهُ مِنْ لَازِمِ دَفْنِهِ غَالِبًا فَاسْتَغْنَى بِهِ عَنْهُ سم وَبَصْرِيٌّ وَشَيْخُنَا قَوْلُ الْمَتْنِ (فُرُوضُ كِفَايَةٍ) قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْتِقَاطِ الْمَنْبُوذِ فَرْضُ كِفَايَةٍ هَذَا إنْ عَلِمَ بِهِ جَمْعٌ وَلَوْ مُرَتَّبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِلَّا فَفَرْضُ عَيْنٍ اهـ وَقِيَاسُهُ أَنْ يُقَالَ بِنَظِيرِهِ هُنَا بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْغَزِّيِّ فِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْمَيِّتِ إلَّا وَاحِدٌ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ اهـ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنَّ تَعَيُّنَهُ حِينَئِذٍ عَارِضٌ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِي ذَاتِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: إجْمَاعًا) إلَى قَوْلِهِ وَالْفَرْقُ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ قَصَّرَ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ مَنْ عَلِمَ إلَخْ) أَيْ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي الْكَافِرُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ قَاتِلُ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ وَسَوَاءٌ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ إلَّا فِي الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ فَمَحَلُّهُمَا فِي الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي اهـ قَالَ ع ش وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَتَحْرُمُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ غَسْلُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا الشَّهِيدُ) أَيْ يَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ شَيْخِنَا فَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ فَيَجُوزُ غَسْلُهُ مُطْلَقًا وَتَحْرُمُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَيَجِبُ تَكْفِينُهُ وَدَفْنُهُ إنْ كَانَ ذِمِّيًّا أَوْ مُؤْمِنًا أَوْ مُعَاهَدًا بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَخَرَجَ بِغَيْرِ الشَّهِيدِ الشَّهِيدُ فَيَجِبُ فِيهِ أَمْرَانِ فَقَطْ وَهُمَا التَّكْفِينُ وَالدَّفْنُ وَيَحْرُمُ فِيهِ الْغُسْلُ وَالصَّلَاةُ اهـ.

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِنَحْوِ جُنُبٍ) أَيْ مِنْ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ (قَوْلُهُ: بِالْحَيِّ) أَيْ فِي غُسْلِ الْحَيِّ مِنْ الْجَنَابَةِ وَنَحْوِهَا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: بِالْمَاءِ) أَيْ مَرَّةً نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَالْمَيِّتُ أَوْلَى) مَحَلُّ نَظَرٍ (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ فَالْمَيِّتُ إلَخْ (يُعْلَمُ وُجُوبُ إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ) أَيْ إنْ وُجِدَ النَّجَسُ عَلَى بَدَنِهِ (قَوْلُهُ: نَدْبًا) رَاجِعٌ لِلْمَتْنِ (وَقَوْلُهُ: إذْ يَكْفِي إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلنَّدْبِ.

(قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَحْتَجْ إلَخْ) أَيُّ حَاجَةٍ لِلِاعْتِذَارِ بِذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ نَدْبًا؟ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الِاسْتِدْرَاكَ عَلَى إيهَامِ الْعِبَارَةِ الْوُجُوبَ سم (قَوْلُهُ: لِلِاسْتِدْرَاكِ)

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

التَّرَدُّدُ بِاسْتِوَاءٍ أَوْ رُجْحَانٍ لَكِنَّهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَسَّرَ قَوْلَهُ إذَا تَحَقَّقَ مَوْتُهُ بِقَوْلِهِ أَيْ ظُنَّ ظَنًّا مُؤَكَّدًا حَتَّى لَا يُنَافِيَ قَوْلَهُمْ الْمَذْكُورَ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الْمُبَادَرَةُ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ إغْمَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ ثُمَّ أَيَّدَهُ بِكَلَامٍ لَهُمْ آخَرَ.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ قَدْ لَا يَجِبُ بِأَنْ يُحْفَرَ إلَخْ) أَوْ أَنَّهُ مِنْ لَازِمِ دَفْنِهِ فَاسْتَغْنَى بِهِ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: يَرُدُّهُ تَصْرِيحُهُمْ الْآتِي) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ مِنْ وَجْهٍ لَا يَقْتَضِي الِاحْتِيَاطَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُحْتَجْ لِلِاسْتِدْرَاكِ هُنَا لِلْعِلْمِ إلَخْ) أَيُّ حَاجَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>