للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبُغَاةِ) مِنْ مُسْلِمٍ (فَغَيْرُ شَهِيدٍ فِي الْأَظْهَرِ) فَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ كَمَقْتُولٍ بِسَبَبٍ آخَرَ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ قَتِيلٌ مُسْلِمٌ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَتَلَهُ كَافِرٌ اسْتَعَانُوا بِهِ كَانَ شَهِيدًا أَمَّا مَنْ حَرَكَتُهُ حَرَكَةُ مَذْبُوحٍ عِنْدَ انْقِضَاءِ قِتَالِ الْكُفَّارِ فَشَهِيدٌ جَزْمًا وَمَنْ هُوَ مُتَوَقَّعُ الْحَيَاةِ حِينَئِذٍ فَغَيْرُ شَهِيدٍ جَزْمًا.

(وَكَذَا) لَا يَكُونُ شَهِيدًا إذَا مَاتَ (فِي الْقِتَالِ) مَعَ الْكُفَّارِ (لَا بِسَبَبِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ) بِأَنْ مَاتَ فَجْأَةً أَوْ بِمَرَضٍ أَوْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ عَمْدًا.

(وَلَوْ اُسْتُشْهِدَ جُنُبٌ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ) عَنْ الْجَنَابَةِ فَيَحْرُمُ غُسْلُهُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تُسْقِطُ غُسْلَ الْمَوْتِ فَكَذَا غُسْلُ الْحَدَثِ وَلِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ غَسَّلَتْ حَنْظَلَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِاسْتِشْهَادِهِ يَوْمَ أُحُدٍ جُنُبًا لِخُرُوجِهِ عَقِبَ سَمَاعِهِ الدَّعْوَةَ - وَهُوَ مَعَ أَهْلِهِ - إلَيْهَا كَمَا صَحَّ وَلَوْ وَجَبَ غُسْلُهُ لَمْ يَسْقُطْ بِفِعْلِ الْمَلَائِكَةِ كَمَا مَرَّ.

(وَ) الْأَصَحُّ أَنَّهُ (تُزَالُ) وُجُوبًا (نَجَاسَةُ غَيْرِ الدَّمِ) الَّذِي هُوَ مِنْ أَثَرِ الشَّهَادَةِ وَإِنْ أَدَّتْ إزَالَتُهَا لِإِزَالَتِهِ كَمَا أَفَادَهُ أَصْلُهُ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِإِبْقَائِهَا إذْ لَيْسَتْ أَثَرَ عِبَادَةٍ.

(تَنْبِيهٌ) : هَلْ لِلنَّجَاسَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ أَثَرِ الشَّهَادَةِ حُكْمُ دَمِهِ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ بِالْفَضْلِ الدَّمُ فَقَطْ وَلِأَنَّ نَجَاسَتَهُ أَخَفُّ فِي كَلَامِهِمْ؟ شِبْهُ تَنَافٍ فِي ذَلِكَ لَكِنَّهُ إلَى الثَّانِي أَمْيَلُ.

(وَيُكَفَّنُ) نَدْبًا (فِي ثِيَابِهِ) الَّتِي مَاتَ فِيهَا (الْمُلَطَّخَةِ بِالدَّمِ) وَغَيْرِهَا لَكِنَّ الْمُلَطَّخَةَ أَوْلَى فَالتَّقْيِيدُ لِذَلِكَ وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُجَابُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ لِنَزْعِهَا إنْ لَاقَتْ بِهِ رِعَايَةً لِمَصْلَحَتِهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الثَّلَاثِ وَيُنْزَعُ نَدْبًا

ــ

[حاشية الشرواني]

كَمَا فِي الْمُحَلَّى وَالْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ تَرْكُ " إنْ " لِإِيهَامِهَا جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِيمَنْ لَمْ يُقْطَعْ بِمَوْتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ بَصْرِيٌّ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (فَغَيْرُ شَهِيدٍ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ أَطَالَ الزَّمَانُ أَمْ قَصُرَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَتَلَهُ كَافِرٌ اسْتَعَانُوا بِهِ إلَخْ) شَامِلٌ لِذِمِّيٍّ اسْتَعَانُوا بِهِ بِأَنْ ظَنَّ جَوَازَ إعَانَتِهِمْ م ر بَقِيَ مَا لَوْ اسْتَعَانَ أَهْلُ الْعَدْلِ بِكُفَّارٍ قَتَلُوا وَاحِدًا مِنْ الْبُغَاةِ حَالَ الْحَرْبِ هَلْ يَكُونُ شَهِيدًا فِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى حَجّ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ شَهِيدٌ وَبَقِيَ مَا لَوْ شُكَّ فِي كَوْنِ الْمَقْتُولِ مَقْتُولَ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَهِيدٍ ع ش أَقُولُ وَالْقَلْبُ فِي الْأَوَّلِ إلَى عَدَمِ الشَّهَادَةِ أَمْيَلُ إذْ مُقَاتَلَةُ الْكُفَّارِ فِيهِ تَبَعٌ لِأَهْلِ الْعَدْلِ فَلَا يَصْدُقُ عَلَى الْمَقْتُولِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ مَاتَ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ إلَخْ) أَيْ لَمْ يَسْتَعِنْ بِهِ الْكُفَّارُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (جُنُبٌ) أَيْ أَوْ نَحْوُهُ كَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعَ أَهْلِهِ) الْجُمْلَةُ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ " سَمَاعِهِ " الْفَاعِلِ فِي الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: إلَيْهَا) أَيْ الدَّعْوَةِ وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِالْخُرُوجِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي الْغُسْلِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَتُزَالُ نَجَاسَةُ إلَخْ) أَيْ الشَّهِيدِ وَإِنْ حَصَلَتْ بِسَبَبِ الشَّهَادَةِ كَبَوْلٍ خَرَجَ بِسَبَبِ الْقَتْلِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ الْمُرَادُ النَّجَسُ الْغَيْرُ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ نِهَايَةٌ أَيْ أَمَّا الْمَعْفُوُّ عَنْهُ فَتَحْرُمُ إزَالَتُهُ إنْ أَدَّتْ إلَى إزَالَةِ الدَّمِ ع ش (قَوْلُهُ: غَيْرِ الدَّمِ الَّذِي إلَخْ) أَيْ أَمَّا دَمُ الشَّهَادَةِ الْخَالِي عَنْ النَّجَاسَةِ فَتَحْرُمُ إزَالَتُهُ لِإِطْلَاقِ النَّهْيِ عَنْ غُسْلِ الشَّهِيدِ وَلِأَنَّهُ أَثَرُ عِبَادَةٍ وَإِنَّمَا لَمْ تَحْرُمْ إزَالَةُ الْخُلُوفِ مِنْ الصَّائِمِ مَعَ أَنَّهُ أَثَرُ عِبَادَةٍ لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنَّ غَيْرَهُ أَزَالَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَقَدْ مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ فِي بَابِ الْوُضُوءِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي عِبَارَةُ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (غَيْرِ الدَّمِ) أَيْ بِخِلَافِ الدَّمِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ إزَالَتُهُ بِالْغُسْلِ بِخِلَافِهَا بِنَحْوِ عُودٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْغُسْلَ يُزِيلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ عَيْنًا وَأَثَرًا وَإِزَالَتُهُ بِنَحْوِ عُودٍ يُزِيلُ الْعَيْنَ دُونَ الْأَثَرِ م ر اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ يُفَرَّقُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ ع ش (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ) أَيْ كَلَامَهُمْ (إلَى الثَّانِي أَمْيَلُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ: وَالثَّانِي أَقْرَبُ اهـ أَيْ الْفَرْقُ.

(قَوْلُهُ: نَدْبًا) إلَى قَوْلِهِ وَيَظْهَرُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ إنْ لَاقَتْ بِهِ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: نَدْبًا) أَيْ إنْ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَوُجُوبًا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: الَّتِي مَاتَ فِيهَا) أَيْ وَاعْتِيدَ لُبْسُهَا غَالِبًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيْضَاءَ إبْقَاءً لِأَثَرِ الشَّهَادَةِ وَعَلَيْهِ فَمَحَلُّ سَنِّ التَّكْفِينِ فِي الْأَبْيَضِ حَيْثُ لَمْ يُعَارِضْهُ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ ع ش (قَوْلُهُ: فَالتَّقْيِيدُ لِذَلِكَ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ فَالتَّقْيِيدُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ بِالْمُلَطَّخَةِ لِبَيَانِ الْأَكْمَلِ وَعُلِمَ بِالتَّقْيِيدِ بِنَدْبًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَكْفِينُهُ فِيهَا كَسَائِرِ الْمَوْتَى اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَشَرْحِ الرَّوْضِ وَالنِّهَايَةِ وَلَوْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ نَزْعَهَا وَتَكْفِينَهُ فِي غَيْرِهَا جَازَ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهَا أَثَرُ شَهَادَةٍ أَمْ لَا وَلَوْ طَلَبَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ النَّزْعَ وَامْتَنَعَ بَعْضُهُمْ أُجِيبَ الْمُمْتَنِعُ فِي أَحَدِ احْتِمَالَيْنِ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا يُجَابُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ) أَيْ بِخِلَافِ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ نَدْبًا سم (قَوْلُهُ: إنْ لَاقَتْ بِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَلْقَ بِهِ يَجُوزُ نَزْعُهَا وَتَكْفِينُهُ فِي اللَّائِقِ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ: نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الثَّلَاثِ) أَيْ كَمَا لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ: نُكَفِّنُهُ فِي ثَوْبٍ وَامْتَنَعَ الْبَاقُونَ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: رِعَايَةً لِمَصْلَحَتِهِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَإِنْ قُلْت: أَصْلُ التَّكْفِينِ وَاجِبٌ بِخِلَافِ تَكْفِينِ الشَّهِيدِ بِثِيَابِهِ قُلْت الَّذِي اُسْتُفِيدَ مِنْ تَقْدِيمِهِمْ لِطَالِبِ الثَّلَاثَةِ هُوَ رِعَايَةُ حَقِّ الْمَيِّتِ وَأَنَّهُ عِنْدَ التَّنَازُعِ يُفْعَلُ بِهِ الْأَكْمَلُ وَهُوَ هُنَا عَدَمُ النِّزَاعِ انْتَهَى اهـ سم (قَوْلُهُ: وَيُنْزَعُ نَدْبًا إلَخْ) أَيْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَتَلَهُ كَافِرٌ اسْتَعَانُوا بِهِ) شَامِلٌ لِذِمِّيٍّ اسْتَعَانُوا بِهِ بِأَنْ ظَنَّ جَوَازَ إعَانَتِهِمْ م ر بَقِيَ مَا لَوْ اسْتَعَانَ أَهْلُ الْعَدْلِ بِكُفَّارٍ قَتَلُوا وَاحِدًا مِنْ الْبُغَاةِ حَالَ الْحَرْبِ هَلْ يَكُونُ شَهِيدًا فِيهِ نَظَرٌ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: تُزَالُ نَجَاسَةُ غَيْرِ الدَّمِ) أَيْ بِخِلَافِ الدَّمِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ إزَالَتُهُ بِالْغُسْلِ بِخِلَافِهَا بِنَحْوِ عُودٍ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْغُسْلَ يُزِيلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ عَيْنًا وَأَثَرًا وَإِزَالَتُهُ بِعُودٍ يُزِيلُ الْعَيْنَ دُونَ الْأَثَرِ م ر.

(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُجَابُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ) أَيْ بِخِلَافِ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ نَدْبًا (قَوْلُهُ: إنْ لَاقَتْ بِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَلْقَ بِهِ يَجُوزُ نَزْعُهَا وَتَكْفِينُهُ فِي اللَّائِقِ م ر (قَوْلُهُ: نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الثَّلَاثِ) قَدْ يُشْكِلُ التَّنْظِيرُ بِمَا مَرَّ أَنَّ الَّذِي تَحَرَّرَ وُجُوبُ التَّكْفِينِ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَإِنْ اتَّفَقَ الْوَرَثَةُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الثَّانِي وَالثَّالِثِ بِخِلَافِ تَكْفِينِ الشَّهِيدِ فِي ثِيَابِهِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهُ مَنْدُوبٌ لَا وَاجِبٌ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَإِنْ قُلْت: أَصْلُ التَّكْفِينِ وَاجِبٌ بِخِلَافِ تَكْفِينِ الشَّهِيدِ بِثِيَابِهِ قُلْت الَّذِي اُسْتُفِيدَ مِنْ تَقْدِيمِهِمْ لِطَالِبِ الثَّلَاثَةِ هُوَ رِعَايَةُ حَقِّ الْمَيِّتِ وَأَنَّهُ عِنْدَ التَّنَازُعِ يُفْعَلُ بِهِ الْأَكْمَلُ وَهُوَ هُنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>