للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالسَّائِمَةُ الرَّاعِيَةُ فِي كَلَإٍ مُبَاحٍ وَذَلِكَ لِلتَّقْيِيدِ بِالسَّوْمِ فِي الْأَحَادِيثِ فِي الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَأُلْحِقَ بِهِمَا الْبَقَرُ فَافْهَمْ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي مَعْلُوفَةٍ؛ لِأَنَّ مُؤْنَتَهَا لَمَّا لَمْ تَتَوَفَّرْ لَمْ تَحْتَمِلْ الْمُوَاسَاةَ أَمَّا الْمَمْلُوكُ فَإِنْ قَلَّتْ: قِيمَتُهُ بِحَيْثُ لَمْ يُعَدَّ مِثْلُهُ كُلْفَةً فِي مُقَابَلَةِ نَمَائِهَا فَهِيَ سَائِمَةٌ، وَإِلَّا فَهِيَ مَعْلُوفَةٌ عَلَى مَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَاعْتَمَدَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ يُؤَثِّرُ مُطْلَقًا وَالْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ إفْتَاءَ الْقَفَّالِ بِأَنَّهَا لَوْ رَعَتْ مَا اشْتَرَاهُ فِي مَحَلِّهِ فَسَائِمَةٌ، وَإِلَّا فَمَعْلُوفَةٌ قَالَ الْقَفَّالُ: وَلَوْ رَعَاهَا وَرَقًا تَنَاثَرَ فَسَائِمَةٌ، وَإِنْ قَدَّمَهُ لَهَا فَمَعْلُوفَةٌ أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ حَشِيشِ الْحَرَمِ فَلَا يَنْقَطِعُ بِهِ السَّوْمُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِآخِذِهِ نَوْعُ اخْتِصَاصٍ فَإِذَا عَلَفَهَا بِهِ فَقَدْ عَلَفَهَا بِغَيْرِ مَمْلُوكٍ فَلَمْ يَنْقَطِعْ السَّوْمُ قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ، وَفِيهِ مَا فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْكُلْفَةِ وَعَدَمِهَا لَا عَلَى مِلْكِ الْمَعْلُوفِ

ــ

[حاشية الشرواني]

عِلَّةٌ لِلتَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ بِفِعْلِ الْمَالِكِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالسَّائِمَةُ الرَّاعِيَةُ فِي كَلَإٍ مُبَاحٍ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ وَيَذْكُرَهُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ: أَمَّا الْمَمْلُوكُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي كَلَإٍ مُبَاحٍ) وَالْكَلَأُ بِالْهَمْزِ: الْحَشِيشُ مُطْلَقًا رَطْبًا أَوْ يَابِسًا وَالْهَشِيمُ هُوَ الْيَابِسُ وَالْعُشْبُ وَالْخَلَا بِالْقَصْرِ هُوَ الرَّطْبُ، وَظَاهِرُ سُكُوتِهِمْ عَنْ الشُّرْبِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ أَنَّ اسْتِقَاءَ الْمَاءِ وَسَقْيَهَا إيَّاهُ لَا يَضُرُّ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا كُلْفَةَ فِي الْمَاءِ، وَلَوْ فُرِضَ فِيهِ كُلْفَةٌ فَهِيَ يَسِيرَةٌ بِخِلَافِ الْعَلَفِ فَلَوْ كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ شَدِيدَةٌ مَنَعَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ كَالْعَلَفِ الْمَمْلُوكِ الَّذِي قِيمَتُهُ غَيْرُ يَسِيرَةٍ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ: اشْتِرَاطُ كَوْنِهَا سَائِمَةً (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَمْلُوكُ) شَامِلٌ لِمَا لَا يَسْتَنْبِتُهُ الْآدَمِيُّونَ، وَمَا اسْتَنْبَتُوهُ، وَبَعْضُهُمْ نَقَلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ تَصْوِيرَهُ بِغَيْرِ مَا يَسْتَنْبِتُونَهُ وَرَدَّهُ م ر بِأَنَّهُ بِتَسْلِيمِ صِحَّتِهِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ إلَّا بِنَقْلِ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عِبَارَةُ النِّهَايَةِ: وَلَوْ أُسِيمَتْ فِي كَلَإٍ مَمْلُوكٍ كَأَنْ نَبَتَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِشَخْصٍ أَوْ مَوْقُوفَةٍ عَلَيْهِ فَهَلْ هِيَ سَائِمَةٌ أَوْ مَعْلُوفَةٌ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي أَوَّلُهُمَا؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْكَلَأِ تَافِهَةٌ غَالِبًا، وَلَا كُلْفَةَ فِيهَا وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ أَنَّهَا سَائِمَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْكَلَأِ قِيمَةٌ أَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَسِيرَةً لَا يُعَدُّ مِثْلُهَا كُلْفَةً فِي مُقَابَلَةِ نَمَائِهَا، وَإِلَّا فَمَعْلُوفَةٌ، وَلَوْ جَزَّهُ، وَأَطْعَمَهَا إيَّاهُ فِي الْمَرْعَى أَوْ الْبَلَدِ فَمَعْلُوفَةٌ اهـ زَادَ الْمُغْنِي وَالْكَلَأُ الْمَغْصُوبُ كَالْمَمْلُوكِ فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ اهـ.

قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر كَأَنْ نَبَتَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ أَيْ: أَوْ اشْتَرَاهُ، وَلَوْ بِقِيمَةٍ كَثِيرَةٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا يَسْتَنْبِتُهُ النَّاسُ كَأَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَبَذَرَ بِهَا حَبًّا فَنَبَتَ فَهُوَ مِنْ الْكَلَأِ الْمَمْلُوكِ فَفِي الرَّاعِيَةِ لَهُ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ، وَقَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ إلَخْ أَيْ: إنَّهَا سَائِمَةٌ فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَقَوْلُهُ فَمَعْلُوفَةٌ أَيْ إنْ كَانَ مَا أَكَلَتْهُ مِنْ الْمَجْزُوزِ قَدْرًا لَا تَعِيشُ بِدُونِهِ بِلَا ضَرَرٍ بَيِّنٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: عَلَى مَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ) اعْتَمَدَهُ م ر اهـ سم أَيْ: فِي غَيْرِ النِّهَايَةِ، وَكَذَا اعْتَمَدَهُ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَشَيْخُنَا، وَكَذَا الشَّارِحِ فِي الْحَاصِلِ الْآتِي، وَإِنْ تَبَرَّأَ هُنَا عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُؤَثِّرُ مُطْلَقًا) أَيْ: وَإِنْ قَلَّتْ اعْتَمَدَهُ فِي شَرْحَيْ بَافَضْلٍ، وَفِي الْكُرْدِيِّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ فِي الْأَسْنَى وَشُرُوحِ الْإِرْشَادِ وَالْعُبَابِ لِلشَّارِحِ، وَظَاهِرُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ اعْتِمَادُ أَنَّهَا لَوْ رَعَتْ مَا اشْتَرَاهُ أَوْ الْمُبَاحَ فِي مَحَلِّهِ فَسَائِمَةٌ، وَإِنْ جَزَّهُ فَمَعْلُوفَةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ إفْتَاءُ الْقَفَّالِ إلَخْ) ، وَكَذَا اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي بِشَرْطِ عَدَمِ الْجَزِّ كَمَا مَرَّ، وَظَاهِرُ هَذَا الْإِفْتَاءِ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ كَثِيرَةً كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ع ش وَضَعَّفَهُ الْحِفْنِيُّ فَقَالَ: لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ كَثِيرَةً لَا يُقَالُ لَهَا سَائِمَةٌ حَجّ اهـ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الْقَفَّالُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَدَّمَهُ إلَخْ) أَيْ إنْ جَمَعَ الْوَرَقَ الْمُتَنَاثِرَ وَقَدَّمَهُ لِلْمَاشِيَةِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَيْ: مَا قَدَّمَهُ لَهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ) أَيْ: وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ أَخْذُهُ لِلْبَيْعِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ) أَقَرَّهُ النِّهَايَةُ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَيْ:

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

عَلَى أَنَّ عَمْدَهُمَا عَمْدٌ أَوْ لَا إذَا كَانَ لَهُمَا تَمْيِيزٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ لَوْ اعْتَلَفَتْ مِنْ مَالِ حَرْبِيٍّ لَا يَضْمَنُ أَنَّ السَّوْمَ لَا يَنْقَطِعُ كَمَا لَوْ جَاعَتْ بِلَا عَلَفٍ، وَلَا رَعْيٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ سَائِمَةٍ وَمَعْلُوفَةٍ لَهُ حُكْمُ الْأُمِّ فَإِنْ كَانَتْ هِيَ السَّائِمَةَ ضُمَّ إلَيْهَا فِي الْحَوْلِ، وَإِلَّا فَلَا وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ فِي الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ زَكَوِيَّيْنِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِ لَكِنْ يُشْكِلُ بِأَيِّ أَصْلَيْهِ يُلْحَقُ، وَيَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُلْحَقَ بِالْأُمِّ اهـ مَا فِي النَّاشِرِيِّ وَقَوْلُهُ: فَهَذَا مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ لَا يَبْعُدُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ مُرَاعَاةُ الْمَصْلَحَةِ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِإِسَامَتِهِ إذَا اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ خِلَافَهَا كَأَنْ كَانَ الْعَلَفُ يَسِيرًا جِدًّا بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ فِي الزَّكَاةِ، وَمَا يَصْرِفُهُ عَلَى الْإِسَامَةِ مِنْ نَحْوِ أُجْرَةِ رَاعِيهَا كَأَنْ كَانَ الْوَاجِبُ بِنْتَ مَخَاضٍ تُسَاوِي عِشْرِينَ دِينَارًا، وَأُجْرَةُ رَاعِيهَا فِي الْعَامِ خَمْسُ دَنَانِيرَ، وَكَانَ الْعَلَفُ بِنَحْوِ دِينَارَيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ الْإِسَامَةَ كَأَنْ كَانَتْ مُؤْنَةُ الْإِسَامَةِ مَعَ قَدْرِ الزَّكَاةِ حَقِيرَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى مُؤْنَةِ الْعَلَفِ فَيُعْتَدُّ بِهَا، وَكَذَا لَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فِيمَا يَظْهَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي الْحَاكِمِ لِغَيْبَةِ الْمَالِكِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَالسَّائِمَةُ الرَّاعِيَةُ فِي كَلَإٍ مُبَاحٍ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِاعْتِبَارِ سَقْيِهَا مِنْ مَاءٍ مُبَاحٍ أَوْ عَدَمِ اعْتِبَارِهِ (قَوْلُهُ: فَافْهَمْ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: التَّقْيِيدُ بِالسَّوْمِ فِي الْأَحَادِيثِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ أَنَّ السَّوْمَ مِمَّا لَا يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَمْلُوكُ) أَيْ: كَأَنْ نَبَتَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ أَوْ مَوْقُوفَةٍ عَلَيْهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَمْلُوكُ) شَامِلٌ لِمَا لَا يَسْتَنْبِتُهُ الْآدَمِيُّونَ، وَمَا اسْتَنْبَتُوهُ وَبَعْضُهُمْ نَقَلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ تَصْوِيرَهُ بِغَيْرِ مَا يَسْتَنْبِتُونَهُ وَرَدَّهُ م ر بِأَنَّهُ بِتَسْلِيمِ صِحَّتِهِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ إلَّا بِنَقْلٍ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ)

<<  <  ج: ص:  >  >>