وَمَرَّ رَدُّهُ بِأَنَّهُ مُنَاسِبٌ لَهُ فَصَحَّ إدْخَالُهُ فِيهِ إذْ الْأَدَاءُ مُتَرَتِّبٌ عَلَى الْوُجُوبِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْفَصْلِ بَعْدَهُ (تَجِبُ الزَّكَاةُ) أَيْ أَدَاؤُهَا (عَلَى الْفَوْرِ) بَعْدَ الْحَوْلِ لِحَاجَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ إلَيْهَا (إذَا تَمَكَّنَ) وَإِلَّا كَانَ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ فَإِنْ أَخَّرَ أَثِمَ وَضَمِنَ إنْ تَلِفَ كَمَا يَأْتِي نَعَمْ إنْ أَخَّرَ لِانْتِظَارِ قَرِيبٍ أَوْ جَارٍ أَوْ أَحْوَجَ أَوْ أَصْلَحَ أَوْ لِطَلَبِ الْأَفْضَلِ مِنْ تَفْرِقَتِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ تَفْرِقَةِ الْإِمَامِ أَوْ لِلتَّرَوِّي عِنْدَ الشَّكِّ فِي اسْتِحْقَاقِ الْحَاضِرِ وَلَمْ يَشْتَدَّ ضَرَرُ الْحَاضِرِينَ لَمْ يَأْثَمْ لَكِنَّهُ يَضْمَنُهُ إنْ تَلِفَ وَمَرَّ أَنَّ الْفِطْرَةَ تَجِبُ بِمَا مَرَّ وَتَتَوَسَّعُ إلَى آخِرِ يَوْمِ الْعِيدِ (وَذَلِكَ) أَيْ التَّمَكُّنُ (بِحُضُورِ الْمَالِ)
ــ
[حاشية الشرواني]
إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ اعْتِرَاضٌ آخَرُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ فَصَحَّ إلَخْ وَلَمْ يَقُلْ فَحَسَنٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمَرَّ رَدُّهُ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْبَابِ (قَوْلُهُ فَصَحَّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ أَيْ بَاعِثٌ عَلَى دَعْوَى إدْخَالِهِ فَلْيَكُنْ تَرْجَمَةً مُسْتَقِلَّةً وَلَيْسَ كُلُّ فَصْلٍ دَاخِلًا فِي ضِمْنِ بَابٍ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت الْفَاضِلَ الْمُحَشِّي أَشَارَ إلَيْهِ بَصْرِيٌّ عِبَارَتُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ اشْتِمَالِ الْكِتَابِ عَلَى فُصُولٍ مُنْدَرِجَةٍ فِيهِ دُونَ أَبْوَابِهِ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ عَلَيْهَا اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْبَاعِثَ لِتِلْكَ الدَّعْوَى مَا قَرَّرُوهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْكِتَابُ وَالْبَابُ وَالْفَصْلُ فَالْأَوَّلُ بِمَنْزِلَةِ الْجِنْسِ وَالثَّانِي بِمَنْزِلَةِ النَّوْعِ وَالثَّالِثُ بِمَنْزِلَةِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ إذْ الْأَدَاءُ إلَخْ) تَوْجِيهٌ لِلْمُنَاسَبَةِ (قَوْلُهُ أَيْ أَدَاؤُهَا) دُفِعَ بِهِ مَا يُقَالُ الزَّكَاةُ اسْمُ عَيْنٍ؛ لِأَنَّهَا الْمَالُ الْمُخْرَجُ عَنْ بُدْنٍ أَوْ مَالٍ وَالْأَعْيَانُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْأَدَاءِ دَفْعُ الزَّكَاةِ لَا الْأَدَاءُ بِالْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا وَقْتَ لَهَا مَحْدُودٌ حَتَّى تَصِيرَ قَضَاءً بِخُرُوجِهِ ع ش (قَوْلُهُ أَيْ أَدَاؤُهَا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ فَإِنْ أَخَّرَ) أَيْ الْأَدَاءَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ (قَوْلُهُ لِانْتِظَارِ قَرِيبٍ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَتَضَرَّرُ بِالْجُوعِ أَوْ الْعُرْيِ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ التَّأْخِيرُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ دَفْعَ ضَرَرِهِ فَرْضٌ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ لِفَضِيلَةٍ شَرْحِ بَافَضْلٍ وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ مِنْ تَفْرِقَتِهِ بِنَفْسِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْإِمَامُ الْحَاضِرُ جَائِرًا وَالْمَالُ بَاطِنًا وَلَمْ يَحْضُرْ الْمُسْتَحِقُّونَ فَيُؤَخَّرُ لِحُضُورِهِمْ سم (قَوْلُهُ أَوْ تَفْرِقَةُ الْإِمَامِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمَالُ ظَاهِرًا مُطْلَقًا أَوْ بَاطِنًا وَالْإِمَامُ عَادِلٌ وَغَابَ الْإِمَامُ أَوْ لَا يَطْلُبُهَا فَيُؤَخِّرُ لِحُضُورِهِ أَوْ حُضُورِ السَّاعِي مَا دَامَ يَرْجُوهُ (قَوْلُهُ أَوْ لِلتَّرَوِّي إلَخْ) أَيْ لِلتَّأَمُّلِ فِي أَمْرِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ ثَبَتَ اسْتِحْقَاقُهُ ظَاهِرًا وَتَرَدَّدَ فِيمَا بَلَغَهُ مِنْ اسْتِحْقَاقِهِ وَإِلَّا فَفِي الضَّمَانِ حِينَئِذٍ نَظَرٌ لِعُذْرِهِ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ الدَّفْعُ إلَّا إذَا عَلِمَ بِاسْتِحْقَاقِ الطَّالِبِ ع ش وَيَأْتِي عَنْ سم مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَشْتَدَّ ضَرَرُ الْحَاضِرِينَ) يَنْبَغِي رُجُوعُهُ لِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ سم زَادَ ع ش وَيُصَدَّقُ الْفُقَرَاءُ فِي دَعْوَاهُمْ أَيْ شِدَّةِ التَّضَرُّرِ بِنَحْوِ الْجُوعِ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِمْ اهـ.
(قَوْلُهُ لَكِنَّهُ يَضْمَنُهُ إلَخْ) شَامِلٌ لِمَسْأَلَةِ الشَّكِّ وَيُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ جَازَ الدَّفْعُ مَعَ الشَّكِّ كَالدَّفْعِ لِمَنْ ادَّعَى فَقْرًا أَوْ مَسْكَنَةً فَإِنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ فَأَخَّرَ حَتَّى تَلِفَ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ الدَّفْعُ مَعَ الشَّكِّ لَمْ يَضْمَنْ عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ تَرَدَّدَ فِي اسْتِحْقَاقِهِمْ فَلَهُ التَّأْخِيرُ اتِّفَاقًا وَأَقَرَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَكَانَ الْمُرَادُ تَرَدُّدٌ لَا يَمْنَعُ الدَّفْعَ إلَيْهِمْ وَالْأَوْجَبُ التَّأْخِيرُ أَوْ إعْطَاءُ غَيْرِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ.
وَفِي الْعُبَابِ لَا مُدَّعِي تَلَفِ مَالِهِ الْمَعْهُودِ أَوْ وُجُودِ عِيَالٍ لَا بِبَيِّنَةٍ اهـ أَيْ لَا يُعْطِيهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيَنْبَغِي أَنَّ التَّأْخِيرَ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ إذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ غَيْرَ مُضَمَّنٍ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (بِحُضُورِ الْمَالِ) أَيْ وَإِنْ عَسُرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ نِهَايَةٌ أَيْ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ وَمَرَّ رَدُّهُ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ أَيْضًا بِحَمْلِ مَا فِي قَوْلِهِ وَمَا تَجِبُ فِيهِ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْأَصْنَافَ الزَّكَوِيَّةَ كَالْمَغْصُوبَاتِ وَالْمَجْحُودَاتِ وَالدُّيُونِ وَتَشْمَلُ الْأَزْمَانَ وَالْأَحْوَالَ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا أَعَمُّ مِنْ أَصْلِ الْوُجُوبِ أَوْ وُجُوبِ الْأَدَاءِ فَيَنْدَرِجُ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْبَابِ؛ لِأَنَّ بَيَانَ وُجُوبِ الْأَدَاءِ فَوْرًا بِشَرْطِهِ بَيَانٌ لِزَمَنِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ فَوْرًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ أَيْضًا بِإِدْخَالِ هَذَيْنِ الْفَصْلَيْنِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ كَالْأَبْوَابِ الَّتِي قَبْلَهُمَا إذْ لَا مَانِعَ مِنْ اشْتِمَالِ الْكِتَابِ عَلَى فُصُولٍ مُنْدَرِجَةٍ فِيهِ دُونَ أَبْوَابِهِ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ عَلَيْهَا فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ أَوْ لِطَلَبِ الْأَفْضَلِ مِنْ تَفْرِقَتِهِ بِنَفْسِهِ) فَإِنْ قُلْت مَا مَعْنَى التَّأْخِيرِ لِطَلَبِ تَفْرِقَتِهِ بِنَفْسِهِ إذَا كَانَ أَفْضَلَ فَإِنَّ تَفْرِقَتَهُ بِنَفْسِهِ لَا تَحْتَاجُ لِتَأْخِيرٍ قُلْت مَعْنَاهُ أَنْ يُمْكِنَ الدَّفْعُ إلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ بِحُضُورِهِ لَكِنْ يَكُونُ الْأَفْضَلُ تَفْرِقَتَهُ بِنَفْسِهِ لِكَوْنِ الْمَالِ بَاطِنًا وَالْإِمَامِ جَائِرًا لَكِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْمُسْتَحِقُّونَ فَيُؤَخَّرُ لِحُضُورِهِمْ لَا يُقَالُ هَذَا الْجَوَابُ مُمْتَنِعٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ عَلَى تَقْدِيرِ التَّمَكُّنِ الْمُسْتَلْزِمِ لِحُضُورِ الْأَصْنَافِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يَكْفِي فِي التَّمَكُّنِ حُضُورُ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ كَالسَّاعِي.
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ثُمَّ إنْ لَمْ يَطْلُبْهَا الْإِمَامُ فَلِلْمَالِكِ تَأْخِيرُهَا مَا دَامَ يَرْجُو مَجِيءَ السَّاعِي وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ ذَكَرَ اعْتِرَاضَ الزَّرْكَشِيّ كَالْأَذْرَعِيِّ عَلَيْهِ بِمَا مِنْهُ أَنَّ تَأْخِيرَهُ يُضَادُّ وُجُوبَ الْأَدَاءِ فَوْرًا ثُمَّ قَالَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ وَلِكَوْنِ الدَّفْعِ إلَى الْإِمَامِ فِيهِ الْبَرَاءَةُ يَقِينًا كَمَا يَأْتِي كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ بَعْضِ أَعْذَارٍ ذَكَرُوهَا وَمَعَ جَوَازِ التَّأْخِيرِ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِيَدِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَلَمْ يَشْتَدَّ ضَرَرُ الْحَاضِرِينَ) يَنْبَغِي رُجُوعُهُ لِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ يَضْمَنُهُ) شَامِلٌ لِمَسْأَلَةِ الشَّكِّ وَيُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ جَازَ الدَّفْعُ مَعَ الشَّكِّ كَالدَّفْعِ لِمَنْ ادَّعَى فَقْرًا أَوْ مَسْكَنَةً فَإِنَّ قَوْلَهُ