للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِيمَا قَدَّمْنَاهُ (يَجِبُ صَوْمُ رَمَضَانَ) إجْمَاعًا وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ مِنْ الرَّمْضِ وَهُوَ شِدَّةُ الْحَرِّ؛ لِأَنَّ وَضْعَ اسْمِهِ عَلَى مُسَمَّاهُ وَافَقَ ذَلِكَ وَكَذَا فِي بَقِيَّةِ الشُّهُورِ كَذَا قَالُوهُ وَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّ اللُّغَاتِ اصْطِلَاحِيَّةٌ.

أَمَّا عَلَى أَنَّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ أَيْ أَنَّ الْوَاضِعَ لَهَا هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَّمَهَا جَمِيعًا لِآدَمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ لَا عِلْمَ لَنَا فَلَا يَأْتِي ذَلِكَ وَهُوَ أَفْضَلُ الْأَشْهُرِ حَتَّى مِنْ عَشْرِ الْحِجَّةِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «رَمَضَانُ سَيِّدُ الشُّهُورِ» وَبَحْثُ أَبِي زُرْعَةَ تَفْضِيلَ يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ إذَا كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ عَلَى أَيَّامِ رَمَضَانَ الَّتِي لَيْسَتْ يَوْمَ جُمُعَةٍ فِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ أُطِيلَ فِي الِاسْتِدْلَالِ لَهُ وَتَفْضِيلُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى يَوْمِ عَرَفَةَ الَّذِي لَيْسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ شَاذٌّ وَإِنْ وَافَقَ مَذْهَبَ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَا دَلِيلَ فِيهِ نَعَمْ يَوْمُ عَرَفَةَ أَفْضَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَبِفَرْضِ شُمُولِهِ لِأَيَّامِ رَمَضَانَ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ يُجَابُ بِأَنَّ سَيِّدِيَّةَ رَمَضَانَ مَخْصُوصَةٌ بِغَيْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ لِمَا صَحَّ فِيهِ مِمَّا يَقْتَضِي ذَلِكَ وَبِفَرْضِ عَدَمِ شُمُولِهِ يُجَابُ بِأَنَّ سَيِّدِيَّةَ رَمَضَانَ مِنْ حَيْثُ الشَّهْرُ وَسَيِّدِيَّةَ يَوْمِ عَرَفَةَ مِنْ حَيْثُ الْأَيَّامُ فَلَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا.

وَإِنَّمَا لَمْ نَقُلْ بِذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ يَوْمَيْ الْعِيدِ وَالْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِيهِمَا نَظِيرُ مَا صَحَّ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ حَتَّى يَخْرُجَا مِنْ ذَلِكَ الْعُمُومِ وَيَأْتِي فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ فِي عَشْرِ الْحِجَّةِ وَعَشْرِ رَمَضَانَ الْأَخِيرِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ وَأَفْهَمَ الْمَتْنُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ قَوْلُ رَمَضَانَ بِدُونِ " شَهْرِ " مُطْلَقًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِلْأَخْبَارِ الْكَثِيرَةِ فِيهِ وَاسْتَنَدَ مَنْ كَرِهَهُ لِمَا لَيْسَ بِمُسْتَنَدٍ

ــ

[حاشية الشرواني]

هُنَا عَلَى الْإِضَافَةِ لَا الْوَصْفِيَّةِ وَإِنْ تَكَلَّفَ الْكُرْدِيُّ فِي تَصْحِيحِهَا بِمَا لَا حَاصِلَ لَهُ وَالْجُمْلَةُ تَقَعُ مُضَافًا إلَيْهَا مُؤَوَّلًا بِالْمَصْدَرِ بِلَا سَابِكٍ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى قِرَاءَتِهِ مَصْدَرًا نَعَمْ الْمَصْدَرُ أَوْلَى وَلِذَا عَبَّرَ بِهِ شَيْخُنَا فَقَالَ وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ تَطْمِينُ نُفُوسِ مَنْ يَصُومُهُ نَاقِصًا مِنْ أُمَّتِهِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ فِيمَا قَدَّمْنَاهُ) أَيْ مِنْ الثَّوَابِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى أَصْلِ صَوْمِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِأَيَّامِهِ (قَوْلُهُ إجْمَاعًا) إلَى قَوْلِهِ وَبَحَثَ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ كَذَا إلَى وَهُوَ أَفْضَلُ وَقَوْلُهُ حَتَّى مِنْ عَشْرِ الْحِجَّةِ وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ) أَيْ فَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَهُ كَفَرَ مَا لَمْ يَكُنْ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ وَمَنْ تَرَكَ صَوْمَهُ غَيْرَ جَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَمَرَضٍ وَسَفَرٍ حُبِسَ وَمُنِعَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ نَهَارًا لِيَحْصُلَ صُورَةُ الصَّوْمِ بِذَلِكَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي زَادَ الْإِيعَابُ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا حَمَلَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَنْوِيَهُ فَيَحْصُلُ لَهُ حِينَئِذٍ حَقِيقَتُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ وَضْعَ اسْمِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تَضَعَ أَسْمَاءَ الشُّهُورِ وَافَقَ أَنَّ الشَّهْرَ الْمَذْكُورَ كَانَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَسُمِّيَ بِذَلِكَ كَمَا سُمِّيَ الرَّبِيعَانِ لِمُوَافَقَتِهِمَا زَمَنَ الرَّبِيعِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا فِي بَقِيَّةِ الشُّهُورِ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ فِي مَادَّةِ ج م د وَيُحْكَى أَنَّ الْعَرَبَ حِينَ وَضَعَتْ الشُّهُورَ وَافَقَ الْوَضْعُ الْأَزْمِنَةَ فَاشْتُقَّ لِلشُّهُورِ مَعَانٍ مِنْ تِلْكَ الْأَزْمِنَةِ ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى اسْتَعْمَلُوهَا فِي الْأَهِلَّةِ وَإِنْ لَمْ تُوَافِقْ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَقَالُوا رَمَضَانُ لَمَّا أَرْمَضَتْ الْأَرْضُ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ وَشَوَّالٌ لَمَّا شَالَتْ الْإِبِلُ بِأَذْنَابِهَا لِلطُّرُوقِ وَذُو الْقَعْدَةُ لَمَّا ذَلَّلُوا الْقَعْدَانَ لِلرُّكُوبِ وَذُو الْحِجَّةِ لَمَّا حَجُّوا وَالْمُحَرَّمُ لَمَّا حَرَّمُوا الْقِتَالَ أَوْ التِّجَارَةَ وَالصَّفَرُ لَمَّا غَزَوَا وَتَرَكُوا دِيَارَ الْقَوْمِ صَفَرًا وَشَهْرُ رَبِيعٍ لَمَّا أَرْبَعَتْ الْأَرْضُ وَأَمْرَعَتْ وَجُمَادَى لَمَّا جَمَدَ الْمَاءُ وَرَجَبٌ لَمَّا رَجَبُوا الشَّجَرَ وَشَعْبَانُ لَمَّا أَشْعَبُوا مِثْلَ الْعُودِ انْتَهَتْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَمَّا عَلَى أَنَّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ع ش.

(قَوْلُهُ فَلَا يَأْتِي ذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ إتْيَانِهِ؛ لِأَنَّ وَضْعَ اللَّهِ حَادِثٌ بِنَاءً عَلَى حُدُوثِ الْأَلْفَاظِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَضْعُ وَافَقَ مَا ذُكِرَ تَأَمَّلْ كَذَا أَفَادَهُ الْفَاضِلُ الْمُحَشِّي وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ إلَخْ إذْ وَضْعُهُ لَهَا ثَابِتٌ فِي حَضْرَةِ الْعِلْمِ وَالْأَلْفَاظُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ لَيْسَتْ حَادِثَةً نَعَمْ قَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ كَوْنِ الْعَرَبِ لَهَا اصْطِلَاحٌ وَافَقَ مَا ذُكِرَ بَصْرِيٌّ أَقُولُ وَأَيْضًا إنَّ الْعِلْمَ وَإِنْ كَانَ قَدِيمًا تَابِعٌ لِلْمَعْلُومِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ فِي الِاسْتِدْلَالِ لَهُ) أَيْ لِأَبِي زُرْعَةَ سم (قَوْلُهُ وَتَفْضِيلُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا إلَخْ) أَيْ الْمُسْتَلْزِمِ لِتَفْضِيلِ يَوْمِ جُمُعَةٍ لَيْسَ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى أَيَّامِ رَمَضَانَ لَيْسَتْ يَوْمَ جُمُعَةٍ (قَوْلُهُ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ) أَيْ لِأَبِي زُرْعَةَ.

(قَوْلُهُ بِأَنَّ سَيِّدِيَّةَ رَمَضَانَ مَخْصُوصَةٌ بِغَيْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ) الْبَاءُ دَخَلَ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِمَا صَحَّ فِيهِ) أَيْ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ يُجَابُ بِأَنَّ سَيِّدِيَّةَ رَمَضَانَ إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ يَأْتِي عَلَى الْفَرْضِ الْأَوَّلِ أَيْضًا بِالْأُولَى بَلْ الْمُنَاسِبُ لِلْفَرْضِ الثَّانِي أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ سَيِّدِيَّةَ يَوْمِ عَرَفَةَ مَخْصُوصَةٌ بِغَيْرِ أَيَّامِ رَمَضَانَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ نَقُلْ بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا تَضَمَّنَهُ الْجَوَابُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي (قَوْلُهُ مِنْ يَوْمَيْ الْعِيدِ وَالْجُمُعَةِ) كَأَنَّهُ أَرَادَ يَوْمَ الْعِيدِ الْمُصَادِفَ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ وَمُطْلَقَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ الْعُمُومِ) أَيْ عُمُومُ تَفْضِيلِ رَمَضَانَ عَلَى غَيْرِهِ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ فِي عَشْرِ الْحِجَّةِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ فِي تِسْعِ الْحِجَّةِ وَهِيَ الْأَصْوَبُ (قَوْلُهُ وَعَشْرِ رَمَضَانَ) عَطْفٌ عَلَى صَوْمُ إلَخْ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى مَعَ (قَوْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِتَفْضِيلِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ مَعَ قَرِينَةِ إرَادَةِ الشَّهْرِ وَبِدُونِهَا (قَوْلُهُ لِلْأَخْبَارِ الْكَثِيرَةِ فِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ النَّهْيِ فِيهِ بَلْ ثَبَتَ ذِكْرُهُ بِدُونِ شَهْرٍ فِي أَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ لِخَبَرِ «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر بَلْ ثَبَتَ ذِكْرُهُ إلَخْ إنَّمَا يَتِمُّ بِهِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ أَطْلَقَ كَرَاهَتَهُ بِدُونِ شَهْرٍ أَمَّا مَنْ قَيَّدَ كَرَاهَتَهُ بِانْتِفَاءِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الشَّهْرُ فَلَا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

رَمَضَانَ لَيْسَ إلَّا مَجْمُوعُ الْفَضْلِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى أَيَّامِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ جِدًّا (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي بَقِيَّةِ الشُّهُورِ) اُنْظُرْ مَعْنَى هَذَا فِي نَحْوِ رَجَبٍ وَجُمَادَى (قَوْلُهُ فَلَا يَأْتِي ذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ إتْيَانِهِ؛ لِأَنَّ وَضْعَ اللَّهِ حَادِثٌ بِنَاءً عَلَى حُدُوثِ الْأَلْفَاظِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَضْعُ وَافَقَ مَا ذُكِرَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ) أَيْ لِأَبِي زُرْعَةَ (قَوْلُهُ لِلْأَخْبَارِ الْكَثِيرَةِ فِيهِ) أَيْ كَخَبَرِ «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ» لَا يُقَالُ لَا دَلَالَةَ فِي تِلْكَ الْأَخْبَارِ لِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الشَّارِعِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ غَيْرِهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي مَوَاضِعَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ لَوْ ثَبَتَ نَهْيٌ عَنْ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>