للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاسْتُنْبِطَ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى خَصَّصَهُ وَلَا يَلْحَقُ بِهِ نَحْوُ مَجُوسِيَّةٍ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا لِعَارِضٍ يَزُولُ وَجَعْلُهَا كَالرَّجُلِ فِي حِلِّ إقْرَاضِهَا وَتَمَلُّكِهَا بِاللُّقَطَةِ إنَّمَا هُوَ لِقِيَامِ الْمَانِعِ بِهَا الْمُخْرِجِ عَنْ مُشَابَهَةِ ذَلِكَ لِإِعَارَةِ الْجَوَارِي لِلْوَطْءِ فَانْدَفَعَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا وَعُلِمَ مِنْ الِالْتِقَاءِ أَنَّهُ لَا نَقْضَ بِاللَّمْسِ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ، وَإِنْ رَقَّ وَمِنْهُ مَا تَجَمَّدَ مِنْ غُبَارٍ يُمْكِنُ فَصْلُهُ أَيْ مِنْ غَيْرِ خَشْيَةِ مُبِيحِ تَيَمُّمٍ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْوَشْمِ لِوُجُوبِ إزَالَتِهِ لَا مِنْ نَحْوِ عِرْقٍ حَتَّى صَارَ كَالْجُزْءِ مِنْ الْجِلْدِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ اللَّامِسِ وَالْمَمْلُوسِ لَكِنْ فِيهِ خِلَافٌ صَرَّحَ بِهِمَا لِأَجْلِهِ فَقَالَ (وَالْمَلْمُوسُ كَلَامِسٍ) فِي انْتِقَاضِ وُضُوئِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي مَظِنَّةِ اللَّذَّةِ كَالْمُشْتَرَكِينَ فِي الْجِمَاعِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُ الْمَمْسُوسِ فَرْجُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَسٌّ لِمَظِنَّةِ لَذَّةٍ أَصْلًا بِخِلَافِهِ هُنَا

(وَلَا تَنْقُضُ صَغِيرَةٌ) وَصَغِيرٌ لَا يُشْتَهَيَانِ كَمَا مَرَّ (وَشَعْرٌ وَسِنٌّ) ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ كُلُّ عَظْمٍ ظَهَرَ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ فِي نَظَرِ السِّنِّ لَذَّةً أَيَّ لَذَّةٍ بِخِلَافِ نَظَرِ هَذَا وَقَوْلُ الْأَنْوَارِ الْمُرَادُ بِالْبَشَرَةِ هُنَا غَيْرُ الشَّعْرِ وَالسِّنِّ وَالظُّفْرِ مُرَادُهُ مَا صَرَّحُوا بِهِ هُنَا مِنْ أَنَّهَا ظَاهِرُ الْجِلْدِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُ جَمْعٍ

ــ

[حاشية الشرواني]

لَمْ يَنْتَقِضْ طُهْرُهُ وَلَا طُهْرُهَا إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ الطُّهْرِ وَقَدْ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا بُعْدَ فِي تَبْعِيضِ الْأَحْكَامِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهَا أَبُوهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجُ حَيْثُ يَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ مَعَ ثُبُوتِ أُخُوَّتِهَا مِنْهُ وَيُلْغَزُ بِذَلِكَ فَيُقَالُ زَوْجَانِ لَا نَقْضَ بَيْنَهُمَا اهـ.

وَنَقَلَ الْخَطِيبُ النَّقْضُ فِيمَا تَقَدَّمَ حَيْثُ تَزَوَّجَ بِهَا عَنْ إفْتَاءِ شَيْخِهِ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَاعْتَمَدَهُ فَيَكُونُ مَا نَقَلَهُ الْخَطِيبُ عَنْهُ مِنْ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ وَاعْتَمَدَ عَدَمَ النَّقْضِ، وَإِنْ تَزَوَّجَ بِهَا سم وَالزِّيَادِيُّ وَالْحَلَبِيُّ وَغَيْرُهُمْ اهـ (قَوْلُهُ: فَاسْتُنْبِطَ إلَخْ) رَدٌّ لِاسْتِدْلَالِ الْمُقَابِلِ الْقَائِلِ بِالنَّقْضِ بِعُمُومِ النِّسَاءِ فِي الْآيَةِ (قَوْلُهُ: مَعْنًى يَخُصُّهُ) ، وَهُوَ أَنَّ اللَّمْسَ مَظِنَّةُ الِالْتِذَاذِ الْمُحَرِّكِ لِلشَّهْوَةِ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الْأَجْنَبِيَّاتِ بِخِلَافِ الْمَحَارِمِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: نَحْوُ مَجُوسِيَّةٍ) أَيْ كَوَثَنِيَّةٍ وَمُرْتَدَّةٍ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: عَنْ مُشَابَهَةِ ذَلِكَ) أَيْ الْإِقْرَاضِ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) أَقَرَّهُ ع ش (قَوْلُهُ: لَا مِنْ نَحْوِ عَرَقٍ إلَخْ) وَكَالْعَرَقِ بِالْأَوْلَى فِي النَّقْضِ مَا يَمُوتُ مِنْ جِلْدِ الْإِنْسَانِ بِحَيْثُ لَا يُحِسُّ بِلَمْسِهِ وَلَا يَتَأَثَّرُ بِغَرْزِ نَحْوِ إبْرَةٍ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ جَزْءٌ مِنْهُ فَهُوَ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا تَنْقُضُ، وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ يَبِسَتْ جِلْدَةُ جَبْهَتِهِ حَتَّى صَارَتْ لَا يُحِسُّ مَا يُصِيبُهَا فَيَصِحُّ السُّجُودُ عَلَيْهَا وَلَا يُكَلَّفُ إزَالَةُ الْجِلْدِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ إزَالَتِهِ مَشَقَّةٌ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى أَنَّهُ لَا نَقْضَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَلْمُوسِ (قَوْلُهُ: صَرَّحَ بِهِمَا) لَعَلَّ الْأَنْسَبَ بِهِ أَيْ الْمَلْمُوسِ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْمَلْمُوسِ) هُوَ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ اللَّمْسُ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فِعْلُهُ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ إذَا كَانَ الْمَاسُّ أَمْرَدَ جَمِيلًا نَاعِمَ الْبَدَنِ جِدًّا إلَّا أَنْ يُرَادَ مَا مِنْ شَأْنِ نَوْعِهِ سم

(قَوْلُهُ لَا يَشْتَهِيَانِ إلَخْ) أَيْ لَمْ يَبْلُغْ كُلٌّ مِنْهُمَا حَدَّ الشَّهْوَةِ عُرْفًا وَقِيلَ مَنْ لَهُ سَبْعُ سِنِينَ فَمَا دُونَهَا لِانْتِفَاءِ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَلَغَاهَا، وَإِنْ انْتَفَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لِنَحْوِ هَرَمٍ مُغْنِي وَتَوَهَّمَ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ مِنْ الْعِلَّةِ نَقْضَ وُضُوءِ الصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّ مَلْمُوسَهَا، وَهُوَ الْكَبِيرُ مَظِنَّةٌ لِلشَّهْوَةِ وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ فَإِنَّهَا لِصِغَرِهَا لَيْسَتْ مَظِنَّةً لِاشْتِهَائِهَا الْمَلْمُوسَ فَلَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهَا كَمَا لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ ع ش عِبَارَةُ شَيْخِنَا.

ثَالِثُهَا: أَيْ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَلَغَ حَدَّ الشَّهْوَةِ عُرْفًا عِنْدَ أَرْبَابِ الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ فَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ أَحَدُهُمَا حَدَّ الشَّهْوَةِ فَلَا نَقْضَ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاشْتِهَاءِ هُنَا إثْبَاتًا وَنَفْيًا الِاشْتِهَاءُ الطَّبِيعِيُّ الْيَقِينِيُّ لِأَرْبَابِ الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ كَالْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَالسَّيِّدَةِ نَفِيسَةَ فَلَوْ شَكَّ فَلَا نَقْضَ شَيْخُنَا قَوْلُ الْمَتْنِ (وَشَعْرٌ) شَامِلٌ لِلشَّعْرِ النَّابِتِ عَلَى الْفَرْجِ فَلَا نَقْضَ بِهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ إلَخْ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَوَافَقَهُ أَيْ النِّهَايَةُ الزِّيَادِيُّ وَسَمِّ وَع ش وَشَيْخُنَا وَالْبُجَيْرِمِيُّ.

وَتَقَدَّمَ عَنْ الْبَصْرِيِّ مَا يَمِيلُ إلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَعِبَارَتُهُ هُنَا قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ كُلُّ عَظْمٍ إلَخْ نَقَلَ ابْنُ زِيَادٍ فِي الْفَتَاوَى عَنْ شَيْخِهِ الْمُزَجَّدِ صَاحِبِ الْعُبَابِ أَنَّهُ أَفْتَى بِنَقْضِ الْعَظْمِ الْمُوضَحِ ثُمَّ قَالَ وَإِلْحَاقُهُ بِالسِّنِّ أَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ وَالْمَعْنَى يُسَاعِدُهُ؛ وَلِهَذَا أَفْتَى شَيْخُنَا شَيْخُ الْمَذْهَبِ وَالْإِسْلَامِ الشِّهَابُ الْبَكْرِيُّ الطَّنْبَدَاوِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِعَدَمِ النَّقْضِ مَعَ اطِّلَاعِهِ عَلَى فَتَاوَى شَيْخِنَا الْمُزَجَّدِ عَلَى أَنَّ فِي فَتَاوَى شَيْخِنَا الْمُزَجَّدِ انْتِقَالًا مِنْ اللَّمْسِ إلَى الْمَسِّ يُعْرَفُ ذَلِكَ بِتَأَمُّلِ كَلَامِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْأَنْوَارِ إلَخْ) رَدٌّ لِاسْتِدْلَالِ الْمُخَالِفِ كَالنِّهَايَةِ بِذَلِكَ عِبَارَةُ وَالْبَشَرَةُ مَا لَيْسَ بِشَعْرٍ وَلَا سِنٍّ وَلَا ظُفْرٍ فَشَمِلَ مَا لَوْ وَضَحَ عَظْمُ أُنْثَى وَلَمَسَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ اهـ.

(قَوْلُهُ: مُرَادُهُ مَا صَرَّحُوا إلَخْ) أَيْ لَا تَعْمِيمُ الْغَيْرِ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ خَبَرٌ وَقَوْلُ الْأَنْوَارِ إلَخْ وَقَوْلُهُ مِنْ أَنَّهَا إلَخْ بَيَانٌ لِمَا وَقَوْلُهُ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ، وَهُوَ لَحْمُ الْأَسْنَانِ وَاللِّسَانِ كُرْدِيٌّ أَيْ فَخَرَجَ كُلُّ عَظْمٍ ظَهَرَ كَمَا خَرَجَ الشَّعْرُ وَالسِّنُّ وَالظُّفْرُ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ آنِفًا بِقَوْلِهِ وَالْبَشَرَةُ ظَاهِرُ الْجِلْدِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ جَمْعٍ إلَخْ) مِنْهُمْ النِّهَايَةُ وَوَالِدُهُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

بِالْمَحْصُورِ بِالْأَوْلَى وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَطَتْ مَحَارِمُهُ الْعَشْرُ مَثَلًا بِغَيْرِ مَحْصُورٍ أَوْ مَحْصُورٍ فَلَمَسَ إحْدَى عَشْرَةَ مَثَلًا انْتَقَضَ طُهْرُهُ لِتَحَقُّقِ لَمْسِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَوْ اسْتَلْحَقَ أَبُوهُ زَوْجَتَهُ لَمْ يَنْقُضْ لَمْسُهَا لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ وَلَا نَقْضَ بِالشَّكِّ فَلَوْ لَمَسَهَا ثُمَّ اسْتَلْحَقَهَا أَبُوهُ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَتَبَيَّنَ عَدَمُ النَّقْضِ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا مِمَّنْ لَا يَنْقُضُ لَمْسُهُ لِكَوْنِهَا مَحْرَمًا احْتِمَالًا فَهُوَ بَعْدَ الِاسْتِلْحَاقِ شَاكٌّ وَلَا نَقْضَ بِالشَّكِّ، فَإِنْ قِيلَ لَوْ مَنَعَ الِاسْتِلْحَاقُ النَّقْضَ لِاحْتِمَالِ الْمَحْرَمِيَّةِ لَامْتَنَعَ النَّقْضُ بِدُونِ اسْتِلْحَاقٍ لِوُجُودِ الِاحْتِمَالِ قُلْنَا نَلْتَزِمُ امْتِنَاعَ النَّقْضِ بِدُونِ اسْتِلْحَاقٍ حَيْثُ وُجِدَ الِاحْتِمَالُ (قَوْلُهُ: لَمْ يُوجَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>