للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِثْمَ التَّرْكِ وَبِمَرَضٍ أَوْ دَوَاءٍ لِحَاجَةٍ كَالْإِغْمَاءِ فَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ وَلَا يَأْثَمُ بِالتَّرْكِ اهـ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي قَوْلِ الرَّافِعِيِّ شُرْبُ الدَّوَاءِ لِلتَّدَاوِي كَالْجُنُونِ وَسَفَهًا كَالسُّكْرِ إنَّمَا هُوَ فِي صِحَّةِ الصَّوْمِ فِي الثَّانِي إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً وَإِلَّا فَلَا وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَعَدَمُ صِحَّتِهِ فِي الْأَوَّلِ إنْ وُجِدَ فِي لَحْظَةٍ وَلَا قَضَاءَ وَلَا إثْمَ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ أَيْضًا حَاصِلُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّ شُرْبَ الدَّوَاءِ كَالْإِغْمَاءِ أَيْ إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ

ــ

[حاشية الشرواني]

بِدَلِيلٍ وَبِمَرَضٍ؛ إذْ زَوَالُ الْعَقْلِ الْحَقِيقِيُّ بِالْمَرَضِ لَا قَضَاءَ مَعَهُ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَى الْمَجْنُونِ سم (قَوْلُهُ زَوَالُ الْعَقْلِ) أَيْ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ (قَوْلُهُ وَإِثْمَ التَّرْكِ) أَيْ: تَرْكِ الصَّوْمِ بِسَبَبِ زَوَالِ الْعَقْلِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ الصَّوْمِ) أَيْ فِيمَا إذَا اسْتَغْرَقَ الزَّوَالُ جَمِيعَ النَّهَارِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ كَالْإِغْمَاءِ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ فِيهِ إلَّا حِينَئِذٍ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ: بِمَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ أَيْ: بِالْحَاصِلِ اهـ.

(قَوْلُهُ يُعْلَمُ أَنَّ التَّشْبِيهَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إذَا صَحَّ الصَّوْمُ مَعَ إفَاقَةِ لَحْظَةٍ فِي الْمُتَعَدِّي بِالِاسْتِعْمَالِ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ فِي غَيْرِهِ إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً بِالْأَوْلَى وَأَيْضًا فَهُوَ مُنَافٍ لِمَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهَا فِي بَعْضِ النَّهَارِ فَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا بِهِ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ وَيَأْتِي عَنْ سم آنِفًا مَا يُوَافِقُهُ.

(قَوْلُهُ وَعَدَمُ صِحَّتِهِ فِي الْأَوَّلِ إلَخْ) هَذَا يُنَافِي مَا قَرَّرَهُ فِي الْحَاصِلِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهَا إلَى قَوْلِهِ أَوْ غَيْرَ مُتَعَدٍّ بِهِ فَلَا إثْمَ وَلَا بُطْلَانَ فَإِنَّ هَذَا رَاجِعٌ أَيْضًا قَطْعًا لِشُرْبِ الدَّوَاءِ لِحَاجَةٍ فَتَأَمَّلْهُ ثُمَّ أَقُولُ مَا الْمَانِعُ مِنْ حَمْلِ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ عَلَى مَا إذَا زَالَ الْعَقْلُ الْحَقِيقِيُّ فَإِنْ كَانَ الشُّرْبُ لِلتَّدَاوِي فَلَا قَضَاءَ كَالْجُنُونِ أَيْ بِغَيْرِ سَبَبٍ وَإِلَّا فَهَذَا أَيْضًا جُنُونٌ وَإِنْ كَانَ سَفَهًا وَجَبَ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ جُنُونٌ مُتَعَدًّى بِهِ حِينَئِذٍ كَمَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِالسُّكْرِ الْمُتَعَدِّي بِهِ الْمُسْتَغْرِقِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ وَمَا ذَكَرَهُ فِي مَعْنَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّهُ مُنَاقِضٌ لِمَا نَقَلَهُ عَنْ حَاصِلِ مَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَمَّا فِي الشِّقِّ الثَّانِي فَقَدْ قُدِّمَ فِي ذَلِكَ الْحَاصِلُ أَنَّهُ عِنْدَ التَّعَدِّي فِي الدَّوَاءِ أَوْ الْإِغْمَاءِ أَوْ السُّكْرِ يَبْطُلُ صَوْمُهُ وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ فِي بَعْضِ النَّهَارِ وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ قَدْ شَرِبَ الدَّوَاءَ سَفَهًا فَمَا بَالُهُ إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً صَحَّ صَوْمُهُ وَأَمَّا فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ فَقَدْ قُدِّمَ فِي ذَلِكَ الْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَعَدَّ فِي شُرْبِ الدَّوَاءِ أَوْ الْإِغْمَاءِ أَوْ السُّكْرِ وَوُجِدَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ فَلَا إثْمَ وَلَا بُطْلَانَ فَمَا بَالُهُ هُنَا حَكَمَ بِعَدَمِ صِحَّةِ الصَّوْمِ إنْ وُجِدَ فِي لَحْظَةٍ مِنْهُ وَمِنْهَا أَنَّهُ فِي الشِّقِّ الثَّانِي مِنْ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ قَالَ إنَّهُ كَالْإِغْمَاءِ فَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ وَلَا يَأْثَمُ بِالتَّرْكِ أَيْ: بِتَرْكِ أَدَاءِ الصَّوْمِ أَوَّلًا فَمَا بَالُهُ هُنَا صَارَ كَالْمَجْنُونِ وَأَنَّهُ لَا قَضَاءَ.

وَمِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ التَّشْبِيهَ إلَخْ يُقَالُ لَهُ مَاذَا يُعْلِمُ هَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِجَمِيعِ مَا سَبَقَ فَكَيْفَ يُعْلَمُ مِنْهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْجُنُونَ بِطُرُوِّهِ فِي لَحْظَةٍ مِنْ النَّهَارِ يُبْطِلُ الصَّوْمَ فَعِنْدَ اسْتِغْرَاقِهِ بِالْأَوْلَى كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْمُتُونِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهَا وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِفِعْلِهِ أَوْ لَا وَأَمَّا الْإِغْمَاءُ وَالسُّكْرُ فَإِنْ أَفَاقَ مِنْهُمَا لَحْظَةً فِي النَّهَارِ صَحَّ صَوْمُهُ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا أَيْضًا قَدْ صَرَّحُوا بِهِ، وَأَمَّا الْقَضَاءُ فَيَلْزَمُ فِي الْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ إنْ اسْتَغْرَقَ النَّهَارَ مُطْلَقًا وَلَا يَلْزَمُ فِي الْجُنُونِ حَيْثُ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِيهِ مُطْلَقًا وَأَمَّا إنْ تَسَبَّبَ فِيهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِشُرْبِ الدَّوَاءِ بَلْ هُوَ قِسْمٌ مِنْهُ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ وَأَمَّا الْإِثْمُ فَظَاهِرُ وُجُودِهِ حَيْثُ تَسَبَّبَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِلَا حَاجَةٍ وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ شُرْبَ الدَّوَاءِ لِحَاجَةٍ فِيهِ ثَلَاثَةُ آرَاءٍ مُتَبَايِنَةٍ مَأْخُوذَةٍ مِنْ كَلَامِهِمْ تَصْرِيحًا وَتَلْوِيحًا أَحَدُهَا لُزُومُ الْقَضَاءِ إنْ اسْتَغْرَقَ النَّهَارَ فَقَطْ، وَثَانِيهَا لُزُومُهُ مُطْلَقًا وَثَالِثُهَا عَدَمُ لُزُومِهِ مُطْلَقًا وَإِنْ شَرِبَهُ سَفَهًا فَفِيهِ هَذِهِ الْآرَاءُ الثَّلَاثَةُ أَيْضًا إلَّا أَنَّ الْأَخِيرَ مِنْهَا ضَعِيفٌ وَالْبَقِيَّةَ قَوِيَّةٌ مِنْ حَيْثُ النَّقْلُ اهـ.

(قَوْلُهُ أَيْ: إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ) الْوَجْهُ أَنَّهُ كَالْإِغْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِحَاجَةٍ فِي أَنَّهُ إنْ اسْتَغْرَقَ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا بَلْ يَصِحُّ الصَّوْمُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ هَذَا التَّقْيِيدِ جَارٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهَا فِي بَعْضِ النَّهَارِ إلَخْ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيهِ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْبُطْلَانِ حَيْثُ وُجِدَ فِي الْبَعْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ لِحَاجَةٍ) قِيَاسُ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ أَنْ يَقُولَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ ثُمَّ رَاجَعْتُ أَصْلَهُ فَرَأَيْت بِخَطِّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِغَيْرِ حَاجَةٍ ثُمَّ ضُرِبَ عَلَى لِغَيْرِ وَزِيدَتْ لَامٌ قَبْلَ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وَعَدَمُ صِحَّتِهِ فِي الْأَوَّلِ إنْ وُجِدَ فِي لَحْظَةٍ) هَذَا يُنَافِي مَا قَرَّرَهُ فِي الْحَاصِلِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهَا فِي بَعْضِ النَّهَارِ إلَى قَوْلِهِ أَوْ غَيْرَ مُتَعَدٍّ بِهِ فَلَا إثْمَ وَلَا بُطْلَانَ فَإِنَّ هَذَا رَاجِعٌ أَيْضًا قَطْعًا لِشُرْبِ الدَّوَاءِ لِحَاجَةٍ فَإِنَّهُ أَحَدُ الْمَذْكُورَاتِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهَا فَتَأَمَّلْهُ، ثُمَّ أَقُولُ مَا الْمَانِعُ مِنْ حَمْلِ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ عَلَى مَا إذَا زَالَ الْعَقْلُ الْحَقِيقِيُّ فَإِنْ كَانَ الشُّرْبُ لِلتَّدَاوِي فَلَا قَضَاءَ كَالْجُنُونِ أَيْ بِغَيْرِ سَبَبٍ وَإِلَّا فَهَذَا أَيْضًا جُنُونٌ وَإِنْ كَانَ سَفَهًا وَجَبَ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ جُنُونٌ مُتَعَدًّى بِهِ حِينَئِذٍ كَمَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِالسُّكْرِ الْمُتَعَدَّى بِهِ الْمُسْتَغْرِقِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَيْ: إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ) الْوَجْهُ أَنَّهُ كَالْإِغْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِحَاجَةٍ فِي أَنَّهُ إنْ اسْتَغْرَقَ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا بَلْ يَصِحُّ الصَّوْمُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ هَذَا التَّقْيِيدِ جَارٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهَا فِي بَعْضِ النَّهَارِ إلَخْ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>