للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَمِيعَ جَوَارِحِهِ عَنْ كُلِّ مُحَرَّمٍ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» وَنَحْوُ الْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ يُبْطِلُ ثَوَابَ صَوْمِهِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَأَقَرَّهُمْ فِي الْمَجْمُوعِ وَبِهِ يُرَدُّ بَحْثُ الْأَذْرَعِيِّ حُصُولَهُ وَعَلَيْهِ إثْمُ مَعْصِيَتِهِ أَيْ أَخْذًا مِمَّا قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَبْطُلُ أَصْلُ صَوْمِهِ وَهُوَ قِيَاسُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ وَخَبَرِ خَمْسٌ يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ الْغِيبَةُ وَالنَّمِيمَةُ وَالْكَذِبُ وَالْقُبْلَةُ وَالْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ بَاطِلٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَبِفَرْضِ صِحَّتِهِ فَالْمُرَادُ بُطْلَانُ الثَّوَابِ لَا الصَّوْمِ نَفْسِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَمِنْ هُنَا حَسُنَ عَدُّ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ مِنْ أَدَبِ الصَّوْمِ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا مُطْلَقًا اهـ.

وَعَنْ نَحْوِ الشَّتْمِ وَلَوْ بِحَقٍّ فَإِنْ شَتَمَهُ أَحَدٌ فَلْيَقُلْ وَلَوْ فِي نَفْلٍ إنِّي صَائِمٌ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ بِذَلِكَ أَيْ يَقُولُهُ فِي نَفْسِهِ تَذْكِيرًا لَهَا وَبِلِسَانِهِ حَيْثُ لَمْ يَظُنَّ رِيَاءً مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا زَجْرًا لِخَصْمِهِ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَالْأَوْلَى بِلِسَانِهِ (وَ) لِيَصُنْ نَدْبًا أَيْضًا (نَفْسَهُ عَنْ الشَّهَوَاتِ) الْمُبَاحَةِ مِنْ مَسْمُوعٍ وَمُبْصَرٍ وَمَشْمُومٍ كَنَظَرِ رَيْحَانٍ أَوْ مَسِّهِ بَلْ قَالَ الْمُتَوَلِّي بِكَرَاهَةِ نَظَرِهِ وَجَزَمَ غَيْرُهُ بِكَرَاهَةِ شَمِّ مَا يَصِلُ رِيحُهُ لِدِمَاغِهِ أَوْ مَلْبُوسٍ فَإِنَّ ذَلِكَ سِرُّ الصَّوْمِ وَمَقْصُودُهُ الْأَعْظَمُ لِيَتَفَرَّغَ لِلْعِبَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا الْأَكْمَلِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.

(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ عَنْ الْجَنَابَةِ) وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ (قَبْلَ الْفَجْرِ) لِئَلَّا يَصِلَ الْمَاءُ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَجَمِيعَ جَوَارِحِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ لِسَانَهُ سم (قَوْلُهُ وَنَحْوُ الْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ إلَخْ) أَيْ: دُونَ الْمُبَاحِ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُحْبَطُ ثَوَابُ الصَّوْمِ وَإِنْ نُدِبَ تَرْكُهُ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.

(قَوْلُهُ يُبْطِلُ ثَوَابَ صَوْمِهِ إلَخْ) وَلَوْ اغْتَابَ أَيْ: مَثَلًا وَتَابَ لَمْ تُؤَثِّرْ التَّوْبَةُ فِي النَّقْصِ الْحَاصِلِ بَلْ فِي رَفْعِ الْإِثْمِ فَقَطْ قَالَهُ السُّبْكِيُّ تَفَقُّهًا وَجَرَى عَلَيْهِ الْخَادِمُ وَكَذَلِكَ الْمُحْرِمُ لَوْ رَفَثَ ثُمَّ تَابَ لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَقُولَ عَادَ حَجُّهُ كَامِلًا وَلَا فَرْقَ فِي التَّوْبَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْقَضَاءِ زَمَنُ الصَّوْمِ أَوْ بَعْدَهُ إيعَابٌ وَفِي ع ش عَنْ عَمِيرَةَ مِثْلُهُ.

(قَوْلُهُ وَبِهِ يُرَدُّ إلَخْ) أَيْ: بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْأَخْبَارِ وَالنُّصُوصِ (قَوْلُهُ حُصُولَهُ) أَيْ: الثَّوَابِ (قَوْلُهُ مِمَّا قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ إلَخْ) وَهُوَ حُصُولُ الثَّوَابِ لِلْمُصَلِّي فِي الْمَغْصُوبِ لَكِنْ يَأْتِي فِي الرِّدَّةِ مَا يُخَالِفُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْحَقُّ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ يَبْطُلُ) أَيْ: ارْتِكَابُ الصَّائِمِ مُحَرَّمًا (قَوْلُهُ وَخَبَرِ خَمْسٌ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ وَمِنْ هُنَا) أَيْ: بُطْلَانِ ثَوَابِ الصَّوْمِ بِنَحْوِ الْغِيبَةِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ الِاحْتِرَازُ عَنْ ذَلِكَ وَ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: عَلَى الصَّائِمِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَعَنْ نَحْوِ الشَّتْمِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ عَنْ الْكَذِبِ (قَوْلُهُ تَذْكِيرًا لَهَا) أَيْ: لِتَصْبِرْ وَلَا تُشَاتِمْ فَتَذْهَبَ بَرَكَةُ صَوْمِهَا أَسْنَى وَإِيعَابٌ زَادَ الْمُغْنِي فَائِدَةٌ سُئِلَ أَكْثَمُ بْنُ صَيْفِيٍّ كَمْ وَجَدْتَ فِي ابْنِ آدَمَ مِنْ عَيْبٍ فَقَالَ هِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى وَاَلَّذِي أَحْصَيْته مِنْهَا ثَمَانِيَةُ آلَافِ عَيْبٍ وَيَسْتُرُ جَمِيعَ ذَلِكَ حِفْظُ اللِّسَانِ اهـ (قَوْلُهُ وَبِلِسَانِهِ إلَخْ) وَهُوَ أَيْ الْجَمْعُ بَيْنَ قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ.

(فَائِدَةٌ) قَالَ حَجّ فِي فَتَاوِيه الْحَدِيثِيَّةِ فِي جَوَابِ هَلْ الذِّكْرُ اللِّسَانِيُّ أَفْضَلُ أَوْ غَيْرُهُ؟ مَا نَصُّهُ " وَالذِّكْرُ الْخَفِيُّ قَدْ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ مَا هُوَ لَا بِالْقَلْبِ فَقَطْ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ مَا هُوَ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ بِحَيْثُ يَسْمَعُ نَفْسَهُ وَلَا يَسْمَعُهُ غَيْرُهُ، وَمِنْهُ خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ أَيْ: لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ الرِّيَاءُ وَأَمَّا حَيْثُ لَمْ يَسْمَعْ نَفْسَهُ فَلَا يُعْتَدُّ بِحَرَكِهِ لِسَانِهِ وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِمَا فِي قَلْبِهِ عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَئِمَّتِنَا وَغَيْرِهِمْ يَقُولُونَ لَا ثَوَابَ فِي ذِكْرِ الْقَلْبِ وَحْدَهُ وَلَا مَعَ اللِّسَانِ حَيْثُ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا ثَوَابَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الذِّكْرُ الْمَخْصُوصُ، أَمَّا اشْتِغَالُ الْقَلْبِ بِذَلِكَ وَتَأَمُّلُهُ لِمَعَانِيهِ وَاسْتِغْرَاقُهُ فِي شُهُودِهِ تَعَالَى فَلَا شَكَّ أَنَّهُ بِمُقْتَضَى الْأَدِلَّةِ يُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ الثَّوَابَ الْجَزِيلَ وَيُؤَيِّدُهُ خَبَرُ الْبَيْهَقِيّ الذِّكْرُ الَّذِي لَا تَسْمَعُهُ الْحَفَظَةُ يَزِيدُ عَلَى الذِّكْرِ الَّذِي تَسْمَعُهُ الْحَفَظَةُ سَبْعِينَ ضِعْفًا انْتَهَى " اهـ.

ع ش عِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي فَتَاوِيه الْحَدِيثِيَّةِ الصُّغْرَى، وَسُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ قَوْلِ النَّوَوِيِّ فِي آخِرِ مَجْلِسِ الذِّكْرِ مِنْ شَرْحِ مُسْلِمٍ ذِكْرُ اللِّسَانِ مَعَ حُضُورِ الْقَلْبِ أَفْضَلُ مِنْ ذِكْرِ الْقَلْبِ اهـ فَهَلْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ اللَّهَ بِقَلْبِهِ دُونَ لِسَانِهِ أَنَّهُ يَنَالُ الْفَضِيلَةَ إذَا كَانَ مَعْذُورًا أَمْ لَا وَهَلْ إذَا قَرَأَ بِقَلْبِهِ دُونَ لِسَانِهِ مِنْ عُذْرٍ يَنَالُ الْفَضِيلَةَ أَمْ لَا فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ الذِّكْرُ بِالْقَلْبِ لَا فَضِيلَةَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ ذِكْرًا مُتَعَبَّدًا بِلَفْظِهِ وَإِنَّمَا فِيهِ فَضِيلَةٌ مِنْ حَيْثُ اسْتِحْضَارُهُ لِمَعْنَاهُ مِنْ تَنْزِيهِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِجْلَالِهِ بِقَلْبِهِ وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ قَوْلِ النَّوَوِيِّ الْمَذْكُورِ وَقَوْلِهِمْ ذِكْرُ الْقَلْبِ لَا ثَوَابَ فِيهِ فَمَنْ نَفَى عَنْهُ الثَّوَابَ أَرَادَ مِنْ حَيْثُ لَفْظُهُ وَمَنْ أَثْبَتَ فِيهِ ثَوَابًا أَرَادَ مِنْ حَيْثُ حُضُورُهُ بِقَلْبِهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ، وَلَا فَرْقَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بَيْنَ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.

(قَوْلُهُ فَالْأَوْلَى بِلِسَانِهِ) فِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ الْمُبَاحَةِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْقُبْلَةِ فِي الْمُغْنِي إلَّا مَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَنَظَرِ رَيْحَانٍ إلَى فَإِنَّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ مِنْ مَسْمُوعٍ إلَخْ) أَيْ: وَمَلْمُوسٍ مُغْنِي (قَوْلُهُ كَنَظَرِ رَيْحَانٍ إلَخْ) أَيْ: وَسَمَاعِ الْغِنَاءِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَمَلْبُوسٍ) وَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ كُلُّهُ شَرْحُ بَافَضْلٍ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ: كَفَّ جَوَارِحِهِ عَنْ تَعَاطِي مَا تَشْتَهِيهِ نِهَايَةٌ وَإِيعَابٌ (قَوْلُهُ لِيَتَفَرَّغَ إلَخْ) أَيْ لِتَنْكَسِرَ نَفْسُهُ عَنْ الْهَوَى وَتَقْوَى عَلَى حَقِيقَةِ التَّقْوَى إيعَابٌ وَنِهَايَةٌ.

(قَوْلُهُ عَلَى وَجْهِهَا الْأَكْمَلِ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ بِحَقِّ الْخَتْمِ الَّذِي عَلَى فَمِي نِهَايَةٌ وَإِيعَابٌ قَالَ ع ش وَمِثْلُهُ الْخَاتَمُ الَّذِي عَلَى فَمِ الْعِبَادِ وَوَجْهُ الْكَرَاهَةِ أَنَّهُ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ اهـ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُسْتَحَبُّ إلَخْ) وَلَوْ طَهُرَتْ الْحَائِضُ أَوْ النُّفَسَاءُ لَيْلًا وَنَوَتْ الصَّوْمَ وَصَلَّتْ أَوْ صَامَ الْجُنُبُ بِلَا غُسْلٍ صَحَّ رَوْضٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَصِلَ الْمَاءُ إلَخْ) أَيْ وَلِيُؤَدِّيَ الْعِبَادَةَ عَلَى الطَّهَارَةِ وَلِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ أَبِي هُرَيْرَةَ حَيْثُ قَالَ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ اسْتِحْبَابُ الْمُبَادَرَةِ إلَى الِاغْتِسَالِ عَقِبَ الِاحْتِلَامِ نَهَارًا أَسْنَى وَمُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَنُقِلَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ اهـ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الرَّدِّ عَلَيْهِمْ كَمَا لَا يَخْفَى.

(قَوْلُهُ وَجَمِيعَ جَوَارِحِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ لِسَانَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>