أَيْ الْمُدِّ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ (بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ) ؛ لِأَنَّ الْحُقُوقَ الْمَالِيَّةَ لَا تَتَدَاخَلُ وَلَوْ أَخْرَجَهَا عَقِبَ كُلِّ عَامٍ تَكَرَّرَتْ قَطْعًا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ مَعَ إمْكَانِهِ) حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ (فَمَاتَ أُخْرِجَ مِنْ تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدَّانِ مُدٌّ لِلْفَوَاتِ) إنْ لَمْ يُصَمْ عَنْهُ أَوْ عَلَى الْجَدِيدِ (وَمُدٌّ لِلتَّأْخِيرِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُوجِبٌ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَكَذَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْهَمِّ إذَا لَمْ يُخْرِجْ الْفِدْيَةَ أَعْوَامًا فَإِنَّهَا لَا تَتَكَرَّرُ بِأَنَّ الْمُدَّ فِيهِ لِلْفَوَاتِ كَمَا مَرَّ وَهُوَ لَمْ يَتَكَرَّرْ وَهُنَا لِلتَّأْخِيرِ وَهُوَ غَيْرُ الْفَوَاتِ هَذَا إنْ أَخَّرَ سَنَةً فَقَطْ وَإِلَّا تَكَرَّرَ مُدُّ التَّأْخِيرِ كَمَا مَرَّ.
(وَمَصْرِفُ الْفِدْيَةِ الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ) دُونَ بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: ١٨٤] وَهُوَ شَامِلٌ لِلْفَقِيرِ أَوْ الْفَقِيرُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ فَيَكُونُ أَوْلَى (وَلَهُ صَرْفُ أَمْدَادٍ إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ) بِخِلَافِ مُدٍّ وَاحِدٍ لِشَخْصَيْنِ وَمُدٍّ وَبَعْضِ مُدٍّ آخَرَ لِوَاحِدٍ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مُدٍّ فِدْيَةٌ تَامَّةٌ وَقَدْ أَوْجَبَ تَعَالَى صَرْفَ الْفِدْيَةِ لِوَاحِدٍ فَلَا يَنْقُصُ عَنْهَا وَإِنَّمَا جَازَ صَرْفُ فِدْيَتَيْنِ إلَيْهِ كَصَرْفِ زَكَاتَيْنِ إلَيْهِ وَيَجُوزُ بَلْ يَجِبُ صَرْفُ صَاعِ الْفِطْرَةِ إلَى اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ ثَلَاثَةً مِنْ كُلِّ صِنْفٍ وَالْعَامِلُ؛ لِأَنَّهُ زَكَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَهِيَ بِالنَّصِّ يَجِبُ صَرْفُهَا لِهَؤُلَاءِ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْأَطْمَاعِ بِهَا أَشَدُّ وَإِنَّمَا جَازَ صَرْفُ جَزَاءِ الصَّيْدِ لِمُتَعَدِّدِينَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجِبُ التَّعَدُّدُ فِيهَا ابْتِدَاءً بِأَنْ أَتْلَفَ جَمْعٌ صَيْدًا وَأَيْضًا فَهُوَ مُخَيَّرٌ وَهُوَ يُتَسَامَحُ فِيهِ مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي الْمُرَتَّبِ وَأَيْضًا فَآيَتُهُ فِيهَا جَمْعُ الْمَسَاكِينِ كَآيَةِ الزَّكَاةِ بِخِلَافِ الْآيَةِ هُنَا (وَجِنْسُهَا جِنْسُ الْفِطْرَةِ) فَيَأْتِي فِيهَا مَا مَرَّ ثُمَّ قَالَ الْقَفَّالُ وَيُعْتَبَرُ فَضْلُهَا عَمَّا يُعْتَبَرُ ثَمَّ
ــ
[حاشية الشرواني]
مُغْنِي.
(قَوْلُهُ أَيْ الْمُدِّ) إلَى قَوْلِهِ وَيَجُوزُ فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ أَيْ: الْمُدِّ إلَخْ) أَيْ: إذَا لَمْ يُخْرِجْهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (بِتَكَرُّرِ السُّنَنِ) أَيْ: بِقَيْدِهِ الْمَارِّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الْإِمْكَانُ فَلَا يَكْفِي لِتَكَرُّرِ الْفِدْيَةِ وُجُودُ الْإِمْكَانِ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ فَقَطْ بَلْ يُعْتَبَرُ الْإِمْكَانُ فِي كُلِّ عَامٍ ع ش وَسَمِّ قَوْلُ الْمَتْنِ (مَعَ إمْكَانِهِ) وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْإِمْكَانِ مَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يَصُومُ قَبْلَ رَمَضَانَ لِتَقْصِيرِهِ بِالْيَمِينِ فَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ إذَا أَخَّرَ ع ش.
(قَوْلُهُ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَجِبُ فِدْيَةُ التَّأْخِيرِ بِتَحَقُّقِ الْفَوَاتِ وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ رَمَضَانُ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَمَاتَ لِبَوَاقِي خَمْسٍ مِنْ شَعْبَانَ لَزِمَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ مُدًّا عَشَرَةٌ لِأَصْلِ الصَّوْمِ إذَا لَمْ يَصُمْ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَخَمْسَةٌ لِلتَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَاشَ لَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا قَضَاءُ خَمْسَةٍ اهـ زَادَ الْإِيعَابُ وَالنِّهَايَةُ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَمَضَانَ الثَّانِي مَا يَسَعُ قَضَاءَ جَمِيعِ الْفَوَائِتِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ فِي الْحَالِ الْفِدْيَةُ عَمَّا لَا يَسَعُهُ أَمْ لَا حَتَّى يَدْخُلَ رَمَضَانُ وَجْهَانِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا صَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ لُزُومِهَا حَالًا اهـ.
(قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ إلَخْ) (تَنْبِيهٌ) تَعْجِيلُ فِدْيَةِ التَّأْخِيرِ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ الثَّانِي لِيُؤَخِّرَ الْقَضَاءَ مَعَ الْإِمْكَانِ جَائِزٌ فِي الْأَصَحِّ كَتَعْجِيلِ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ الْمُحَرَّمِ وَيَحْرُمُ التَّأْخِيرُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْهَرِمِ وَلَا الزَّمِنِ وَلَا مَنْ اشْتَدَّتْ مَشَقَّةُ الصَّوْمِ عَلَيْهِ لِتَأْخِيرِ الْفِدْيَةِ إذَا أَخَّرُوهَا عَنْ السَّنَةِ الْأُولَى وَلَيْسَ لَهُمْ وَلَا لِلْحَامِلِ وَلَا لِلْمُرْضِعِ تَعْجِيلُ فِدْيَةِ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ كَمَا لَا يَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ لِعَامَيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَجَّلَ مَنْ ذُكِرَ فِدْيَةَ يَوْمٍ فِيهِ أَوْ فِي لَيْلَتِهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَإِيعَابٌ.
(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ: آنِفًا قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصَحُّ تَكَرُّرُهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ هَذَا إنْ أَخَّرَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْمَتْنِ سم.
(قَوْلُهُ دُونَ بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ) أَيْ: الثَّمَانِيَةِ الْآتِيَةِ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ آنِفًا فِي الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْفَقِيرِ إلَخْ) وَلَا يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَهُ صَرْفُ أَمْدَادٍ إلَخْ) أَيْ: مِنْ الْفِدْيَةِ وَلَهُ نَقْلُهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ النَّقْلِ خَاصَّةٌ بِالزَّكَاةِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَاتِ وَالتَّعْبِيرُ بِذَلِكَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ صَرْفَهُ لِأَشْخَاصٍ مُتَعَدِّدِينَ أَوْلَى وَهُوَ كَذَلِكَ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنَاوِيِّ عَلَى مَنْظُومَةِ الْأَكْلِ لِابْنِ الْعِمَادِ فَائِدَةٌ لَوْ سَدَّ جَوْعَةَ مِسْكِينٍ عَشْرَةَ أَيَّامٍ هَلْ أَجْرُهُ كَأَجْرِ مَنْ سَدَّ جَوْعَةَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا فَقَدْ يَكُونُ فِي الْجَمْعِ وَلِيٌّ وَقَدْ حَثَّ اللَّهُ عَلَى الْإِحْسَانِ لِلصَّالِحِينَ وَهَذَا لَا يَتَحَقَّقُ فِي وَاحِدٍ وَلِأَنَّهُ يُرْجَى مِنْ دُعَاءِ الْجَمْعِ مَا لَا يُرْجَى مِنْ دُعَاءِ الْوَاحِدِ انْتَهَى اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) لَعَلَّهُ فِي الثَّانِيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ الْمُدِّ فَقَطْ سم عِبَارَةُ ع ش أَيْ: فِي الدُّونِ وَفِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلَّ مُدٍّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ اهـ.
(قَوْلُهُ فَلَا يَنْقُصُ عَنْهَا) لَعَلَّ الْمَعْنَى لَا يَنْقُصُ الْمَصْرُوفُ لِوَاحِدٍ عَنْ الْفِدْيَةِ التَّامَّةِ الَّتِي هِيَ الْمُدُّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْفِعْلَ بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ فَلَا يَنْقُصُ الشَّخْصُ الْوَاحِدُ عَنْ الْفِدْيَةِ التَّامَّةِ الَّتِي هِيَ الْمُدُّ.
(قَوْلُهُ كَصَرْفِ زَكَاتَيْنِ إلَخْ) أَيْ: قِيَاسًا عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ صَاعَ الْفِطْرَةِ.
(قَوْلُهُ فِيهَا) أَيْ: جَزَاءِ الصَّيْدِ وَالتَّأْنِيثُ بِتَأْوِيلِ الْفِدْيَةِ.
(قَوْلُهُ وَأَيْضًا فَآيَتُهُ فِيهَا جَمْعُ الْمَسَاكِينِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْآيَةُ هُنَا فِيهَا جَمْعُ الْمَسَاكِينِ عَلَى قِرَاءَةِ نَافِعٍ وَابْنِ عَامِرٍ وَهِيَ سَبُعِيَّةٌ فَسَاوَتْ آيَتَيْ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَالزَّكَاةِ فَلِمَ امْتَنَعَ صَرْفُ الْكَفَّارَةِ هُنَا لِمُتَعَدِّدٍ وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْجَعْبَرِيُّ فِي شَرْحِ الشَّاطِبِيَّةِ بِقَوْلِهِ وَجْهُ جَمْعِ مَسَاكِينَ مُنَاسَبَةُ {وَعَلَى الَّذِينَ} [البقرة: ١٨٤] ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى جَمَاعَةٍ إطْعَامُ جَمَاعَةٍ وَأَمَّا وَجْهُ التَّوْحِيدِ فَبَيَانُ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ إطْعَامُ وَاحِدٍ انْتَهَى اهـ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ قَالَ الْقَفَّالُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ كَوْنِ الْفَرْضِ أَنَّهُ مَاتَ وَإِنَّ الْوَاجِبَ تَعَلَّقَ بِالتَّرِكَةِ وَبَعْدَ التَّعَلُّقِ بِالتَّرِكَةِ فَأَيُّ شَيْءٍ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ يَحْتَاجُ فِي إخْرَاجِ الْكَفَّارَةِ إلَى زِيَادَةِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْهُ بَلْ الْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ يُعْتَبَرُ لِوُجُوبِ الْإِخْرَاجِ فَضْلُ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ وَيُقَدَّمُ ذَلِكَ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ إنْ فُرِضَ أَنَّ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا نَعَمْ مَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ أَفْطَرَ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ ع ش أَقُولُ الْكَلَامُ فِي مُطْلَقِ فِدْيَةِ الصَّوْمِ الشَّامِلُ لِمَا عَلَى الْهَرِمِ وَالْمَرِيضِ وَالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ وَالْمُنْقِذِ وَمُؤَخِّرِ الْقَضَاءِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيُعْتَبَرُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَلَوْ أَخْرَجَهَا عَقِبَ كُلِّ عَامٍ تَكَرَّرَتْ قَطْعًا) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ أَخْرَجَ الْفِدْيَةَ فَإِنْ أَخْرَجَهَا ثُمَّ لَمْ يَقْضِ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ وَجَبَ ثَانِيًا بِلَا خِلَافٍ وَهَكَذَا حُكْمُ الْعَامِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ فَصَاعِدًا إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ هَذَا إنْ أَخَّرَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْمَتْنِ.
. (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) لَعَلَّهُ فِي الثَّانِيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ الْمُدِّ فَقَطْ.