للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي بِاعْتِبَارِ السَّنَةِ وَكَذَا الثَّالِثُ وَفَائِدَةُ تَكْرِيرِ ذَلِكَ إظْهَارُ شَرَفِ الْعَامِلِينَ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ وَأَمَّا عَرْضُهَا تَفْصِيلًا فَهُوَ رَفْعُ الْمَلَائِكَةِ لَهَا بِاللَّيْلِ مَرَّةً وَبِالنَّهَارِ مَرَّةً وَعَدَّ الْحَلِيمِيُّ اعْتِيَادَ صَوْمِهِمَا مَكْرُوهًا شَاذٌّ وَتَسْمِيَتُهُمَا بِذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ أَوَّلَ الْأُسْبُوعِ الْأَحَدُ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَنَاقَضَهُ السُّهَيْلِيُّ فَنَقَلَ عَنْ الْعُلَمَاءِ إلَّا ابْنَ جَرِيرٍ أَنَّ أَوَّلَهُ السَّبْتُ وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي النَّذْرِ (وَ) يُسَنُّ بَلْ يَتَأَكَّدُ صَوْمُ تِسْعِ الْحِجَّةِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِيهَا الْمُقْتَضِي لِأَفْضَلِيَّتِهَا عَلَى عَشْرِ رَمَضَانَ الْأَخِيرِ وَلِذَا قِيلَ بِهِ لَكِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَفْضَلِيَّتُهَا عَلَى مَا عَدَا رَمَضَانَ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ بِأَنَّهُ سَيِّدُ الشُّهُورِ مَعَ مَا تَمَيَّزَ بِهِ مِنْ فَضَائِلَ أُخْرَى وَأَيْضًا فَاخْتِيَارُ الْفَرْضِ لِهَذِهِ وَالنَّفَلِ لِتِلْكَ أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى تَمَيُّزِ هَذِهِ.

فَزَعْمُ أَنَّ هَذِهِ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ اللَّيَالِي؛ لِأَنَّ فِيهَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَتِلْكَ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ الْأَيَّامُ؛ لِأَنَّ فِيهَا يَوْمَ عَرَفَةَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَإِنْ أَطْنَبَ قَائِلُهُ فِي الِاسْتِدْلَالِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَا لَا مُقْنِعَ فِيهِ فَضْلًا عَنْ صَرَاحَتِهِ وَآكُدُهَا تَاسِعُهَا وَهُوَ يَوْمُ (عَرَفَةَ) لِغَيْرِ حَاجٍّ وَمُسَافِرٍ؛ لِأَنَّهُ «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَاَلَّتِي بَعْدَهَا» كَمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَآخِرُ الْأُولَى سَلْخُ الْحِجَّةِ وَأَوَّلُ الثَّانِيَةِ أَوَّلُ الْمُحَرَّمِ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ حَمْلًا لِخِطَابِ الشَّارِعِ عَلَى عَرَفَةَ فِي السَّنَةِ وَهُوَ مَا ذُكِرَ وَالْمُكَفَّرُ الصَّغَائِرُ الْوَاقِعَةُ فِي السَّنَتَيْنِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ صَغَائِرُ رُفِعَتْ دَرَجَتُهُ أَوْ وُقِيَ اقْتِرَافَهَا أَوْ اسْتِكْثَارَهَا وَقَوْلُ مُجَلّي تَخْصِيصُ الصَّغَائِرِ تَحَكُّمٌ مَرْدُودٌ وَإِنْ سَبَقَهُ إلَى نَحْوِهِ ابْنُ الْمُنْذِرِ بِأَنَّهُ إجْمَاعُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا وَرَدَ فِي الْحَجِّ وَغَيْرِهِ لِذَلِكَ الْمُسْتَنَدِ لِتَصْرِيحِ الْأَحَادِيثِ

ــ

[حاشية الشرواني]

فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ وَقَدْ يُقَالُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ صَنِيعِهِ أَنَّ قَوْلَهُ بِاعْتِبَارِ السُّنَّةِ الْمُرَادُ بِهِ عَرْضٌ إجْمَالِيٌّ بِاعْتِبَارِ السُّنَّةِ فَلَا إشْكَالَ.

(قَوْلُهُ وَفَائِدَةُ تَكْرِيرِ ذَلِكَ إلَخْ) سَكَتَ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةُ عَنْ الثَّالِثِ وَمَا لَا إلَى رَفْعِ أَعْمَالِ الْأُسْبُوعِ مُفَصَّلَةً وَأَعْمَالُ الْعَامِ جُمْلَةً وَسَكَتَا عَنْ كَيْفِيَّةِ رَفْعِ الْأَعْمَالِ بِاللَّيْلِ مَرَّةً وَبِالنَّهَارِ مَرَّةً.

(قَوْلُهُ وَعَدَّ الْحَلِيمِيُّ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ شَاذٌّ) أَيْ: وَمُنَافٍ لِمَا قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِبِلَالٍ لَا يَفُتْك صِيَامُ الِاثْنَيْنِ فَإِنِّي وُلِدْت فِيهِ وَبُعِثْت فِيهِ وَأَمُوتُ فِيهِ» أَيْضًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.

(قَوْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِالِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ.

(قَوْلُهُ إنَّ أَوَّلَهُ السَّبْتُ) وَهُوَ الْأَصَحُّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.

(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ وَآخِرُ الْأُولَى فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ الْمُقْتَضِي إلَى وَآكُدُهَا.

(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ بَلْ يَتَأَكَّدُ إلَخْ) لَكِنْ صَوْمُ مَا قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ مِنْ الثَّمَانِيَةِ أَيَّامٍ يُسَنُّ لِلْحَاجِّ وَغَيْرِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَشَرْحُ بَافَضْلٍ.

(قَوْلُهُ الْمُقْتَضِي لِأَفْضَلِيَّتِهَا إلَخْ) الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَكَلَامُ الشَّارِحِ هُنَا مَعَ مَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ كِتَابِ الصَّوْمِ أَنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ الصَّادِقَةِ بِكُلِّ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ لَا مِنْ جَمِيعِ رَمَضَانَ وَلَا مِنْ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْهُ بَلْ الْعَشْرُ الْأَخِيرُ مِنْهُ أَفْضَلُ مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ.

(قَوْلُهُ لَكِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ إلَخْ) وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ عَشْرَ رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ؛ لِأَنَّ رَمَضَانَ سَيِّدُ الشُّهُورِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ لِهَذِهِ) أَيْ: لِلْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ وَ.

(قَوْلُهُ لِتِلْكَ) أَيْ: لِتِسْعِ الْحِجَّةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ: مَا اسْتَدَلَّ بِهِ (لَا مُقْنِعَ إلَخْ) أَيْ: لَا يُقَيِّدُ الظَّنَّ (قَوْلُهُ وَمُسَافِرٍ) أَيْ: وَمَرِيضٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ الَّتِي هُوَ فِيهَا) وَهِيَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الَّتِي قَبْلَهُ فَيَكُونُ وَصْفُهَا بِكَوْنِهَا قَبْلَهُ بِاعْتِبَارِ مُعْظَمِهِ سم.

(قَوْلُهُ وَآخِرُ الْأُولَى) أَيْ: الَّتِي هُوَ فِيهَا وَ.

(قَوْلُهُ سَلْخُ الْحِجَّةِ) أَيْ آخِرُهَا وَ.

(قَوْلُهُ وَأَوَّلُ الثَّانِيَةِ) أَيْ: الَّتِي بَعْدَهَا وَ.

(قَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ: سَلْخُ الْحِجَّةِ.

(قَوْلُهُ عَلَى عَرَفَةَ) أَيْ: الشَّارِعُ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَالْمُكَفَّرُ الصَّغَائِرُ) مُعْتَمَدٌ ع ش (قَوْلُهُ الصَّغَائِرُ الْوَاقِعَةُ إلَخْ) قَالَهُ الْإِمَامُ وَاعْتَمَدَهُ الشَّارِحِ فِي كُتُبِهِ وَأَمَّا الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ فَإِنَّهُ ذَكَرَ كَلَامَ الْإِمَامِ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ كَلَامَ مُجِلِّي ثُمَّ كَلَامَ ابْنِ الْمُنْذِرِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ وَافَقَهُ وَلِهَذَا قَالَ الْقَلْيُوبِيُّ عَمَّمَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْكَبَائِرِ أَيْضًا وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ اهـ وَقَدْ أَشْبَعْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْأَصْلِ وَبَيَّنْت اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِيهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَا صَرَّحَتْ الْأَحَادِيثُ فِيهِ بِأَنَّ شَرْطَ التَّكْفِيرِ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ لَا شُبْهَةَ فِي عَدَمِ تَكْفِيرِهِ الْكَبَائِرَ وَمَا صَرَّحَ الْأَحَادِيثُ فِيهِ بِأَنَّهُ يُكَفِّرُ الْكَبَائِرَ لَا يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ يُكَفِّرُهَا وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا أَطْلَقَتْ الْأَحَادِيثُ التَّكْفِيرَ فِيهِ وَمِلْت فِي الْأَصْلِ إلَى أَنَّ الْإِطْلَاقَ يَشْمَلُ الْكَبَائِرَ وَالْفَضْلُ وَاسِعٌ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ وَفِي الْمُغْنِي مِثْلُ مَا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ لَكِنْ ذَكَرَ النِّهَايَةُ آخِرًا بَعْدَمَا تَقَدَّمَ مِنْهُ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَخْتَارُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّشِيدِيُّ ثُمَّ قَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَحَدِيثُ تَكْفِيرِ الْحَجِّ إلَخْ أَنَّهُ مَا ثَبَتَ حَدِيثٌ يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ يُصَرِّحُ بِتَكْفِيرِ الْكَبَائِرِ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ أَوْ وَقَى إلَخْ) فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ نَظَرٌ.

(قَوْلُهُ بِأَنَّهُ) أَيْ: التَّخْصِيصَ وَ (قَوْلُهُ الْمُسْتَنِدِ) بِكَسْرِ النُّونِ نَعْتٌ لِاسْمِ الْإِشَارَةِ الرَّاجِعِ لِلْإِجْمَاعِ.

(قَوْلُهُ لِتَصْرِيحِ الْأَحَادِيثِ إلَخْ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ هَذَا لَا يَقْتَضِي التَّقْيِيدَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ وَنَحْوُهُ؛ لِأَنَّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ وَالْقِيَاسُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

(بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ) (قَوْلُهُ فَزَعْمُ أَنَّ هَذِهِ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ اللَّيَالِي إلَخْ) أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ عَشْرَ رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ؛ لِأَنَّ رَمَضَانَ سَيِّدُ الشُّهُورِ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ وَهُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ) سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي الشَّارِحِ أَنَّ صَوْمَهُ لِلْحَاجِّ خِلَافُ الْأَوْلَى وَقِيلَ مَكْرُوهٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ انْتِفَاءِ خِلَافِ الْأَوْلَى أَوْ الْكَرَاهَةِ بِصَوْمِ مَا قَبْلَهُ لَكِنْ يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي صَوْمِ الْجُمُعَةِ مَعَ اتِّحَادِ الْعِلَّةِ فِيهِمَا بَلْ هَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي خِلَافِ الْأَوْلَى مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَكْرُوهِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقُوَّةَ الْحَاصِلَةَ بِالنَّظَرِ هُنَا مِنْ تَكْمِلَاتِ الْمَغْفِرَةِ الْحَاصِلَةِ بِالْحَجِّ لِجَمِيعِ مَا مَضَى مِنْ الْعُمْرِ وَلَيْسَ فِي ضَمِّ صَوْمِ مَا قَبْلَهُ إلَيْهِ جَابِرٌ بِخِلَافِ الْفِطْرِ ثَمَّ فَإِنَّهُ مِنْ تَكْمِلَاتِ مَغْفِرَةِ تِلْكَ الْجُمُعَةِ فَقَطْ وَفِي ضَمِّ يَوْمٍ لَهُ جَابِرٌ فَإِنْ قِيلَ قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ صَوْمَ هَذَا أَوْلَى بِالْكَرَاهَةِ مِنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ قُلْنَا صَدَّ عَنْ ذَلِكَ وُرُودُ النَّهْيِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ ثَمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ الَّتِي هُوَ فِيهَا) وَهِيَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الَّتِي قَبْلَهُ فَيَكُونُ وَصْفُهَا بِكَوْنِهَا قَبْلَهُ بِاعْتِبَارِ مُعْظَمِهِ.

(قَوْلُهُ لِتَصْرِيحِ الْأَحَادِيثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>