فِي غَيْرِ الْحَرَمِ (ثُمَّ) بَعْدَهُمَا (الْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ) لَا عَقِبَهُمَا بَلْ (إذَا انْبَعَثَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ) أَيْ تَوَجَّهَتْ بِهِ دَابَّتُهُ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ غَيْرِهَا إلَى جِهَةِ مَقْصِدِهِ سَائِرَةً لَا مُجَرَّدَ ثَوَرَانِهَا (أَوْ تَوَجَّهَ لِطَرِيقِهِ مَاشِيًا) لِلِاتِّبَاعِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَبِهِ مَعَ مَا مَرَّ يُعْلَمُ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي حَقِّ الْمَكِّيِّ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ثُمَّ يَأْتِي إلَى بَابِ مَحَلِّهِ السَّاكِنِ بِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ فَيُحْرِمُ مِنْهُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ سَيْرِهِ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ لِطَوَافِ الْوَدَاعِ الْمَسْنُونِ وَمَنْ لَا مَسْكَنَ لَهُ يَنْبَغِي أَنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْمَسْجِدِ، فَإِنْ قُلْت نُدِبَ إحْرَامُهُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ سَيْرِهِ لِجِهَةِ مَقْصِدِهِ يُنَافِيهِ إذَا كَانَ مَقْصِدُهُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ كَعَرَفَةَ مَا مَرَّ أَنَّهُ يُسَنُّ الِاسْتِقْبَالُ عِنْدَ النِّيَّةِ قُلْت لَا يُنَافِيهِ فَيُسَنُّ لَهُ عِنْدَ ابْتِدَائِهِ فِي السَّيْرِ لِجِهَةِ عَرَفَةَ أَنْ يَكُونَ مُلْتَفِتًا إلَى الْقِبْلَةِ (وَفِي قَوْلٍ يُحْرِمُ عَقِبَ الصَّلَاةِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحِ فِيهِ وَقُدِّمَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ نَعَمْ السُّنَّةُ لِلْإِمَامِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَكِنْ نُوزِعَ فِيهِ أَنْ يَخْطُبَ لِلتَّرْوِيَةِ مُحْرِمًا مَعَ أَنَّ سَيْرَهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَلِيهِ
(وَيُسْتَحَبُّ إكْثَارُ التَّلْبِيَةِ) لِلِاتِّبَاعِ (وَرَفْعُ صَوْتِهِ بِهَا) وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ بِحَيْثُ لَا يُجْهِدُ نَفْسَهُ وَلَا يَنْقَطِعُ صَوْتُهُ (فِي) مُتَعَلِّقٌ بِإِكْثَارٍ وَرَفْعٍ (دَوَامِ إحْرَامِهِ) أَيْ جَمِيعِ حَالَاتِهِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ» وَاحْتُرِزَ بِدَوَامِ إحْرَامِهِ عَنْ التَّلْبِيَةِ الْمُقْتَرِنَةِ بِابْتِدَائِهِ فَيُسَنُّ الْإِسْرَارُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ فِيهَا ذِكْرُ مَا أَحْرَمَ بِهِ فَطَلَبَ مِنْهُ الْإِسْرَارَ؛ لِأَنَّهُ أَوْفَقُ بِالْإِخْلَاصِ وَبِقَوْلِهِ صَوْتُهُ عَنْ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى فَيُسَنُّ لَهُمَا إسْمَاعُ أَنْفُسِهِمَا فَقَطْ وَيُكْرَهُ لَهُمَا الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَذَانِ لِمَا مَرَّ فِيهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
يَحْرُمَانِ فِيهِ لَكِنْ هَلْ يُسْتَحَبَّانِ حِينَئِذٍ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ النَّافِلَةَ الْمُطْلَقَةَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فِي الْحَرَمِ خِلَافُ الْأَوْلَى فِيهِ نَظَرٌ لَكِنْ يُتَّجَهُ الِاسْتِحْبَابُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ ذَاتُ سَبَبٍ، وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا فَلَهَا مَزِيَّةٌ عَلَى النَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ كَالْمُصَرِّحَةِ بِذَلِكَ سم (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْحَرَمِ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّنْ نَذَرَ رَكْعَتَيْنِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فِي الْحَرَمِ هَلْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ النَّافِلَةَ أَيْ الْمُطْلَقَةَ فِي ذَلِكَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِالِانْعِقَادِ؛ لِأَنَّ النَّافِلَةَ قُرْبَةٌ فِي نَفْسِهَا وَكَوْنُهَا خِلَافَ الْأَوْلَى أَمْرٌ عَارِضٌ فَلَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ الْأَقْرَبُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ النَّذْرِ كَوْنُ الْمَنْذُورِ قُرْبَةً وَخِلَافُ الْأَوْلَى مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، وَهُوَ كَالْمَكْرُوهِ غَايَتُهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهِ خَفِيفَةٌ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (ثُمَّ الْأَفْضَلُ إلَخْ) لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ يُحْرِمُ مِنْ مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لَا مُجَرَّدِ إلَخْ) لَعَلَّهُ بِالْجَرِّ عَطْفًا بِحَسَبِ الْمَعْنَى عَلَى قَوْلِهِ أَيْ تَوَجَّهَتْ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ أَيْضًا أَيْ الْمُرَادُ بِالِانْبِعَاثِ مَا ذُكِرَ لَا مُجَرَّدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ الْأَفْضَلُ إلَخْ وَ (قَوْلُهُ: مَعَ مَا مَرَّ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ مَا قَدَّمَهُ فِي شَرْحٍ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَوَّلِ الْمِيقَاتِ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ وَجْهُ عِلْمِ قَوْلِهِ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ إلَخْ مِمَّا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ إلَخْ) ظَرْفٌ لِيُنَافِيهِ و (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) فَاعِلُهُ (قَوْلُهُ: مُلْتَفِتًا إلَخْ) أَيْ بِصَدْرِهِ لَا بِمُجَرَّدِ وَجْهِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ (يَحْرُمُ عَقِبَ الصَّلَاةِ) أَيْ جَالِسًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ) إلَى قَوْلِهِ أَيْ إقَامَةً فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَخْذًا إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ فَيُقَدِّمُهَا إلَى وَتُكْرَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: لِلتَّرْوِيَةِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ يَوْمَ السَّابِعِ اهـ قَالَ الْبَصْرِيُّ قَوْلُهُ لِلتَّرْوِيَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُتَأَمَّلَ فِي وَجْهِ التَّسْمِيَةِ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ يَوْمَ السَّابِعِ يُسَمَّى يَوْمَ الزِّينَةِ وَيَوْمُ الثَّامِنِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ مَعَ أَنَّ الْخُطْبَةَ فِي الْأَوَّلِ اهـ.
وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ اللَّامَ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ لِبَيَانِ التَّرْوِيَةِ وَمَا يُنَاسِبُهَا
قَوْل الْمَتْنِ (وَيُسْتَحَبُّ إكْثَارُ التَّلْبِيَةِ) لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ طَاهِرٍ وَحَائِضٍ وَجُنُبٍ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَرَفْعُ صَوْتِهِ وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ حَيْثُ لَا يُشَوِّشُ عَلَى نَحْوِ مُصَلٍّ وَقَارِئٍ وَنَائِمٍ، فَإِنْ شَوَّشَ بِأَنْ أَزَالَ الْخُشُوعَ مِنْ أَصْلِهِ كُرِهَ، فَإِنْ زَادَ التَّشْوِيشُ حَرُمَ وَنَّائِيٌّ وَفِي سم عَنْ الْإِيعَابِ مَا يُوَافِقُهُ زَادَ الْكُرْدِيُّ عَلَى بَافَضْلٍ قَالَ ابْنُ الْجَمَّالِ يَكْفِي قَوْلُ الْمُتَأَذِّي؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يُجْهِدُ نَفْسَهُ) أَيْ جُهْدًا يُحْتَمَلُ فِي الْعَادَةِ وَإِلَّا حَرُمَ ع ش (قَوْلُهُ: أَيْ جَمِيعُ حَالَاتِهِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي أَيْ مَا دَامَ مُحْرِمًا فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَاحْتُرِزَ بِدَوَامِ إحْرَامِهِ) أَيْ الْمُتَبَادَرُ فِي مُقَابَلَةِ ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ الْبَصْرِيِّ تَأَمَّلْ فِي هَذَا الِاحْتِرَازِ مَعَ تَفْسِيرِ وَدَوَامِ إحْرَامِهِ بِجَمِيعِ حَالَاتِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَإِنْ جَهَرْت كُرِهَ حَيْثُ يُكْرَهُ جَهْرُهَا فِي الصَّلَاةِ اهـ قَالَ ع ش بِأَنْ كَانَتْ بِحَضْرَةِ أَجَانِبَ، فَإِنْ كَانَتْ بِحَضْرَةِ مَحْرَمٍ أَوْ خَالِيَةً فَلَا كَرَاهَةَ اهـ.
وَفِي الْإِيعَابِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَذَانِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَإِنَّمَا حَرُمَ أَذَانُهَا لِلْأَمْرِ بِالْإِصْغَاءِ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ وَهُنَا كُلُّ وَاحِدٍ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْحَرَمِ) أَيْ أَمَّا وَقْتُ الْكَرَاهَةِ فِي الْحَرَمِ فَلَا يَحْرُمَانِ فِيهِ لَكِنْ هَلْ يُسْتَحَبَّانِ حِينَئِذٍ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ النَّافِلَةَ الْمُطْلَقَةَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فِي الْحَرَمِ خِلَافُ الْأَوْلَى فِيهِ نَظَرٌ لَكِنْ يُتَّجَهُ الِاسْتِحْبَابُ لِأَنَّ هَذِهِ ذَاتُ سَبَبٍ، وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا فَلَهَا مَزِيَّةٌ عَلَى النَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ كَالْمُصَرِّحَةِ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ فِي الْعُبَابِ يُسَنُّ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ لِلْإِحْرَامِ بِمَسْجِدِ الْمِيقَاتِ إنْ كَانَ لَا حَيْثُ تُكْرَهُ النَّافِلَةُ اهـ شَرْحُ قَوْلِهِ لَا حَيْثُ إلَخْ بِقَوْلِهِ لَا حَيْثُ أَيْ لَا فِي مَكَان أَوْ زَمَانٍ تُكْرَهُ فِيهِ النَّافِلَةُ تَنْزِيهًا فِي الْأَوَّلِ وَتَحْرِيمًا فِي الثَّانِي بِخِلَافِهَا فِي حَرَمِ مَكَّةَ يُصَلِّيهَا فِيهِ أَيَّ وَقْتٍ أَرَادَ اهـ وَقَدْ وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّنْ نَذَرَ رَكْعَتَيْنِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فِي الْحَرَمِ هَلْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ النَّافِلَةَ فِي ذَلِكَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِالِانْعِقَادِ؛ لِأَنَّ النَّافِلَةَ قُرْبَةٌ فِي نَفْسِهَا وَكَوْنُهَا خِلَافَ الْأَوْلَى أَمْرٌ عَارِضٌ فَلَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) ، وَهُوَ الْأَصَحُّ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَيُسْتَحَبُّ إكْثَارُ التَّلْبِيَةِ وَرَفْعُ صَوْتِهِ بِهَا فِي دَوَامِ إحْرَامِهِ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَتَتَأَكَّدُ لِتَغَايُرِ الْأَحْوَالِ كَصُعُودٍ وَهُبُوطٍ إلَى أَنْ قَالَ وَبِكُلِّ مَسْجِدٍ حَتَّى الْإِحْرَامِ ثُمَّ قَالَ وَأَنْ يَرْفَعَ بِالذِّكْرِ صَوْتَهُ قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ وَلَوْ فِي الْمَسَاجِدِ مَا لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى مُصَلٍّ أَوْ ذَاكِرٍ أَوْ نَائِمٍ وَإِلَّا كُرِهَ كَمَا مَرَّ اهـ نَعَمْ إنْ قَصَدَ التَّشْوِيشَ حَرُمَ (قَوْلُهُ: فَيُسَنُّ لَهُمَا إسْمَاعُ أَنْفُسِهِمَا فَقَطْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَذَلِكَ كَمَا فِي قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُمَا يَجْهَرَانِ بِحَضْرَةِ الْمَحَارِمِ فِي الْخَلْوَةِ