أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ عَزَمَ عَلَى الرَّحِيلِ أَنْ يَطُوفَ وَلَوْ لِلرُّكْنِ، وَإِنْ اتَّسَعَ وَقْتُهُ لِمَشَقَّةِ مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ بِالتَّيَمُّمِ وَيَتَحَلَّلُ بِهِ، وَإِذَا جَاءَ مَكَّةَ لَزِمَهُ إعَادَتُهُ
ــ
[حاشية الشرواني]
عَادَ إلَى مَكَّةَ لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ حَلَالًا بِالنِّسْبَةِ لِإِبَاحَةِ الْمَحْظُورَاتِ لَهُ قَبْلَ الْعَوْدِ لِلضَّرُورَةِ إلَّا أَنَّهُ مُحْرِمٌ بِالنِّسْبَةِ لِبَقَاءِ الطَّوَافِ فِي ذِمَّتِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُعِيدُ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ الطَّوَافَ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ وَمَا قَالَهُ أَيْ الْإِسْنَوِيُّ فِي طَوَافِ النَّفْلِ صَحِيحٌ أَمَّا طَوَافُ الْوَدَاعِ فَالْأَقْرَبُ فِيهِ جَوَازُهُ بِهِ أَيْ التَّيَمُّمِ أَيْضًا نَعَمْ يَمْتَنِعَانِ أَيْ النَّفَلُ وَالْوَدَاعُ عَلَى فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ كَطَوَافِ الرُّكْنِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَسْقُطُ عَنْهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ بِذَلِكَ وَبِالنَّجَاسَةِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَى طُهْرِهَا وَلَا دَمَ عَلَيْهِ كَالْحَائِضِ اهـ بِحَذْفٍ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر بِالتَّيَمُّمِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ بِالنَّجَاسَةِ إذَا عَجَزَ عَنْ إزَالَتِهَا وَعَلَيْهِ فَيَتَحَمَّلُ أَنَّهُ كَالْحَائِضِ فَيَخْرُجُ مَعَ رُفْقَتِهِ إلَى حَيْثُ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ فَيَتَحَلَّلُ كَالْمُحْصِرِ فَإِذَا عَادَ إلَى مَكَّةَ أَحْرَمَ وَطَافَ اهـ.
وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر بِذَلِكَ أَيْ بِفَقْدِ الطَّهُورَيْنِ وَقَوْلُهُ وَبِالنَّجَاسَةِ إلَخْ أَيْ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فِعْلُهُمَا مَعَهَا كَمَا مَرَّ اهـ.
(قَوْلُهُ: إنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ عَزَمَ عَلَى الرَّحِيلِ إلَخْ) يُفْهَمُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْآفَاقِيِّ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الْمَكِّيَّ لَيْسَ لَهُ فِعْلُ ذَلِكَ بِالتَّيَمُّمِ، وَهُوَ مَفْهُومُ غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَنَظَرَ فِيهِ عَبْدُ الرَّءُوفِ بِمَشَقَّةِ مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ، وَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا قَالَ ابْنُ الْجَمَّالِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الْمَكِّيَّ إذَا رَجَا حُصُولَ الْبُرْءِ أَوْ الْمَاءِ فِي زَمَنٍ قَرِيبٍ لَا تَعْظُمُ فِيهِ مَشَقَّةُ مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّلُ وَإِلَّا جَازَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ رَأَيْت الْبَكْرِيَّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْإِيضَاحِ لِلنَّوَوِيِّ صَرَّحَ بِذَلِكَ اهـ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ وَكَذَا فِي الْوَنَائِيِّ إلَّا قَوْلَهُ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالتَّيَمُّمِ) سَكَتَ عَنْ النَّجَاسَةِ وَالْوَجْهُ امْتِنَاعُ الطَّوَافِ مُطْلَقًا وَلَوْ طَوَافَ الرُّكْنِ عَلَى مَنْ بِهِ نَجَسٌ لَا يُعْفَى عَنْهُ سم عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ، فَإِنْ كَانَ بِهِ نَجَاسَةٌ مُنَجِّسَةً لَا يَقْدِرُ عَلَى طُهْرِهَا فَكَذَلِكَ أَيْ مِثْلُ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ عِنْدَ م ر وَقَالَ فِي الْفَتْحِ وَلِمُحْدِثٍ أَيْ بِلَا نَجَاسَةٍ أَوْ مُتَنَجِّسٍ أَيْ مُحْدِثٍ عَدَمَ الْمَاءِ طَوَافُ وَدَاعٍ بِالتَّيَمُّمِ وَكَذَا النَّفَلُ لِلْمُحْدِثِ لَا الْمُتَنَجِّسِ فَيَا يَظْهَرُ وَلَهُمَا أَيْ الْمُحْدِثِ الْمُتَنَجِّسِ وَالْمُحْدِثِ الْغَيْرِ الْمُتَنَجِّسِ عَلَى الْأَوْجَهِ طَوَافُ الرُّكْنِ بِالتَّيَمُّمِ لِفَقْدِ مَاءٍ أَوْ نَحْوِ جُرْحٍ، وَإِنْ لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا الْإِعَادَةُ حَيْثُ لَمْ يَرْجُ الْبُرْءَ أَوْ الْمَاءَ قَبْلَ رَحِيلِهِ لِشِدَّةِ الْمَشَقَّةِ فِي بَقَائِهِ مُحْرِمًا وَتَجِبُ إعَادَتُهُ إذَا عَادَ لِمَكَّةَ لِبَقَائِهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ نَحْوُ الْوَطْءِ لِلضَّرُورَةِ انْتَهَى اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا جَاءَ مَكَّةَ إلَخْ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ لِذَلِكَ، وَهُوَ مُفَادُ غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ أَيْضًا وَنَقَلَ سم عَنْ الْجَمَّالِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْمَجِيءُ فَوْرًا وَنَحْوُهُ فِي الْحَاشِيَةِ وَقَالَ ابْنُ الْجَمَّالِ وَعَبْدُ الرَّءُوفِ وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَخَفْ نَحْوَ عَضْبٍ وَإِلَّا وَجَبَ فَوْرًا وَإِذَا أَخَّرَ فَمَاتَ فَيَنْبَغِي عِصْيَانُهُ مِنْ آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ وَنَّائِيٌّ وَكُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ إعَادَتُهُ) وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِحْرَامُ بِغَيْرِ ذَلِكَ النُّسُكِ كَمَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْعَاكِفِ بِمِنَى الْإِحْرَامُ بِغَيْرِ ذَلِكَ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
عَنْ الْمَاءِ مِنْ طَوَافِ الرُّكْنِ لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي فِعْلِهِ؛ وَلِأَنَّ وَقْتَهُ لَيْسَ مَحْدُودًا كَالصَّلَاةِ أَيْ فَلِذَا جَازَتْ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ، وَأَمَّا الطَّوَافُ فَلَا آخِرَ لِوَقْتِهِ لَكِنَّ هَذَا الْفَرْقَ مُسَلَّمٌ فِي صُورَةِ الْمُتَنَجِّسِ وَقَطَعَ فِي طَوَافِ النَّفْلِ وَالْوَدَاعِ بِأَنَّ لَهُ فِعْلَهُمَا مَعَ ذَلِكَ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَوْجَهَ الَّذِي يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ أَنَّ لَهُ فِعْلَ طَوَافِ الرُّكْنِ بِالتَّيَمُّمِ لِفَقْدٍ أَوْ لِجُرْحٍ عَلَيْهِ جَبِيرَةٌ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تَجِبُ مَعَهُ الْإِعَادَةُ حَيْثُ لَمْ يَرْجُ الْبُرْءَ أَوْ الْمَاءَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ فِعْلِهِ عَلَى وَجْهٍ مُجْزِئٍ عَنْ الْإِعَادَةِ لِشِدَّةِ الْمَشَقَّةِ فِي بَقَائِهِ مُحْرِمًا مَعَ عَوْدِهِ إلَى وَطَنِهِ وَتَجِبُ إعَادَتُهُ إذَا تَمَكَّنَ بِأَنْ عَادَ إلَى مَكَّةَ لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ حَلَالًا بِالنِّسْبَةِ لِإِبَاحَةِ الْمَحْظُورَاتِ لَهُ قَبْلَ الْعَوْدِ لِلضَّرُورَةِ إلَّا أَنَّهُ مُحْرِمٌ بِالنِّسْبَةِ لِبَقَاءِ الطَّوَافِ فِي ذِمَّتِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُعِيدُ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ الطَّوَافَ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ، وَلَمْ أَرَ تَصْرِيحًا بِذَلِكَ وَمَا قَالَهُ فِي الطَّوَافِ النَّفْلِ صَحِيحٌ أَمَّا طَوَافُ الْوَدَاعِ فَالْأَقْرَبُ فِيهِ جَوَازُهُ بِهِ أَيْضًا نَعَمْ يَمْتَنِعَانِ عَلَى فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ كَطَوَافِ الرُّكْنِ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ بِذَلِكَ وَبِالنَّجَاسَةِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَى طُهْرِهَا وَلَا دَمَ عَلَيْهِ كَالْحَائِضِ. اهـ.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ الْمُتَقَدِّمِ جَوَازُ النَّفْلِ وَالْوَدَاعِ مَعَ نَجَسٍ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ نَعَمْ ذَلِكَ مُحْتَمَلٌ فِي طَوَافِ الرُّكْنِ لِضَرُورَةِ الِاحْتِيَاجِ إلَى التَّحَلُّلِ لَكِنَّ الْوَجْهَ امْتِنَاعُ الطَّوَافِ مُطْلَقًا وَلَوْ طَوَافَ الرُّكْنِ عَلَى مَنْ بِهِ نَجَسٌ لَا يُعْفَى عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لِمَشَقَّةِ مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ بِالتَّيَمُّمِ) سَكَتَ عَنْ النَّجَاسَةِ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا جَاءَ مَكَّةَ لَزِمَتْهُ إعَادَتُهُ) وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ إذَا عَادَ الْإِحْرَامُ بِغَيْرِ ذَلِكَ النُّسُكِ كَمَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْعَاكِفِ بِمِنًى الْإِحْرَامُ بِغَيْرِ ذَلِكَ النُّسُكِ بَلْ أَوْلَى لِبَقَاءِ بَعْضِ الْأَرْكَانِ هُنَا وَبَقَائِهِ مُحْرِمًا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ حِلِّ الْمَحْظُورَاتِ م ر (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ إعَادَتُهُ) وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ