للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِغَيْرِهِ مِنْهُ (مُحَاذِيًا) بِالْمُعْجَمَةِ (لَهُ) أَوْ لِبَعْضِهِ وَاسْتِبْعَادُ تَصَوُّرِهِ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَدَنِ عَرْضُ مُقَدَّمِهِ لَا عَلَى أَنَّهُ الشِّقُّ الْأَيْسَرُ (فِي مُرُورِهِ) عَلَيْهِ ابْتِدَاءً (بِجَمِيعِ بَدَنِهِ) أَيْ شِقِّهِ الْأَيْسَرِ بِأَنْ يَجْعَلَهُ إلَيْهِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْحَجَرِ أَوْ مَحَلِّهِ مَا يُسَامِتُهُ وَيَمْشِي أَمَامَ وَجْهِهِ وَتَجِبُ مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ حَيْثُ وَجَبَتْ أَوْ أَرَادَ فَضْلَهَا لِمَا تَجِبُ مُحَاذَاتُهُ مِنْهُ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقِفَ بِجَانِبِهِ مِنْ جِهَةِ الْيَمَانِيِّ بِحَيْثُ يَصِيرُ مَنْكِبُهُ الْأَيْمَنُ عِنْدَ طَرَفِهِ ثُمَّ يَمُرُّ مُتَوَجِّهًا لَهُ حَتَّى يُجَاوِزَهُ فَيَنْفَتِلُ جَاعِلًا يَسَارَهُ مُحَاذِيًا جُزْءًا مِنْ الْحَجَرِ بِشَقِّهِ الْأَيْسَرِ، وَإِنْ أَوْهَمَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إذَا جَاوَزَهُ انْفَتَلَ خِلَافَ ذَلِكَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَبَسَطْت الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ

ــ

[حاشية الشرواني]

رُكْنِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِهِ مِنْهُ) أَيْ لِغَيْرِ رُكْنِ الْحَجَرِ مِنْ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِبْعَادُ تَصَوُّرِهِ) أَيْ الْمُحَاذَاةِ لِبَعْضِ الْحَجَرِ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَجْعَلَهُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ لَا يَتَقَدَّمَ جَزْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جَزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ أَوْ مَحَلُّهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: حَيْثُ وَجَبَتْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الطَّوَافُ فِي ضِمْنِ النُّسُكِ كَطَوَافِ النُّذُورِ وَالتَّطَوُّعِ وَ (قَوْلُهُ: أَوْ أَرَادَ فَضْلَهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ فِي ضِمْنِ نُسُكٍ كَطَوَافِ رُكْنٍ وَقُدُومٍ وَكَذَا الْوَدَاعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْمَنَاسِكِ (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَصِفَةُ الْمُحَاذَاةِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْبَيْتَ وَيَقِفَ بِجَانِبِ الْحَجَرِ الَّذِي إلَى جِهَةِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ بِحَيْثُ يَصِيرُ جَمِيعُ الْحَجَرِ عَنْ يَمِينِهِ وَمَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ عِنْدَ طَرَفِهِ ثُمَّ يَنْوِي الطَّوَافَ ثُمَّ يَمْشِي مُسْتَقْبِلَ الْحَجَرِ مَارًّا إلَى جِهَةِ يَمِينِهِ حَتَّى يُجَاوِزَهُ فَإِذَا جَاوَزَهُ انْفَتَلَ وَجَعَلَ يَسَارَهُ إلَى الْبَيْتِ وَلَوْ فَعَلَ هَذَا مِنْ الْأَوَّل وَتَرَكَ اسْتِقْبَالَ الْحَجَرِ جَازَ لَكِنْ فَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ قَالَ فِي مَنَاسِكِهِ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الطَّوَافِ يَجُوزُ مَعَ اسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ إلَّا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مُرُورِهِ فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ عَلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ فِي الطَّوْفَةِ الْأُولَى لَا غَيْرُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ غَيْرُ الِاسْتِقْبَالِ الْمُسْتَحَبِّ عِنْدَ لِقَاءِ الْحَجَرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدَأَ بِالطَّوَافِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ لَا خِلَافَ فِيهِ وَسُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ.

كَذَا فِي الْأَسْنَى وَنَحْوُهُ فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَزَادَ فِيهِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ مِنْ إجْزَاءِ الِانْفِتَالِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ جَمِيعِ الْحَجَرِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ أَبِي الطَّيِّبِ وَالرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَإِنْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ خِلَافَهُ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ قَبْلَ مُفَارَقَةِ جَمِيعِهِ؛ لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ مَا لَمْ يَتَوَسَّعُوهُ فِي دَوَامِهِ انْتَهَى. وَكَذَلِكَ الْفَاضِلُ الْمُحَشِّي بَالَغَ فِي اعْتِمَادِ مَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ وَرَدَّ مُخَالَفَةَ التُّحْفَةِ لِظَاهِرِهَا بِتَأْوِيلِهَا بِأَبْلَغِ رَدٍّ فَلْيُرَاجَعْ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَسُنَّ قَبْلَ الْبَدْءِ بِالطَّوَافِ عِنْدَ خُلُوِّ الْمَطَافِ اسْتِقْبَالُ الْحِجْرِ ثُمَّ يَتَأَخَّرُ جِهَةَ يَسَارِهِ بِحَيْثُ يَصِيرُ جَمِيعُ الْحِجْرِ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ يَنْوِي نَدْبًا وَقِيلَ وُجُوبًا كَالنِّيَّةِ قَبْلَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ثُمَّ يَمْشِي مُسْتَقْبِلًا الْحِجْرَ جِهَةَ يَمِينِهِ إلَى أَنْ يُحَاذِيَ مَنْكِبُهُ الْأَيْسَرُ طَرَفَ الْحَجَرِ الَّذِي جِهَةَ الْبَابِ فَيَنْحَرِفُ عَلَى يَسَارِهِ فَيَجْعَلُ جَمِيعَ يَسَارِهِ لِطَرَفِ الْحِجْرِ ثُمَّ يَنْوِيَ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا إنْ غَفَلَ عَنْ النِّيَّةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ أَوَّلَ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ هُوَ هَذَا الِانْحِرَافُ وَمَا قَبْلَهُ مُقَدِّمَتُهُ لَا مِنْهُ فَلَوْ فَعَلَ هَذَا الِانْحِرَافَ مِنْ الْأَوَّلِ وَتَرَكَ اسْتِقْبَالَهُ بِأَنْ حَاذَى الطَّرَفَ مِمَّا يَلِي الْبَابَ بِمَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ ابْتِدَاءً فَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ وَقِيلَ اسْتِقْبَالُهُ بِالْوَجْهِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ وَانْتِهَائِهِ وَاجِبٌ فَالِاحْتِيَاطُ التَّامُّ فِعْلُ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِقْبَالِهِ عِنْدَ لِقَائِهِ قَبْلَ ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ هَذَا مَا تَلَخَّصَ مِنْ التُّحْفَةِ وَالْفَتْحِ وَشَرْحِ الْعُبَابِ.

وَذُكِرَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ الِانْحِرَافَ يَكُونُ بَعْدَ مُفَارَقَةِ جَمِيعِ الْحِجْرِ اهـ وَقَالَ ابْنُ الْجَمَّالِ الرَّاجِحُ مِنْ حَيْثُ النَّقْلُ مَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ وَمِنْ حَيْثُ الْمَدْرَكُ مَا قَالَهُ حَجّ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهُوَ أَيْ مَا قَالَهُ حَجّ أَحْوَطُ لِعَدَمِ الْخِلَافِ حِينَئِذٍ فِي صِحَّتِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: بِشِقِّهِ الْأَيْسَرِ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى جَاعِلًا إلَخْ بَلْ تَرْكُهُ بِالْكُلِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْهَمَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: إذَا جَاوَزَهُ إلَخْ) أَقُولُ هَذَا الْكَلَامُ لَا يَنْبَغِي، فَإِنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

أَتَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْحَجَرَ ثُمَّ مَشَى عَنْ يَمِينِهِ» اهـ.

(قَوْلُهُ: فَيَنْفَتِلُ جَاعِلًا إلَخْ) ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّ حَقِيقَةَ الطَّوَافِ إنَّمَا تُوجَدُ عِنْدَ هَذَا الِانْفِتَالِ عِنْدَ مُحَاذَاةِ طَرَفِ الْحِجْرِ، وَهُوَ حِينَئِذٍ قَدْ حَاذَاهُ بِيَسَارِهِ ثُمَّ قَالَ فِي قَوْلِهِمْ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ الطَّوَافِ مَعَ اسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ إلَّا هَذَا وَبِمَا قَدَّمْته مِنْ أَنَّ الطَّوَافَ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ مِنْ حِينِ الِانْفِتَالِ يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ صُورِيٌّ. اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ تَكَلُّفٌ مُنَابِذٌ لِعِبَارَةِ الْمَجْمُوعِ وَالْمَنَاسِكِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ فِيمَا يَأْتِي فَلْيُحْذَرْ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْهَمَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إذَا جَاوَزَهُ إلَخْ) أَقُولُ هَذَا الْكَلَامُ لَا يَنْبَغِي، فَإِنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْمَذْكُورَ كَمَا لَا يَخْفَى صَرِيحٌ فِي خِلَافِ ذَلِكَ، وَهُوَ مُوَافِقٌ فِي ذَلِكَ لِغَيْرِهِ كَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنِ الصَّلَاحِ كَمَا بَسَطَ ذَلِكَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ ثُمَّ نَظَرَ فِيهِ بِمَا يُصَرِّحُ بِصَرَاحَةِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمَذْكُورِ فِيمَا ذُكِرَ كَقَوْلِ مَنْ ذُكِرَ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالِ اسْتِقْبَالِهِ يَقْطَعُ جُزْءًا مِنْ الْبَيْتِ، وَهُوَ عَنْ يَسَارِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ الشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ الْبَيْتُ عَنْ يَسَارِهِ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْحِجْرِ لَا عِنْدَ مُحَاذَاتِهِ فَلَا إشْكَالَ وَكَلَامُ أَبِي الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ السَّابِقُ صَرِيحٌ فِيهِ وَلِأَجْلِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَلَا يَجُوزُ اسْتِقْبَالُ الْبَيْتِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ إلَّا فِي هَذَا الْحَالِ. اهـ. فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ وَكَلَامُ أَبِي الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ صَرِيحٌ فِيهِ وَلِأَجْلِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ إلَخْ تَعْلَمُ بِأَنَّهُ مُصَرَّحٌ بِأَنَّ كَلَامَ النَّوَوِيِّ وَكَلَامُهُمَا مُصَرِّحٌ بِجَوَازِ قَطْعِ جَمِيعِ الْحِجْرِ مَعَ الِاسْتِقْبَالِ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>