للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُنَا نَعَمْ م ر ثَمَّ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ يَصِيرُ بِأَمْرِهِ وَاجِبًا بَاطِنًا أَيْضًا بِخِلَافِ مَا لَيْسَ فِيهِ تِلْكَ الْمَصْلَحَةُ لَا يَجِبُ إلَّا ظَاهِرًا فَقَطْ فَكَذَا يُقَالُ هُنَا لَا يَجِبُ إلَّا ظَاهِرًا وَمَرَّ ثَمَّ أَيْضًا مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ وِلَايَةَ الْقَضَاءِ تَشْمَلُ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَهَلْ الْخَطِيبُ الَّذِي وَلَّاهُ الْإِمَامُ الْخَطَابَةَ لَا غَيْرُ كَذَلِكَ، أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْقَضَاءِ النَّظَرَ فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ بِخِلَافِ الْخَطَابَةِ (وَيُعَلِّمُهُمْ) فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ (مَا أَمَامَهُمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ) كُلَّهَا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ، وَهُوَ الْأَكْمَلُ لِتَرْسَخَ فِي أَذْهَانِهِمْ بِإِعَادَتِهَا فِي الْخُطَبِ الْآتِيَةِ وَلِأَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ قَدْ لَا يَحْضُرُ فِيمَا بَعْدَهَا لِكَثْرَةِ أَشْغَالِهِمْ أَوْ إلَى الْخُطْبَةِ الْأُخْرَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ قِيلَ وَهَذَا هُوَ الْأَكْمَلُ لِأَنَّ الْمَسَائِلَ الْعِلْمِيَّةَ كُلَّمَا قَلَّتْ حُفِظَتْ وَضُبِطَتْ وَيَرُدُّهُ خَبَرُ الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كَانَ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ خَطَبَ النَّاسَ وَأَخْبَرَهُمْ بِمَنَاسِكِهِمْ» فَالْجَمْعُ الْمُضَافُ فِيهِ دَلِيلٌ لِمَا قُلْنَاهُ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ مَا أَمَامَهُمْ أَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لِمَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَلَوْ قِيلَ يَنْبَغِي التَّعَرُّضُ لَهُ أَيْضًا لِيَعْرِفَهُ، أَوْ يَتَذَكَّرَهُ مَنْ أَخَلَّ بِهِ لَمْ يَبْعُدْ

(و) أَنْ (يَخْرُجَ بِهِمْ) فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَفِيهِ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُمْ وَإِلَّا فَقَبْلَ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَتَعَطَّلْ الْجُمُعَةُ بِمَكَّةَ

ــ

[حاشية الشرواني]

فُرِضَ أَنَّهُ أَمْرٌ فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ وَجَبَ الِامْتِثَالُ كَمَا فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَإِلَّا فَلَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: أَوْ يُفَرَّقُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْوَنَائِيُّ (قَوْلُهُ: وَيُعَلِّمُهُمْ فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ إلَخْ) ، فَإِنْ كَانَ فَقِيهًا قَالَ هَلْ مِنْ سَائِلٍ وَخُطَبُ الْحَجِّ أَرْبَعٌ هَذِهِ وَخُطْبَةُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ النَّحْرِ وَيَوْمِ النَّفْرِ الْأَوَّلِ وَكُلُّهَا فُرَادَى وَبَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ إلَّا يَوْمَ عَرَفَةَ فَثِنْتَانِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَكُلُّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَ كَلَامُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُخْبِرُهُمْ فِي كُلِّ خُطْبَةٍ بِمَا بَيْنَ أَيْدِيهمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يُخْبِرُهُمْ فِي كُلِّ خُطْبَةٍ بِمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ إلَى الْخُطْبَةِ الْأُخْرَى وَلَا مُنَافَاةَ إذْ الْإِطْلَاقُ بَيَانٌ لِلْأَكْمَلِ وَالتَّقْيِيدُ بَيَانٌ لِلْأَقَلِّ اهـ.

(قَوْلُهُ: بِإِعَادَتِهَا فِي الْخُطَبِ الْآتِيَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُعِيدُ فِي كُلٍّ مِنْهَا جَمِيعَ الْمَنَاسِكِ الْمَاضِيَةِ وَالْآتِيَةِ وَصَرِيحُ كَلَامِ غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ الْآتِي وَأَفْهَمَ إلَخْ أَنَّهُ يُعِيدُ الْآتِيَةَ فَقَطْ (قَوْلُهُ أَوْ إلَى الْخُطْبَةِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى كُلِّهَا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنْ كَانَ تَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ مَعَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَحُجَّ بَعْدَ النُّبُوَّةِ بِالنَّاسِ غَيْرَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَيُجَابُ بِأَنَّهَا إنَّمَا تُفِيدُ التَّكْرَارَ مَعَ الْمُضَارِعِ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ سم (قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ يَنْبَغِي إلَخْ) يُعْلَمُ مِمَّا سَنَنْقُلُهُ عَنْ الْأَسْنَى فِي خُطْبَةِ النَّحْرِ مَا يُؤَيِّدُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَأْخَذُهُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ) وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ بَصْرِيٌّ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ

(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ غَدٍ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي، فَإِنْ كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ نُدِبَ أَنْ يَخْرُجَ بِهِمْ قَبْلَ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ يَوْمَهَا بِلَا عُذْرٍ كَتَخَلُّفٍ عَنْ رُفْقَتِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقِيلَ فِعْلُهَا إلَى حَيْثُ لَا يُصَلِّي الْجُمُعَةَ حَرَامٌ فَمَحِلُّهُ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَلَمْ تُمْكِنْهُ إقَامَتُهَا بِمِنًى وَإِلَّا بِأَنْ أَحْدَثَ ثَمَّ قَرْيَةً وَاسْتَوْطَنَهَا أَرْبَعُونَ كَامِلُونَ جَازَ خُرُوجُهُ بَعْدَ الْفَجْرِ لِيُصَلِّيَ مَعَهُمْ، وَإِنْ حَرُمَ الْبِنَاءُ ثَمَّ اهـ زَادَ الْوَنَائِيُّ، وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَوَاتُ الْجُمُعَةِ عَلَى أَهْلِ بَلْدَةٍ بِأَنْ كَانُوا مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَقَوْلُهُمْ يَحْرُمُ تَعْطِيلُ بَلَدِهِمْ عَنْهَا مَحْمُولٌ عَلَى تَعْطِيلٍ بِغَيْرِ حَاجَةٍ كَمَا فِي التُّحْفَةِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر، وَإِنْ حَرُمَ الْبِنَاءُ إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا صِحَّةُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي السِّنَانِيَّةِ الْكَائِنَةِ بِبُولَاقَ، وَإِنْ كَانَتْ فِي حَرِيمِ الْبَحْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْحُرْمَةِ وَصِحَّةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَتَعَطَّلْ الْجُمُعَةُ) قَالَ سم بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ فَالْحَاصِلُ جَوَازُ كُلٍّ مِنْ التَّعْطِيلِ وَالسَّفَرِ لِحَاجَةٍ إذَا أَمْكَنَتْهُ فِي مَحِلٍّ آخَرَ أَيْ أَوْ تَضَرَّرَ بِتَخَلُّفِهِ عَنْ الرُّفْقَةِ فِيمَا يُتَّجَهُ، وَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقِيَاسُ ذَلِكَ جَوَازُ التَّعْطِيلِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ إذَا أَمْكَنَتْهُمْ فِي مِنًى مَثَلًا، وَإِنْ خَرَجُوا بَعْدَ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ لِحَاجَةٍ بَلْ قَدْ يُتَّجَهُ هُنَاكَ وَهُنَا جَوَازُ الْخُرُوجِ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَإِنْ لَزِمَ التَّعْطِيلُ وَعَدَمُ إدْرَاكِهَا فِي مَحِلٍّ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ حِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلْ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ فَمَنْ لَزِمَ مِنْ خُرُوجِهِ التَّعْطِيلُ امْتَنَعَ، وَإِنْ أَدْرَكَهَا بِمَحِلٍّ آخَرَ وَمَنْ لَا، فَإِنْ لَزِمَتْهُ امْتَنَعَ أَيْضًا إلَّا إنْ أَدْرَكَهَا بِآخَرَ اهـ وَقَوْلُهُ امْتَنَعَ فِي مَوْضِعَيْنِ مُقَيَّدٌ أَخْذًا مِنْ أَوَّلِ كَلَامِهِ وَمِمَّا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي آنِفًا بِعَدَمِ الْعُذْرِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الشَّرْعِ، فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ أَمْرٌ فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ وَجَبَ الِامْتِثَالُ كَمَا فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَإِلَّا فَلَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كَانَ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ كَانَ تَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ مَعَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَحُجَّ بَعْدَ النُّبُوَّةِ بِالنَّاسِ غَيْرَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَيُجَابُ بِأَنَّهَا إنَّمَا تُفِيدُ التَّكْرَارَ مَعَ الْمُضَارِعِ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَتَعَطَّلْ الْجُمُعَةُ بِمَكَّةَ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ عَقِبَ قَوْلِهِ، فَإِنْ كَانَ الثَّامِنُ جُمُعَةً خَرَجَ مَنْ تَلْزَمُهُ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَإِنْ خَرَجُوا بَعْدَ الْفَجْرِ وَأَمْكَنَ فِعْلُهَا بِمِنًى جَازَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَخَلَّفَ بِمَكَّةَ مَنْ يُقِيمُ الْجُمُعَةَ وَأَنْ لَا وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُمْ مُسِيئُونَ بِتَعْطِيلِ الْجُمُعَةِ بِمَكَّةَ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ تَعَلُّقُ بَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ إلَّا فِي قَوْلِ الْإِيضَاحِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فَإِذَا بَنَى بِهَا أَيْ بِمِنًى قَرْيَةً وَاسْتَوْطَنَهَا أَرْبَعُونَ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ أَقَامُوا الْجُمُعَةَ هُمْ وَالنَّاسُ مَعَهُمْ اهـ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِي قَوْلِ الْإِيضَاحِ قَبْلَ مَا ذُكِرَ مَا نَصُّهُ، فَإِنْ كَانَ الْيَوْمُ الثَّامِنُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خَرَجُوا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَتَعَطَّلْ الْجُمُعَةُ بِمَكَّةَ) فِيهِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ التَّعْطِيلَ إنَّمَا يَكُونُ بِذَهَابِ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ بِخِلَافِ ذَهَابِ مَنْ تَلْزَمُهُ وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ كَالْمُقِيمِ غَيْرِ الْمُتَوَطِّنِ فَقَوْلُهُ مَا لَمْ تَتَعَطَّلْ بِمَكَّةَ أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمُسْتَوْطِنُ تَمَامَ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ أَوْ جَمِيعَ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ الثَّانِي أَنَّهُ قَدَّمَ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ قَوْلَهُ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ أَيْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ تَعْطِيلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>