للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ وَأَنْ يُكْثِرَ الصَّدَقَةَ وَأَفْضَلُهَا الْعِتْقُ وَأَنْ يُحْسِنَ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ تَعَالَى وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا رَأَى الْفُضَيْلُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بُكَاءَ النَّاسِ بِعَرَفَةَ ضَرَبَ لَهُمْ مَثَلًا لِيُرْشِدَهُمْ إلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ مَعَ كَثْرَتِهِمْ لَوْ ذَهَبُوا لِرَجُلٍ فَسَأَلُوهُ دَانِقًا مَا خَيَّبَهُمْ فَكَيْفَ بِأَكْرَمِ الْكُرَمَاءِ وَالْمَغْفِرَةُ عِنْدَهُ دُونَ دَانِقٍ عِنْدَنَا وَصَحَّ خَبَرُ «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرُ أَنْ يَعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ» وَلْيَحْذَرْ مِنْ صُعُودِ جَبَلِ الرَّحْمَةِ بِوَسَطِ عَرَفَةَ، فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ خِلَافًا لِجَمْعٍ زَعَمُوا أَنَّهُ سُنَّةٌ وَأَنَّهُ مَوْقِفُ الْأَنْبِيَاءِ (فَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ) جَمِيعُهَا (قَصَدُوا مُزْدَلِفَةَ) عَلَى طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ أَيْ الْجَبَلَيْنِ وَعَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ مُكْثِرِينَ مِنْ التَّلْبِيَةِ قَالَ الْقَفَّالُ وَالتَّكْبِيرُ وَكَذَا فِي الذَّهَابِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ لِمِنًى وَعَلَى خِلَافِ كَلَامِ الْقَفَّالِ الَّذِي أَطْبَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ فِيمَا مَرَّ أَنَّ إحْيَاءَ لَيْلَةِ الْعِيدِ بِالتَّكْبِيرِ إلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ لِصَلَاتِهِ سُنَّةٌ مَحِلُّهُ فِي غَيْرِ الْحَاجِّ مَا دَامَ لَمْ يَتَحَلَّلْ كَمَا مَرَّ ثُمَّ وَمَنْ وَجَدَ فُرْجَةً أَسْرَعَ وَأَمَّا مَا اُعْتِيدَ مِنْ التَّزَاحُمِ بَيْنَ الْعَلَمَيْنِ ثُمَّ الْحَاجِزَيْنِ بَيْنَ نَمِرَةَ وَعَرَفَةَ، أَوْ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَمِنْ إيقَادِ الشُّمُوعِ لَيْلَةَ التَّاسِعِ بِعَرَفَةَ فَبِدْعَتَانِ قَبِيحَتَانِ مَذْمُومَتَانِ يَتَوَلَّدُ مِنْهُمَا مَفَاسِدُ لَا تُحْصَى

(وَأَخَّرُوا) أَيْ الْمُسَافِرُونَ الَّذِينَ يَجُوزُ لَهُمْ الْقَصْرُ لَهُمْ الْقَصْرُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْجَمْعَ لِلسَّفَرِ لَا لِلنُّسُكِ عَلَى الْأَصَحِّ (الْمَغْرِبَ) نَدْبًا (لِيُصَلُّوهَا مَعَ الْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ) مِنْ الِازْدِلَافِ، وَهُوَ الْقُرْبُ لِقُرْبِهِمْ مِنْ مِنًى أَوْ الِاجْتِمَاعِ لِاجْتِمَاعِهِمْ بِهَا وَتُسَمَّى جَمْعًا لِذَلِكَ، أَوْ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِيهَا، أَوْ لِاجْتِمَاعِ آدَمَ وَحَوَّاءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِمَا (جَمْعًا) أَيْ: جَمْعَ تَأْخِيرٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيُسَنُّ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ إنَاخَةُ كُلٍّ جَمَلَهُ ثُمَّ يَعْقِلُهُ ثُمَّ يُصَلُّونَ الْعِشَاءَ ثُمَّ يَحِلُّونَ لِلِاتِّبَاعِ

ــ

[حاشية الشرواني]

الْجَبَلُ قُبَالَةَ الْوَاقِفِ إذَا اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَيَكُونُ طَرَفُ الْجَبَلِ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَالْبِنَاءُ الْمُرَبَّعُ عَنْ يَسَارِهِ بِقَلِيلٍ فَمَنْ ظَفِرَ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلْيَقِفْ بَيْنَ الْجَبَلِ وَالْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ عَلَى جَمِيعِ الصَّخَرَاتِ وَالْأَمَاكِنِ بَيْنَهُمَا لَعَلَّهُ أَنْ يُصَادِفَ الْمَوْقِفَ النَّبَوِيَّ انْتَهَى اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ) وَبَيْنَ مَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ وَمَوْقِفِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْوُ مِيلٍ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إلَخْ) أَيْ الْمَحَلُّ الْمَعْرُوفُ بِأَنَّهُ مَوْقِفُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا خُصُوصُ الْمَكَانِ الَّذِي وَقَفَ فِيهِ بِعَيْنِهِ ع ش (قَوْلُهُ: ضَرَبَ) أَيْ بَيَّنَ (قَوْلُهُ: إلَى ذَلِكَ) أَيْ حُسْنِ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: وَصَحَّ إلَخْ) وَرَأَى سَالِمٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ سَائِلًا يَسْأَلُ النَّاسَ فِي عَرَفَةَ فَقَالَ يَا عَاجِزٌ فِي هَذَا الْيَوْمِ يَسْأَلُ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ إذَا وَافَقَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لِكُلِّ أَهْلِ الْمَوْقِفِ أَيْ بِلَا وَاسِطَةٍ وَفِي غَيْرِهِ بِوَاسِطَةٍ أَيْ يَهَبُ مُسِيئَهُمْ لِمُحْسِنِهِمْ مُغْنِي زَادَ الْوَنَائِيّ أَيْ وَكَفَى مَنْ غُفِرَ لَهُ بِدُونِهَا شَرَفًا جَعْلُهُ مَقْصُودًا لَا تَبَعًا وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «أَفْضَلُ الْأَيَّامِ يَوْمُ عَرَفَةَ» ، فَإِنْ وَافَقَ الْوُقُوفُ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ حَجَّةً فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلْيَحْذَرْ إلَخْ) (فَرْعٌ) التَّعْرِيفُ بِغَيْرِ عَرَفَةَ، وَهُوَ اجْتِمَاعُ النَّاسِ بَعْدَ الْعَصْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ لِلدُّعَاءِ لِلسَّلَفِ فِيهِ خِلَافٌ فَفِي الْبُخَارِيِّ أَوَّلُ مَنْ عَرَّفَ بِالْبَصْرَةِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا صَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَ عَرَفَةَ أَخَذَ فِي الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ وَالضَّرَاعَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ عَرَفَةَ وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَقَدْ فَعَلَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ وَكَرِهَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَالِكٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ جَعَلَهُ بِدْعَةً لَمْ يُلْحِقْهُ بِفَاحِشِ الْبِدَعِ بَلْ يُخَفِّفُ أَمْرَهُ أَيْ إذَا خَلَا مِنْ اخْتِلَاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ أَفْحَشِهَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْوَنَائِيّ وَلَا كَرَاهِيَةَ فِي التَّعْرِيفِ بِغَيْرِ عَرَفَةَ بَلْ هُوَ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ، وَهُوَ جَمْعُ النَّاسِ إلَخْ اهـ وَكَذَا اعْتَمَدَ ع ش عَدَمَ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَأَمَّا صُعُودُ الْجَبَلِ فَلَا فَضِيلَةَ فِيهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَالْمَازِرِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ إنَّهُ مَوْقِفُ الْأَنْبِيَاءِ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (قَصَدُوا مُزْدَلِفَةَ) ، وَهِيَ كُلُّهَا مِنْ الْحَرَمِ وَحَدُّهَا مَا بَيْنَ مَأْزِمَيْ عَرَفَةَ وَوَادِي مُحَسِّرٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: عَلَى طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ) تَثْنِيَةُ مَأْزِمٍ بِهَمْزَةٍ أَوْ أَلِفٍ فَزَايٍ مَكْسُورَةٍ، وَهُوَ كُلُّ طَرِيقٍ ضَيِّقٍ بَيْنَ جَبَلَيْنِ وَالْمُرَادُ هُنَا الطَّرِيقُ الَّتِي بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ اللَّذَيْنِ فِيمَا بَيْنَ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ حَاشِيَةُ الْإِيضَاحِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى خِلَافِ كَلَامِ الْقَفَّالِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَا مَرَّ مِنْ سَنِّ إحْيَاءِ لَيْلَةِ الْعِيدِ بِالتَّكْبِيرِ فِي غَيْرِ الْحَاجِّ بِنَاءً عَلَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْقَفَّالِ فَهُمْ وَغَيْرُهُمْ سَوَاءٌ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيَتَأَكَّدُ إحْيَاءُ هَذِهِ اللَّيْلَةِ لَهُمْ كَغَيْرِهِمْ بِالذِّكْرِ وَالْفِكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالْحِرْصِ عَلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ بِمُزْدَلِفَةَ لِلِاتِّبَاعِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسَافَةَ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى وَمِنْ مُزْدَلِفَةَ إلَى كُلٍّ مِنْ عَرَفَةَ وَمِنًى فَرْسَخٌ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: الَّذِي إلَخْ) صِفَةٌ لِلْخِلَافِ (قَوْلُهُ: أَنَّ إحْيَاءَ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا وَ (قَوْلُهُ: سُنَّةٌ) خَبَرُ أَنَّ وَجُمْلَةُ مَحِلِّهِ فِي غَيْرِ الْحَاجِّ خَبَرٌ لِمَا (قَوْلُهُ: وَمَنْ وَجَدَ) إلَى قَوْلِهِ أَوْ لِلْجَمْعِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ مِنْ التَّزَاحُمِ إلَى وَمِنْ إيقَادٍ وَإِلَى قَوْلِهِ وَيُسَنُّ فِي الْمُغْنِي إلَّا مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: أَسْرَعَ) وَيُحَرِّكُ دَابَّتَهُ إنْ لَمْ يَجِدْهَا وَمَنْ تَعَارَضَ فِي حَقِّهِ إدْرَاكُ الْوُقُوفِ وَصَلَاةِ الْعِشَاءِ قَدَّمَ الْوُقُوفَ وُجُوبًا وَلَا يُصَلِّي صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَنَّائِيٌّ

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَأَخَّرُوا الْمَغْرِبَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَفَائِدَةُ التَّنْصِيصِ عَلَى نَدْبِ التَّأْخِيرِ هُنَا مَعَ مَا مَرَّ فِي الْقَصْرِ أَنَّهُ أَفْضَلُ فِي حَقِّ السَّائِرِ وَقْتَ الْأُولَى بَيَانٌ أَنَّهُ هُنَا أَفْضَلُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَائِرًا وَقْتَهَا وَلَوْ قُلْنَا إنَّ عَدَمَ الْجَمْعِ أَفْضَلُ وَلَوْ صَلَّى كُلًّا بِوَقْتِهَا أَوْ جَمَعَ فِي وَقْتٍ الْمَغْرِبَ وَحْدَهُ أَوْ صَلَّى إحْدَاهُمَا مَعَ الْإِمَامِ وَالْأُخْرَى وَحْدَهُ جَامِعًا أَوْ لَا أَوْ صَلَّى بِعَرَفَةَ أَوْ الطَّرِيقِ فَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ انْتَهَى اهـ سم (قَوْلُهُ: أَوْ الِاجْتِمَاعُ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الْقُرْبِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْجَمْعِ) عَطْفٌ عَلَى لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُصَلُّوا قَبْلَ حَطِّ رِحَالِهِمْ بِأَنْ يُنِيخَ كُلٌّ جَمَلَهُ وَيَعْقِلَهُ ثُمَّ يُصَلُّونَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيُصَلِّي كُلٌّ رَوَاتِبَ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ وَأَخَّرُوا الْمَغْرِبَ نَدْبًا لِيُصَلُّوهَا مَعَ الْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَفَائِدَةُ التَّنْصِيصِ عَلَى نَدْبِ التَّأْخِيرِ هُنَا مَعَ مَا مَرَّ فِي الْقَصْرِ أَنَّهُ أَفْضَلُ فِي حَقِّ السَّائِرِ وَقْتَ الْأُولَى بَيَانٌ أَنَّهُ هُنَا أَفْضَلُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَائِرًا وَقْتَهَا وَلَوْ قُلْنَا إنَّ عَدَمَ الْجَمْعِ أَفْضَلُ وَلَوْ صَلَّى كُلًّا بِوَقْتِهَا أَوْ جَمَعَ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَحْدَهُ أَوْ صَلَّى إحْدَاهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>