للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدُخُولُ هَذَا فِي تَقْدِيرِ غَالِطِينَ بِاعْتِبَارِ وُقُوعِ الْغَلَطِ الْمَاضِي مِنْهُمْ مَجَازٌ شَائِعٌ بَلْ قَالَ جَمْعٌ أُصُولِيُّونَ إنَّ ذَلِكَ حَقِيقَةٌ فَزَعْمُ تَعَيُّنِ الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ مَمْنُوعٌ (أَجْزَأَهُمْ) إجْمَاعًا لِمَشَقَّةِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ مَعَ كَثْرَتِهِمْ مَشَقَّةً عَظِيمَةً وَلِأَنَّهُمْ لَا يَأْمَنُونَ وُقُوعَ مِثْلِهِ فِي الْقَضَاءِ وَخَرَجَ بِالْغَلَطِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ مَا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ بِسَبَبِ الْحِسَابِ فَلَا يُجْزِئُهُمْ لِتَقْصِيرِهِمْ وَإِذَا وَقَفُوا فِي ذَلِكَ كَانَ أَدَاءً لَا قَضَاءً فَتُحْسَبُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ لَهُمْ عَلَى حِسَابِ وُقُوفِهِمْ كَمَا بَيَّنْته فِي الْحَاشِيَةِ مَعَ فُرُوعٍ غَرِيبَةٍ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ مُرَاجَعَتِهَا (إلَّا أَنْ يَقِلُّوا عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ) فِي الْحَجِيجِ (فَيَقْضُونَ) حَجَّهُمْ هَذَا (فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ الْعَامَّةِ (وَإِنْ وَقَفُوا فِي) الْيَوْمِ (الثَّامِنِ غَلَطًا) بِأَنْ شَهِدَ اثْنَانِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ لَيْلَةَ ثَلَاثِي الْقَعْدَةِ ثُمَّ بَانَا فَاسِقَيْنِ (وَعَلِمُوا) بِذَلِكَ (قَبْلَ فَوْتِ الْوَقْتِ وَجَبَ الْوُقُوفُ فِي الْوَقْتِ) تَدَارُكًا لَهُ (وَإِنْ عَلِمُوا بَعْدَهُ وَجَبَ الْقَضَاءُ) لِهَذِهِ الْحَجَّةِ فِي عَامٍ آخَرَ (فِي الْأَصَحِّ) ، وَإِنْ كَثُرُوا فَارَقَ مَا مَرَّ بِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعِبَادَةِ عَنْ وَقْتِهَا أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِسَابِ مِنْ تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِ وَبِأَنَّ الْغَلَطَ بِالتَّقْدِيمِ إنَّمَا نَشَأَ عَنْ غَلَطِ حِسَابٍ، أَوْ غَلَطِ شُهُودٍ، وَهُوَ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ

ــ

[حاشية الشرواني]

قَوْلُهُ: وَدُخُولُ هَذَا) أَيْ قَوْلِهِ أَمْ قَبْلَهُ بِأَنْ غُمَّ إلَخْ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: فَزَعْمُ تَعَيُّنِ إلَخْ) وَمِمَّنْ زَعَمَهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي قَالَ سم أَقُولُ بَلْ زَعْمُ نَفْسِ صِحَّةِ الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ مَمْنُوعٌ فَضْلًا عَنْ تَعْيِينِهِ وَذَلِكَ لِاشْتِرَاطِ اتِّحَادِ زَمَانِ الْعَامِلِ وَالْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحِلِّهِ نَعَمْ فِي الرِّضَى فِي بَيَانِ الْمُرَادِ بِالِاتِّحَادِ مَا يُسَهِّلُ الْأَمْرَ وَالْوَجْهُ تَخْرِيجُ الْمَفْعُولِ لَهُ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ وَالْأَقْدَمِينَ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ هَذَا الشَّرْطِ كَمَا قَالَهُ أَبُو حَيَّانَ اهـ.

(قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ) قَدْ يُقَالُ يَكْفِي فِي تَعَيُّنِهِ أَنَّ الْمَعْنَى مَجَازِيٌّ هُنَا غَيْرُ مَفْهُومٍ مِنْ اللَّفْظِ لِانْتِفَاءِ الْقَرِينَةِ عَلَيْهِ فَالْحَمْلُ عَلَيْهِ حَمْلٌ عَلَى مَا لَا يُفْهَمُ مِنْ اللَّفْظِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (أَجْزَأَهُمْ) أَيْ وُقُوفُهُمْ وَإِذَا وَقَفُوا الْعَاشِرَ غَلَطًا لَمْ يَصِحَّ وُقُوفُهُمْ فِيهِ قَبْلَ الزَّوَالِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ بَعَّدَهُ وَلَا يَصِحُّ رَمْيُ يَوْمِ نَحْرِهِ إلَّا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَتَقَدَّمَ الْوُقُوفُ وَلَا ذَبْحَ إلَّا بَعْدَ طُلُوعِ شَمْسِ الْحَادِيَ عَشَرَ وَمُضِيِّ قَدْرِ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ تَمْتَدُّ عَلَى حِسَابِ وُقُوفِهِمْ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نِهَايَةٌ عِبَارَةُ سم عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَفُرُوعِهِ أَنَّ وَقْتَ الْوَقْفِ لِلْغَالِطِينَ مِنْ زَوَالِ الْعَاشِرِ إلَى فَجْرِ الْحَادِيَ عَشَرَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمِنْ ثَمَّ اعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِهِمْ) أَيْ بِعَدَمِ تَحْرِيرِ الْحِسَابِ ع ش (قَوْلُهُ: فَتُحْسَبُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ إلَخْ) خِلَافًا لِلْأَسْنَى وَالْغَنِيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى حِسَابِ وُقُوفِهِمْ) أَيْ فَالْحَادِيَ عَشَرَ هُوَ الْعِيدُ وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ هِيَ التَّشْرِيقُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَهَلْ يَثْبُتُ كَوْنُ الْحَادِيَ عَشَرَ هُوَ الْعِيدَ وَالثَّلَاثَةِ بَعْدَهُ هِيَ التَّشْرِيقَ فِي حَقِّ غَيْرِ الْحَجِيجِ أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةِ الْعِيدِ وَذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي غَيْرِهِمْ أَنَّ مَنْ سَلِمَ مِنْ الْغَلَطِ وَثَبَتَ الرُّؤْيَةُ فِي حَقِّهِ كَانَ هُوَ الرَّائِيَ أَوْ لَا لَمْ يَثْبُتْ مَا ذُكِرَ فِي حَقِّهِ بَلْ مُقْتَضَى تِلْكَ الرُّؤْيَةِ وَمِمَّا يُعَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الْحَجِيجِ لَوْ انْفَرَدَ بِالرُّؤْيَةِ لَزِمَهُ الْعَمَلُ بِالرُّؤْيَةِ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ مُوَافَقَةُ الْغَالِطِينَ، وَإِنْ كَثُرُوا وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي بَعْضِ الْحَجِيجِ فَفِي غَيْرِهِمْ أَوْلَى وَمَنْ لَمْ يَسْلَمْ مِنْ الْغَلَطِ بِأَنْ لَمْ يَرَ هُوَ وَلَا مَنْ يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِرُؤْيَتِهِ فَيُحْتَمَلُ ثُبُوتُ مَا ذُكِرَ فِي حَقِّهِ تَبَعًا لِلْحَجِيجِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ خَصَائِصِ الْحَجِّ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَوْ تَرَكُوا الْحَجَّ وَوَقَعُوا فِي هَذَا الْغَلَطِ لَمْ يَثْبُتْ فِي حَقِّهِمْ هَذَا الْحُكْمُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَلْ الْعِبْرَةُ فِي حَقِّهِمْ بِمَا تَبَيَّنَ وَهَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَمَنْ وَافَقَهُمْ فِي الْمَطْلَعِ أَمَّا مَنْ خَالَفَهُمْ فِيهِ فَلَا تَوَقُّفَ فِي عَدَمِ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ فِي حَقِّهِمْ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: فَاسِقَيْنِ) أَيْ أَوْ كَافِرَيْنِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ يُمْكِنُ إلَخْ) أَيْ كُلٌّ مِنْ غَلَطِ الْحِسَابِ وَخَلَلِ الشُّهُودِ وَيُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَالْغَلَطُ بِالتَّأْخِيرِ قَدْ يَكُونُ بِالْغَيْمِ الْمَانِعِ مِنْ الرُّؤْيَةِ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

شَرْعًا وَالْحَادِيَ عَشَرَ هُوَ الْعِيدُ شَرْعًا فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ كَانَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ أَوْ أَحْرَمَ بِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَلَا تُجْزِئُ تَضْحِيَتُهُ فِي الْيَوْمِ التَّاسِعِ لَا الْعَاشِرِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ صِحَّةُ صَوْمِهِ الْعَاشِرَ (قَوْلُهُ: فَزَعْمُ تَعَيُّنِ الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ مَمْنُوعٌ) أَقُولُ بَلْ زَعْمُ نَفْسِ صِحَّةِ الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ مَمْنُوعٌ فَضْلًا عَنْ تَعَيُّنِهِ وَذَلِكَ لِاشْتِرَاطِ اتِّحَادِ زَمَانِ الْعَامِلِ وَالْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحِلِّهِ نَعَمْ فِي الرِّضَى فِي بَيَانِ الْمُرَادِ بِالِاتِّحَادِ مَا يُسَهِّلُ الْأَمْرَ وَالْوَجْهُ تَخْرِيجُ الْمَفْعُولِ لَهُ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ وَالْأَقْدَمِينَ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ هَذَا الشَّرْطِ كَمَا قَالَهُ أَبُو حَيَّانَ وَفِي الْمُغْنِي فِي بَحْثٍ إذْ فِي قَوْله تَعَالَى {إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} [التوبة: ٤٠] الْآيَةَ مَا نَصُّهُ وَالْأُولَى ظَرْفٌ لِنَصَرَهُ وَالثَّانِيَةُ بَدَلٌ مِنْهَا وَالثَّالِثَةُ قِيلَ بَدَلٌ ثَانٍ وَقِيلَ ظَرْفٌ لِثَانِي اثْنَيْنِ وَفِيهِمَا وَفِي إبْدَالِ الثَّانِيَةِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الزَّمَنَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ غَيْرُ الْأَوَّلِ فَكَيْفَ يُبْدَلَانِ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ تَقَارُبَ الْأَزْمِنَةِ يُنَزِّلُهَا مَنْزِلَةَ الْمُتَّحِدَةِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ أَبُو الْفَتْحِ اهـ فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ جَوَابٌ آخَرُ لِتَقَارُبِ زَمَنِ الْوُقُوفِ وَزَمَنِ الْغَلَطِ.

(قَوْلُهُ: فَزَعْمُ تَعَيُّنِ الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ مَمْنُوعٌ) قَدْ يُقَالُ يَكْفِي فِي تَعَيُّنِهِ أَنَّ الْمَعْنَى مَجَازِيٌّ هُنَا غَيْرُ مَفْهُومٍ مِنْ اللَّفْظِ لِانْتِفَاءِ الْقَرِينَةِ عَلَيْهِ فَالْحَمْلُ عَلَيْهِ حَمْلٌ عَلَى مَا لَا يُفْهَمُ مِنْ اللَّفْظِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: فَتُحْسَبُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ لَهُمْ) أَيْ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ.

(قَوْلُهُ: عَلَى حِسَابِ وُقُوفِهِمْ) أَيْ فَالْحَادِيَ عَشَرَ هُوَ الْعِيدُ وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ هِيَ التَّشْرِيقُ وَهَلْ يَثْبُتُ كَوْنُ الْحَادِيَ عَشَرَ هُوَ الْعِيدَ وَالثَّلَاثَةِ بَعْدَهُ هِيَ التَّشْرِيقَ فِي حَقِّ غَيْرِ الْحَجِيجِ أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةِ الْعِيدِ وَذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي غَيْرِهِمْ أَنَّ مَنْ سَلِمَ مِنْ الْغَلَطِ وَثَبَتَتْ الرُّؤْيَةُ فِي حَقِّهِ كَأَنْ كَانَ هُوَ الرَّائِيَ أَوَّلًا لَمْ يَثْبُتْ مَا ذُكِرَ فِي حَقِّهِ بَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>