وَلِأَنَّ عَلَى الْحَاجِّ فِي صَبِيحَتِهَا أَعْمَالًا شَاقَّةً فَأُرِيحَ لَيْلًا لِيَسْتَعِينَ عَلَيْهَا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُسَنَّ لَهُ التَّنَفُّلُ الْمُطْلَقُ فِيهَا (وَمَنْ دَفَعَ مِنْهَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، أَوْ قَبْلَهُ) بِعُذْرٍ، أَوْ غَيْرِهِ (وَعَادَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِحُصُولِهِ بِهَا فِي جُزْءٍ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي (وَمَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا فِي النِّصْفِ الثَّانِي أَرَاقَ دَمًا وَفِي وُجُوبِهِ الْقَوْلَانِ) السَّابِقَانِ فِيمَنْ فَارَقَ عَرَفَةَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَمْ يَعُدْ لَكِنَّ الْأَصَحَّ هُنَا الْوُجُوبُ حَيْثُ لَا عُذْرَ مِمَّا يَأْتِي فِي مَبِيتِ مِنًى وَأَخَذَ مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مِنْ شَرْطِ مَبِيتِهِ بِمَدْرَسَةٍ لَوْ نَامَ خَارِجَهَا لِخَوْفٍ عَلَى مُحْتَرَمٍ لَمْ يَنْقُصْ مِنْ جَامِكِيَّتِهِ شَيْءٌ كَمَا لَا دَمَ هُنَا عَلَى الْمَعْذُورِ وَلَك رَدُّهُ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بِاخْتِلَافِ مَلْحَظِ الْبَابَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَالْجَعَالَةِ فَلَا يُسْتَحَقُّ إلَّا إنْ أَتَى بِالْعَمَلِ الْمَشْرُوطِ عُذِرَ أَمْ لَا وَهَذَا تَفْوِيتٌ وَحَيْثُ عُذِرَ فَلَا تَفْوِيتَ وَسَيَأْتِي آخِرَ الْجَعَالَةِ
ــ
[حاشية الشرواني]
وَلِأَنَّ عَلَى الْحَاجِّ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الصَّنِيعِ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ سم هَذَا تَعْلِيلٌ لِكَوْنِ الْإِحْيَاءِ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ دُونَ غَيْرِهِمَا مِمَّا يُتْعِبُ كَالصَّلَاةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَأُرِيحَ لَيْلًا إلَخْ) وَاقْتَصَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُزْدَلِفَةِ عَلَى صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ قَصْرًا وَرَقَدَ بَقِيَّةَ اللَّيْلِ مَعَ كَوْنِهِ «- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ وَلَكِنَّهُ أَرَاحَ نَفْسَهُ الشَّرِيفَةَ لِمَا تَقَدَّمَ فِي عَرَفَةَ وَلِمَا هُوَ بِصَدَدِهِ يَوْمَ النَّحْرِ مِنْ كَوْنِهِ نَحَرَ بِيَدِهِ الْمُبَارَكَةِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً وَذَهَبَ إلَى مَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَرَجَعَ إلَى مِنًى فَتَرَكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيَامَ اللَّيْلِ بِتِلْكَ اللَّيْلَةِ وَنَامَ حَتَّى أَصْبَحَ» انْتَهَى مِنْ الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ اهـ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: لَمْ يُسَنَّ لَهُ التَّنَفُّلُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلْأَسْنَى وَخِلَافًا لِلْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ بَصْرِيٌّ عِبَارَتُهُمَا وَيُسَنُّ الْإِكْثَارُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ مِنْ التِّلَاوَةِ وَالذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر وَالصَّلَاةِ الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ هُنَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ الْمُرَادِفُ لِلدُّعَاءِ الْمَارِّ فِي كَلَامِهِ م ر وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الدُّعَاءَ هُنَا كَمَا ذَكَرَهُ فِيمَا مَرَّ أَوْ مُرَادُهُ بِالصَّلَاةِ الرَّوَاتِبُ غَيْرَ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ حَتَّى لَا يُنَافِي مَا مَرَّ لَهُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ حَمْلِ الشَّيْخِ ع ش لَهَا عَلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِالذِّكْرِ اهـ.
(قَوْلُهُ: التَّنَفُّلُ الْمُطْلَقُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ وَإِطْلَاقُهُ أَيْ الْمَجْمُوعِ الصَّلَاةَ مُسْتَثْنًى نَفْلُهَا الْمُطْلَقُ لِلِاتِّبَاعِ لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اضْطَجَعَ بَعْدَ رَاتِبَةِ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فَكَانَ إحْيَاؤُهُ بِالذِّكْرِ وَالْفِكْرِ أَفْضَلَ» اهـ وَهَلْ الْمُرَادُ بِرَاتِبَةِ الْعِشَاءِ مَا يَشْمَلُ الْوِتْرَ لِئَلَّا يَلْزَمَهُ فَوْتُهُ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ) أَيْ وَلَمْ يَعُدْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِعُذْرٍ) إلَى قَوْلِهِ وَأَخَذَ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَلَك رَدُّهُ فِي النِّهَايَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَعَادَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ قَبْلَهُ فَقَطْ شَرْحُ م ر اهـ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (وَمَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا فِي النِّصْفِ الثَّانِي) أَيْ فِي جَمِيعِهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا بِلَحْظَةٍ مِنْهُ فَالظَّرْفُ الثَّانِي مُتَعَلِّقٌ بِالنَّفْيِ لَا بِالْمَنْفِيِّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَنْفِيِّ وَالْمُرَادُ بِالنِّصْفِ الثَّانِي جُزْءٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَصَحَّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَقَضِيَّةُ هَذَا الْبِنَاءِ عَدَمُ وُجُوبِ الدَّمِ فَيَكُونُ مُسْتَحَبًّا كَمَا لَوْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى لَيْلَةَ عَرَفَةَ لَكِنْ رَجَّحَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا عَدَا الْمِنْهَاجَ مِنْ كُتُبِهِ الْوُجُوبَ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَالصَّحِيحُ مِنْ جِهَةِ الْمَذْهَبِ أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْبِنَاءِ الِاتِّحَادُ فِي التَّرْجِيحِ اهـ.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا عُذْرَ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْمَعْذُورُ بِمَا سَيَأْتِي فِي مَبِيتِ مِنًى فَلَا دَمَ عَلَيْهِ جَزْمًا مُغْنِي (قَوْلُهُ: مِمَّا يَأْتِي فِي مَبِيتِ مِنًى) وَفِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِلشَّارِحِ وَشَرْحِهِ لِلْجَمَالِ الرَّمْلِيِّ الْأَوْجَهُ مَجِيءُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَعْذَارِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةُ هُنَا كَتَمْرِيضِ قَرِيبٍ وَنَحْوِ صَدِيقٍ لَا مُتَعَهِّدَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُشْرِفْ عَلَى الْمَوْتِ إلَخْ وَفِي الْإِيعَابِ يَلْحَقُ بِهِ كُلُّ ذِي حَاجَةٍ لَهَا وَقْعٌ انْتَهَى اهـ. كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) نَقَلَهُ عَنْهُ فِي النِّهَايَةِ وَأَقَرَّهُ اهـ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنَّ مِنْ شَرْطِ مَبِيتِهِ إلَخْ) نَظِيرُ ذَلِكَ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي الْجَعَالَةِ مِمَّا نَصُّهُ خَاتِمَةٌ لَوْ تَوَلَّى وَظِيفَةً وَأُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ مُبَاشَرَتِهَا أَفْتَى الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ الْفَزَارِيّ بِاسْتِحْقَاقِ الْمَعْلُومِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ لِأَنَّهَا جَعَالَةٌ، وَهُوَ لَمْ يُبَاشِرْ انْتَهَى فَإِفْتَاءُ التَّاجِ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَبَحْثُ الزَّرْكَشِيّ مُوَافِقٌ لِرَدِّ الشَّارِحِ سم (قَوْلُهُ بِمَدْرَسَةٍ) أَيْ مَثَلًا وَ (قَوْلُهُ: لِخَوْفٍ عَلَى مُحْتَرَمٍ)
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ فِي مِنًى فَيَحْصُلَ الْمَبِيتُ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا مِنًى وَقَصَدَ غَيْرَ الْوَاجِبِ م ر.
(قَوْلُهُ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ إلَخْ) كَانَ يُمْكِنُهُ دَفْعُ الْإِشْكَالِ لِتَخْصِيصِ جَوَازِ الدَّفْعِ عَقِبَ النِّصْفِ بِمَنْ وَصَلَهَا عِنْدَ الْغُرُوبِ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ عَلَى الْحَاجِّ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِ الْإِحْيَاءِ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ دُونَ غَيْرِهِمَا مِمَّا يُتْعِبُ كَالصَّلَاةِ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُسَنَّ لَهُ التَّنَفُّلُ الْمُطْلَقُ فِيهَا) عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ وَإِطْلَاقِهِ أَيْ الْمَجْمُوعِ الصَّلَاةُ مُسْتَثْنًى نَفْلُهَا الْمُطْلَقُ لِلِاتِّبَاعِ لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اضْطَجَعَ بَعْدَ رَاتِبَةِ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَكَانَ إحْيَاؤُهُ بِالذِّكْرِ وَالذِّكْرُ أَفْضَلُ» اهـ وَهَلْ الْمُرَادُ بِرَاتِبَةِ الْعِشَاءِ مَا يَشْمَلُ الْوِتْرَ لِئَلَّا يَلْزَمَ فَوَاتُهُ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَعَادَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ قَبْلَهُ فَقَطْ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَأَخَذَ مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مِنْ شَرْطِ مَبِيتِهِ بِمَدْرَسَةٍ لَوْ نَامَ خَارِجَهَا لِخَوْفٍ إلَخْ) نَظِيرُ ذَلِكَ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي الْجَعَالَةِ مِمَّا نَصُّهُ خَاتِمَةٌ لَوْ تَوَلَّى وَظِيفَةً وَأُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ مُبَاشَرَتِهَا أَفْتَى الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ الْفَزَارِيّ بِاسْتِحْقَاقِ الْمَعْلُومِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهَا جَعَالَةٌ، وَهُوَ لَمْ يُبَاشِرْ اهـ فَإِفْتَاءُ التَّاجِ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَبَحْثُ الزَّرْكَشِيّ مُوَافِقٌ لِرَدِّ الشَّارِحِ ثُمَّ