للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ مَبِيتِ وَرَمْيِ الْكُلِّ مَا لَمْ يَتَعَجَّلْ عَنْهُ وَلَا يُسَمَّى مُتَعَجِّلًا إلَّا مَنْ أَرَادَ ذَلِكَ.

ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ قَالَ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ النَّفْرِ اهـ وَيُوَجَّهُ بِمَا ذَكَرْته (جَازَ) إنْ كَانَ بَاتَ اللَّيْلَتَيْنِ قَبْلَهُ، أَوْ تَرَكَهُمَا لِلْعُذْرِ (وَسَقَطَ مَبِيتُ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَرَمْيُ يَوْمِهَا) وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ٢٠٣] وَالْأَصْلُ فِيمَا لَا إثْمَ فِيهِ عَدَمُ الدَّمِ لَكِنَّ التَّأْخِيرَ أَفْضَلُ لَا سِيَّمَا لِلْإِمَامِ إلَّا لِعُذْرٍ كَخَوْفٍ، أَوْ غَلَاءٍ وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ بَلْ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ مَا يَقْتَضِي حُرْمَتَهُ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَبِتْهُمَا وَلَا عُذْرَ لَهُ أَوْ نَفَرَ قَبْلَ الزَّوَالِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الرَّمْيِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ النَّفْرُ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ مَبِيتُ الثَّالِثَةِ وَلَا رَمْيُ يَوْمِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ نَعَمْ يَنْفَعُهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى الْعَوْدُ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَيَرْمِي وَيَنْفِرُ حِينَئِذٍ

ــ

[حاشية الشرواني]

ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا نَدْبُ الرُّكُوبِ عِنْدَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ أَيْضًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ يَوْمَ النَّفْرِ لَا رُجُوعَ فِيهِ اهـ وَأَيْضًا لَوْ كَانَ الْعَوْدُ الْمَذْكُورُ وَاجِبًا لَنُقِلَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ وَالسَّلَفِ، فَإِنَّهُ أَمْرٌ غَرِيبٌ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْخَلَفِ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِتَرْكِهِ فِي الْأَزْمِنَةِ الْأَخِيرَةِ وَأَيْضًا قَوْلُ الْوَنَائِيِّ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ التُّحْفَةِ كَقَوْلِ ابْنِ الْجَمَّالِ سِيَّمَا عِبَارَةُ التُّحْفَةِ ظَاهِرُ الْمَنْعِ بَلْ قَضِيَّةُ قَوْلِ التُّحْفَةِ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ النَّفْرِ مُقَارَنَةً لَهُ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَيَشْمَلُ مَنْ أَخَذَ فِي شُغْلِ الِارْتِحَالِ أَنَّ مُقَارَنَةَ النِّيَّةِ لِشُغْلِ الِارْتِحَالِ كَافِيَةٌ، وَإِنْ نَسِيَهَا بَعْدَ تَمَامِهِ وَقَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْجَمْرَةِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ هَذِهِ الْجَمْرَةُ لَيْسَ مِنْ مِنًى هِيَ وَلَا عَقَبَتُهَا اهـ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْعِبَادَةِ إنَّمَا هُوَ مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ بِأَوَّلِهَا لَا اسْتِمْرَارُهَا إلَى آخِرِهَا.

(قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ مَحَلُّ لُزُومِ الْعَوْدِ مَا لَمْ يَنْوِ النَّفْرَ خَارِجَهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ سم (قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ إلَخْ) فَعُلِمَ أَنَّ نِيَّةَ النَّفْرِ قَالَ بِهَا الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُقَارَنَةُ لِلنَّفْرِ قَالَ بِهَا التُّحْفَةُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ النِّهَايَةُ أَيْ وَالْمُغْنِي وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ لِلنِّيَّةِ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي مُخَالَفَتَهُمْ وَنَّائِيٌّ وَلَك أَنْ تَقُولَ إنَّمَا سَكَتُوا عَنْ النِّيَّةِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى ذِكْرِهَا لِعَدَمِ انْفِكَاكِ الِارْتِحَالِ الِاخْتِيَارِيِّ عَنْ نِيَّةِ النَّفْرِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحْضِرْ الْمُرْتَحِلُ وُجُودَهَا فِي قَلْبِهِ إذْ اشْتِغَالُ الْعَاقِلِ الْمُخْتَارِ بِالشَّدِّ بِدُونِ تَصَوُّرِ الْمَشْدُودِ إلَيْهِ وَتَوَجُّهُهُ إلَى طَرِيقِ مَكَّةَ بِدُونِ مُلَاحَظَةٍ وَقَصْدِ وُصُولِ مَكَّةَ مُحَالٌ عَادَةً.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (وَرَمَى يَوْمَهَا) وَيَتْرُكُ حَصَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ أَوْ يَدْفَعُهَا لِمَنْ لَمْ يَرْمِ وَلَا يَنْفِرُ بِهَا وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ مِنْ دَفْنِهَا فَلَا أَصْلَ لَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَلَا يَنْفِرُ بِهَا أَيْ لَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ يَبِتْهُمَا إلَخْ) صَادِقٌ بِمَا إذَا بَاتَ إحْدَاهُمَا فَقَطْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ رَأَيْت السَّيِّدَ صَرَّحَ بِهِ سم.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَفَرَ قَبْلَ الزَّوَالِ) أَيْ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ إلَخْ) وَيَجِبُ فِي تَرْكِ مَبِيتِ لَيَالِي مِنًى دَمٌ لِتَرْكِهِ الْمَبِيتَ الْوَاجِبَ كَمَا يَجِبُ فِي تَرْكِ مَبِيتِ مُزْدَلِفَةَ دَمٌ وَفِي تَرْكِ مَبِيتِ اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ مُدٌّ وَاللَّيْلَتَيْنِ مُدَّانِ مِنْ طَعَامٍ وَفِي تَرْكِ الثَّلَاثِ مَعَ لَيْلَةِ مُزْدَلِفَةَ دَمَانِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَنْفَعُهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى الْعَوْدُ قَبْلَ الْغُرُوبِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ الْعَوْدُ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ سم عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَفِي سم عَنْ الْمَجْمُوعِ مَا يُوَافِقُهَا وَلَوْ نَفَرَ النَّفْرَ الْأَوَّلَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَمْ يُتِمَّ الرَّمْيَ كَأَنْ بَقِيَتْ حَصَاةٌ حَرُمَ النَّفْرُ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ مَبِيتُ الثَّالِثَةِ وَلَا رَمْيُ يَوْمِهَا فَيَجِبُ الْعَوْدُ إلَى مِنًى قَبْلَ الْغُرُوبِ، فَإِنْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ عَوْدِهِ فَاتَ الْمَبِيتُ وَالرَّمْيُ فَيَلْزَمُهُ فِدْيَتُهُمَا، وَإِنْ بَاتَ وَرَمَى بَعْدُ فَيَلْزَمُهُ دَمٌ عَنْ رَمْيِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَمُدٌّ عَنْ مَبِيتِ الثَّالِثَةِ حَيْثُ لَا عُذْرَ، وَإِنْ عَادَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ رَمَى قَبْلَهُ وَلَهُ النَّفْرُ حِينَئِذٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ، فَإِنْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ بَعْدَ عَوْدِهِ وَقَبْلَ الرَّمْيِ لَزِمَاهُ فَيَرْمِي فِي الْغَدِ عَنْهُ وَعَنْ أَمْسِهِ أَوْ نَفَرَ قَبْلَ الزَّوَالِ سَوَاءٌ نَفَرَ فِي يَوْمِ النَّفْرِ الْأَوَّلِ أَوْ فِيمَا قَبْلَهُ، فَإِنْ عَادُوا زَالَتْ الشَّمْسُ يَوْمَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ بِمِنًى لَمْ يُؤَثِّرْ خُرُوجُهُ أَوْ عَادَ بَعْدَ الْغُرُوبِ، فَإِنْ فَاتَ الْمَبِيتُ وَالرَّمْيُ فَيَلْزَمُهُ فِدْيَتُهُمَا كَمَا مَرَّ وَلَا أَثَرَ لِعَوْدِهِ أَوْ بَيْنَ الزَّوَالِ وَالْغُرُوبِ رَمَى وَأَجْزَأَهُ وَلَهُ النَّفْرُ قَبْلَ الْغُرُوبِ، فَإِنْ غَرَبَتْ تَعَيَّنَ الدَّمُ كَمَا فِي الْإِمْدَادِ اهـ.

(قَوْلُهُ: طَرْدَ مَا ذَكَر)

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وَمَنَاسِكِ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ النَّفْرُ بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَحَلَ وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ مِنْ مِنًى فَإِنَّ لَهُ النَّفْرَ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ مَحَلُّ لُزُومِ الْعَوْدِ مَا لَمْ يَنْوِ النَّفْرَ خَارِجَهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ يَبِتْهُمَا) صَادِقٌ بِمَا إذَا بَاتَ إحْدَاهُمَا فَقَطْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ رَأَيْت السَّيِّدَ صَرَّحَ بِهِ فَقَالَ عَقِبَ عِبَارَةٍ سَاقَهَا عَنْ الْمُصَنِّفِ قُلْت، وَهُوَ مُقْتَضٍ لِامْتِنَاعِ التَّعْجِيلِ فِيمَنْ لَا عُذْرَ لَهُ إذَا تَرَكَ مَبِيتَ اللَّيْلَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَبِتْ الْمُعْظَمَ، وَهُوَ اللَّيْلَتَانِ اهـ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ يَنْفَعُهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى الْعَوْدُ قَبْلَ الْغُرُوبِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ الْعَوْدُ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الرَّوْضِ، وَإِنْ نَفَرَ فِي الثَّانِي قَبْلَ الْغُرُوبِ سَقَطَ عَنْهُ الْمَبِيتُ وَرَمْيُ الثَّالِثِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ أَيْ الرَّوْضِ كَالرَّوْضَةِ مَا لَوْ نَفَرَ قَبْلَ رَمْيِهِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا ذُكِرَ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ مَعَ تَقْيِيدِهِ النَّفْرَ بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَاسْتَحْسَنَهُ فَقَالَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ نَفَرَ النَّفْرَ الْأَوَّلَ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَمْ يَرْمِ، فَإِنْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ فَاتَهُ الرَّمْيُ وَلَا اسْتِدْرَاكَ وَلَزِمَهُ الدَّمُ وَلَا حُكْمَ لِمَبِيتِهِ لَوْ عَادَ بَعْدَ غُرُوبِهَا وَبَاتَ حَتَّى لَوْ رَمَى فِي النَّفْرِ الثَّانِي لَمْ يُعْتَدَّ بِرَمْيِهِ؛ لِأَنَّهُ بِنَفْرِهِ أَعْرَضَ عَنْ مِنًى وَالْمَنَاسِكِ، وَإِنْ لَمْ تَغْرُبْ فَأَقْوَالٌ أَحَدُهَا أَنَّ الرَّمْيَ انْقَطَعَ وَلَا يَنْفَعُهُ الْعَوْدُ ثَانِيهَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ وَيَرْمِي مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ، فَإِنْ غَرَبَتْ تَعَيَّنَ الدَّمُ ثَالِثُهَا يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، وَإِنْ نَفَرَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَعَادَ وَزَالَتْ، وَهُوَ بِمِنًى فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِأَنَّ خُرُوجَهُ لَا يُؤَثِّرُ أَوْ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>