للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قَصَدَهُ لَمْ يُجْزِئْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَرَجَّحَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَخَالَفَهُمْ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ نَعَمْ لَوْ رَمَى إلَيْهِ بِقَصْدِ الْوُقُوعِ فِي الْمَرْمَى وَقَدْ عَلِمَهُ فَوَقَعَ فِيهِ اُتُّجِهَ الْإِجْزَاءُ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ غَيْرُ صَارِفٍ حِينَئِذٍ ثُمَّ رَأَيْت الْمُحِبَّ الطَّبَرِيَّ صَرَّحَ بِهَذَا بَلْ قَالَ لَا يَبْعُدُ الْجَزْمُ بِهِ

(وَمَنْ عَجَزَ) وَلَوْ أَجِيرَ عَيْنٍ عَلَى الْأَوْجَهِ (عَنْ الرَّمْيِ) لِنَحْوِ مَرَضٍ وَيُتَّجَهُ ضَبْطُهُ هُنَا بِمَا مَرَّ فِي إسْقَاطِهِ لِلْقِيَامِ فِي الْفَرْضِ، أَوْ جُنُونٍ، أَوْ إغْمَاءٍ بِأَنْ أَيِسَ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَقْتَهُ وَلَوْ ظَنًّا

ــ

[حاشية الشرواني]

إلَّا لِمُسْتَنَدٍ قَوِيٍّ وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنَّ الْجَمْرَةَ مُجْتَمَعُ الْحَصَى وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْإِيضَاحِ وَالْمُرَادُ مُجْتَمَعُ الْحَصَى فِي مَوْضِعِهِ الْمَعْرُوفِ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَتِهِ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُجْتَمَعَ الْحَصَى الْمَعْهُودَ الْآنَ بِسَائِرِ جَوَانِبِ الْجَمْرَتَيْنِ وَتَحْتَ شَاخِصِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ هُوَ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ حَتَّى يُعْرَفَ خِلَافُهُ اهـ وَقَالَ الشَّلِّيُّ وَالزَّمْزَمِيُّ وَيَكْفِي تَوَاطُؤُ الْجَمِّ الْغَفِيرِ عَلَى رَمْيِ هَذَا الْمَحَلِّ آخِذِينَ لَهُ عَنْ مِثْلِهِمْ وَمِثْلُهُمْ عَنْ مِثْلِهِمْ وَهَكَذَا إلَى السَّلَفِ الْآخِذِينَ لَهُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُنْقَلْ طَعْنٌ عَنْ أَحَدٍ فِي ذَلِكَ اهـ وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ هُنَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْقُولُ وَلَا يَسَعُنَا مُخَالَفَتُهُ إلَّا بِنَقْلٍ صَرِيحٍ وَأَنَّ مَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْمُحَشِّي مُجَرَّدُ بَحْثٍ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ لِلْقَطْعِ بِحُدُوثِ الشَّاخِصِ إلَخْ لَا يَنْتِجُ مُدَّعَاهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ فِي مَوْضِعِ الشَّاخِصِ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْجَارٌ مَوْضُوعَةٌ بِأَمْرِهِ الشَّرِيفِ ثُمَّ أُزِيلَتْ بَعْدَهُ وَبُنِيَ الشَّاخِصُ فِي مَوْضِعِهَا وَيَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَيَّنَ حُدُودَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَنَصَبَ الْأَعْلَامَ عَلَيْهَا كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ وَتَرَكَ بَيَانَ مَحَلِّ الرَّمْيِ وَتَحْدِيدَهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَهُ) أَيْ الشَّاخِصَ (لَمْ يَجُزْ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِي كُتُبِهِ وَأَقَرَّهُ عَبْدُ الرَّءُوفِ وَقَالَ الْخَطِيبُ فِي شَرْحَيْ الْمِنْهَاجِ وَالتَّنْبِيهِ أَنَّهُ الْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ وَاعْتَمَدَ الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ فِي كُتُبِهِ الْإِجْزَاءَ قَالَ؛ لِأَنَّ الْعَامَّةَ لَا يَقْصِدُونَ بِذَلِكَ إلَّا فِعْلَ الْوَاجِبِ وَالرَّمْيَ إلَى الْمَرْمَى وَقَدْ حَصَلَ فِيهِ بِفِعْلِ الرَّامِي اهـ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَسَعُ عَامَّةَ الْحَجِيجِ الْيَوْمَ اهـ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.

(قَوْلُهُ: وَرَجَّحَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ إلَخْ) ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَخَالَفَهُمْ الزَّرْكَشِيُّ) اعْتَمَدَ الْمُخَالَفَةَ م ر اهـ سم عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ رَمَى إلَى الْعَلَمِ الْمَنْصُوبِ فِي الْجَمْرَةِ أَوْ الْحَائِطِ الَّتِي بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النِّسَاءِ فَأَصَابَهُ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْمَرْمَى لَا يُجْزِئُ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِيهِ بِفِعْلِهِ مَعَ قَصْدِ الرَّمْيِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي مِنْ احْتِمَالَيْهِ أَيْ الْإِجْزَاءِ أَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ.

(قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ رَمَى إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الصَّارِفَ فِي الرَّمْيِ قَصْدُ وُقُوعِ الْمَرْمِيِّ بِهِ فِي غَيْرِ الْمَرْمَى لَا مُطْلَقُ قَصْدِهِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ رَمَى بِحَصَاةٍ رَجُلًا وَقَصَدَ وُقُوعَهَا فِي الْمَرْمَى وَوَقَعَتْ فِيهِ أَجْزَأَهُ إذْ لَا فَارِقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّاخِصِ وَكَلَامُهُمْ فِي مَبْحَثِ طَوَافِ الْمَحْمُولِ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ، فَإِنَّ الضَّارَّ هُنَاكَ قَصْدُ الْغَيْرِ فَقَطْ بَصْرِيٌّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْآخِذِ وَالْمَأْخُوذِ بَعِيدٌ وَأَنَّ قَوْلَهُ إذْ لَا فَارِقَ إلَخْ ظَاهِرُ الْمَنْعِ كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ بِجَوَازِ قَصْدِ الشَّاخِصِ وَاتَّفَقُوا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ قَصْدِ رَجُلٍ مَثَلًا وَيَأْتِي آنِفًا عَنْ عَبْدِ الرَّءُوفِ أَنَّ التَّشْرِيكَ يَضُرُّ هُنَا.

(قَوْلُهُ: اُتُّجِهَ الْإِجْزَاءُ) قَالَ تِلْمِيذُهُ عَبْدُ الرَّءُوفِ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي وَكَوْنُ قَصْدِ الْعَلَمِ حِينَئِذٍ غَيْرَ صَارِفٍ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ تَشْرِيكٌ بَيْنَ مَا يُجْزِئُ وَمَا لَا يُجْزِئُ أَصْلًا إلَخْ اهـ وَفِي الْإِيعَابِ نَعَمْ لَوْ قِيلَ يُغْتَفَرُ ذَلِكَ فِي عَامِّيٍّ عُذِرَ بِجَهْلِهِ جُمْلَةَ الْمَرْمَى لَمْ يَبْعُدْ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الصَّلَاةِ انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَمَنْ عَجَزَ إلَخْ) اُنْظُرْ أَعْذَارَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ سم أَقُولُ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِلشَّارِحِ وَشَرْحِهِ لِلرَّمْلِيِّ مِنْ مَجِيئِهَا فِي مَبِيتِ مُزْدَلِفَةَ مَجِيئُهَا هُنَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَجِيرَ عَيْنٍ) إلَى الْفَرْعِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيُتَّجَهُ إلَى أَوْ جُنُونٍ وَقَوْلَهُ بِخِلَافِ قَادِرٍ إلَى وَلِحَبْسٍ وَقَوْلَهُ وَقْتَ الرَّمْيِ لَا قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَجِيرَ عَيْنٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ صِحَّةُ عَقْدِ الْإِجَارَةِ مَعَ الْعَجْزِ عِنْدَهُ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْله وَيُتَّجَهُ ضَبْطُهُ إلَخْ) قَالَ سم سُئِلْتُ عَنْ مَرِيضٍ يُمْكِنُهُ رُكُوبُ دَابَّةٍ إلَى الْمَرْمَى وَالرَّمْيُ عَلَيْهَا أَوْ أَنْ يَحْمِلَهُ أَحَدٌ وَيَرْمِيَ بِنَفْسِهِ أَوْ يَسْتَنِيبَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ عَلَيْهِ الرَّمْيَ بِنَفْسِهِ وَتَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الِاسْتِنَابَةُ إنْ لَمْ تَلْحَقْهُ بِذَلِكَ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَلَاقَ بِهِ حَمْلُ الْآدَمِيِّ بِحَيْثُ لَا يُخِلُّ بِحِشْمَتِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ حُضُورُ الْمُسْتَنِيبِ الْمَرْمَى مُطْلَقًا انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ أَيِسَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَجَزَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ أَيِسَ مِنْ الْقُدْرَةِ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِ طَبِيبٍ أَوْ بِمَعْرِفَةِ نَفْسِهِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ وَنَّائِيٌّ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ بِمَعْرِفَةِ نَفْسِهِ أَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ رِوَايَةً بِالطِّبِّ امْتِدَادُ الْمَانِعِ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقْتُهُ) ، وَهُوَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَنَّائِيٌّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

يَكُنْ فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الظَّاهِرَ ظُهُورًا تَامًّا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالنَّاسُ فِي زَمَنِهِ لَمْ يَكُونُوا يَرْمُونَ حَوَالَيْ مَحِلِّهِ وَيَتْرُكُونَ مَحِلَّهُ وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ نَقْلٌ، فَإِنَّهُ غَرِيبٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَخَالَفَهُمْ الزَّرْكَشِيُّ) اعْتَمَدَ الْمُخَالَفَةَ م ر

. (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَمَنْ عَجَزَ إلَخْ) اُنْظُرْ أَعْذَارَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَجِيرَ عَيْنٍ عَلَى الْأَوْجَهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>