مِنْ اتِّحَادِ الْعَنَاقِ وَالْجَفْرَةِ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْعَنَاقَ أَكْبَرُ مِنْ الْجَفْرَةِ اتَّضَحَ مَا قَالُوهُ مِنْ إيجَابِهَا فِي الْأَرْنَبِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنْ الْيَرْبُوعِ وَصَحَّ فِي الْخَبَرِ أَنَّ الضَّبُعَ فِيهِ كَبْشٌ وَالضَّبُعُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى عِنْدَ جَمْعٍ وَلِلْأُنْثَى فَقَطْ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَأَمَّا الذَّكَرُ فَضِبْعَانُ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ وَعَلَى كُلٍّ فَفِي الْخَبَرِ جَوَازُ فِدَاءِ الْأُنْثَى بِالذَّكَرِ إذْ الْكَبْشُ ذَكَرُ الضَّأْنِ.
(وَمَا) أَيْ وَالصَّيْدُ الَّذِي (لَا نَقْلَ فِيهِ) عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ سَائِرِ الْأَعْصَارِ إذْ يَكْفِي حُكْمُ مُجْتَهِدٍ وَاحِدٍ مَعَ سُكُوتِ الْبَاقِينَ (يَحْكُمُ بِمِثْلِهِ) مِنْ النَّعَمِ (عَدْلَانِ) لِلْآيَةِ، وَيَجِبُ كَوْنُهُمَا فَطِنَيْنِ فَقِيهَيْنِ بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الشَّبَهِ وَيُنْدَبُ زِيَادَةُ فِقْهِهِمَا بِغَيْرِهِ حَتَّى يَزِيدَ تَأَهُّلُهُمَا لِلْحُكْمِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ الْعَدَالَةَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُرِّيَّتِهِمَا وَذُكُورَتِهِمَا، وَأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ كَوْنُ أَحَدِهِمَا أَوْ كُلٍّ مِنْهُمَا قَاتِلَهُ
ــ
[حاشية الشرواني]
سِنِّهَا بَلْ وَدُونَهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ: فِي بَيَانِهَا عَلَى هَذَا تُطْلَقُ عَلَى مَا مَرَّ مَا لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً فَالْعَنَاقُ فِي قَوْلِهِمْ فِي الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ صَادِقَةٌ بِمُسَمَّى الْجَفْرَةِ وَدُونَهَا فَيَحْتَاجُ لِقَوْلِهِمَا الْمَذْكُورِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ لَا يَحْتَاجُ إلَخْ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ؛ لِأَنَّ مُحَصَّلَ هَذَا الثَّانِي أَنَّ الْعَنَاقَ مِنْ حِينِ الْوِلَادَةِ إلَى اسْتِكْمَالِ سَنَةٍ، وَأَنَّ الْجَفْرَةَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَى سَنَةٍ عَلَى مَا اسْتَظْهَرْنَاهُ فَكَيْفَ لَا يَحْتَاجُ إلَى مَا ذَكَرَ عَلَى أَنَّا إنْ لَمْ نَقُلْ بِامْتِدَادِ إطْلَاقِ الْجَفْرَةِ إلَى سَنَةٍ لَا يَتِمُّ قَوْلُهُ: لَا يَحْتَاجُ إلَخْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مِنْ اتِّحَادِ الْعَنَاقِ وَالْجَفْرَةِ) قَدْ يُقَالُ الْمَعْلُومُ مِنْ ذَلِكَ تَمَامُ الْمُغَايَرَةِ بِامْتِدَادِ الْعَنَاقِ إلَى أَنْ تَرْعَى ثُمَّ جَفْرَةٌ مِنْ حِينِ تَرْعَى هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا لَا مَا أَفَادَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَصْرِيٌّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُمَا مِنْ حِينِ تُولَدُ إلَخْ أَرَادَا بِهِ مِنْ تَمَامِ زَمَنٍ مَبْدَؤُهُ وَقْتُ الْوِلَادَةِ وَمُنْتَهَاهُ وَقْتُ الشُّرُوعِ فِي الرَّعْيِ كَمَا تَقَدَّمَ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ مِنْ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالضَّبُعُ إلَخْ) وَفِي الثَّعْلَبِ شَاةٌ وَفِي الضَّبِّ وَأُمِّ حُبَيْنِ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَهِيَ دَابَّةٌ عَلَى خِلْقَةِ الْحِرْبَاءِ عَظِيمَةُ الْبَطْنِ جَدِّيٌّ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ فَفِي الثَّعْلَبِ شَاةٌ وَالْحَدِيثَانِ الدَّالَّانِ عَلَى تَحْرِيمِهِ ضَعِيفَانِ وَيُكْنَى أَبَا الْحُصَيْنِ وَمِنْهُ سَمُّورٌ وَسِنْجَابٌ كَمَا قَالَهُ السَّيِّدُ الشَّلَبِيُّ وَفِي الضَّبِّ جَدْيٌ أَوْ خَرُوفٌ وَمِنْهُ أُمُّ حُبَيْنِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْ وَالصَّيْدُ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَمَا يَأْتِي إلَى وَلَوْ حَكَمَ وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ إلَى أَنَّهُ لَا نَظَرَ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ وَتَابَ إلَى وَلَوْ حَكَمَ (قَوْلُهُ: وَلَا أَحَدَ مِنْ الصَّحَابَةِ) شَامِلٌ لِلْوَاحِدِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ أَوْ عَنْ صَحَابِيٍّ مَعَ سُكُوتِ الْبَاقِينَ. اهـ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (عَدْلَانِ) أَيْ وَلَوْ ظَاهِرًا أَوْ بِلَا اسْتِبْرَاءٍ سَنَةً فِيمَا يَظْهَرُ نِهَايَةٌ وَفَتْحُ الْجَوَّادِ عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَلَوْ كَانَتْ عَدَالَتُهُمَا ظَاهِرَةً كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَشَرْحَيْ الْإِرْشَادِ وَقَالَ فِي الْحَاشِيَةِ أَيْ وَشَرْحُ الْعُبَابِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ كَوْنُهُمَا فَطِنَيْنِ فَقِيهَيْنِ إلَخْ) وَوَاضِحٌ أَنَّ الْفَقِيهَ يُدْرِكُهُ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ لِرُتْبَةِ الِاجْتِهَادِ الْمُطْلَقِ شَرْحُ الْعُبَابِ. اهـ سم (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَفْسُقْ إلَخْ) وَاَلَّذِي يَظْهَرُ جَوَازُ اعْتِمَادِ الْفَاسِقِينَ الْقَاتِلِينَ مَعْرِفَةَ أَنْفُسِهِمَا إذَا وَثِقَ كُلٌّ بِمَعْرِفَةِ الْآخَرِ فَظَنَّ صِدْقَهُ بَلْ يَظْهَرُ جَوَازُ اعْتِمَادِ غَيْرِ الْفَاسِقِينَ أَيْضًا مَعْرِفَتَهُمَا إذَا وَثِقَ بِهِمَا وَاعْتَقَدَ صِدْقَهُمَا وَيَكُونُ اشْتِرَاطُ عَدَالَتِهِمَا لِوُجُوبِ قَبُولِ خَبَرِهِمَا مُطْلَقًا لَا لِصِحَّةِ مَعْرِفَتِهِمَا إذْ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْعَدَالَةِ وَلَا لِيَصِحَّ حُكْمُهُمَا إذْ لَيْسَ هَذَا حُكْمًا حَقِيقَةً بَلْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْإِخْبَارِ حَقِيقَةً سم.
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَعَلَّلَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وُجُوبَ اعْتِبَارِ الْفِقْهِ بِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ فَلَمْ يَجُزْ إلَّا بِقَوْلِ مَنْ يَجُوزُ حُكْمُهُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الْعَنَاقَ عَلَى هَذَا أَعَمُّ مِنْ الْجَفْرَةِ وَصَادِقَةٌ بِمَا فِي سِنِّهَا بَلْ وَدُونَهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ فِي بَيَانِهَا عَلَى هَذَا تُطْلَقُ عَلَى مَا مَرَّ مَا لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً فَالْعَنَاقُ فِي قَوْلِهِمْ فِي الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ صَادِقَةٌ بِمُسَمَّى الْجَفْرَةِ وَدُونِهَا فَيَحْتَاجُ لِقَوْلِهِمَا الْمَذْكُورِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ إلَخْ) شَامِلٌ لِلْوَاحِدِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: عَدْلَانِ) اعْتَمَدَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اعْتِبَارَ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ وَنَقَلَ عَنْ الْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ خِلَافَهُ وَنَازَعَهُ فِيهِ وَقَوْلُهُ: فِقْهَيْنِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعَلَّلَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وُجُوبَ اعْتِبَارِ الْفِقْهِ بِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ فَلَمْ يَجُزْ إلَّا بِقَوْلِ مَنْ يَجُوزُ حُكْمُهُ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِالْخُنْثَى وَالْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ. اهـ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ ثُمَّ رَأَيْت جَمْعًا اعْتَمَدُوهُ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْفَقِيهُ أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا كَالْحَاكِمِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْعِلْمِ بِالشَّبَهِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا وَوَاضِحٌ أَنَّ الْفَقِيهَ يُدْرِكُهُ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ لِرُتْبَةِ الِاجْتِهَادِ الْمُطْلَقِ. اهـ.
، وَأَقُولُ مِمَّا يَرِدُ عَلَى اشْتِرَاطِ الِاجْتِهَادِ مَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّ الْفِقْهَ مُسْتَحَبٌّ وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُمْ حَمَلُوهُ عَلَى الزَّائِدِ عَلَى مَا يُعْتَبَرُ فِي الشَّبَهِ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُرَادَ بِالْوُجُوبِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي مَعْرِفَةِ الشَّبَهِ وَبِالِاسْتِحْبَابِ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْكَمَالِ وَالْحِذْقِ وَلَا يَثْبُتُ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ. اهـ.
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَدْلَيْنِ اعْتِمَادُ مَعْرِفَتِهِمَا فِي حَقِّ نَفْسِهِمَا حَيْثُ كَانَا الْقَاتِلَيْنِ لِلصَّيْدِ قَتْلًا لَا يُفَسِّقُ وَلَا يُقَالُ الشَّخْصُ لَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ ذَلِكَ الْحُكْمَ الْمَعْرُوفِ حَقِيقَةً، وَإِلَّا اُشْتُرِطَ سَائِرُ شُرُوطِ الْحُكْمِ بَلْ ذَلِكَ صَرِيحُ قَوْلِهِمْ عَدْلَانِ فَقِيهَانِ وَلَوْ قَتَلَاهُ بِلَا عُدْوَانٍ وَتَعْلِيلُهُمْ هَذِهِ الْمُبَالَغَةَ بِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ فَكَانَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَمِينًا فِيهِ بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ أَيْضًا جَوَازُ اعْتِمَادِ الْفَاسِقَيْنِ مَعْرِفَةَ أَنْفُسِهِمَا إذَا وَثِقَ بِمَعْرِفَةِ الْآخَرِ فَظَنَّ صِدْقَهُ بَلْ يَظْهَرُ جَوَازُ اعْتِمَادِ غَيْرِ الْفَاسِقَيْنِ أَيْضًا مَعْرِفَتَهُمَا إذَا وَثِقَ بِهَا وَاعْتَقَدَ صِدْقَهُمَا وَيَكُونُ اشْتِرَاطُ عَدَالَتِهِمَا لِوُجُوبِ قَبُولِ خَبَرِهِمَا مُطْلَقًا إلَّا لِصِحَّةِ مَعْرِفَتِهِمَا إذْ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْعَدَالَةِ وَلَا لِيَصِحَّ حُكْمُهُمَا إذْ لَيْسَ هَذَا حُكْمًا