للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِفُقَرَائِهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ أَيْ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الذَّبْحِ فِي الْحَرَمِ إعْظَامُهُ بِتَفْرِقَةِ اللَّحْمِ فِيهِ، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ الذَّبْحِ تَلْوِيثٌ لِلْحَرَمِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا هُنَا بَيْنَ الْمَحْصُورِ وَغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ بِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا حُرْمَةُ الْمَحَلِّ وَثَمَّ سَدُّ الْخَلَّةَ وَتَجِبُ النِّيَّةُ عِنْدَ التَّفْرِقَةِ وَيُجْزِئُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَقَدُّمُهَا عَلَيْهَا بِقَيْدِهِ السَّابِقِ فِي الزَّكَاةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّ الذَّبْحَ لَا تَجِبُ النِّيَّةُ عِنْدَهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِالْأُضْحِيَّةِ وَنَحْوِهَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا إعْظَامُ الْحَرَمِ بِتَفْرِقَةِ اللَّحْمِ فِيهِ كَمَا مَرَّ فَوَجَبَ اقْتِرَانُهَا بِالْمَقْصُودِ دُونَ وَسِيلَتِهِ وَثَمَّ إرَاقَةُ الدَّمِ لِكَوْنِهَا فِدَاءً عَنْ النَّفْسِ وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا إنْ قَارَنَتْ نِيَّةُ الْقُرْبَةِ ذَبْحَهَا فَتَأَمَّلْهُ.

(وَأَفْضَلُ بُقْعَةٍ) مِنْ الْحَرَمِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ فَزَعَمَ أَنَّ الْأَوْلَى جَعْلُهُ بِالْهَاءِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ (لِذَبْحِ الْمُعْتَمِرِ) عُمْرَةً مُنْفَرِدَةً عَنْ حَجٍّ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا (الْمَرْوَةُ وَ) لِذَبْحِ (الْحَاجِّ) إفْرَادًا أَوْ تَمَتُّعًا وَلَوْ عَنْ تَمَتُّعِهِ أَوْ قِرَانًا (مِنًى) ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ تَحَلُّلِهِمَا (وَكَذَا حُكْمُ مَا سَاقَا) أَيْ الْمُعْتَمِرُ وَالْحَاجُّ الْمَذْكُورَانِ (مِنْ هَدْيٍ) نَذْرٍ أَوْ تَطَوُّعٍ (مَكَانًا) فِي الِاخْتِصَاصِ وَالْأَفْضَلِيَّةِ فَأَفْضَلُ مَكَان لِذَبْحِ هَدْيٍ الْأَوَّلُ الْمَرْوَةُ وَالثَّانِي مِنًى لِلِاتِّبَاعِ.

(وَوَقْتُهُ) أَيْ ذَبْحِ هَذَا الْهَدْيِ بِقِسْمَيْهِ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ فِي نَذْرِهِ وَقْتًا (وَقْتَ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ) قِيَاسًا عَلَيْهَا فَلَوْ أَخَّرَهُ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَجَبَ ذَبْحُهُ قَضَاءً إنْ كَانَ وَاجِبًا وَوَجَبَ صَرْفُهُ إلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ، وَإِلَّا فَلَا لِفَوَاتِهِ وَنَازَعَ الْإِسْنَوِيُّ فِي اخْتِصَاصِ مَا سَاقَهُ الْمُعْتَمِرُ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ بِأَنَّا لَا نَشُكُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَحْرَمَ بِعُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَسَاقَ الْهَدْيَ إنَّمَا قَصَدَ ذَبْحَهُ عَقِبَ تَحَلُّلِهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَعَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَا يُصَرِّحُ بِالِاخْتِصَاصِ أَيْضًا وَعَنْ الْإِمْدَادِ وَشَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُوَافِقُ مَقَالَةَ شَرْحِ الْعُبَابِ مِنْ عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ وَعَنْ عَبْدِ الرَّءُوفِ تِلْمِيذِ الشَّارِحِ وَالْوَنَّائِيِّ اعْتِمَادُهَا. (قَوْلُهُ: لِفُقَرَائِهِ إلَخْ) أَيْ الْقَاطِنِينَ مِنْهُمْ وَالْغُرَبَاءِ، وَالصَّرْفُ إلَى الْأَوَّلِ أَوْلَى إلَّا أَنْ تَشْتَدَّ حَاجَةُ الثَّانِي فَيَكُونُ أَوْلَى وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ جَوَازِ أَكْلِهِ شَيْئًا مِنْهُ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُفَرِّقَ الْمَذْبُوحَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعْطِيَهُ بِجُمْلَتِهِ لَهُمْ وَيَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ فُقَرَائِهِ أَوْ مَسَاكِينِهِ، وَإِنْ انْحَصَرُوا؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ أَقَلُّ الْجَمْعِ فَلَوْ دَفَعَ إلَى اثْنَيْنِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى ثَالِثٍ ضَمِنَ لَهُ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: نَظِيرَ مَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحٍ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ (قَوْلُهُ: أَيْ ثَلَاثَةٌ) أَيْ فَأَكْثَرُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَكْرُوهٌ إلَخْ) لَعَلَّهُ إذَا كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَإِلَّا فَفِيهِ حَرَجٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْمَحْصُورِ وَغَيْرِهِ) أَيْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فُقَرَاءُ الْحَرَمِ مَحْصُورِينَ فَيَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ أَوْ غَيْرُ مَحْصُورِينَ فَيَكْتَفِي بِثَلَاثَةٍ كَمَا هُوَ قِيَاسُ الزَّكَاةِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحٍ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ (قَوْلُهُ: حُرْمَةُ الْمَحَلِّ) أَيْ فَاكْتَفَى بِثَلَاثَةٍ مُطْلَقًا (وَقَوْلُهُ: وَثَمَّ سَدُّ الْخَلَّةِ) أَيْ فَحَيْثُ أَمْكَنَ الِاسْتِيعَابُ بِأَنْ كَانُوا مَحْصُورِينَ تَعَيَّنَ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: سَدُّ الْخَلَّةِ) بِالْفَتْحِ الْخَصْلَةُ وَهِيَ أَيْضًا الْحَاجَةُ وَالْفَقْرُ. انْتَهَى مُخْتَارٌ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ: تَقْدِيمُهَا) أَيْ النِّيَّةِ (عَلَيْهَا) أَيْ التَّفْرِقَةِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) إلَى الْمَتْنِ ذَكَرَهُ ع ش عَنْ الشَّارِحِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الذَّبْحَ لَا تَجِبُ عِنْدَهُ) أَيْ وَتُجْزِئُ عِنْدَهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَيُجْزِئُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: بِالْمَقْصُودِ) وَهُوَ التَّفْرِقَةُ (دُونَ وَسِيلَتِهِ) وَهِيَ الذَّبْحُ أَيْ، وَإِنْ أَجْزَأَ عِنْدَهَا كَمَا مَرَّ آنِفًا.

(قَوْلُهُ: فَزَعَمَ أَنَّ الْأَوْلَى إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يَدْفَعُ الْأَوْلَوِيَّةَ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَالْأَحْسَنُ فِي بُقَعِهِ ضَبْطُهَا بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ عَلَى لَفْظِ الْجَمْعِ الْمُضَافِ لِضَمِيرِ الْحَرَمِ. اهـ. (قَوْلُهُ: عُمْرَةٌ) إلَى قَوْلِهِ وَنَازَعَ الْإِسْنَوِيُّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا مَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: بِقِسْمَيْهِ) أَيْ النَّذْرِ وَالتَّطَوُّعِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُعَيَّنْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي إنْ لَمْ يُعَيِّنْ غَيْرَ هَذِهِ الْأَيَّامِ أَيْ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَإِنْ عَيَّنَ لِهَدْيِ التَّقَرُّبِ غَيْرَ وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ وَقْتٌ إذْ لَيْسَ فِي تَعْيِينِ الْيَوْمِ قُرْبَةٌ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ. اهـ. زَادَ النِّهَايَةُ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ.

وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهَا عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ وَقْتٌ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ مَا عَيَّنَهُ فَيُخَالِفُ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي فَيَتَعَيَّنُ. اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ (وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ) إلَخْ أَيْ فَيَحْرُمُ تَأْخِيرُ ذَبْحِهِ عَنْ أَيَّامِهَا وَعَلَيْهِ فَلَوْ عُدِمَتْ الْفُقَرَاءُ فِي أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ أَوْ امْتَنَعُوا مِنْ الْأَخْذِ لِكَثْرَةِ اللَّحْمِ ثُمَّ فَهَلْ يُعْذَرُ بِذَلِكَ فِي تَأْخِيرِهِ عَنْ أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ أَوْ يَجِبُ ذَبْحُهُ فِيهَا وَيَدَّخِرُهُ قَدِيدًا إلَى أَنْ يُوجَدَ مَنْ يَأْخُذُهُ مِنْ الْفُقَرَاءِ؟ . فِيهِ نَظَرٌ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ وُجُوبَ الذَّبْحِ فِي أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ الثَّانِي وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ ادِّخَارُهُ يُتْلِفُهُ فَهَلْ يَبِيعُهُ وَيَحْفَظُ ثَمَنَهُ إذَا أَشْرَفَ عَلَى التَّلَفِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ.

هَذَا وَقَضِيَّةُ تَخْصِيصِ ذَبْحِ الْهَدْيِ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَسَاقَ هَدْيًا أَوْ سَاقَ الْهَدْيَ إلَى مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ وُجُوبُ تَأْخِيرِ ذَبْحِهِ إلَى وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ كَأَنْ سَاقَهُ فِي رَجَبٍ مَثَلًا وَهُوَ قَرِيبٌ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ م ر وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اخْتِصَاصُ مَا يَسُوقُهُ الْمُعْتَمِرُ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَخْ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ التَّأْخِيرِ ع ش أَيْ فِي صُورَةِ سَوْقِ الْمُعْتَمِرِ هَدْيًا، وَأَمَّا سَوْقُ الْحَلَالِ الْهَدْيَ فَقَدْ صَرَّحَ الشَّارِحُ بِعَدَمِ اخْتِصَاصِهِ بِزَمَنٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَانَ تَطَوُّعًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَنَازَعَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي، وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَنَازَعَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ نِزَاعِهِ بِأَنَّ قِصَّةَ الْحُدَيْبِيَةِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

(قَوْلُهُ: فَزَعَمَ أَنَّ الْأَوْلَى إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يَدْفَعُ الْأَوْلَوِيَّةَ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ فِي نَذْرِهِ وَقْتًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَحَلُّ وُجُوبِ ذَبْحِهِ فِي وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ إذَا عَيَّنَهُ لَهُ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ يَوْمًا آخَرَ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ وَقْتٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي تَعْيِينِ الْيَوْمِ قُرْبَةٌ نَقْلِهِ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَأَقَرَّهُ، وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ تَعْيِينُ يَوْمٍ آخَرَ لِذَبْحِهِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ سَهُلَتْ مُنَازَعَةُ الْإِسْنَوِيِّ الْآتِيَةِ لِجَوَازِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَيَّنَ وَقْتًا خُصُوصًا إنْ اكْتَفَى بِالتَّعْيِينِ بِالنِّيَّةِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ شَرْحِ الرَّوْضِ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ وَقْتٌ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ مَا عَيَّنَهُ فَيُخَالِفُ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي فَيَتَعَيَّنُ (قَوْلُهُ: وَنَازَعَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>