كَأَنْ حُبِسَ ظُلْمًا وَلَوْ بِدَيْنٍ يَعْجِزُ عَنْهُ كَالْعَامِ؛ لِأَنَّ مَشَقَّةَ كُلِّ أَحَدٍ لَا تَخْتَلِفُ بِتَحَمُّلِ غَيْرِهِ مِثْلَهَا وَعَدَمِهِ وَفَارَقَ نَحْوُ الْمَحْبُوسِ الْمَرِيضَ بِأَنَّ الْحَبْسَ يَمْنَعُهُ إتْمَامَ نُسُكِهِ حِسًّا بِخِلَافِ الْمَرَضِ.
(وَلَا تَحَلُّلٌ) جَائِزٌ (بِالْمَرَضِ) إذَا لَمْ يَشْرِطْهُ بَلْ يَصْبِرُ حَتَّى يَبْرَأَ فَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ أَتَمَّهَا أَوْ بِحَجٍّ وَفَاتَهُ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ لَا يَمْنَعُ الْإِتْمَامَ كَمَا تَقَرَّرَ وَلَا يُزِيلُهُ التَّحَلُّلُ (فَإِنْ شَرَطَهُ) أَيْ التَّحَلُّلَ بِالْمَرَضِ وَقَدْ قَارَنَتْ نِيَّةُ شَرْطِهِ الَّذِي تَلَفَّظَ بِهِ عَقِبَ نِيَّةِ الْإِحْرَامِ نِيَّةَ الْإِحْرَامِ بِأَنْ وُجِدَتْ قَبْلَ تَمَامِهَا فِيمَا يَظْهَرُ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي نَحْوِ الطَّلَاقِ (تَحَلَّلَ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِ الْمَرَضِ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ لِوَجِعَةٍ «حُجِّي وَاشْتَرِطِي وَقُولِي اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي» ، وَأُلْحِقَ بِالْحَجِّ الْعُمْرَةُ وَبِالْمَرَضِ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ الْأَعْذَارِ كَضَلَالِ طَرِيقٍ وَنَفَادِ نَفَقَةٍ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُهُ بِلَا عُذْرٍ أَوْ حَيْثُ أَرَادَ وَنَحْوُهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ أَوَاخِرَ الِاعْتِكَافِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُذْرِ هُنَا مَا يَشُقُّ مَعَهُ مُصَابَرَةُ الْإِحْرَامِ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ غَالِبًا ثُمَّ إنْ شَرَطَ التَّحَلُّلَ بِهَدْيٍ لَزِمَهُ أَوْ بِلَا هَدْيٍ أَوْ أَطْلَقَ فَلَا وَلَهُ شَرْطُ انْقِلَابِ حَجِّهِ عُمْرَةً عِنْدَ نَحْوِ الْمَرَضِ وَتُجْزِئُهُ حِينَئِذٍ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ وَخَرَجَ بِشَرْطِهِ أَيْ التَّحَلُّلِ شَرْطُ صَيْرُورَتِهِ حَلَالًا بِنَفْسِ الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ بِهِ حَلَالًا
ــ
[حاشية الشرواني]
أَنَّ الْمُرَادَ إلَى ثَمَّ إنْ شَرَطَ وَقَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ حُبِسَ ظُلْمًا) صَرِيحٌ فِي أَنَّ هَذَا مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ أَيْضًا سم (قَوْلُهُ: ظُلْمًا) أَمَّا إذَا حُبِسَ بِحَقٍّ كَأَنْ حُبِسَ بِدَيْنٍ مُتَمَكِّنٍ مِنْ أَدَائِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّلُ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَهُ وَيَمْضِيَ فِي نُسُكِهِ فَلَوْ تَحَلَّلَ لَمْ يَصِحَّ تَحَلُّلُهُ، وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ فِي الْحَبْسِ لَمْ يَتَحَلَّلْ إلَّا بِعَمَلِ عُمْرَةٍ بَعْدَ إتْيَانِهِ مَكَّةَ كَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِلَا إحْصَارٍ مُغْنِي وَشَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِدَيْنٍ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ أَوْ بِدَيْنٍ وَهُوَ مُعْسِرٌ بِهِ وَعَاجِزٌ عَنْ إثْبَاتِ إعْسَارِهِ بِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَرَضِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْإِتْمَامَ فَالْمَرِيضُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إتْمَامِ النُّسُكِ مَعَهُ مُغْنِي.
قَوْلُ الْمَتْنِ (بِالْمَرَضِ) أَيْ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَعْذَارِ كَالْخَطَإِ فِي الْعَدَدِ أَسْنَى وَمُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُزِيلُهُ التَّحَلُّلُ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ قَوْلَ الْمَتْنِ (فَإِنْ شَرَطَهُ إلَخْ) وَالِاحْتِيَاطُ شَرْطُ ذَلِكَ أَسْنَى وَنِهَايَةٌ عِبَارَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ فَإِنْ شَرَطَهُ أَيْ لَفْظًا انْتَهَتْ أَيْ وَاللَّفْظُ هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الشَّرْطِ ع ش (قَوْلُهُ: بِالْمَرَضِ) أَيْ وَنَحْوِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: بِأَنْ وُجِدَتْ) أَيْ نِيَّةُ شَرْطِهِ إلَخْ (قَبْلَ تَمَامِهَا) أَيْ نِيَّةِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: نَظِيرَ مَا يَأْتِي إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ تُوجَدَ نِيَّةُ شَرْطِهِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ نِيَّةِ الْإِحْرَامِ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (تَحَلَّلَ إلَخْ) أَيْ جَوَازًا مُغْنِي (قَوْلُهُ: بِسَبَبِ الْمَرَضِ) أَيْ أَوْ نَحْوِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) أَيْ وَكَمَالُهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الصَّوْمِ فِيمَا لَوْ نَذَرَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ بِعُذْرٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَقَوْلِيٌّ إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ ع ش (قَوْلُهُ: «اللَّهُمَّ مَحَلِّي» ) بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ مَوْضِعُ أَحَلَّ (وَقَوْلُهُ: «حَبَسَتْنِي» ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ الْعِلَّةُ وَالشِّكَايَةُ كَذَا قَالَهُ صَاحِبُ الْوَافِي مِنْ الْخَادِمِ لِلزَّرْكَشِيِّ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ مَحِلِّي بِكَسْرِ الْحَاءِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنِ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيِّ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ اهـ زِيَادِيٌّ وَفِي الْمُخْتَارِ مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الْوَافِي ع ش وَفِي الْبَصْرِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ الزِّيَادِيِّ الْمَذْكُورِ مَا نَصَّهُ وَلَفْظُ نُسَخِ الْمِشْكَاةِ الصَّحِيحَةِ بِفَتْحِ التَّاءِ خِطَابٌ لِلَّهِ تَعَالَى. اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي جَوَازِ التَّحَلُّلِ بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ: غَيْرُهُ إلَخْ) وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ أَنَّ مِنْ الْعُذْرِ الْمُبَاحِ وُجُودَ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ لِلْحَجِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى بَصْرِيٌّ وَوَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ: مَا يَشُقُّ إلَخْ) وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُهُ بِمَا يَحْصُلُ مَعَهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً فِي إتْمَامِ النُّسُكِ نِهَايَةٌ وَزِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِلَا هَدْيٍ إلَخْ) وَالتَّحَلُّلُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ بِالنِّيَّةِ أَوْ الْحَلْقِ أَوْ نَحْوِهِ فَقَطْ مُغْنِي وَوَنَّائِيٌّ وَفِي سم عَنْ شَرْحُ الْبَهْجَةِ مِثْلُهُ وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَسْنَى فَالتَّحَلُّلُ فِيهِمَا يَكُونُ بِالنِّيَّةِ فَقَطْ. اهـ. قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر يَكُونُ بِالنِّيَّةِ فَقَطْ عِبَارَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ تَبَعًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ بِالنِّيَّةِ وَالْحَلْقِ فَقَطْ. انْتَهَتْ. وَمَا قَالَاهُ ظَاهِرٌ اهـ أَيْ فَقَوْلُ النِّهَايَةِ وَالْأَسْنَى فَقَطْ إنَّمَا هُوَ احْتِرَازٌ عَنْ الذَّبْحِ لَا عَنْ الْحَلْقِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَهُ شَرْطُ انْقِلَابِ حَجِّهِ عُمْرَةً إلَخْ) ، وَإِنْ شَرَطَ قَلْبَ حَجِّهِ عُمْرَةً بِالْمَرَضِ أَوْ نَحْوِهِ جَازَ كَمَا لَوْ شَرَطَ التَّحَلُّلَ بِهِ بَلْ أَوْلَى فَلَهُ فِي ذَلِكَ إذَا وَجَدَ الْعُذْرَ أَنْ يَقْلِبَ حَجَّهُ عُمْرَةً وَتُجْزِئُهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْخُرُوجُ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ وَلَوْ بِيَسِيرٍ إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ نِهَايَةٌ، وَإِيعَابٌ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَا وَجْهَ إلَخْ (قَوْلُهُ: عِنْدَ نَحْوِ الْمَرَضِ) أَيْ فَعِنْدَ وُجُودِ الْعُذْرِ انْقَلَبَ حَجُّهُ عُمْرَةً مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي زَادَ سم عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ لِأَدْنَى الْحِلِّ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ إحْرَامًا مُبْتَدَأً بِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَتُجْزِئُهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ) أَيْ بِخِلَافِ عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ بِالْإِحْصَارِ أَيْ مَثَلًا لَا تُجْزِئُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَتْ عُمْرَةً، وَإِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُ عُمْرَةٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي زَادَ سم عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَشَرَطَ أَنَّهُ إذَا صُدَّ عَنْ الْوُقُوفِ انْقَلَبَ حَجُّهُ عُمْرَةً فَإِنْ صُدَّ عَنْهُ انْقَلَبَ عُمْرَةً مُجْزِئَةً عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِنَفْسِ الْمَرَضِ) أَيْ أَوْ نَحْوِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِالْمَرَضِ أَيْ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْأَعْذَارِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَالَ الرَّشِيدِيُّ ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
كَانَتْ الشِّرْذِمَةُ بَعْضًا مِنْ الرُّفْقَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ جُمْلَةَ الرُّفْقَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كَأَنْ حُبِسَ ظُلْمًا) صَرِيحٌ فِي أَنَّ هَذَا مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُزِيلُهُ التَّحَلُّلُ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْمَنْعِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَائِضِ (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا يَأْتِي إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يُوجَدَ فِيهِ شَرْطُهُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ نِيَّةِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ شَرَطَ التَّحَلُّلَ بِهَدْيٍ لَزِمَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ فِي الْمَرَضِ وَالتَّحَلُّلُ فِي ذَلِكَ بِالنِّيَّةِ وَالْحَلْقِ فَقَطْ نَعَمْ إنْ شَرَطَهُ بِهَدْيٍ لَزِمَهُ ثُمَّ قَالَ وَكَالْمَرَضِ فِيمَا ذَكَرَ غَيْرَهُ مِنْ الْأَعْذَارِ كَضَلَالِ الطَّرِيقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَهُ شَرْطُ انْقِلَابِ حَجِّهِ عُمْرَةً) أَيْ قَلْبُهُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ نَحْوِ الْمَرَضِ) هَلْ مِنْهُ الْفَوَاتُ فَإِنْ شَرَطَ انْقِلَابَهُ عُمْرَةً عِنْدَ فَوَاتِهِ انْقَلَبَ (قَوْلُهُ: وَتُجْزِئُهُ حِينَئِذٍ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ بَيَانِ مَسْأَلَتَيْ شَرْطِ الْقَلْبِ وَالِانْقِلَابِ عُمْرَةٌ مَعَ الْإِجْزَاءِ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ عَنْ