للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا قَضَاءَ عَلَى الْمُحْصَرِ الْمُتَطَوِّعِ) بِحَصْرٍ خَاصٍّ أَوْ عَامٍّ، وَإِنْ اُقْتُرِنَ بِهِ فَوَاتُ الْحَجِّ إذْ لَمْ يَرِدْ الْأَمْرُ بِهِ وَقَدْ «أُحْصِرَ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفٌ، وَأَرْبَعُمِائَةٍ وَلَمْ يَعْتَمِرْ مِنْهُمْ مَعَهُ فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ إلَّا بَعْضُهُمْ» أَكْثَرُ مَا قِيلَ إنَّهُمْ سَبْعُمِائَةٍ فَعُلِمَ أَنَّ تِلْكَ الْعُمْرَةَ لَمْ تَكُنْ قَضَاءً وَمَعْنَى الْقَضِيَّةِ الْمُقَاضَاةُ أَيْ الصُّلْحُ الَّذِي وَقَعَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُحْصَرَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ فِي صُوَرٍ بِأَنْ أَخَّرَ التَّحَلُّلَ مِنْ الْحَجِّ مَعَ إمْكَانِهِ مِنْ غَيْرِ رَجَاءِ أَمْنٍ حَتَّى فَاتَهُ أَوْ فَاتَهُ ثُمَّ أُحْصِرَ أَوْ زَالَ الْحَصْرُ وَالْوَقْتُ بَاقٍ وَلَمْ يَتَحَلَّلْ وَمَضَى فِي النُّسُكِ فَفَاتَهُ أَوْ سَلَكَ طَرِيقًا آخَرَ مُسَاوِيًا لِلْأَوَّلِ فَفَاتَهُ الْوُقُوفُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ فِي هَذِهِ كُلِّهَا لِلْفَوَاتِ لَا لِلْحَصْرِ (فَإِنْ كَانَ) مَا أُحْصِرَ عَنْ إتْمَامِهِ حَصْرًا عَامًّا أَوْ خَاصًّا كَمَا أَطْلَقُوهُ (فَرْضًا مُسْتَقِرًّا) عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

اسْتِئْذَانُ أَبَوَيْهِ فِي النُّسُكِ فَرْضًا أَوْ تَطَوُّعًا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ، وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْأَبَوَيْنِ فِي الْأَصَحِّ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مِنْ نُسُكِ التَّطَوُّعِ وَتَحْلِيلُهُ مِنْهُ إذَا أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا وَتَحْلِيلُهُمَا لَهُ كَتَحْلِيلِ السَّيِّدِ رَقِيقَهُ وَيَلْزَمُهُ التَّحَلُّلُ بِأَمْرِهِمَا وَمَحَلُّهُ فِي الْآفَاقِيِّ وَلَمْ يَكُنْ مُصَاحِبًا فِي السَّفَرِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الرَّقِيقَ كَالْحُرِّ فِي أَنَّ لَهُ الْمَنْعَ وَلَيْسَ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ نُسُكِ الْفَرْضِ لَا ابْتِدَاءً وَلَا إتْمَامًا كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَيُفَارِقُ الْجِهَادَ بِأَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ وَلَيْسَ الْخَوْفُ فِيهِ كَالْخَوْفِ فِي الْجِهَادِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ كَانَ لِأَبَوَيْهَا مَنْعُهَا مِنْ نُسُكِ التَّطَوُّعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يُسَافِرَ مَعَهَا الزَّوْجُ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ مَنَعَهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى مَنْعِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ.

الْمَنْعُ السَّادِسُ الدَّيْنُ فَلِصَاحِبِهِ مَنْعُ الْمَدْيُونِ مِنْ السَّفَرِ لِيَسْتَوْفِيَهُ إلَّا إنْ كَانَ مُعْسِرًا أَوْ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا أَوْ يَسْتَنِيبُ مَنْ يَقْضِيهِ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي إحْرَامِهِ نِهَايَةٌ وَفِي الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي نَحْوُهُ وَقَوْلُهُ: م ر مَحَلُّهُ فِي الْآفَاقِيِّ عِبَارَةُ الْأَسْنَى وَيَبْعُدُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ تَحْلِيلُ الْمَكِّيِّ وَنَحْوِهِ لِقِصَرِ السَّفَرِ. اهـ.

وَعِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ، وَأَمَّا الْمَكِّيُّ وَمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ فَلَيْسَ لَهُمْ أَيْ لِأُصُولِهِ مَنْعُهُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ خِلَافًا لِشَرْحِ الْعُبَابِ. اهـ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَا قَضَاءَ عَلَى الْمُحْصَرِ الْمُتَطَوِّعِ) وَاسْتَثْنَى ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ إطْلَاقِهِ مَا لَوْ أَفْسَدَ النُّسُكَ ثُمَّ أُحْصِرَ وَرَدَّ بِأَنَّ الْقَضَاءَ هُنَا لِلْإِفْسَادِ لَا لِلْإِحْصَارِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِحَصْرٍ خَاصٍّ إلَخْ) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَأْتِيَ بِنُسُكٍ سِوَى الْإِحْرَامِ أَمْ لَمْ يَأْتِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اُقْتُرِنَ بِهِ فَوَاتُ الْحَجِّ) نَعَمْ إنْ صَابَرَ إحْرَامَهُ غَيْرَ مُتَوَقِّعٍ زَوَالَ الْإِحْصَارِ فَفَاتَهُ الْوُقُوفُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِخِلَافِ مَا إذَا صَابَرَ مَعَ التَّوَقُّعِ مُغْنِي وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَمْ يَرِدْ الْأَمْرُ بِهِ) أَيْ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي الْخَبَرِ وَلِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ لَا قَضَاءَ عَلَى الْمُحْصَرِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْتَمِرْ مِنْهُمْ مَعَهُ فِي عُمْرَةٍ الْقَضِيَّةُ إلَخْ) وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَمَرَ مَنْ تَخَلَّفَ بِالْقَضَاءِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ رَجَاءِ أَمْنٍ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَّرَ مَعَ رَجَاءِ الْأَمْنِ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ تَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ وَلَمْ يَقْضِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: مُسَاوِيًا إلَخْ) وَبِالْأَوْلَى إذَا كَانَ أَقْرَبَ بِخِلَافِ الْأَبْعَدِ سم.

(قَوْلُهُ: لِلْفَوَاتِ) أَيْ الْغَيْرِ النَّاشِئِ عَنْ الْحَصْرِ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ خَاصًّا كَمَا أَطْلَقُوهُ) قَالَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ فِي الْكَلَامِ عَلَى شُرُوطِ وُجُوبِ الْحَجِّ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ حَيْثُ حَصَلَ الْأَمْنُ لِلْوَاحِدِ مِنْ غَيْرِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

أَذِنَ لَهَا فِيهِ لِكَوْنِهَا مُمَيِّزَةً لَمْ يَجُزْ لَهُ تَحْلِيلُهَا م ر ش.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَلَا قَضَاءَ عَلَى الْمُحْصَرِ الْمُتَطَوِّعِ) قَالَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ فِي الْكَلَامِ عَلَى شُرُوطِ وُجُوبِ الْحَجِّ مَا نَصُّهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ حَيْثُ حَصَلَ الْأَمْنُ لِلْوَاحِدِ مِنْ غَيْرِ رُفْقَةٍ لَمْ يُشْتَرَطْ وُجُودُهُمْ وَلَا نَظَرَ لِلْوَحْشَةِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ لَا بَدَلَ لَهُ، وَإِنَّمَا يَمْنَعُ الْخَوْفُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذِكْرُهُ الْوُجُوبَ إنْ كَانَ عَالِمًا فَلَوْ حَجَّ أَوَّلَ مَا تَمَكَّنَ، وَأُحْصِرَ مَعَ الْقَوْمِ ثُمَّ تَحَلَّلَ وَمَاتَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ لَمْ يَسْتَقِرَّ فِي ذِمَّتِهِ لِعُمُومِ الْخَوْفِ هُنَا إذْ غَيْرُهُ مِثْلُهُ فِي خَوْفِ الْعَدُوِّ أَمَّا لَوْ اخْتَصَّ الْخَوْفُ أَوْ الْمَنْعُ بِشَخْصٍ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ فَتَقْضِي مِنْ تَرِكَتِهِ عَلَى مَا صَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَذَا السُّبْكِيُّ فَقَالَ مَنْ حَبَسَهُ شَيْطَانٌ أَوْ عَدُوٌّ وَعَجَزَ دُونَ غَيْرِهِ لَزِمَهُ الْحَجُّ فَتُقْضَى عَنْهُ وَيَسْتَنِيبُ إنْ أَيِسَ، وَإِنَّمَا يَمْنَعُ الْخَوْفُ الْوُجُوبَ إنْ عَمَّ فَمَاتَ قَبْلَ تَمَكُّنِ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَنْبَطَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ ذَلِكَ وَمِمَّا فِي الْإِحْصَارِ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَا تُحْرِمُ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ أَنَّهَا لَوْ أَخَّرَتْ لِمَنْعِهِ قَضَى مِنْ تَرِكَتِهَا وَلَا يَقْضِي إلَّا إنْ تَمَكَّنَتْ قَبْلَ النِّكَاحِ وَعَنْ الْأَذْرَعِيِّ نَظِيرُ ذَلِكَ وَقَالَ صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَنَقَلَهُ فِي الْخَادِمِ فِي مَوْضِعٍ وَاعْتَمَدَهُ وَبَحَثَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَسْتَطِعْ إلَّا بَعْدَ النِّكَاحِ اشْتَرَطَ فِي الْوُجُوبِ رِضَا الزَّوْجِ لَكِنْ اعْتَرَضَ غَيْرُ وَاحِدٍ مَا ذَكَرَ بِقَوْلِ الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيِّ لَوْ حُبِسَ أَهْلُ بَلَدٍ عَنْ الْحَجِّ أَوَّلَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَسْتَقِرَّ وُجُوبُهُ عَلَيْهِمْ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَهَلْ يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا لَا. اهـ.

وَبِقَوْلِهِمْ فِي مُحْصَرٍ لَمْ يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ الْفَرْضُ تُعْتَبَرُ اسْتِطَاعَتُهُ بَعْدَ زَوَالِ الْحَصْرِ، وَهُوَ يَشْمَلُ الْحَصْرَ الْخَاصَّ وَغَيْرَهُ وَقَدْ يُجَابُ مِنْ جَانِبِ أُولَئِكَ بِأَنَّ مَا فِي الْمَجْمُوعِ مَقَالَةٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ سُكُوتِهِ عَلَيْهَا اعْتِمَادُهَا لِمَا عَلِمْت مِنْ النَّصِّ وَاتِّفَاقُ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا يُصَرَّحُ بِخِلَافِهَا وَكَلَامُهُمْ الْآتِي مَحْمُولٌ عَلَى مَا هُنَا وَلِمَنْ اعْتَمَدَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يُرَدِّدَ ذَلِكَ بِأَنَّ غَايَةَ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ لِلشَّافِعِيِّ فِيهَا قَوْلَيْنِ، وَأَنَّ الرُّويَانِيَّ رَجَّحَ أَوْ نَقَلَ تَرْجِيحَ أَحَدِهِمَا، وَأَقَرَّهُ النَّوَوِيُّ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِظُهُورِ مُدْرِكِهِ عَلَيْهِ فَلَا اسْتِقْرَارَ عَلَى الزَّوْجَةِ إذَا مَنَعَهَا زَوْجُهَا وَلَوْ تَمَكَّنَتْ قَبْلَ النِّكَاحِ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ مِمَّا يَنْبَغِي الْوُقُوفُ عَلَيْهِ، وَأَصْلُهُ فِي حَاشِيَةِ الشَّرِيفِ السَّمْهُودِيِّ.

(قَوْلُهُ: مُسَاوِيًا لِلْأَوَّلِ) وَبِالْأَوْلَى مَا إذَا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>