وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْعِتْقُ وَيَصِحُّ بَيْعُ السَّكْرَانِ الْمُتَعَدِّي مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ وَلِوُرُودِهِ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِ أَصْلِهِ التَّكْلِيفُ كَالسَّفِيهِ عَلَى مَنْطُوقِهِ أَبْدَلَهُ بِالرُّشْدِ لِيَشْمَلَهُ بِالْمَعْنَى الَّذِي قَرَّرْته وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمَا لَا يَأْثَمُ بِهِ فَإِنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ.
(قُلْت وَعَدَمُ الْإِكْرَاهِ بِغَيْرِ حَقٍّ) فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ مُكْرَهٍ
ــ
[حاشية الشرواني]
اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُ الْعَبْدِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ سَفِيهًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ لَكِنَّ كَوْنَهُ عَقْدَ عَتَاقَةٍ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ الرُّشْدِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ حَجّ فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ مَا يُصَرِّحُ بِهِ. اهـ. ع ش، وَقَوْلُهُ: لَكِنَّ كَوْنَهُ عَقْدَ عَتَاقَةٍ إلَخْ دَعْوَى الِاقْتِضَاءِ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْعِتْقُ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَتَأَتَّى فِيمَا لَوْ وَكَّلَ شَخْصٌ الْعَبْدَ فِي أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ لِمُوَكِّلِهِ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ الصِّحَّةَ فِيهَا وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مَنْعَ تَصَرُّفِهِ إنَّمَا هُوَ لِحَقِّ السَّيِّدِ، وَقَدْ زَالَ بِعَقْدِهِ مَعَهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ الرَّاهِنُ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِعَدَمِ تَفْوِيتِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَلِوُرُودِهِ) أَيْ السَّكْرَانِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: كَالسَّفِيهِ إلَخْ) أَيْ كَوُرُودِ السَّفِيهِ عَلَى مَنْطُوقِ قَوْلِ أَصْلِهِ التَّكْلِيفَ (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى الَّذِي قَرَّرْته) أَيْ فِي قَوْلِهِ يَعْنِي عَدَمَ الْحَجْرِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْطُوقِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الرُّشْدُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ) .
(فُرُوعٌ) وَلَوْ أَتْلَفَ الصَّبِيُّ أَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ مَا ابْتَاعَهُ أَوْ اقْتَرَضَهُ مِنْ رَشِيدٍ، وَأَقْبَضَهُ لَهُ لَمْ يَضْمَنْ ظَاهِرًا وَكَذَا بَاطِنًا، وَإِنْ نُقِلَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ خِلَافُهُ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إذْ الْمُقْبِضُ مُضَيِّعٌ لِمَالِهِ أَوْ مِنْ صَبِيٍّ مِثْلِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ الْوَلِيَّانِ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا قَبَضَ مِنْ الْآخَرِ فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِمَا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا فَقَطْ لِوُجُودِ التَّسْلِيطِ مِنْهُمَا وَعَلَى بَائِعِ الصَّبِيِّ رَدُّ الثَّمَنِ لِوَلِيِّهِ فَلَوْ رَدَّهُ لِلصَّبِيِّ وَلَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ، وَهُوَ مِلْكُ الصَّبِيِّ لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ نَعَمْ إنْ رَدَّهُ بِإِذْنِهِ وَلَهُ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِبَدَنِهِ كَمَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ وَنَحْوِهِمَا بَرِئَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ قَالَ مَالِكُ وَدِيعَةٍ سَلِّمْ وَدِيعَتِي لِلصَّبِيِّ أَوْ أَلْقِهَا فِي الْبَحْرِ فَفَعَلَ بَرِئَ لِامْتِثَالِ أَمْرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ دَيْنًا إذْ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ وَلَوْ أَعْطَى صَبِيٌّ دِينَارًا لِمَنْ يَنْقُدُهُ أَوْ مَتَاعًا لِمَنْ يُقَوِّمُهُ ضَمِنَ الْآخِذُ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ لِوَلِيِّهِ إنْ كَانَ مِلْكَ الصَّبِيِّ أَوْ لِمَالِكِهِ إنْ كَانَ لِغَيْرِهِ وَلَوْ أَوْصَلَ صَبِيٌّ هَدِيَّةً إلَى غَيْرِهِ، وَقَالَ هِيَ مِنْ زَيْدٍ مَثَلًا أَوْ أَخْبَرَ بِالْإِذْنِ بِالدُّخُولِ عُمِلَ بِخَبَرِهِ مَعَ مَا يُفِيدُ الْعِلْمَ أَوْ الظَّنَّ مِنْ قَرِينَةٍ وَكَالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ الْفَاسِقُ. اهـ. نِهَايَةٌ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا أَنَّهُ جَرَى عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَيَغْرَمُ بَعْدَ الْبُلُوغِ. اهـ.
قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر أَوْ اقْتَرَضَهُ وَمِثْلُهُمَا مَا يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ مِنْ الْعُقُودِ، وَقَوْلُهُ: م ر بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي بَابِ الْحَجْرِ، وَقَوْلُهُ: م ر وَلَمْ يَأْذَنْ الْوَلِيَّانِ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ، وَأَقَرَّهُ وَلَوْ قِيلَ بِالضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا، وَقَوْلُهُ: م ر ضَمِنَ كُلٌّ إلَخْ أَيْ لِعَدَمِ إذْنِ الْوَلِيِّ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَثْبُتُ الْبَدَلُ فِي ذِمَّةِ الصَّبِيِّ وَيُؤَدِّي الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ، وَقَوْلُهُ: م ر فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا أَيْ الْوَلِيَّيْنِ أَوْ بِإِذْنِ أَحَدِهِمَا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ فِيمَا أَذِنَ فِيهِ لِمُوَلِّيهِ، وَقَوْلُهُ: م ر، وَهُوَ مِلْكُ الصَّبِيِّ أَيْ أَمَّا إذَا كَانَ مِلْكَ الْوَلِيِّ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ هُوَ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ، وَقَوْلُهُ: م ر نَعَمْ إنْ رَدَّهُ أَيْ الْبَائِعُ بِإِذْنِهِ أَيْ الْوَلِيِّ، وَقَوْلُهُ: م ر وَلَهُ أَيْ الصَّبِيِّ، وَقَوْلُهُ: بَرِئَ أَيْ الْبَائِعُ، وَقَوْلُهُ: م ر سَلِّمْ وَدِيعَتِي لِلصَّبِيِّ أَيْ سَوَاءٌ عَيَّنَهُ أَوْ أَطْلَقَ، وَقَوْلُهُ: م ر فَفَعَلَهُ بَرِئَ أَيْ، وَإِنْ أَثِمَ فَلَوْ أَنْكَرَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ الْإِذْنَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَقَوْلُهُ: م ر بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ دَيْنًا أَيْ فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ وَكَالدَّيْنِ خُبْزُ الْوَظَائِفِ وَدَرَاهِمُ الْجَامِكِيَّةِ إذَا دَفَعَهُمَا مَنْ هُمَا تَحْتَ يَدِهِ لِلصَّبِيِّ، وَقَوْلُهُ: م ر عُمِلَ بِخَبَرِهِ أَيْ فَإِنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَرَدُّ بَدَلِهِ إنْ كَانَ تَالِفًا، وَقَوْلُهُ: م ر وَكَالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي إيصَالِ الْهَدِيَّةِ وَالْإِخْبَارِ بِالدُّخُولِ، وَقَوْلُهُ: م ر وَالْفَاسِقُ وَمِثْلُهُ الْكَافِرُ. اهـ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (وَعَدَمُ الْإِكْرَاهِ بِغَيْرِ حَقٍّ) وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِ الْمُكْرَهِ بِغَيْرِ حَقٍّ إلَّا فِي الصَّلَاةِ فَتَبْطُلُ بِهِ فِي الْأَصَحِّ وَلَا لِفِعْلِهِ إلَّا فِي الرَّضَاعِ وَالْحَدَثِ وَالتَّحَوُّلِ عَنْ الْقِبْلَةِ وَتَرْكِ الْقِيَامِ فِي الْفَرِيضَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ وَكَذَا الْقَتْلُ وَنَحْوُهُ فِي الْأَصَحِّ وَكُلُّ هَذَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَيَرُدُّ عَلَى الْأَوَّلِ مَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى طَلَاقِ زَوْجَةِ نَفْسِهِ أَوْ بَيْعِ مَالِهِ أَوْ عِتْقِ عَبْدِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ. وَعَلَى الثَّانِي مَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ أَوْ أَكْلِهِ أَوْ تَسْلِيمِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ، وَمَا لَوْ أَكْرَهَ مَجُوسِيٌّ مُسْلِمًا عَلَى ذَبْحِ شَاةٍ أَوْ مُحْرِمٌ حَلَالًا عَلَى ذَبْحِ صَيْدٍ فَذَبَحَهُ عَنْهُ يَحِلُّ وَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى غَسْلِ مَيِّتٍ لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِ غَسْلُهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى وَطْءِ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ فَأَحْبَلَهُمَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَسْتَقِرُّ لِلزَّوْجَةِ بِهِ الْمَهْرُ وَلِلْأَمَةِ أُمَيَّةُ الْوَلَدِ وَحَلَّتْ الزَّوْجَةُ لِلْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا وَمَا لَوْ حَضَرَ الْمُحْرِمُ عَرَفَةَ مُكْرَهًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ وُقُوفُهُ اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يَصِحُّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَيْسَ مِنْهُ إلَى بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ مُكْرَهٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَمَحَلُّهُ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ مُكْرَهٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ إيقَاعَ الْبَيْعِ وَالْأَصَحُّ كَمَا بَحَثَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute