بَيْنَ الْأَشْيَاءِ أَوْ خُلِقَ أَعْمَى (فَلَا) يَصِحُّ سَلَمُهُ وَلَهُ شِرَاءُ نَفْسِهِ، وَإِيجَارُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْهَلُهَا وَبَيْعُ مَا رَآهُ قَبْلَ الْعَمَى إنْ ذَكَرَ أَوْصَافَهُ، وَهُوَ مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا كَمَا مَرَّ.
(فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ حُدُودِ الدَّارِ الْأَرْبَعَةِ وَيَكْفِي ثَلَاثَةٌ إنْ تَمَيَّزَتْ بِهَا وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّهَا إنْ رُئِيَتْ لَمْ يَحْتَجْ لِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ الْحُدُودِ، وَإِلَّا لَمْ يَكْفِ إلَّا ذِكْرُ كُلِّهَا وَيُرَدُّ بِأَنْ يَرَى لَهُ جُمْلَةَ دُورٍ ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يَبِيعَهُ بَعْضَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مُمَيِّزِهَا وَلَوْ حَدَّيْنِ عَلَى الْأَوْجُهِ وَلِلشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا فِي بَيْعِ الْمَاءِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ قَرَارِهِ مَا يُوهِمُ التَّنَاقُضَ فِي أَبْوَابٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَقَدْ بَيَّنْت مَا فِي ذَلِكَ فِي تَأْلِيفٍ مُسْتَقِلٍّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَاءِ مِنْ نَحْوِ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ وَحْدَهُ مُطْلَقًا لِلْجَهْلِ بِهِ، وَأَنَّ مَحَلَّ نَبْعِ الْمَاءِ إنْ مُلِكَ وَوَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى قَرَارِهِ أَوْ بَعْضٍ مِنْهُ مُعَيَّنٍ صَحَّ وَدَخَلَ الْمَاءُ كُلُّهُ أَوْ مَا يَخُصُّ ذَلِكَ الْمُعَيَّنَ
ــ
[حاشية الشرواني]
الْإِقَالَةِ مِنْ الْعِلْمِ بِالْمُقَايَلِ فِيهِ بَعْدَ نَصِّهِ عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ، وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. اهـ.
قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ لَعَلَّهُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ الْإِقَالَةِ مِنْ الْأَعْمَى مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ، وَقَوْلُهُ: م ر، وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ إلَخْ أَيْ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ، وَقِيَاسُ بُطْلَانِ الْإِقَالَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ عَدَمُ نُفُوذِ الْفَسْخِ مِنْهُ بِغَيْرِ لَفْظِ الْإِقَالَةِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْإِقَالَةَ تَسْتَدْعِي التَّوَافُقَ عَلَيْهَا مِنْ الْمُتَقَايِلَيْنِ وَلَا كَذَلِكَ الْفَسْخُ فَإِنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِهِ مَنْ ثَبَتَ لَهُ مَا يَجُوزُ. اهـ. ع ش وَفِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَبِهِ يُعْلَمُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْأَشْيَاءِ) إلَى الْفَرْعِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ سَلَمُهُ) أَيْ لِانْتِفَاءِ مَعْرِفَتِهِ بِالْأَشْيَاءِ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ يَعْرِفُهُ بِالسَّمَاعِ وَيُتَخَيَّلُ فَرْقًا بَيْنَهَا كَبَصِيرٍ يُسَلِّمُ فِيمَا لَمْ يَكُنْ رَآهُ كَأَهْلِ خُرَاسَانَ فِي الرُّطَبِ، وَأَهْلِ بَغْدَادَ فِي الْمَوْزِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: شِرَاءُ نَفْسِهِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْكِتَابَةَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَهُ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ عَلَى الْأَصَحِّ تَغْلِيبًا لِلْعِتْقِ، وَأَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ وَنَحْوَهَا. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَهُ شِرَاءُ نَفْسِهِ) أَيْ وَلَوْ لِغَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عَنْ الْغَيْرِ وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّا تَوَقَّفَ فِيهِ سم عَلَى حَجّ مِنْ أَنَّ هَذَا عَقْدُ عَتَاقَةٍ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ وَتَكْفِي الرُّؤْيَةُ قَبْلَ الْعَقْدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُرِيَ) بِبِنَاءِ الْفَاعِلِ مِنْ الْإِرَاءَةِ وَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُرِيدَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ يُرِيَ لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَدَّيْنِ) بَلْ وَلَوْ حَدًّا فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنَّهُ قَدْ يُمَيِّزُهَا. اهـ سم أَقُولُ بَلْ وَلَوْ نَحْوَ حَارَتِهَا وَزُقَاقِهَا بِشَرْطِهِ (قَوْلُهُ: وَلِلشَّيْخَيْنِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَمِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى مَعَ عَدَمِ صِحَّتِهِ بَيْعُ نَصِيبٍ مِنْ الْمَاءِ الْجَارِي مِنْ نَهْرٍ وَنَحْوِهِ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِهِ وَلِأَنَّ الْجَارِيَ إنْ كَانَ غَيْرَ مَمْلُوكٍ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ لِاخْتِلَاطِ غَيْرِ الْمَبِيعِ بِهِ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْقَنَاةَ أَوْ سَهْمًا مِنْهَا فَإِذَا مَلَكَ الْقَرَارَ كَانَ أَحَقَّ بِالْمَاءِ، وَإِنْ اشْتَرَى الْقَرَارَ مَعَ الْمَاءِ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا فِيهِمَا لِلْجَهَالَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي أَبْوَابٍ مُتَعَدِّدَةٍ) الْأَسْبَكُ تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ مَا يُوهِمُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ) خَرَجَ بِهِ مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهِ أَمَّا الْمُحَرَّزُ فِي إنَاءٍ أَوْ حَوْضٍ بَيْعُهُ صَحِيحٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَلْيَكُنْ عُمْقُ الْحَوْضِ مَعْلُومًا. انْتَهَى. اهـ. سم (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ جَارِيًا أَوْ رَاكِدًا وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ عَقِبَ قَوْلِ الرَّوْضِ مَاءُ الْبِئْرِ وَالْقَنَاةِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ وَيَخْتَلِطُ. اهـ. مِمَّا نَصُّهُ: نَعَمْ إنْ بَاعَهُ بِشَرْطِ أَخْذِهِ الْآنَ صَحَّ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَاقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ. انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الرَّاكِدِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: صَحَّ وَدَخَلَ الْمَاءُ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ الْمَاءُ الَّذِي يَحْدُثُ بِخِلَافِ الْمَوْجُودِ فَلِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْهَلُهَا) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ مَعَ كَوْنِ شِرَاءِ نَفْسِهِ عَقْدَ عَتَاقَةٍ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الزَّرْكَشِيّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَدَّيْنِ) بَلْ وَلَوْ حَدًّا فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنَّهُ قَدْ يُمَيِّزُهَا (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ) خَرَجَ مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ بِقَوْلِهِ أَمَّا الْمُحَرَّزُ فِي إنَاءٍ أَوْ حَوْضٍ فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَلْيَكُنْ عُمْقُ الْحَوْضِ مَعْلُومًا وَعِبَارَتُهَا قُبَيْلَ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَاءُ فِي إنَاءٍ أَوْ حَوْضٍ مَثَلًا مُجْتَمِعًا فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ مُنْفَرِدًا وَتَابِعًا. انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ جَارِيًا أَوْ رَاكِدًا يُسْتَثْنَى مَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ عَقِبَ قَوْلِ الرَّوْضِ مَاءُ الْبِئْرِ وَالْقَنَاةِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ وَيَخْتَلِطُ. انْتَهَى. مِمَّا نَصُّهُ نَعَمْ إنْ بَاعَهُ بِشَرْطِ أَخْذِهِ الْآنَ صَحَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَاقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ. انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الرَّاكِدِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ ثَمَّ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ بَاعَ مِنْهُ أَيْ مِنْ مَاءِ الْبِئْرِ وَالْقَنَاةِ فِيهِمَا آصُعًا فَإِنْ كَانَ جَارِيًا لَمْ يَصِحَّ إذْ لَا يُمْكِنُ رَبْطُ الْعَقْدِ بِمِقْدَارٍ، وَإِنْ كَانَ رَاكِدًا، وَقُلْنَا: إنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ قُلْنَا مَمْلُوكٌ فَقَالَ الْقَفَّالُ لَا يَصِحُّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ فَيَخْتَلِطُ الْمَبِيعُ وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ كَبَيْعِ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فَقَلِيلَةٌ فَلَا تَضُرُّ كَمَا لَوْ بَاعَ الْقَتَّ فِي الْأَرْضِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَكَمَا لَوْ بَاعَ صَاعًا مِنْ صُبْرَةٍ وَصَبَّ عَلَيْهَا صُبْرَةً أُخْرَى فَإِنَّ الْبَيْعَ بِحَالِهِ وَيَبْقَى مَا بَقِيَ صَاعٌ مِنْ الصُّبْرَةِ. انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ صِحَّةُ الْبَيْعِ فِي الْآصُعِ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ أَخْذَهَا فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الْكُلِّ وَكَأَنَّ وَجْهَ ذَلِكَ قِلَّةُ الزِّيَادَةِ وَكَثْرَتُهَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: صَحَّ وَدَخَلَ الْمَاءُ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ الْمَاءُ الَّذِي يَحْدُثُ بِخِلَافِ الْمَوْجُودِ فَلِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْرِطَ دُخُولَهُ بَلْ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ إلَّا بِشَرْطِ دُخُولِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ قُبَيْلَ الْوَقْفِ وَلَوْ بَاعَ بِئْرَ الْمَاءِ، وَأَطْلَقَهُ أَوْ بَاعَ دَارًا فِيهَا بِئْرٌ جَازَ ثُمَّ إنْ قُلْنَا بِمِلْكِ الْمَوْجُودِ حَالَ الْبَيْعِ يَبْقَى لِلْبَائِعِ وَمَا يَحْدُثُ لِلْمُشْتَرِي قَالَ الْبَغَوِيّ وَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ حَتَّى يَشْتَرِطَ أَنَّ الْمَاءَ الظَّاهِرَ لِلْمُشْتَرِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute