(تَنْبِيهٌ) يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمَا الْمَذْكُورِ أَنَّ مَحَلَّ امْتِنَاعِ بَيْعِ الشَّيْءِ بِمَا اُتُّخِذَ مِنْهُ مَا لَمْ يَكُونَا كَامِلَيْنِ أَوْ يَفْرُطْ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا فِيمَا ذُكِرَ (وَ) تُعْتَبَرُ (فِي اللَّبَنِ) أَيْ فِي مَاهِيَّةِ هَذَا الْجِنْسِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى لَبَنٍ وَغَيْرِهِ (لَبَنًا أَوْ سَمْنًا أَوْ مَخِيضًا) بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهَا (صَافِيًا) مِنْ الْمَاءِ مَثَلًا فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ أَنْوَاعِ اللَّبَنِ الَّذِي لَمْ يُغْلَ بِالنَّارِ بِبَعْضٍ كَيْلًا بَعْدَ سُكُونِ رَغْوَتِهِ وَإِنْ كَانَ الْخَاثِرُ أَثْقَلَ وَزْنًا أَمَّا مَا فِيهِ مَاءٌ فَلَا يُبَاعُ بِمِثْلِهِ وَلَا بِخَالِصٍ وَقَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ بِغَيْرِ مَاءٍ يَسِيرٍ وَيَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى يَسِيرٍ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْكَيْلِ.
قَالَ وَيُعْتَبَرُ فِي الْمَخِيضِ الْخَالِي مِنْ الْمَاءِ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ زُبْدٌ وَإِلَّا لَمْ يُبَعْ بِمِثْلِهِ وَلَا زُبْدٌ وَلَا بِسَمْنٍ لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ لَا لِعَدَمِ كَمَالِهِ اهـ
ــ
[حاشية الشرواني]
غَفْلَةٌ عَنْ رَدِّ السُّبْكِيّ تَجْوِيزَ الشَّيْخَيْنِ الْمَذْكُورَ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ إنَّهُمَا تَبِعَا مَا رَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَإِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ ابْنِ الصَّبَّاغِ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَأَنَّ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ اهـ فَكَيْفَ يَرِدُ عَلَى السُّبْكِيّ تَجْوِيزُ الشَّيْخَيْنِ مَعَ رَدِّهِ لَهُ وَتَصْحِيحِهِ خِلَافَهُ فَتَأَمَّلْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ تَجْوِيزَ الشَّيْخَيْنِ الْمَذْكُورَ قِيَاسُهُ تَجْوِيزُ بَيْعِ التَّمْرِ بِعَصِيرِ الرُّطَبِ وَبِخَلِّهِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ بَلْ قَدْ يُقَالُ قِيَاسُهُ أَيْضًا تَجْوِيزُ بَيْعِ التَّمْرِ بِخَلِّهِ وَالزَّبِيبِ بِخَلِّهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَامِلَيْنِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ مَعَ جَوَازِ بَيْعِ عَصِيرِ الْعِنَبِ بِخَلِّهِ يَمْتَنِعُ بَيْعُ الْعِنَبِ بِخَلِّهِ مَعَ أَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ خَلِّهِ مِنْ عَصِيرِهِ عَنْ خَلِّهِ اهـ سم (قَوْلُهُ: أَيْ فِي مَاهِيَّةِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَإِذَا جَمَعْت فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ عَلَى أَنَّ كُمُونَ إلَى ثُمَّ جَعَلَ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي مَاهِيَّةِ هَذَا إلَخْ) إنَّمَا فَسَّرَ بِهِ لِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ بَعْدُ لَبَنًا أَوْ سَمْنًا إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ (لَبَنًا) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ حَالَانِ بِتَأْوِيلِ الْأَوَّلِ بِبَاقِيًا عَلَى حَالِهِ وَالثَّانِي بِصَائِرًا سَمْنًا أَوْ مَخِيضًا.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْمَاءِ مَثَلًا) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لَبَنًا خَالِصًا غَيْرَ مَشُوبٍ بِمَاءٍ أَوْ إنْفَحَةٍ أَوْ مِلْحٍ وَغَيْرِ مَغْلِيٍّ بِالنَّارِ أَوْ سَمْنًا خَالِصًا مُصَفًّى بِشَمْسٍ أَوْ نَارٍ فَإِنَّهُ لَا يَتَأَثَّرُ بِالنَّارِ تَأْثِيرَ انْعِقَادٍ وَنُقْصَانٍ أَوْ مَخِيضًا صَافِيًا أَيْ خَالِصًا عَنْ الْمَاءِ وَالْمَخِيضُ مَا نُزِعَ زُبْدُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: الَّذِي لَمْ يُغْلَ بِالنَّارِ) أَيْ فَيُبَاعُ اللَّبَنُ الَّذِي لَمْ يُنْزَعْ زُبْدُهُ بِمِثْلِهِ وَلَا يُبَاعُ بِالسَّمْنِ وَلَا بِالزُّبْدِ وَلَا بِالْمَخِيضِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ لِأَنَّ اللَّبَنَ يَشْتَمِلُ عَلَى الْمَخِيضِ وَالسَّمْنِ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُبَاعَ الزُّبْدُ بِالْمَخِيضِ لِاشْتِمَالِ الزُّبْدِ عَلَى سَمْنٍ وَمَخِيضٍ لَكِنْ نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الْخَادِمِ عَنْ الْإِمَامِ جَوَازَهُ وَتَوَقَّفَ فِيهِ وَجَزَمَ الزِّيَادِيُّ بِمَا قَالَهُ الْإِمَامُ اهـ ع ش وَسَيَأْتِي عَنْ سم تَوْجِيهُ عَدَمِ بَيْعِ الْمَخِيضِ بِالزُّبْدِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْخَاثِرُ أَثْقَلَ) هُوَ بِالْمُثَلَّثَةِ مَا بَيْنَ الْحَلِيبِ وَالرَّائِبِ وَلَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ تَفَاوُتُ الْحُمُوضَةِ فِي أَحَدِهِمَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ عَدَمِ الضَّرَرِ فِي الْخَاثِرِ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِعَدَمِ انْضِمَامِ شَيْءٍ إلَيْهِ بِأَنْ ضَرَّ بِنَفْسِهِ وَإِلَّا يَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ لِمُخَالَطَةِ الْإِنْفَحَةِ إلَخْ حَيْثُ جَعَلَ ذَلِكَ عِلَّةً لِلْبُطْلَانِ اهـ ع ش وَقَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي إلَخْ قَدْ مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا فِيهِ مَاءٌ) أَيْ مَثَلًا فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ خَلَطَ بِالسَّمْنِ غَيْرَهُ مِمَّا لَا يُقْصَدُ لِلْبَيْعِ مَعَ السَّمْنِ كَالدَّقِيقِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَخْلُوطِ بِهِ لَا بِمِثْلِهِ وَلَا بِدَرَاهِمَ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ نَقْدَانِ.
(فَائِدَةٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ بَيْعِ الدَّقِيقِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى النُّخَالَةِ بِالدَّرَاهِمِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى النُّخَالَةِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الصِّحَّةُ لِأَنَّ النُّخَالَةَ قَدْ تُقْصَدُ أَيْضًا لِلدَّوَابِّ وَنَحْوِهَا وَيُمْكِنُ تَمْيِيزُهَا مِنْ الدَّقِيقِ بِخِلَافِ اللَّبَنِ الْمَخْلُوطِ بِالْمَاءِ فَإِنَّ مَا فِي اللَّبَنِ مِنْ الْمَاءِ لَا يُقْصَدُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَحْدَهُ أَلْبَتَّةَ لِتَعَذُّرِ تَمْيِيزِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بِمِثْلِهِ وَلَا بِخَالِصٍ) قَدْ يُشْعِرُ بِصِحَّةِ بَيْعِهِ بِنَقْدٍ مَعَ أَنَّ اللَّبَنَ الْمَشُوبَ بِالْمَاءِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ فَرَاجِعْهُ اهـ سم عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ وَع ش قَوْلُهُ: فَلَا يُبَاعُ بِمِثْلِهِ وَلَا بِخَالِصٍ أَيْ وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالدَّرَاهِمِ كَمَا مَرَّ فِي كَلَامِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: عَلَى يَسِيرٍ لَا يُؤَثِّرُ إلَخْ) أَيْ أَوْ عَلَى شَيْءٍ قُصِدَ بِهِ حُمُوضَتُهُ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِهِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْعِرَاقِيِّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: فِيهِ زُبْدٌ) أَيْ مُتَمَيِّزٌ لَا كَامِنٌ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي عَلَى أَنَّ كُمُونَ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم وَيَأْتِي عَنْ الْبَصْرِيِّ مِثْلُهُ وَعَنْ ع ش جَوَابٌ آخَرُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا بِزُبْدٍ وَلَا بِسَمْنٍ لِأَنَّهُ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَخِيضَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ زُبْدٌ جَازَ بَيْعُهُ بِالزُّبْدِ وَبِالسَّمْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الثَّانِي وَقَدْ صَرَّحَ فِي الرَّوْضِ بِأَنَّ السَّمْنَ وَالْمَخِيضَ جِنْسَانِ دُونَ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الزُّبْدَ لَا يَخْلُو عَنْ الْمَخِيضِ فَيَكُونُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ أَنْ عَلَّلَ امْتِنَاعَ بَيْعِ الزُّبْدِ بِالزُّبْدِ وَبِالسَّمْنِ وَبِاللَّبَنِ وَبِسَائِرِ مَا يَتَّخِذُهُ مِنْهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الزُّبْدَ لَا يَخْلُو
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَالَ إنَّهُمَا تَبِعَا مَا رَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَأَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ ابْنِ الصَّبَّاغِ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَأَنَّ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ قَالَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِمَا بِحَالَةِ الْكَمَالِ أَنْ يَكُونَا جِنْسَيْنِ وَقَدْ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ بِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ التَّمْرِ بِعَصِيرِ الرُّطَبِ وَكَذَا بِخَلِّهِ اهـ فَكَيْفَ يَرِدُ عَلَى السُّبْكِيّ تَجْوِيزُ الشَّيْخَيْنِ مَعَ رَدِّهِ لَهُ وَتَصْحِيحِهِ خِلَافَهُ فَتَأَمَّلْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ تَجْوِيزَ الشَّيْخَيْنِ الْمَذْكُورَ قِيَاسُهُ تَجْوِيزُ بَيْعِ التَّمْرِ بِعَصِيرِ الرُّطَبِ وَخَلِّهِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ بَلْ قَدْ يُقَالُ قِيَاسُهُ أَيْضًا تَجْوِيزُ بَيْعِ التَّمْرِ بِخَلِّهِ وَالزَّبِيبِ بِخَلِّهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كَامِلَيْنِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ مَعَ جَوَازِ بَيْعِ عَصِيرِ الْعِنَبِ بِخَلِّهِ يَمْتَنِعُ بَيْعُ الْعِنَبِ بِخَلِّهِ مَعَ أَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ خَلِّهِ مِنْ عَصِيرِهِ عَنْ خَلِّهِ.
(قَوْلُهُ: بِمِثْلِهِ وَلَا بِخَالِصٍ) قَدْ يُشْعِرُ بِصِحَّةِ بَيْعِهِ بِنَقْدٍ مَعَ أَنَّ اللَّبَنَ الْمَشُوبَ بِالْمَاءِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: فِيهِ زُبْدٌ) أَيْ مُتَمَيِّزٌ لَا كَامِنٌ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي عَلَى أَنَّ كُمُونَ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا بِزُبْدٍ وَلَا بِسَمْنٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَخِيضَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ زُبْدٌ جَازَ بَيْعُهُ بِالزُّبْدِ وَبِالسَّمْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ