لِمُخَالَطَةِ الْإِنْفَحَةِ أَوْ الْمِلْحِ أَوْ الدَّقِيقِ أَوْ الْمَخِيضِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ كُلٍّ مِنْهَا بِمِثْلِهِ وَلَا بِخَالِصٍ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ وَلَا بَيْعُ زُبْدٍ بِسَمْنٍ وَلَا لَبَنٍ بِمَا اُتُّخِذَ مِنْهُ كَسَمْنٍ وَمَخِيضٍ.
(وَلَا تَكْفِي مُمَاثَلَةُ مَا أَثَّرَتْ فِيهِ النَّارُ بِالطَّبْخِ) كَاللَّحْمِ (أَوْ الْقَلْيِ) كَالسِّمْسِمِ (أَوْ الشَّيِّ) كَالْبَيْضِ أَوْ الْعَقْدُ كَالدِّبْسِ وَالسُّكَّرِ وَالْفَانِيدِ وَاللِّبَا فَلَا يُبَاعُ بَعْضٌ مِنْهَا بِمِثْلِهِ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ بِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِ النَّارِ فِيهَا وَإِنَّمَا صَحَّ السَّلَمُ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ لِلَطَافَةِ نَارِهَا أَيْ انْضِبَاطِهَا لِأَنَّهُ أَوْسَعُ وَخَرَجَ بِالطَّبْخِ وَمَا بَعْدَهُ الْغَلْيُ فِي الْمَاءِ فَيُبَاعُ مَاءٌ مَغْلِيٌّ بِمِثْلِهِ (وَلَا يَضُرُّ تَأْثِيرُ تَمْيِيزٍ) بِالنَّارِ (كَالْعَسَلِ وَالسَّمْنِ) يُمَيَّزَانِ بِهَا عَنْ الشَّمْعِ وَاللَّبَنِ فَيُبَاعُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ بَعْدَ التَّمْيِيزِ لَا قَبْلَهُ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ عَقَدَتْ النَّارُ أَجْزَاءَ السَّمْنِ أَيْ إنْ تُصُوِّرَ ذَلِكَ لَمْ يُبَعْ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ (وَإِذَا جُمِعَتْ الصَّفْقَةُ) أَيْ عَقْدُ الْبَيْعِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْعَاقِدَيْنِ كَانَ يَصْفِقُ يَدَ الْآخَرِ عِنْدَ الْبَيْعِ وَخَرَجَ بِهَذَا تَعَدُّدُهَا بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ
ــ
[حاشية الشرواني]
الْغَلِيظُ وَالْمَخِيضُ اللَّبَنُ الَّذِي أُخِذَ زُبْدُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِمُخَالَطَةِ الْإِنْفَحَةِ إلَخْ) نَشْرٌ عَلَى تَرْتِيبِ اللَّفِّ وَالْإِنْفَحَةُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَيُقَالُ مِنْفَحَةٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ مَعَ فَتْحِ الْفَاءِ شَيْءٌ يُؤْخَذُ مِنْ كَرِشِ الْجَدْيِ مَثَلًا أَصْفَرُ مَا دَامَ يَرْضِعُ فَيُوضَعُ عَلَى اللَّبَنِ فَيَجْمُدُ (قَوْلُهُ: أَوْ الدَّقِيقِ) كَأَنَّ مُرَادَهُ بِهِ فُتَاتٌ لَطِيفٌ يَحْصُلُ مِنْ اللَّبَنِ عِنْدَ جَعْلِهِ فِي الْحَصِيرِ وَإِرَادَةِ جَعْلِهِ جُبْنًا وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ الْمُرَادُ دَقِيقُ الْبُرِّ لِأَنَّ الْأَقِطَ لَبَنٌ يُضَافُ إلَيْهِ دَقِيقٌ فَيَجْمُدُ فَإِذَا وُضِعَ عَلَى الْحَصِيرِ الَّتِي يُعْصَرُ عَلَيْهَا سَالَ مِنْهُ الْمَصْلُ مَخْلُوطًا بِالدَّقِيقِ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا بِخَالِصٍ) أَيْ بِلَبَنٍ خَالِصٍ (وَقَوْلُهُ: وَلَا بَيْعُ زُبْدٍ بِسَمْنٍ) أَيْ وَلَا بَيْعُ سَمْنٍ بِجُبْنٍ اهـ ع ش قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ وَاعْتَمَدَ الْبَابِلِيُّ صِحَّةَ بَيْعِ الزُّبْدِ بِالدَّرَاهِمِ تَبَعًا لِشَيْخِهِ بَعْدَ إفْتَائِهِ بِالْمَنْعِ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَالدِّبْسِ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَبِكِسْرَتَيْنِ عَسَلُ التَّمْرِ وَعَسَلُ النَّحْلِ قَامُوسٌ وَفِي الْمُخْتَارِ أَنَّهُ عَصِيرُ الرُّطَبِ وَقِيلَ عَصِيرُ الْعِنَبِ إذَا طُبِخَ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَالْفَانِيدِ) وَهُوَ عَسَلُ الْقَصَبِ الْمُسَمَّى بِالْمُرْسَلِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالسُّكَّرِ) وَفِي الرَّوْضِ وَلِلْمَعْقُودِ بِالنَّارِ كَالسُّكَّرِ وَالْفَانِيدِ وَاللِّبَا حُكْمُ الْمَطْبُوخِ وَفِي شَرْحِهِ فَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهَا بِمِثْلِهِ وَلَا بِأَصْلِهِ وَلَا بِسَائِرِ مَا يُتَّخَذُ مِنْ أَصْلِهِ اهـ وَقَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ بَيْعِ السُّكَّرِ بِالْفَانِيدِ لِأَنَّهُ مُتَّخَذٌ مِنْ أَصْلِهِ وَهُوَ الْقَصَبُ لَكِنْ يُخَالِفُ قَوْلَ الرَّوْضِ بَعْدَ ذَلِكَ وَالسُّكْرُ وَالْفَانِيدُ جِنْسَانِ اهـ إذْ قَضِيَّةُ كَوْنِهِمَا جِنْسَيْنِ جَوَازُ بَيْعِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْجِنْسَيْنِ فَلَا يَضُرُّ تَأْثِيرُ النَّارِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ أَنَّ أَصْلَ أَحَدِهِمَا غَيْرُ أَصْلِ الْآخَرِ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِ شَرْحِهِ كَوْنَهُمَا جِنْسَيْنِ بِاخْتِلَافِ قَصَبِهِمَا لِأَنَّ الْفَانِيدَ يُتَّخَذُ مِنْ قَصَبٍ قَلِيلِ الْحَلَاوَةِ كَأَعَالِي الْعِيدَانِ وَالسُّكَّرَ يُطْبَخُ مِنْ أَسَافِلِهَا وَأَوْسَاطِهَا لِشِدَّةِ حَلَاوَتِهِمَا انْتَهَى وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَّخَذٌ مِنْ أَصْلِ الْآخَرِ لِاخْتِلَافِ أَصْلِهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ الدِّبْسِ إلَخْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لِلَطَافَةِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلصِّحَّةِ (وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَوْسَعُ) عِلَّةُ الصِّحَّةِ لِلَطَافَةٍ اهـ سم أَيْ عِلَّةٌ لِعِلِّيَّةِ اللَّطَافَةِ لِلصِّحَّةِ وَاقْتَصَرَ الْمُغْنِي عَلَى الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ وَعَطَفَهَا النِّهَايَةُ عَلَى الْأُولَى وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَظْهَرُ وَأَحْسَنُ مِمَّا سَلَكَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: الْغَلْيُ فِي الْمَاءِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَا أَثَّرَتْ أَيْ النَّارُ فِيهِ الْحَرَارَةُ فَقَطْ كَالْمَاءِ الْمَغْلِيِّ فَيُبَاعُ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (كَالْعَسَلِ إلَخْ) أَيْ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَإِنَّ النَّارَ فِيهِمَا لِتَمْيِيزِ الْغِشِّ وَهِيَ لَطِيفَةٌ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لَوْ عَقَدَتْ النَّارُ) يَتَأَتَّى مِثْلُهُ فِي الْعَسَلِ وَتَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ (قَوْلُهُ: أَيْ عَقْدُ الْبَيْعِ) إلَى قَوْلِهِ وَإِنَّمَا لَمْ تَجُرْ فِي بَيْعِ فَرَسٍ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَبَحَثَ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ: وَمَنْ زَعَمَ إلَى وَمِثْلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ عَقْدُ الْبَيْعِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَيْ الْبَيْعَةُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ أَحَدَ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَصْفِقُ يَدَهُ عَلَى يَدِ الْآخَرِ فِي عَادَةِ الْعَرَبِ اهـ.
(قَوْلُهُ: يَصْفِقُ) بَابُهُ ضَرَبَ مُخْتَارٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ بِجَمْعِ الصَّفْقَةِ الْمُفِيدِ لِوَحْدَةِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: تَعَدُّدُهَا بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ) لَا يُقَالُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَمَخِيضٍ) أَفَادَ امْتِنَاعَ بَيْعِ اللَّبَنِ بِالْمَخِيضِ وَيُخَالِفُهُ مَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى مَخِيضٍ نُزِعَ زُبْدُهُ وَذَاكَ عَلَى مَا زُبْدُهُ كَامِنٌ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: كَالدِّبْسِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلِلْمَعْقُودِ بِالنَّارِ كَالسُّكَّرِ وَالْفَانِيدِ وَاللِّبَا حُكْمُ الْمَطْبُوخِ قَالَ فِي شَرْحِهِ فَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهَا بِمِثْلِهِ وَلَا بِأَصْلِهِ وَلَا بِسَائِرِ مَا يُتَّخَذُ مِنْ أَصْلِهِ اهـ وَقَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ بَيْعِ السُّكْرِ بِالْفَانِيدِ لِأَنَّهُ مُتَّخَذٌ مِنْ أَصْلِهِ وَهُوَ الْقَصَبُ لَكِنْ هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَ الرَّوْضِ بَعْدَ ذَلِكَ وَالسُّكَّرُ وَالْفَانِيدُ جِنْسَانِ اهـ إذْ قَضِيَّةُ كَوْنِهِمَا جِنْسَيْنِ جَوَازُ بَيْعِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْجِنْسَيْنِ فَلَا يَضُرُّ تَأْثِيرُ النَّارِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ أَنَّ أَصْلَ أَحَدِهِمَا غَيْرَ أَصْلِ الْآخَرِ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِ شَرْحِهِ كَوْنَهُمَا جِنْسَيْنِ بِقَوْلِهِ لِاخْتِلَافِ قَصَبِهِمَا لِأَنَّ الْفَانِيدَ يُتَّخَذُ مِنْ قَصَبٍ قَلِيلِ الْحَلَاوَةِ كَأَعَالِي الْعِيدَانِ وَالسُّكَّرُ يُطْبَخُ مِنْ أَسَافِلِهَا وَأَوْسَاطِهَا لِشِدَّةِ حَلَاوَتِهَا اهـ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَّخَذٌ مِنْ أَصْلِ الْآخَرِ لِاخْتِلَافِ أَصْلِهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِلَطَافَةِ) عِلَّةُ الصِّحَّةِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَسَّعَ عِلَّةَ الصِّحَّةِ لِلَطَافَةٍ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَضُرُّ تَأْثِيرُ تَمْيِيزٍ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَلَا يَضُرُّ الْعَرْضُ عَلَى النَّارِ لِلتَّصْفِيَةِ وَلَوْ عَلَا وَمِعْيَارُهُ الْوَزْنُ اهـ وَقَوْلُهُ: وَمِعْيَارُهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ الْمَعْرُوضُ عَلَى النَّارِ لِلتَّصْفِيَةِ انْتَهَى وَمَا اقْتَضَاهُ مِنْ أَنَّ السَّمْنَ الْمَائِعَ الْمَعْرُوضَ مِعْيَارُهُ الْوَزْنُ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُبَاعُ السَّمْنُ بِالسَّمْنِ وَزْنًا بِخِلَافِ قَوْلِ الْبَغَوِيّ الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي مَائِعِ السَّمْنِ هُوَ الْكَيْلُ وَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
(قَوْلُهُ: تَعَدُّدُهَا بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ) لَا يُقَالُ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ لِبَيْعِ الدِّينَارِ بِفِضَّةٍ وَفُلُوسٍ