وَيَحْتَمِلُ التَّقْيِيدَ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنْ يُرِيدَ بَيْعَهُ بِسِعْرِ الْوَقْتِ الْحَاضِرِ فَيَسْأَلَهُ تَأْخِيرَهُ عَنْهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ التَّضْيِيقُ إلَّا حِينَئِذٍ لِأَنَّ النُّفُوسَ إنَّمَا تَتَشَوَّفُ لِلشَّيْءِ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ فَلَوْ أَرَادَ مَالِكُهُ تَأْخِيرَ زَمَنٍ فَسَأَلَهُ آخَرُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْهُ لَمْ يَحْرُمْ (فَيَقُولُ بَلَدِيٌّ) هُوَ مِثَالٌ أَيْضًا وَلَوْ تَعَدَّدَ الْقَائِلُونَ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا أَثِمُوا كُلُّهُمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (اُتْرُكْهُ عِنْدِي) مِثَالٌ أَيْضًا (لِأَبِيعَهُ) أَوْ لِيَبِيعَهُ فُلَانٌ مَعِي أَوْ بِنَظَرِي فِيمَا يَظْهَرُ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ (عَلَى التَّدْرِيجِ) أَيْ شَيْئًا فَشَيْئًا (بِأَغْلَى) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» وَوَقَعَ لِشَارِحٍ أَنَّهُ زَادَ فِيهِ فِي غَفَلَاتِهِمْ وَنَسَبَهُ لِمُسْلِمٍ وَهُوَ غَلَطٌ إذْ لَا وُجُودَ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي مُسْلِمٍ بَلْ وَلَا فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ كَمَا قَضَى بِهِ سَبْرُ مَا بِأَيْدِي النَّاسِ مِنْهَا وَأَفَادَ آخِرُهُ أَنَّ عِلَّةَ تَحْرِيمِهِ وَهُوَ خَاصٌّ بِالْقَائِلِ لِلْمَالِكِ ذَلِكَ وَلَا يُقَالُ هُوَ بِإِجَابَتِهِ مُعِينٌ لَهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ لِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ لَا تُوجَدَ الْمَعْصِيَةُ إلَّا مِنْهُمَا كَلَعِبِ شَافِعِيٍّ الشِّطْرَنْجَ مَعَ مَنْ يُحَرِّمُهُ وَمُبَايَعَةِ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ مَعَ مَنْ تَلْزَمُهُ بَعْدَ نِدَائِهَا وَهُنَا الْمَعْصِيَةُ تَمَّتْ قَبْلَ أَنْ يُجِيبَهُ الْمَالِكُ وَمَنْ صَوَّرَ مَا فِي الْمَتْنِ بِأَنْ يُجِيبَهُ لِذَلِكَ فَإِنَّمَا أَرَادَ التَّصْوِيرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ مَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ بِبَيْعِهِ سَعَةٌ فِي الْبَلَدِ بِخِلَافِ مَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إلَّا نَادِرًا وَمَا لَوْ قَصَدَ الْمَالِكُ بَيْعَهُ بِنَفْسِهِ تَدْرِيجًا فَسَأَلَهُ آخَرُ أَنْ يُفَوِّضَ لَهُ ذَلِكَ أَوْ سَأَلَهُ الْمَالِكُ أَوْ سَأَلَ هُوَ الْمَالِكَ أَنْ يَبِيعَ لَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ أَوْ اسْتَشَارَهُ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ الْأَصْلَحُ لَهُ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَلَوْ قَدَّمَ مَنْ يُرِيدُ الشِّرَاءَ فَتَعَرَّضَ لَهُ
ــ
[حاشية الشرواني]
أَنْ يَلْحَقَ بِذَلِكَ الِاخْتِصَاصَاتُ فِيمَا يَظْهَرُ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا وَأَنَّ مِثْلَ الْبَيْعِ الْإِجَارَةُ فَلَوْ أَرَادَ شَخْصٌ أَنْ يُؤَجِّرَ مَحِلًّا حَالًا فَأَرْشَدَهُ شَخْصٌ إلَى تَأْخِيرِ الْإِجَارَةِ لِوَقْتِ كَذَا كَزَمَنِ النِّيلِ مَثَلًا حَرُمَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إيذَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ اهـ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (تَعُمُّ الْحَاجَةُ) أَيْ حَاجَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ مَثَلًا بِأَنْ يَكُونَ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ بِبَيْعِهِ سَعَةٌ بِالْبَلَدِ لِقِلَّتِهِ أَوْ عُمُومِ وُجُودِهِ وَرُخْصِ السِّعْرِ أَوْ كِبَرِ الْبَلَدِ اهـ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر مَثَلًا نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ الْبَلَدَ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَأَنَّ جَمِيعَ أَهْلِ الْبَلَدِ لَيْسَ بِقَيْدٍ أَيْضًا وَسَوَاءٌ احْتَاجُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ أَوْ دَوَابِّهِمْ حَالًا أَوْ مَآلًا ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الطَّائِفَةِ الْمُحْتَاجَةِ إلَيْهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ التَّقْيِيدَ إلَخْ) وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِظُهُورِ الْعِلَّةِ فِيهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ لِمَا دَلَّ إلَخْ.
(وَقَوْلُهُ: أَنْ يُرِيدَ إلَخْ) بَدَلٌ مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِثَالٌ أَيْضًا) أَيْ أَوْ عِنْدَك أَوْ عِنْدَ زَيْدٍ اهـ سم (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ إلَخْ) وَالتَّعْبِيرُ بِمَعِي أَوْ نَظَرِي جَرَى عَلَى الْغَالِبِ حَتَّى لَوْ قَالَ اُتْرُكْهُ لِيَبِيعَهُ فُلَانٌ فَقَطْ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ انْتَهَى ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (بِأَغْلَى) قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ أَنَّ هَذَا أَيْضًا تَصْوِيرٌ لِأَنَّ التَّضْيِيقَ بِتَأْخِيرِ بَيْعِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَعَ الْغُلُوِّ اهـ سم عِبَارَةُ ع ش لَمْ يَتَعَرَّضْ حَجّ وَلَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ إلَى كَوْنِهِ قَيْدًا مُعْتَبَرًا أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا يَبِعْ حَاضِرٌ) يَصِحُّ عَرَبِيَّةً قِرَاءَتُهُ بِالرَّفْعِ وَالْجَزْمِ لَكِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الرِّوَايَةَ بِالْجَزْمِ وَيُوَافِقُهُ الرَّسْمُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: يَرْزُقُ) هُوَ بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَيَمْنَعُ الْكَسْرَ فَسَادُ الْمَعْنَى لِأَنَّ التَّقْدِيرَ عَلَيْهِ أَنْ تَدْعُوَا بِرِزْقِ اللَّهِ إلَخْ وَمَفْهُومُهُ إنْ لَمْ تَدْعُوَا لَا يَرْزُقُ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ رِزْقَ اللَّهِ النَّاسَ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى أَمْرٍ وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ تُعْلَمْ الرِّوَايَةُ وَأَمَّا إذَا عُلِمَتْ فَتَتَعَيَّنُ وَيَكُونُ مَعْنَاهَا عَلَى الْجَزْمِ إنْ تَدَعُوهُمْ يَرْزُقْهُمْ اللَّهُ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَإِنْ مَنَعْتُمُوهُمْ جَازَ أَنْ يَرْزُقَهُمْ اللَّهُ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَأَنْ يَرْزُقَهُمْ مِنْ غَيْرِهَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَوَقَعَ لِشَارِحٍ إلَخْ) أَقَرَّهُ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَقَالَ ابْنُ شُهْبَةَ زَادَ مُسْلِمٌ «دَعُوا النَّاسَ فِي غَفَلَاتِهِمْ» إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَفَادَ) إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ لِحَدِيثِ إلَى وَبَحَثَ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَاخْتَارَ إلَى وَبَحَثَ (قَوْلُهُ: آخِرُهُ) أَيْ دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ التَّحْرِيمُ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: لِلْمَالِكِ) أَيْ أَوْ نَائِبِهِ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ اُتْرُكْهُ إلَخْ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَالُ هُوَ) أَيْ الْمَالِكُ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ فَإِنْ قِيلَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ تَمْكِينُ الْمُحْرِمِ مِنْ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مِثْلَهُ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الْإِرْشَادِ إلَى التَّأْخِيرِ فَقَطْ وَقَدْ انْقَضَتْ لَا الْإِرْشَادُ مَعَ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ الْإِيجَابُ الصَّادِرُ مِنْهُ وَأَمَّا الْبَيْعُ فَلَا تَضْيِيقَ فِيهِ لَا سِيَّمَا إذَا صَمَّمَ الْمَالِكُ عَلَى مَا أَشَارَ بِهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يُبَاشِرْهُ الْمُشِيرُ إلَيْهِ بَاشَرَهُ غَيْرُهُ بِخِلَافِ تَمْكِينِ الْمَرْأَةِ الْحَلَالِ الْمُحْرِمَ مِنْ الْوَطْءِ فَإِنَّ الْمَعْصِيَةَ بِنَفْسِ الْوَطْءِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلَا يُقَالُ إلَخْ (قَوْلُهُ: شَرْطَهُ) أَيْ الْإِعَانَةِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ: مَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ) أَيْ كَالْمُسَافِرِ وَالْمَعْذُورِ (قَوْلُهُ: مَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ) خَبَرُ إنَّ عِلَّةُ تَحْرِيمِهِ اهـ سم (قَوْلُهُ: إلَّا نَادِرًا) أَيْ وَبِالْأَوْلَى إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ أَصْلًا وَانْظُرْ مَا مَعْنَى النُّدْرَةِ هَلْ هُوَ بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِ النَّاسِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْأَوْقَاتِ كَأَنْ تَعُمَّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الثَّانِي فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ طَائِفَةٌ يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ وَأَكْثَرُ أَهْلِهَا فِي غُنْيَةً عَنْهُ كَانَ مِمَّا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بِسِعْرِ يَوْمِهِ) أَيْ وَلَوْ عَلَى التَّدْرِيجِ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَشَارَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَلَوْ اسْتَشَارَهُ الْبَدْوِيُّ فِيمَا فِيهِ حَظُّهُ فَفِي وُجُوبِ إرْشَادِهِ إلَى الِادِّخَارِ أَوْ الْبَيْعِ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا يَجِبُ إرْشَادُهُ اهـ وَهِيَ أَحْسَنُ مِمَّا سَلَكَهُ الشَّارِحُ مِنْ عَطْفِهِ عَلَى الْمُحْتَرَزَاتِ.
(قَوْلُهُ: لِوُجُوبِهِ) أَيْ الْإِرْشَادِ مُعْتَمَدٌ اهـ ع ش عِبَارَةُ سم هَلَّا قَالَ لِوُجُوبِهَا أَيْ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فِيمَا يَأْتِي كَاحْتِمَالِ الْغَبْنِ فِي تَلَقِّي الرُّكْبَانِ فَإِنَّهُ لَازِمٌ لَهُ لَكِنَّهُ لَازِمٌ أَعَمُّ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: مِثَالٌ أَيْضًا) أَيْ أَوْ عِنْدَك أَوْ عِنْدَ زَيْدٍ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِأَغْلَى) قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ إنَّ هَذَا أَيْضًا تَصْوِيرٌ لِأَنَّ التَّضْيِيقَ بِتَأْخِيرِ بَيْعِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَعَ الْغُلُوِّ (قَوْلُهُ: مَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ) أَيْ كَالْمُسَافِرِ وَالْمَعْذُورِ وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ تَبَايَعَ شَافِعِيٌّ وَمَالِكِيٌّ بِالْمُعَاطَاةِ أَثِمَ الْمَالِكِيُّ لِإِعَانَتِهِ الشَّافِعِيَّ عَلَى الْمَعْصِيَةِ لِأَنَّ الْمُعَاطَاةَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَقْدٌ فَاسِدٌ فَهُوَ حَرَامٌ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الْمَالِكِيَّةِ عَدَمُ إثْمِ الْمَالِكِيِّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: مَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ) خَبَرُ أَنَّ عِلَّةَ (قَوْلُهُ: لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ)