للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا الْعِلْمُ بِهِمَا لِيَتَأَتَّى التَّوْزِيعُ الْآتِي فَإِنْ جَهِلَ أَحَدَهُمَا بَطَلَ فِيهِمَا كَمَا يَأْتِي فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مَعَ بَذْرِهَا، وَيَجْرِي تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فِي غَيْرِ الْبَيْعِ أَيْضًا مِنْ الْعُقُودِ وَالْحُلُولِ وَغَيْرِهِمَا كَالشَّهَادَةِ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَمُغْنِي وَسَمِّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَاشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ مَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْعُقُودِ) أَيْ كَأَنْ آجَرَ أَوْ أَعَارَ أَوْ وَهَبَ مُشْتَرَكًا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَالْحُلُولِ) أَيْ كَانَ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَزَوْجَةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَيَصِحُّ فِي زَوْجَتِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمَا إلَخْ) أَيْ إلَّا فِيمَا إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ قَابِلًا لِلْعَقْدِ لَكِنْ امْتَنَعَ لِأَجْلِ الْجَمْعِ كَنِكَاحِ الْأُخْتَيْنِ فَلَا يَجْرِي فِيهِمَا اتِّفَاقًا نِهَايَةٌ وَسَمِّ (قَوْلُهُ: كَالشَّهَادَةِ) أَيْ كَأَنْ شَهِدَ لِأَجْنَبِيٍّ وَبَعْضِهِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الطَّلَاقِ الْمَذْكُورَةِ فَيَجُوزُ أَنَّ سَبَبَهُ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَجُمْلَةُ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ وَهِيَ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي لَمْ تَتِمَّ لِعَدَمِ ذِكْرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِيهَا وَتَقْدِيرُهُ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ هَذَا التَّوْجِيهَ يَعْتَمِدُ مَعَ قَوْلِهِمْ لِأَنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْبَاطِلِ بَاطِلٌ وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ عَامِلٌ فَصَحَّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَعْطُوفِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْقِيَاسَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ نَظِيرَ نِسَاءُ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي إنَّمَا هُوَ قَوْلُك هَذَا الْخَمْرُ مَبِيعٌ مِنْك وَعَبْدِي هَذَا نَقُولُ فِيهِ بِالْبُطْلَانِ وَأَمَّا بِعْتُكَ الْحُرَّ وَالْقِنَّ فَلَيْسَ نَظِيرَهُ وَإِنَّمَا هُوَ نَظِيرُ طَلَّقْتُ نِسَاءَ الْعَالَمِينَ وَزَوْجَتِي نَقُولُ فِيهِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ اهـ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَثَمَّ إذْ هُنَا عَامِلٌ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَعْطُوفِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَاكَ فَتَأَمَّلْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا الْعِلْمُ بِهِمَا) يَسْبِقُ إلَى الذِّهْنِ أَنَّ الْمُرَادَ الْعِلْمُ حَالَ الْبَيْعِ وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الشُّرُوطَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ حَالَ الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مَعَ بَذْرِهَا إشَارَةٌ إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِي بَابِ الْأُصُولِ وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ بَذْرٍ أَوْ زَرْعٍ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ وَقَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ فِي قَوْلِهِ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ مَا نَصُّهُ أَيْ لَا يَجُوزُ وُرُودُهُ عَلَيْهِ كَبَذْرٍ لَمْ يَرَهُ أَوْ تَغَيَّرَ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ أَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ ثُمَّ عَلَّلَ الْبُطْلَانَ بِالْجَهْلِ بِأَحَدِ الْمَقْصُودَيْنِ لِتَعَذُّرِ التَّوْزِيعِ اهـ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ هُنَاكَ وَالْبَذْرُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ إفْرَادُهُ هُوَ مَا لَمْ يَرَهُ أَوْ تَغَيَّرَ أَوْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ فَإِنْ رَآهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَقَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ فَلَا شَكَّ فِي صِحَّتِهِ اهـ وَهَذَا الْكَلَامُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَرَهُ لَا يَصِحُّ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ أَمْكَنَ التَّوْزِيعُ وَفِي الْأَنْوَارِ هُنَا وَلَوْ بَاعَ مَعْلُومًا وَمَجْهُولًا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ لِتَعَذُّرِ التَّوْزِيعِ اهـ.

وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ اعْتِبَارُ إمْكَانِ التَّوْزِيعِ حَالَ الْبَيْعِ لَكِنَّهُ فِي الْعُبَابِ جَعَلَ مِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ بَيْعَ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ تُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ كَمَرْئِيٍّ وَغَيْرِهِ اهـ وَيُوَافِقُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ الْخَامِسِ الْعِلْمُ عَنْ الرُّويَانِيِّ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ هُنَاكَ مَا نَصُّهُ وَقَوْلُ الْبَغَوِيّ فِيمَنْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ مُشْتَرَكٍ وَهُوَ يَجْهَلُ قَدْرَهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ لَكِنْ قَطَعَ الْقَفَّالُ بِالصِّحَّةِ وَجَرَى عَلَيْهَا فِي الْبَحْرِ فَقَالَ أَيْ صَاحِبُ الْبَحْرِ بَاعَ جَمِيعَ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ مِقْدَارَ حَقِّهِ ثُمَّ عَرَفَهُ صَحَّ لِأَنَّ مَا تَنَاوَلَهُ الْبَيْعُ لَفْظًا مَعْلُومًا وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ لَوْ ظَهَرَ اسْتِحْقَاقُ بَعْضِ عَبْدٍ بَاعَهُ صَحَّ فِي الْبَاقِي وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ قَدْرَ نَصِيبِهِ فِيهِ أَمْ لَا اهـ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ تَرْجِيحُهُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ وَمَعْرِفَةُ الْبَائِعِ قَدْرَ حِصَّتِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ لَا يُفِيدُ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْجَهْلَ عِنْدَ الْبَيْعِ مُؤَثِّرٌ وَإِنْ عَرَفَ بَعْدُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ لَا دَلِيلَ فِيهِ لِأَنَّهُ حَالَ الْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ جَاهِلًا بِقَدْرِ حَقِّهِ فِي ظَنِّهِ وَهُوَ كَافٍ إلَخْ مَا تَقَدَّمَ هُنَاكَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْبَغَوِيّ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الرُّويَانِيِّ لِأَنَّ صُورَةَ الْأُولَى بَيْعُ قَدْرِ حِصَّتِهِ فَقَطْ فَالْجَهْلُ بِهَا يُصَيِّرُ الْبَيْعَ مَجْهُولًا وَصُورَةُ الثَّانِيَةِ بَيْعُ الْجَمِيعِ فَالْمَبِيعُ مَعْلُومٌ لَفْظًا وَالثَّمَنُ كَذَلِكَ وَلَا يَضُرُّ جَهْلُ مَا يَخُصُّهُ مِنْهُ حَالَ الْعَقْدِ كَمَا فِي سَائِرِ صُوَرِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَإِنَّ مَا يَخُصُّ مَا صَحَّ فِيهِ الْبَيْعُ غَيْرُ مَعْلُومٍ حَالَ الْبَيْعِ وَهَذَا الْكَلَامُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ كَلَامَ الرُّويَانِيِّ فِيمَا إذَا بَاعَ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ وَتَقْرِيرُهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا مَرَّ عَنْ الْأَنْوَارِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعِلْمُ بِالْمَجْهُولِ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يَصِحُّ فِيهِ الْبَيْعُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا حَالَ الْعَقْدِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ فِيهِ الْبَيْعُ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيَكْفِي الْعِلْمُ بِهِ وَلَوْ بَعْدَ ذَلِكَ فَالشَّرْطُ فِيهِ إمْكَانُ عِلْمِهِ وَلَوْ بَعْدُ فَلْيَتَأَمَّلْهُ.

وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنْ جَهِلَ أَحَدُهُمَا بَطَلَ فِيهِمَا أَيْ جَهِلَ أَحَدُهُمَا مُطْلَقًا أَيْ حَالَ الْعَقْدِ وَبَعْدَهُ بِأَنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مَعَ بَذْرِهَا يَنْبَغِي تَصْوِيرُهُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ بِمَا إذَا لَمْ تُمْكِنْ مَعْرِفَتُهُ الْبَذْرَ بَعْدَ ذَلِكَ لِيُوَافِقَ مَا تَقَرَّرَ فَإِنْ ثَبَتَ نُقِلَ هُنَاكَ بِالْبُطْلَانِ فِيهِمَا وَإِنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ الْبَذْرِ بَعْدُ كَانَ رَادًّا لِهَذَا الَّذِي تَقَرَّرَ وَحِينَئِذٍ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَمَّا تَقَدَّمَ عَنْ الرُّويَانِيِّ بِأَنَّ حِصَّةَ الشَّرِيكِ مَعْلُومَةٌ بِالْمُشَاهَدَةِ فِي ضِمْنِ مَعْلُومِيَّةِ الْجُمْلَةِ وَإِنَّمَا الْمَجْهُولُ مُجَرَّدُ قَدْرِهَا فَلْيُحَرَّرْ.

(قَوْلُهُ: كَالشَّهَادَةِ) أَيْ لَا فِيمَا إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ قَابِلًا لِلْعَقْدِ لَكِنْ امْتَنَعَ لِأَجْلِ -

<<  <  ج: ص:  >  >>