وَيَصِحُّ عَوْدُهُ لِعَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ لِيُفِيدَ الصِّحَّةَ فِيهِمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ لَكِنْ مَحَلُّهُ إنْ فَصَّلَ الثَّمَنَ وَحِينَئِذٍ قَدْ تَعَدَّدَ الْعَقْدُ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ فِي الْمَفْهُومِ فَإِنْ قُلْتَ يَشْكُلُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ بَلْ وَعَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الصِّحَّةَ فِي الْحِلِّ بِالْحِصَّةِ مِنْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ قِيمَتَيْهِمَا، قَوْلُهُمْ لَوْ بَاعَا عَبْدَيْهِمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ لَمْ يَصِحَّ لِلْجَهْلِ بِحِصَّةِ كُلٍّ عِنْدَ الْعَقْدِ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ تَخْمِينٌ وَهَذَا بِعَيْنِهِ جَارٍ فِيمَا هُنَا إذْ نَحْوُ عَبْدِهِ الَّذِي صَحَّ الْبَيْعُ فِيهِ مَا يُقَابِلُهُ مَجْهُولٌ عِنْدَ الْعَقْدِ فَمَا الْفَرْقُ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْجَهْلَ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْ عَيْنَيْنِ بِيعَتَا صَفْقَةً وَاحِدَةً إنَّمَا يُؤَثِّرُ وَيُنْظَرُ إلَيْهِ فِي الْعَقْدِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَعَدَمِ الْمُرَجِّحِ لِمَا يَأْتِي كَمَا فِي تِلْكَ لِأَنَّ إبْطَالَ أَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ فَتَعَيَّنَ بُطْلَانُهُمَا لِتَعَذُّرِ صِحَّتِهِمَا لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهَا مِنْ الْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا ابْتِدَاءً وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ دَوَامَ النِّزَاعِ بَيْنَهُمَا لَا إلَى غَايَةٍ وَأَمَّا مَسْأَلَتُنَا فَلَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ وَالْمُرَجِّحُ لِإِبْطَالِ مَا عَدَا الْحِلَّ مَوْجُودٌ فِيهَا فَلَمْ يُنْظَرْ لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّهُ وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ عِنْدَ الْعَقْدِ كَمَا فِي بَيْعِ سَيْفٍ وَشِقْصٍ مَشْفُوعٍ بِأَلْفٍ كَمَا يَأْتِي فَتَأَمَّلْهُ عَلَى أَنَّا لَوْ نَظَرْنَا لِهَذَا الْجَهْلِ لَمْ يَتَأَتَّ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ النَّظَرُ لِلْحِصَّةِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَهُوَ مَجْهُولٌ عِنْدَ الْعَقْدِ وَيُؤَدِّي لِلتَّنَازُعِ.
فَإِنْ قُلْتَ يَشْكُلُ عَلَى ذَلِكَ التَّعْلِيلُ الْمَارُّ فِي بِعْتُك هَذَا الْقَطِيعَ أَوْ الثِّيَابَ كُلَّ اثْنَيْنِ بِدِرْهَمٍ مِنْ أَنَّ تَوْزِيعَ الدِّرْهَمِ عَلَى قِيمَتِهِمَا يُؤَدِّي لِلْجَهْلِ فَنَظَرُوا إلَيْهِ مَعَ اتِّحَادِ الْمَالِكِ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَبِيعَ هُنَا لَمْ يَتَعَيَّنْ أَصْلًا لِأَنَّ كُلَّ اثْنَيْنِ فُرِضَ مُقَابَلَتُهُمَا بِدِرْهَمٍ يَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا مِنْ الْخِيَارِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مُخْتَلِفَانِ فَتَعَذَّرَ التَّوْزِيعُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ شِقْصٍ وَسَيْفٍ لِسُهُولَةِ التَّوْزِيعِ فِيهِمَا مَعَ الْأَمْنِ مِنْ نِزَاعٍ لَا غَايَةَ لَهُ وَإِذَا صَحَّ فِي مِلْكِهِ فَقَطْ (فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي) فَوْرًا (إنْ جَهِلَ) ذَلِكَ لِضَرَرِهِ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ مَعَ عُذْرِهِ بِالْجَهْلِ فَهُوَ كَعَيْبٍ ظَهَرَ (فَإِنْ أَجَازَ) الْعَقْدَ أَوْ كَانَ عَالِمًا بِالْحَرَامِ عِنْدَهُ
ــ
[حاشية الشرواني]
عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يَفْصِلْ الثَّمَنَ أَوْ يَصِحُّ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَاحِدٌ وَكُلٌّ مِنْ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ فِيهِ مَعْلُومٌ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم أَقُولُ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: عَوْدُهُ) أَيْ قَوْلِ الْمَتْنِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ (قَوْلُهُ: لِعَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ) أَيْ أَيْضًا أَيْ كَعَوْدِهِ لِمُشْتَرَكًا (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْآخَرِ) وَالْأَوْلَى بِإِذْنِ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ قَدْ تَعَدَّدَ الْعَقْدُ) أَيْ فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّفْقَةِ الْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ تَعَدُّدُ الْعَقْدِ حِينَئِذٍ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: لَا يَضُرُّ إلَخْ) فَإِنَّهُ يَصْدُقُ أَنَّهُ إذَا أَذِنَ كَانَ الْحُكْمُ بِخِلَافِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا ذُكِرَ إلَخْ) أَيْ مِنْ الصِّحَّةِ فِي عَبْدِهِ وَالْبُطْلَانِ فِي عَبْدِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: قَوْلُهُمْ إلَخْ) فَاعِلُ يَشْكُلُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا بِعَيْنِهِ) أَيْ الْجَهْلُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: مَا يُقَابِلُهُ مَجْهُولٌ إلَخْ) الْجُمْلَةُ خَبَرُ نَحْوُ عَبْدِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمَالِكِ) أَيْ تَعَدُّدِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي) أَيْ آنِفًا (قَوْلُهُ: كَمَا فِي تِلْكَ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِهِمَا عَبْدَيْهِمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ الْجَهْلُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ كَوْنُ إبْطَالِ أَحَدِهِمَا تَرْجِيحًا بِلَا مُرَجِّحٍ فَقَوْلُهُ: وَالْمُرَجِّحُ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ وَقَالَ ع ش الْمُشَارُ إلَيْهِ دَوَامُ النِّزَاعِ اهـ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّا لَوْ نَظَرْنَا إلَخْ) هَذِهِ الْعِلَاوَةُ مِمَّا يَقْضِي مِنْهُ الْعَجَبُ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِشْكَالِ الثَّانِي الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ بَلْ وَعَلَى مَا يَأْتِي إلَخْ لِأَنَّ حَاصِلَ هَذَا الْإِشْكَالِ لِمَ يَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ بِالْحِصَّةِ وَحَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ إنَّمَا صَحَّ لِأَنَّا لَوْ نَظَرْنَا لِلْجَهْلِ لَمْ يَصِحَّ فَتَأَمَّلْهُ بِلُطْفِ فَهْمٍ تَعْرِفْهُ فَإِنَّ فِيهِ دِقَّةً تَحْتَاجُ لِلُطْفِ الْفَهْمِ اهـ سم (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْحِصَّةُ وَالْقَسْمُ (قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: فِي بِعْتُكَ هَذَا الْقَطِيعَ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَحْثٌ قَدَّمْنَاهُ فِي الشَّرْطِ الْخَامِسِ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ اهـ سم (قَوْلُهُ: التَّعْلِيلُ) فَاعِلُ يَشْكُلُ.
(وَقَوْلُهُ: الْمَارُّ إلَخْ) أَيْ عَقِبَ كُلِّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: فَتَعَذَّرَ التَّوْزِيعُ) نَظَرَ فِيهِ سم رَاجِعْهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ (فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْحَرَامُ غَيْرَ مَقْصُودٍ لِلُحُوقِ الضَّرَرِ لِلْمُشْتَرِي م ر وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِيَارِ إنْ كَانَ الْحَرَامُ مَقْصُودًا فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَقْصُودٍ كَدَمٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَابَلٍ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ انْتَهَى اهـ سم وَع ش (قَوْلُهُ: فَوْرًا) وِفَاقًا لِلْمَنْهَجِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: فَوْرًا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ جَمَعَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ بَيِّنَتُهُ إلَى ثُمَّ رَأَيْتُ (قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ ذَلِكَ) أَيْ فَلَوْ كَانَ عَالِمًا فَلَا خِيَارَ لَهُ لِتَقْصِيرِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَجَازَ الْعَقْدَ) أَيْ أَوْ قَصَّرَ بَعْدَ عِلْمِهِ (وَقَوْلُهُ: عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْعَقْدِ وَيُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَاهُ ذَلِكَ أَيْ الْجَهْلَ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَاحِدٌ وَكُلٌّ مِنْ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ فِيهِ مَعْلُومٌ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّا لَوْ نَظَرْنَا إلَخْ) هَذِهِ الْعِلَاوَةُ مِمَّا يَقْضِي مِنْهَا الْعَجَبُ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِشْكَالِ الثَّانِي الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ وَعَلَى مَا يَأْتِي إلَخْ لِأَنَّ حَاصِلَ هَذَا الْإِشْكَالِ لِمَ صَحَّ فِي الْحِلِّ مَعَ الْجَهْلِ بِالْحِصَّةِ وَحَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ إنَّمَا صَحَّ لِأَنَّا لَوْ نَظَرْنَا لِلْجَهْلِ لَمْ يَصِحَّ فَتَأَمَّلْهُ بِلُطْفِ فَهْمٍ تَعْرِفْهُ فَإِنَّ فِيهِ دِقَّةً تَحْتَاجُ لِلُطْفِ الْفَهْمِ (قَوْلُهُ: فِي بِعْتُكَ هَذَا الْقَطِيعَ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَحْثٌ قَدَّمْنَاهُ فِي الشَّرْطِ الْخَامِسِ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: فَتَعَذَّرَ التَّوْزِيعُ) رَتَّبَ التَّعَذُّرَ عَلَى التَّفَاوُتِ بِالْخِيَارِ وَغَيْرِهِ كَمَا هُوَ حَاصِلُ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ كُلَّ اثْنَيْنِ إلَخْ وَفِيهِ بَحْثٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ التَّعَذُّرَ إنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّفَاوُتِ لَوْ كَانَ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ مُجَرَّدِ الْعَدَدِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ قَوْلِ الْبَائِعِ كُلَّ اثْنَيْنِ بِدِرْهَمٍ وَالثَّانِي أَنَّ هَذَا التَّفَاوُتَ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ لِاحْتِمَالِ كُلِّ شَاةٍ لِلْخِيَارِ وَغَيْرِهِ مَعَ صِحَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ مَعَ اسْتِشْكَالِهِ فِي الشَّرْطِ الْخَامِسِ، وَزِيَادَةُ الِاحْتِمَالِ هُنَا بِصُورَةِ الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ أَوْ مُخْتَلِفَانِ لَا أَثَرَ لَهُ وَلَا يَقْتَضِي فَرْقًا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ جَهِلَ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْحَرَامُ غَيْرَ مَقْصُودٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَابَلٍ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ لِلُحُوقِ الضَّرَرِ لِلْمُشْتَرِي انْتَهَى م ر وَفِي شَرْحِهِ مُوَافَقَةُ مَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ ثُمَّ قَالَ الْأَوْجَهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي حَيْثُ كَانَ جَاهِلًا انْتَهَى (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ أَجَازَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute