للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ» بِنَصَبِ يَقُولَ بِأَوْ بِتَقْدِيرِ إلَّا أَنْ أَوْ إلَى أَنْ لَا بِالْعَطْفِ وَإِلَّا لَقَالَ يَقُلْ بِالْجَزْمِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْقَصْدَ اسْتِثْنَاءُ الْقَوْلِ مِنْ عَدَمِ التَّفَرُّقِ أَوْ جَعْلُهُ غَايَةً لَهُ لَا مُغَايَرَتُهُ لَهُ

ــ

[حاشية الشرواني]

تَخْيِيرِهِ لِنَفْسِهِ وَلَوْ امْتَنَعَ الْفَسْخُ حِينَئِذٍ لَزِمَ انْقِطَاعُ خِيَارِهِ بِلَا تَفَرُّقٍ وَلَا إلْزَامٍ مِنْ جِهَتِهِ بِمُجَرَّدِ مُعَاوَضَةِ مَصْلَحَةِ الْفَرْعِ وَهُوَ بَعِيدٌ لَا نَظِيرَ لَهُ وَلَوْ بَاعَ الْأَصْلُ مَالَ أَحَدِ فَرْعَيْهِ لِلْآخَرِ حَيْثُ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ لَهُمَا ثُمَّ تَغَيَّرَ الْحَالُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَانْعَكَسَتْ مَصْلَحَتُهُمَا فَقَدْ تَعَارَضَتْ الْمَصْلَحَتَانِ فَإِنَّ الْإِجَازَةَ تُفَوِّتُ مَصْلَحَةَ أَحَدِهِمَا وَالْفَسْخَ يُفَوِّتُ مَصْلَحَةَ الْآخَرِ فَهَلْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ أَوْ يَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ لِأَنَّ فِيهِ رُجُوعًا لِمَا كَانَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ، فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يُرَاعِيَ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لَهُ فِي الْفَسْخِ لِأَنَّ رِعَايَةَ الْآخَرِ فِي الْإِجَازَةِ تُبْطِلُ فَائِدَةَ الْخِيَارِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي فَكَمَا مَرَّ أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ مَصْلَحَةِ الْفَرْعِ فِي الْإِجَازَةِ بَلْ لَهُ الْفَسْخُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ أَضَرَّ بِالْفَرْعِ فَكَذَلِكَ هُنَا اهـ ع ش وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَجَازَ وَاحِدٌ وَفَسَخَ الْآخَرُ قُدِّمَ الْفَسْخُ (قَوْلُهُ: الْبَيِّعَانِ) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ اهـ ع ش أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّفَرُّقُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا.

(قَوْلُهُ: بِأَوْ) أَيْ مَعَ أَوْ فَلَا يُنَافِي أَنَّ النَّاصِبَ (أَنْ) الْمُقَدَّرَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بِتَقْدِيرِ إلَّا أَنْ إلَخْ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي مُنْهَوَاتِ الْمُغْنِي مَا نَصُّهُ فِيهِ تَجَوُّزٌ وَالنَّاصِبُ عَلَى الصَّحِيحِ أَنْ لَا أَوْ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا بِالْعَطْفِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِنَصَبِ يَقُولَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا مُغَايَرَتُهُ لَهُ) أَيْ لَا مُغَايَرَةُ الْقَوْلِ لِلتَّفَرُّقِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وَعَكْسِهِ وُجُودُ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَلِيِّ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ لَكِنْ حَيْثُ ثَبَتَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَكَانَتْ الْمَصْلَحَةُ لِلطِّفْلِ فِي إلْزَامِ الْعَقْدِ وَلِلْوَلِيِّ فِي الْفَسْخِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْإِجَازَةُ نَظَرًا لِلطِّفْلِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ بَلْ لَهُ الْفَسْخُ لِأَنَّ جَوَازَ الْفَسْخِ لَهُ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلطِّفْلِ هُوَ فَائِدَةُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِجَازَةُ وَإِنْ كَانَتْ مَصْلَحَةُ الطِّفْلِ فِيهَا إذْ لَوْ وَجَبَتْ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ فَائِدَةٌ وَصَارَ جَوَازُ الْفَسْخِ لَهُ وَامْتِنَاعُهُ مَنُوطًا بِمَصْلَحَةِ الطِّفْلِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ مَصْلَحَةُ الطِّفْلِ فِي الْفَسْخِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ إلْزَامُ الْعَقْدِ وَيَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ وَهَذَا لَا يُنَافِي ثُبُوتَ الْخِيَارِ لَهُ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ ثُبُوتِهِ التَّمَكُّنُ مِنْ الْفَسْخِ لَا مِنْ الْإِلْزَامِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْعَقْدِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ فَلَيْسَ هُوَ الْغَرَضُ مِنْ مَشْرُوعِيَّتِهِ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ لِلشَّارِحِ مَا نَصُّهُ مَعَ الْمَتْنِ وَيَتَبَعَّضُ لُزُومُ الْخِيَارِ فِي ذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ أَيْ الْوَلِيِّ لُزُومَ الْعَقْدِ لَهُ مُطْلَقًا أَوْ لِنَحْوِ الطِّفْلِ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً اهـ وَذَلِكَ لَا يُخَالِفُ مَا قُلْنَاهُ لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْإِلْزَامُ لِلطِّفْلِ إلَّا بِالْمَصْلَحَةِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ مَعَ أَنَّ مَصْلَحَةَ الطِّفْلِ فِي الْإِلْزَامِ يَجُوزُ لَهُ الْفَسْخُ لِأَنَّهُ فَائِدَةُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ مَصْلَحَةُ الطِّفْلِ فِي بَيْعِ مَالِ نَفْسِهِ لِلطِّفْلِ لَا يَلْزَمُهُ بَيْعُهُ لَهُ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ هُنَا مَا لَا يُنَافِي مَا قُلْنَاهُ مَعَ تَأَمُّلِ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: لَا بِالْعَطْفِ إلَخْ) كَتَبَ شَيْخُنَا الْمُحَقِّقُ الْبُرُلُّسِيُّ بِهَامِشِ الشَّارِحِ الْمَحَلِّيِّ مَا نَصُّهُ: الْمَعْنَى عَلَى الْعَطْفِ أَنَّ الْخِيَارَ ثَابِتٌ لَهُمَا فِي مُدَّةِ انْتِفَاءِ التَّفَرُّقِ أَوْ مُدَّةِ انْتِفَاءِ قَوْلِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ فَيَقْتَضِي ثُبُوتَهُ فِي الْأُولَى وَإِنْ انْتَفَتْ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ وَثُبُوتُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ انْتَفَتْ الْأُولَى بِأَنْ تَفَرَّقَا وَالتَّخَلُّصُ مِنْهُمَا بِمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا ظَهَرَ لِي فِي فَهْمِ هَذَا الْمَحَلِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ وَأَقُولُ هَذَا أَحْسَنُ مَا يُقَالُ هُنَا لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا قَرَّرَهُ الرَّضِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ مِنْ أَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ بَعْدَ النَّفْيِ يَكُونُ نَفْيًا لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاطِفَاتِ لَا لِأَحَدِهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا بِحَسَبِ الِاسْتِعْمَالِ وَإِلَّا فَقَضِيَّةُ أَصْلِ وَضْعِ اللُّغَةِ أَنَّ النَّفْيَ لِأَحَدِهِمَا كَمَا اعْتَرَفَ بِذَلِكَ الرَّضِيُّ نَفْسُهُ وَحِينَئِذٍ فَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ إشْكَالٌ لَا بِحَسَبِ الِاسْتِعْمَالِ وَلَا بِحَسَبِ أَصْلِ الْوَضْعِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ عَلَى الْمُتَأَمِّلِ فِيهِ وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا إشْكَالَ عَلَى مَا جَوَّزَهُ شُرَّاحُ الْبُخَارِيِّ بِالنَّظَرِ لِاسْتِعْمَالِ اللُّغَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى الِاعْتِذَارِ عَنْهُمْ بِعَدَمِ مُبَالَاتِهِمْ بِالْإِيهَامِ فَتَأَمَّلْهُ نَعَمْ يُمْكِنُ التَّكَلُّفُ فِي حَمْلِ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ: لَا مُغَايِرَتُهُ إلَخْ) كَانَ مُرَادُهُ بِالْمُغَايِرَةِ مُجَرَّدَ ذِكْرِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ الْمُتَغَايِرَيْنِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ اسْتِثْنَاءِ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ أَوْ جَعْلِهِ غَايَةً لَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْطُوقَ الْحَدِيثِ عَلَى تَقْدِيرِ الْعَطْفِ إثْبَاتُ الْخِيَارِ عِنْدَ تَحَقُّقِ أَحَدِ الانتفاءين انْتِفَاءِ الْقَوْلِ وَانْتِفَاءُ أَحَدِهِمَا صَادِقٌ مَعَ وُجُودِ الْآخَرِ فَيَصْدُقُ بِوُجُودِ الْقَوْلِ مَعَ عَدَمِ التَّفَرُّقِ وَبِوُجُودِ التَّفَرُّقِ مَعَ عَدَمِ الْقَوْلِ فَيَرِدُ عَلَيْهِ عَدَمُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ حِينَئِذٍ بَلْ إنَّمَا ثَبَتَ عِنْدَ تَحَقُّقِ الانتفاءين جَمِيعًا وَأَنَّ مَفْهُومَ الْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ انْتِفَاءُ الْخِيَارِ حَيْثُ لَمْ يَتَحَقَّقْ وَاحِدٌ مِنْ الانتفاءين بِأَنْ وُجِدَ كُلٌّ مِنْ التَّفَرُّقِ وَالْقَوْلِ وَهَذَا صَحِيحٌ لَكِنْ لَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِهِ فَقَوْلُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>